الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أضواء على فيلم جاري الإتصال

رحمن خضير عباس

2015 / 12 / 29
الادب والفن


أضواء على فيلم ( جاري الإتصال )
رحمن خضير عباس
بيني وبين آخر فيلم عراقي حزمة من السنين. لذلك فقد إفتقدت وجود مثل هذه السينما . على غرارماهو متوفر في دول العالم. الذي يعزز هذه القطيعة هوإلغاء كل قاعات السينما في المدن العراقية ، وعدم السماح بفتح أو ترميم أو بناء دور سينمائية في المدن ، لإعتبارات واهية ومختلفة، تدخل فيها الوصاية على المجتمع من قبل بعض التيارات الدينية ، التي ترى بان السينما تتعارض مع المفاهيم الأخلاقية والعقائدية التي تؤمن بها ، بإعتبار أنّ هذه الدورالسينمائية تروّج للهو والمتعة الفساد ! وقد تناسى من فرض الحضر على هذه الدور رسالة السينما ودورها الفكري والمعرفي في بناء الثقافة في المجتمع .كما تناسى من مارس الحضر والإغلاق القيمة التنويرية للسينما في إشاعة الوعي وتهذيب الذوق العام .
ليلة الاحد المصادف السابع والعشرين من ديسمبر لعام 2015 كانت امسية جمعية الإقتصاديين في البصرة مكرسة للإحتفاء بالسينما العراقية ممثلة بفلم (جاري الإتصال) من تأليف الروائي والسينارست العراقي المتألق أحمد إبراهيم السعد وإخراج المبدع بهاء الكاظم.
قبل عرض الفلم كانت فرصة لتبادل وجهات النظر من قبل الذين أبدعوا هذا العمل السينمائي . فقد تحدث السينارست أحمد إبراهيم عن الرؤى الفكرية التي رافقت كتابته ، والتغييرات التي رافقتها حيث كان يسعى الى " أنسنة الواقع من خلال ثرثرة إمرأة /أم " على حد قوله في معرض حديثه عن الفيلم.ثم تحدث عن الصعوبات التي إكتنفت العمل وكيفية صياغة الرواية الى لغة سينمائية ، وبشكل مختصر ( عشر دقائق فقط ) . ثم تحدث المخرج الشاب بهاء الكاظم عن الصعوبات التي رافقت عمل الفيلم منذ بدايته وحتى فوزه بجائزة الدولة للابداع الذي أقيم بدبي ، والذي نافس دولاً ومؤسسات عريقة في صناعة السينما ، تمتلك إمكانات مالية كبيرة . ومع ذلك فقد فاز باتفاق الجميع ، رغم ألإمكانات المادية المتناهية في البساطة ، حتى أنّ الممثلين كانوا مجرد متطوعين لايتقاضون أجورا . أما الأستاذ طارق العذاري فقد رأى في الفيلم حصيلة لتجربة بلد يتعرض لحروب وغزو . وبعد هذه التوطئة . اتيح لنا نحن الجمهور كي نشاهد هذا الشريط السينمائي القصير.
كان عنوان الفلم يشي بانه يدور حول التواصل الصوتي ، بين أمّ أنهكها القلق على إبنها الذي يقاتل في الجبهة . الأتصال المقطوع والذي لم يكتب له أن يكتمل الا عن طريق خدعة مؤلمة من قبل أخ الفقيد الذي حاول أنْ يجعل التواصل ممكنا حتى وان تطلب ذلك خلقه، ليجعله بديلا لليأس . كان الأبن يصرخ وسط اصوات الموت ليستنجد بإمه فقط ، لم يصل صوته اليها ، وهي مُسمّرة على وهج الترقب والإنتظار . ولكن السؤال هل ان الإتصال قد تم فعلا ، وبأية كيفية ؟
لاشك بان الإتصال جاري يفرش أمامنا أملا قادما رغم الحزن ورغم الوجع والدموع ، فالإتصال لابد منه . لقد لعب الفلم على هذه الثيمة بشكل مجازي، كما لعب على ثيمة الحرب التي هيمنت على ذهن المخرج والكاتب . هي الحرب التي دمرت البناءات العاطفية الهشة والتي تريد أنْ تتواصل عبر موبايل ، اعتقدت الأم ان الرصيد قد نفد ! وكأنها تهرب من قناعات القلب الأمومي الذي أدرك النتيجة وتأكد هذا القلب من حقيقة المأساة ، ولكن الأم لم تصدق قلبها المفجوع ، وتشاغلت بطرح الأسئلة حول إمكانية التواصل . ولكن الحرب ستخيم على المشهد ، ستسحقه بمشاهد اليأس والوجد والقهر. انها الحرب التي فُصّلت على مقاسات حزننا العميق . لذا تألقت الفنانة عواطف كي تترجم الآآثار المدمرة للحرب على شغاف أرواح لاسلاح لها في مواجهة الحرب الا الحزن .
ثمة رموز ترفرف على حافة الحزن ، حرق الملابس . حرق الرسائل . هل هذا يعني الإتحاد بين احاسيس تتطهر بنار، تعيد بناء الروح الصلصالية الى أصلها ؟ مسارات المشاهد تتسع لهذا الإحتمال .
السؤالالآخر الذي يرافق المشاهد . أي حرب يعني الكاتب؟ لاسيما وان وجود الموبايل يستبعد انها حدثت قبل السقوط . ولكن الكاتب والمخرج لم يؤطرا الحدث ضمن زمن معيّن . ربما كي يدخلا ضمن حدود الفكرة المطلقة لمفهوم الحرب ، باعتبارها تاتي مدمرة للأنسان والحياة .وهكئا استثمر الفلم هذه الثيمة لأدانة الحروب جميعا بغض النظر عن مسوّغاتها واهدافها . وقد نجح الفلم في تكثيف هذه المعاني ، وتقديمها الى المشاهد الأجنبي ، وكأنه يقول: هذه أوجاعنا التي ساهم العالم في إنتاجها وتسويقها لنا .
لقد تم إختيار منطقة نظران كمسرح لجزء كبير من أحداث الفيلم ، وأعتقد انهم اختاروا البيت الثقافي في منطقة نظران المزدان بالشناشيل التقليدية والتي تنتمي الى عقود سابقة لزمن الفلم . واذا كان المكان قد أقنع الجمهور غير العراقي ، بجمالية الشناشيل . ولكن هذه الشناشيل قد انقرضت ولم يبق منها الا القليل . ويُفترض ان يكون الأختيار من البناء الشائع لدى شرائح المجتمع . لذا فأعتقد بان الشناشيل رغم جماليتها فإنها لاتمتلك الإقناع بانها بيوت تقليدية في الوقت الحاضر .اي ان اختيارهذا البيت تجاوز على واقعية المكان .
وباستثناء ذلك فإن فيلم ( جاري الإتصال) هو تكثيف لأحداث شكلت منعطفا حادا في حياة العراقيين . كما ان الفلم قدم لنا لغة سينمائية متينة ، تسربت الى اعماقنا وجعلت دموعنا تنهمر . إنه من الأفلام التي تبني جسورا متينة لصناعة أفلام سينمائية قادمة تليق بنا كعراقيين .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ياحلاوة شعرها تسلم عيون اللي خطب?? يا أبو اللبايش ياقصب من ف


.. الإسكندرانية ييجو هنا?? فرقة فلكلوريتا غنوا لعروسة البحر??




.. عيني اه يا عيني علي اه?? فرقة فلكلوريتا مع منى الشاذلي


.. أحمد فهمي يروج لفيلم -عصـ ابة المكس- بفيديو كوميدي مع أوس أو




.. كل يوم - حوار خاص مع الفنانة -دينا فؤاد- مع خالد أبو بكر بعد