الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تعدي مؤسسة على صلاحيات الله المطلقة

عادل صوما

2015 / 11 / 28
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


وقّع كثير من المفكرين العرب مذكرة التماس برعاية "الحوار المتمدن" تدعو المملكة العربية السعودية للتراجع عن تنفيذ حكم الاعدام بالشاعر والفنان التشكيلي الفلسطيني أشرف فياض بتهمة الالحاد، كما اعرب اتحاد كتاب مصر عن قلقه ازاء الحكم الصادر من المحكمة السعودية.
جاء في بيان الاتحاد انه "يعبر عن قلقه من الحكم الصادر على الشاعر والفنان التشكيلي الفلسطيني اشرف فياض على خلفية ديوان شعري قديم بعنوان (التفاصيل في الداخل) والذي فُسرت بعض سطوره الشعرية على أنها تدعو للإلحاد وتعتبر مساسا بالذات الإلهية على حسب تفسير المحكمة". ان "الابداع يفسر على اكثر من محمل، وأن المحاكم لها القرائن الدامغة، وهذا ما لا يتوافر في أي نص أدبي فيه من الخيال والمجاز ما يصعب تفسيره الا بمتخصصين". وتابع البيان ان اعضاء الاتحاد "يعلنون تضامنهم مع الشاعر الفلسطيني ومع المطالب الداعمة للإفراج عنه حرصا منا جميعا على إظهار ما بديننا الحنيف من روح التسامح وتقبل الآخر، وأن لا نقصف قلما في عصر التنوير".
المؤسستان الحاكمتان
اصدرت هذا الحكم محكمة ابتدائية سعودية يمكن استئناف حكمها، وتنفيذه يتطلب موافقة الملك سلمان بن عبد العزيز، الذي قد لا يتجاوب مع مطالب المفكرين العرب، بسبب وطأة المؤسسة الوهابية ليس عليه فقط ولكن على نصف المسلمين، فهذه المؤسسة رغم عداوتها للشيعة بالمطلق، إلا ان تهمة الالحاد والمساس بالذات الالهية تجمعهما ويستعملانها لإعدام كل من يتأمل بعقله بعيدا عن صرامة النصوص، وإعدام الشاعر الاحوازي هاشم شعباني بالتهمة نفسها في عصر الرئيس الإيراني المعتدل الدكتور حسن روحاني ما يزال في الذاكرة.
هكذا تسيطر المؤسستان الوهابية والآياتية (نسبة إلى آيات إيران) على مسلمي عالم اليوم، رغم ان التشيّع والشيعية أمر مختلف تماما على ما نراه في آيات إيران، فالمذهب في عمقه الصافي الاول محاولة للالتفاف على صرامة النص، وليس نسخ الاساليب الوهابية السياسية لحكم إيران!
عصر التنوير
اختلف في أمر واحد فقط مع اتحاد كتّاب مصر هو وصفهم الحكم بقصف قلم في عصر التنوير. هل نسف وبيع آثار سورية واعدامات تنظيم الدولة وسرقتها لموارد أجزاء الدول التي تسيطر عليها واغتيالات باريس الاخيرة والتحريض على النظم العربية وازدراء السلطات والاعتداء على رجال الامن والجيش والشرطة والكُتاب من مظاهر عصر تنوير؟ أو حتى من مظاهر أي ربيع عقلي؟
هل التنوير بشكل عام جاء ولو مرة واحدة في التاريخ من رجال الدين؟ هؤلاء الذين أصبحوا اليوم رجال سلطة في الدينا والآخرة!
رغم ان عقاب الكفر بيد الله وحده ومن سلطته المطلقة كما جاء في آيات قرآنية كثيرة منها "وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر إنا اعتدنا للظالمين نارا احاط بهم سرادقها وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه بئس الشراب وساءت مرتفقا"، التي وردت في سورة الكهف، إلا ان أي سلطة اسلامية ظلامية في مدى العصور كافة أعطت لنفسها ذلك الحق الإلهي بعقاب من اعتبرتهم كافرين، وزاد تنظيم الدولة على هذا الحق حرق المؤمنين، كما فعلوا مع الطيار الاردني الاسير، رغم أن النبي محمد نفسه تراجع عن حرق خصومه لأن هذا الحق منوط بالله فقط، وبسبب الكفر فقط وفي الآخرة وليس الدنيا لأسباب عشائرية أو عسكرية.
حكم الشرع
على أية حال، حكم المرتد أو الكافر ثابت في الشرع الاسلامي، وهو المقاتلة حتى يرجع لدين الله، ولا يوصف بغير كونه مرتدًا عن الإسلام، وحيث ان أشرف فياص لا يمكن مقاتله سوى فكريا، وهذا لم يحدث في محكمة التفتيش التي وقف أمامها، يحق لنا القول أن أشرف فياض لم يوص بالحجامة بدلا من الجراحة، ولم يموّل الارهاب، ولم يستخدم الدين لحكم الناس، ولم يصدر فتوى جهاد النكاح، ولم يدمّر آثار سورية أو العراق، ولم يعتد على مؤسسات الجيش والشرطة، ولم يهاجم السياح الامنين، ولم يغتال مفكرين أو سياسيين، ولم يفكر بنشر الظلامية في العالم، والمؤسسة الوهابية المدافعة على الله من إلحاد الناس، وكأن الله منحهم توكيلا بذلك، لم تحكم بالإعدام الرمزي على من مارس البطش أو الهرطقات المذكورة التي تجاوزت الكفر احيانا بالله والإنسانية ولو غيابيا، ولم تطلق حتى فتوى ضده، والمطلوب بوضوح الافراج عن أشرف فياض لأنه حتى لو كفر فعقابه بالنار بيد الله فقط وفي الآخرة، وليس ضرب عنقه بالسيف علانية بواسطة مؤسسة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كاتدرائية واشنطن تكرم عمال الإغاثة السبعة القتلى من منظمة ال


.. محللون إسرائيليون: العصر الذهبي ليهود الولايات المتحدة الأمر




.. تعليق ساخر من باسم يوسف على تظاهرات الطلاب الغاضبة في الولاي


.. إسرائيل تقرر إدخال 70 ألف عامل فلسطيني عبر مرحلتين بعد عيد ا




.. الجيش الإسرائيلي يدمر أغلب المساجد في القطاع ويحرم الفلسطيني