الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رؤية أجتماعية للزيارة الأربعينية

محسن لفته الجنابي
كاتب عراقي مستقل

(Mohsen Aljanaby)

2015 / 12 / 4
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم


كثيرة هي الصور التي رأيتها وأحسستها في الزيارة الأخيرة (أربعينية أبا الأحرار وسيد الشهداء الحسين عليه السلام) وكنت شاهدا" على جزء بسيط منها .
أحدهم أراد أن يخدم الزوّار بطريقة غير مسبوقة فقام بتصميم (بورد) كبير وضع عليه عشرات الشاحنات لكل أنواع الموبايل مع موّلد كهربائي ليشحنوا هواتفهم ، فيما مدّ آخر -وقلده في ذلك أغلب سكان المنطقة- خط أنترنت لبيته لم يكن قبلا" يمتلكه من أجل تمتع الزوار بخدمة الواي فاي للتواصل مع أهلهم ، الطعام والشراب مبذول والبيوت مفتوحة والخدمات الطبية والسيارات موجودة وحتى التدليك ممكن أن يحصل عليه كل زائر بالمجان ، تركيز على النظافة والحرص على المال العام كان أكثر من السنوات السابقة ، كل شخص أرتبط بمنظومة أقتصادية أجتماعية أسمها (موكب) وكلٌ فرحٌ بمايبذل من ماله وجهده ، الوجوه ترحّب والنفوس تتهلل و لايوجد سوء ظن ولا كراهية ولا حقد يذكر ..
مشاهدات كثيرة للفضائل البليغة والمثل العليا والقيم النبيلة كانت حاضرة ، الأمانة ( رأيت أحدهم يحمل حقيبة عثر عليها كان فيها أموال وأغراض ليقطع عدة كيلومترات وحالفه الحظ أخيرا" وعثر على صاحبها) وعن الكرم المبالغ فيه (الطعام والفاكهة والحلويات محمولة بالشفلات وسيارات الحمل التي لاتهدأ) والموائد ملئى لا تفرغ ، أما التسابق بضيافة المبيت فقد وصلت لدرجة الإعتراك و الإختطاف والجر بالقوة ، ونحن مع هكذا مهرجان مالنا إلا أن نفخر لنقول بأن (أطيب وأكرم شعب هو شعب العراق بالتزكية العظمى) لنكون على يقين بأن بلدنا بخير وأن الحالات الفردية السلبية أو الهدمية لاتكاد تذكر وبتلك التظاهرة التي أحسبها (أجتماعية) أكثر منها (عقائدية ودينية) نكتشف أصالة العراقيين ونكرانهم للذات فهي تتحول الى طباع حتما" - أقول أتمنى- ، أتمنى فعلا" أن نستقي منها مايمكث في كل مكان وزمان -وليس لفترة معينة- لتكون ومضاتها ثوابت للتعامل بين كل أبناء العراق البررة
يقول خبراء علم النفس المجتمعي أن الأنسان تحكمه أولا" الإتجاهات وهي شبه ثابتة وصعب تغييرها حين تترسخ ، وهناك الأقل منها ثباتا" وهي الميول ، وهناك الوقتي الذي نسميه رغبة ، هي الثلاثة تتحكم بسلوكنا ، ومن ذلك نستنتج أن أتجاهاتنا لازلت بحاجة الى تعديل والدليل (أننا نتحول الى ملائكة أثناء الزيارة فقط) ومع إنتهائها نعود لشخصيتنا المحكومة بأتجاه الأنا والتي نأسف بأنها باقية ومترسخة ، بحيث لانكترث للفقراء والمحتاجين والمرضى ولانتكافل ضد العوز والنوائب حين تدهمنا وبالأخص مايتعرّض له وطننا ، فكم من مريض يموت بسبب عدم إمتلاكه لكلفة العلاج وكم من طفل حُرم من التعليم بسبب فقره ، وكم من أرملة وأيتام من نازحين وهاربين ومشردين لاينامون الليل بسبب الجوع والهموم والألم ، يحصل ذلك في كل مكان من الوطن ونحن فقط نتفرج !
يتذرّع البعض -وهم مخطئون طبعا"- أنهم ليسوا ميسورين لدرجة التكفّل بغيرهم ، وآخرون يتحججون بالرزق المحدود الذي لايكاد يكفي عوائلهم ، وقسم وصل بالسلبية لحد التشمت بمايحصل للغير حين يسقط الأخيرون بضربات الحياة المجحفة نتيجة الفقر او الفشل في تدبير أمورهم ، والأصعب منهم من يماري الفساد والعنف ويحابي الظلم ومعهم الغرباء الكائدين للوطن ..
كل تلك الأعذار أراها سقطت الآن وفي هذا الموسم بالذات وسأعطيكم السبب ، فيبدوا واضحا" أن أغلب العراقيين تبرعوا وشاركوا في موائد الحسين وتسابقوا في ذلك فيما بينهم بل تفننوا ، وصدحوا مليء الأشداق بأنهم على خطى الحسين سائرين مهما كلفهم الأمر وهذا مايعبر عن صيرورة وجدانهم ، فالحرية دربهم والظلم لن يصادفهم ، لكن الواقع يختلف فالحرية دون تطبيق تصير وصمة ضد قائلها فلم نر شخص واحد قال: أنا فقير أو معفي أو محتاج رغم مانسمع في الأخبار عن موسم التقشف ولم نر فرد لم يقل أنه فداء للحسين الثائر للحرية أبدا" ، أما التقشف فهو كذبة ولا يمكن أن يحصل في بلد خيره لاينضب ، وأما الظلم فلايمكن أن يمكث في شعب حر كما يردد ، لكنها القناعات المتأتية من الإيحائات وكم منها يحبطنا ، علينا أولا" الخوض فيها لنبني بدلا" عنها قناعات جديدة نؤسس منها أتجاهاتنا بالتضامن والشعور بالمسؤولية تجاه باقي الشعب والوطن ، لازلت أتمنى .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. دول عدة أساسية تتخذ قرارات متتالية بتعليق توريد الأسلحة إلى


.. سقوط نتنياهو.. هل ينقذ إسرائيل من عزلتها؟ | #التاسعة




.. سرايا القدس تعلن قصف جيش الاحتلال بوابل من قذائف الهاون من ا


.. نشرة إيجاز - كتائب القسام تقول إنها أنقذت محتجزا إسرائيليا ح




.. -إغلاق المعبر يكلفني حياتي-.. فتى من غزة يناشد للعلاج في الخ