الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


غين

مزمل الباقر

2016 / 1 / 9
كتابات ساخرة


كانت سبابتي اليمنى تشير إلى ورم بالجفن العلوي لعيني اليسرى. ويدي اليسرى تربت على كتف اختي الأيمن كي تلتفت فهالها ما رأت وبادرتني: ( تاني!!. الحكاية شنو؟؟!!. )
- قلت لها ضاحكاً: ( المرة دي حقو أمشي لأبي سبيب "1" بدل الدكتور!.) .
جلست إلى المقعد الذي يجاور النافذة الخلفية للميكروباص جاري في المقعد ظل طوال الطريق يحادث احدهم بصوت عال مما زاد إحساسي بالألم ولكني تحاملت على نفسي ولم ألتفت إليه بسبب عيني اليسرى التي اشتد ألمها كلما اقتربت المركبة العامة من الخرطوم.
الشمس الوسنانة في ذلك الأصيل كانت تغازل النيل الأبيض كعادته يسير بهدوء كالنائم في الحلم من تحت ذلك الجسر الحديدي القديم والذي يطلق عليه جسر القوات المسلحة. مركب قديم من خشب السنط "2" يتأرجح فوق جسد النيل كرضيع تهدهده امه كي ينام.
جلست في المركز المتخصص للعيون أنتظر دوري بالدخول على عيادة الطبيب مغالبا رغبة عارمة في حك عيني.وانشغلت بالنظر إلى شكل الورم بعيني عبر شاشة الموبايل، فتذكرت نكتة المسطول الذي استيقظ ذات صباح وكان بإحدى عينيه بها ورم صغير مثل عيني فلما وقف امام المراءة هاله ما رأى فحادث نفسه بصوت عالي في دهشة: ( بالله دي عين ولا غين؟!!! ).

بعد برهة من الزمن سمعت اسمي. وأشار لي موظف الاستقبال بالدور العلوي أن أدخل عقب خروج من بالداخل. . هنيهة وانفرج باب العيادة عن إمرأة عجوز خرجت بخطوات متقاربة ومن خلفها شاب في مقتبل العمر برفقتها وقبل أن يغادرا المركز، لحق بهم شيخ عجوز كان ينتظرهما خارج العيادة.

دلفت للعيادة مصافحاً الطبيب بابتسامة رافقت كفي الأيمن. فقام الطبيب من كرسيه وحياني بحرارة ثم أشار لي بالجلوس.

وقبل أن يمسك بالجهاز التقليدي لأطباء العيون ويقول لي جملته المعتادة: "خلي حنك هنا ومد جبهتك لي قدام"!. بادرته: الحبة الكانت في الجفن التحت اليمين اتحولت للعين الشمال بس في الجفن الفوق!.
توقفت يمناه التي تمسك بجهاز الكشف في منتصف الطريق إلى وجهي وقال لي بدهشة: ((يا زول الحكاية شنو !!!.. شايف الحبة دي اشتغلتك عديل!!....))

- عقبت ضاحكا: (( آأي والله!!)).

- ((عندك قشرة في راسك؟!)). أكمل الطبيب

- أجبته: (( أيوه! ))!

- قال لي الطبيب: (( عشان كدا ....... بس خلاص جيب شامبو Head & Shoulder)).

- (( كويس )) اجبته ضاحكا بشيء من الحيرة

- " خلي حنك هنا ومد جبهتك لي قدام!" .. ألقى جملته المعتادة علي مسامعي. وألحقها بتوجيهات :

- (( عاين يمين!!))

- (( ما ترمش!! ))،

- (( يلا .. عاين شمال!!)).

- (( أها .. عاين تحت ))

وكان يضغط على الورم الصغير بأصبعه. ثم وجهه حديثه لمساعده ذاكرا اسما علميا لآلة صغيرة وجدت طريقها للورم واعملها فيه حتى أخرج مادة اختزنت به.
- ((ناولني منديل!. )). موجهاً حديثه لمساعدة مجدداً.

مسح المادة التي أخرجها من الورم. ثم طلب منه منديلا آخر، واختلطت بقايا تلك المادة بدم خرج من نفس الورم الصغير.

- فقال: (( حمد لله على السلامة. كدا ما حتحس بي وجع وحكة زي أول. حأكتب ليك قطرة ومس"3")).موجها حديثه لي هذه المرة

ثم أكمل حديثه ذاكرا الاسم التجاري لكلا الدوائين حتى يتمكن مساعده من كتابتهما في روشتة العلاج.

صافحني الطبيب مبتسما وودعني مذكرا أياي بأن ابتاع ذلك الشامبو الذي قام قبل دقائق بعمل دعاية مجانية له.


مزمل الخرطوم
الخرطوم في مساء الثلاثاء 5 يناير 2015م

1) الشيخ حسن أبو سبيب قيادي بالحزب الاتحادي الديمقراطي والرجل الثاني في هيئة الختمية ( والطريقة الختمية من أشهر الطرق الصوفية بالسودان ( تعود طائفة الختمية في أصولها القريبة إلى محمد عثمان الميرغني " الختم " ، الذي ينحدر من أسرة من أسر الأشراف يقال أنها هاجرت من الحجاز في أزمان سابقة إلى تركستان ثم إلى الهند وعادت أخيرا حيث استقر بها المقام في الحجاز ولد محمد عثمان بمكة عام (1208هـ/1793م) وكان محمد عثمان من ألمع تلاميذ أحمد بن إدريس وأقواهم منطقا وأكثرهم قبولا لدى العامة، ولذلك انتدبه شيخه إلى السودان لكي يبشر بالإسلام ويدعو إلى الطريقة الإدريسية الشاذلية، فأبحر محمد عثمان من مكة إلى سواكن ( موقع الدرر السنية - بتصرف). وقد اعتاد أن يتزوره مرضى العين والسحر والمس وغيرها من الاسقام الروحية بمنزله بحي العرضة الأمدرماني.

2) شجر السنط من فصيلة البقوليات ونتمنى لعائلة تعرف بالأكاشيات ( الطلحيات ) موطنها الأصلي القارة الأمريكية لكن كثرت زراعتها في السودان منذ حقبة الاستعمار وحتى الآن

3) يطلق السودانين كلمة مس ومرهم وبرهم للدلالة على المعجون الطبي الذي يوضع بالعين للعلاج.





















التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أغنية خاصة من ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محمد علي وبناتها لـ


.. اللعبة قلبت بسلطنة بين الأم وبناتها.. شوية طَرَب???? مع ثلاث




.. لعبة مليانة ضحك وبهجة وغنا مع ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محم


.. الفنانة فاطمة محمد علي ممثلة موهوبة بدرجة امتياز.. تعالوا نع




.. هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية