الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاخوات السبعة

رياض بدر
كاتب وباحث مستقل

(Riyad Badr)

2016 / 1 / 12
الادارة و الاقتصاد



ابتدأ العام الجديد 2016 ايامه الاولى بانهيار بورصة السوق الصيني لادنى مستوى لها في 5 اعوام لدرجة تعطيله ليوم كامل بعد افتتاحه باقل من نصف ساعة كاجراء وقائي عادة مايُتخذ لمنع انهيار السوق باكمله والذي خسر 7 % في دقائق معدودة, ومن الجهة الاخرى للعالم خسر مؤشر داو جونز في اربعة ايام 950 نقطة مما جعل سوء الظن بالاقتصاد العالمي يكون هو سيد الموقف الامر الذي قاد اسعار النفط الخام لمزيد من الانهيارات بل وصل حد 31 دولار للبرميل وهو ادنى سعر منذ اكثر من 11 سنة. بعض التقارير ولنقل الرسمي منها والمعلن في اكثر وسائل الاعلام العالمية انتشاراً سواء الاقتصادية او العامة رجحت اسباب انهيار اسعار النفط التي بدأت منذ العام الفائت الى تخمة المعروض وايضا الى تباطؤ النمو في الصين " مصنع العالم" وبعض التقارير اشارت الى ان السبب الرئيس هو اجراءات خفض العملة الصينية " اليوان" من قبل حكومة بي جين. لكن عندما نرى وتيرة تسارع البحث عن وسائل انتاج واستخراج واستكشاف اكثر رخصا وادق عملا من قبل شركات النفط العالمية الضخمة امرٌ لايعطي ابدا انطباعاً بان اسعار النفط ستبقى على ماهي عليه لكن السؤال الاهم هو متى ستعود اسعار النفط الى مستوياتها بل هل ستعود فعلا لتجزي الاموال الضخمة التي رصدتها الشركات العالمية للاستثمار في التنقيب والبحث والاستخراج في حقول جديدة حول العالم؟
المتابع لسير عمل وسياسة شركات النفط العالمية وخصوصا مايسمى " الأخوات السبعة " والتي تشكلت وظهرت للوجود منذ ظهور النفط اي ان عُمرها يتجاوز القرن ولهذا الباع الطويل اثر بالغ في قوتها من الناحية المادية كسيولة وايضا كنفوذ في عوالم السياسة والاقتصاد بل بدأت بعض الشركات فعلا منذ سبعينيات القرن الماضي بوضع بصماتها على نوع الرئيس الذي يجلس على كرسي الرئاسة في دول عظمى وقلب انظمة في دول اخرى سواء من الدول الفاشلة ( نامية) او من العالم الثاني. فبرز لهذه الشركات مع تقدم التكنولوجية وانتشارها والطفرات الاقتصادية التي سادت العالم بشكل عام مابين سبعينيات القرن الماضي وبداية الالفية الثانية برزت منافسة من شركات نفطية جديدة لأخذ نصيب من السوق النفطية وسوق الاستكشافات فدخلت بقوة وقسم من هذه الشركات مدعومة من قبل دول عظمى كالصين وروسيا مثل شركتي لوك اويل Lukoil الروسية و شركة النفط الوطنية الصينية CNPC واللتان تاسستا عام 1991 و1988 على التوالي اظف الى ذلك العديد من الشركات الصغيرة داخل امريكا ثم جاء سوق النفط الصخري ليزاحم بقوة مستفيدا من الاسعار التاريخية للنفط في واسط العقد الاول من الالفية الثانية ليعطي زخما جديدا للمنافسة وبالفعل كان المتضرر الاكبر هو الشركات العتيقة او مايسمى " الاخوات السبعة " فهم رغم تنافسهم منذ القدم لكن هناك العديد من الاحداث والشواهد تؤكد تناسق سياساتهم النفطية سرا او وحياً وتقسيمهم المناطق الجغرافية فيما بينهم دون اي اتفاق معلن وإلا سيكون قانون الاحتكار في انتظارهم بلا رحمة كما حدث مع اخطبوط النفط والمقاولات وتصنيع الحديد شركة ستاندارد اويل لصاحبها روكفلر في بدايات القرن الماضي . فلا بد من حل يلجم بروز هذه الشركات الجديدة وياليت الحل يكون ذا فعل متعدد الجوانب والاثر.
في تسعينيات القرن الماضي نشبت حرب السكائر كما احب ان اسميها عندما بدأت ما يسمى " الموجة الثالثة " من قضايا التعويض ضد شركات السكائر العالمية في الولايات المتحدة الامريكية جراء تسريب ادلة ثبوتية من داخل الشركات بان الشركات المصنعة للسكائر تعلم علم اليقين بان السكائر تسبب الادمان وان لهذا الادمان اضرار جسيمة على المدخن وبالعفل رُفعت قضايا من عوائل اشخاص قضوا بفعل سرطان الرئة او امراض سببها التدخين كما ادعوا وكانت هذه القضايا عادة لا تربح اطلاقا منذ خمسينيات القرن الماضي لقوة تلك الشركات ومحاموها الاقوياء وحتى بداية التسعينيات حين ربحت اول قضية فجأة وسط ذهول الوسط القانوني والصناعي حيث حكم قاضٍ في كاليفورنيا بتعويض ضخم بلغ 51.5 مليون دولار امريكي لشخص واحد عن قضية واحدة الامر الذي فتح شهية بقية من يعتقد انه تضرر من التدخين لرفع قضايا مماثلة وبالفعل بدأت هذه القضايا تربح وبتعويضات مهولة ففي عام 2006 اقامت اكثر من 40 ولاية امريكية برفع قضايا ضد شركات التبغ نيابة عن اناس متضررين (بلغ عدد من رفعت ولاية فلوريدا قضية بالنيابة اكثر من 700 الف مدعي بالتضرر) لكن المحكمة قضت بان تكون كل قضية على حدا ويجب ان تثبت كل قضية منفصلة عن الاخرى باثباتات مما رفع من معاناة الشركات لاسيما ان القضايا بعد هذا القرار وصلت الى 8 الاف قضية منفصلة وربحت كل هذه القضايا ممع اجبر اكبر مصنعي للسكائر بالعالم ار جي رينولدز RJ Reynolds بان يدفع تعويضات بلغت قيمتها 300 مليون دولار امريكي رغم ان بعض هذه القضايا في مراحل مختلفة من الاستئناف. في عام 1998 قام المدعي العام الامريكي في 46 ولاية امريكية واربع من اكبر مصنعي السكائر بالتوصل لاتفاق تسوية ودي عُرف بالتسوية الكبرى والذي بموجبه خضع هؤلاء المصنعين لعدة شروط وتعويضات تدفع للولاية لانفاقها في علاج المتضررين ولدعم الصحة العامة حيث بلغ حجم التعويضات 206 مليار دولار امريكي تدفع على مدى 25 سنة. وايضا كان من نتائج هذه التسوية ان تم حل 3 من اكبر شركات التبغ في صناعة السكائر.
لقد افزعت هذه القضايا وارعدت الكثير من الشركات الناشئة في هذا المجال لاسيما الاوربية منها وبالفعل بدأت تتكالب الخطوب على هذه الشركات فقد بدأ عصر منع الاعلان عن السكائر التدريجي حيث بدأ المنع في حضر الاعلانات التي تستهدف المراهقين ثم حضر الاعلان في التلفزيون وصولا للسينما ثم الاعلانات الخارجية وعلى الطرق وفي الملاعب حتى وصل الامر الى المنع النهائي للاعلان عن السكائر الا من سيارة الفورمولا 1 التي تملكها مارلبورو هذه السيارة والسباق الاغلى في العالم والتي تحتكره مارلبورو بلا منافس منذ عقود فضيقت بذلك المجال بل اغلقته على اي منافس اخر وتم لها هذه فشركات مثل ار جي رينولدز وفيليب موريس لها باع طويل و متانة مالية لايستهان بها لم تعد بحاجة الى اعلانات مكلفة.
بدأت اسعار الذهب الاسود بالافول مخلفة ضحايا لا يُرجى برئهم ابداَ ابتداءاً من شركات الحفر للنفط الصخري والتي فعلا بدأ عصرها الذهبي بالافول وهو في بدايته حيث تكبدت خسائر جسيمة مما اضطرها للاقتراض لتوسيع الانتاج وتطوير مكننة حديثة وتطوير تكنولوجيا تقلل من تكاليف الانتاج " نحن نحتاج اكثر من اي وقت مضى ان نركز على ايجاد حلول مبتكرة وجديدة " قالها بروس توخر مدير البحوث في الشركة النرويجية لاستخراج النفط الصخري. كما توقع تقرير صادر عن بنك investment bank Tudor Pickering Holt & Co ان تنفق شركات انتاج النفط الصخري على تكاليف الانتاج وتطوير الاستخراج مبلغ يزيد عن إيراداتها ب9 مليارات دولار امريكي لعام 2016 بالرغم من ان قسم من هذا الانفاق قد يتم تغطيته عن طريق بيع اصول مملوكة للشركات في سوق السندات. لم يتوقف عند هذا الحد الم ومعاناة هذه الشركات بل بدأت فعلا صغريات الشركات اما بتسريح العمال او بالاغلاق التام واعلنت العام الماضي اغلاق اول شركة لانتاج النفط الصخري بعد تكبدها خسائر جسيمة جراء هبوط اسعار النفط.
وجِهت صفعة جديدة لمحاولة رفع الاسعار بقرار الحكومة الامريكية بالافراج عن تصدير النفط الامركي والذي كان ممنوعا من التصدير طيلة اربعين عاماً مما ادى الى تخمة في المعروض واذا ما اخذنا بالاعتبار عدم الاتفاق بين اعضاء الاوبك على خفض الانتاج والذي تقوده المملكة العربية السعودية اكبر المصدرين في المنظمة وفي العالم وايضا تصريح الرئيس اوباما بان عام 2017 ستكون الولايات المتحدة الامريكية اكبر مصدر للنفط بالعالم عندها سيكون مشهد الاسعار النفطية بل المشهد النفطي برمته مرعب جدا لكن هل هو مرعب للاخوات السبعة فقط ام لغير الاخوات ايضا.! لايجب ان نركن الاهداف السياسية التي افرزها هذا الانهيار في الاسعار على جنب فهاهو الاقتصاد الروسي يتهاوى امام اعين بوتن الذي بات لا يعرف ماذا يفعل وبماذا يُجيب مافيا الداخل التي وضعت اموالها وثقتها فيه! إلا انه تخلى بالكامل عن دعمه لإيران بل صوت بالاجماع مجلس الامن الدولي لادانة إيران في اقتحام وحرق سفارة وقنصلية المملكة العربية السعودية في طهران ومشهد الامر الذي جعل إيران في موقف لاتحسد عليه لا سيما توالى فتح الجبهات السياسية عليها من كل حدب وصوب ابتداءا من لبنان مرورا بالعراق الذي نضبت ميزانيته التي كانت تغذي إيران ايضا وصولا لليمن والتي اندلعت فيها حرب استنزاف للحوثين المدعومين ايرانياً ناهيك عن عقوبات اقتصادية مريرة ترزح تحت وطأتها إيران التي تسابق الزمن كي تُخفف عنها كي تدرأ خطر الانفجار الداخلي المُنتظر. فكيف إذا ما دخلت إيران بنفطها للسوق العالمية فاين سيهوي سعر برميل النفط بعدها ! الامر الذي ناقشته روسيا مع إيران بتاجيل رجوعها للسوق والذي رفضته طهران وكان شرارة الخلاف الذي اودى بزواج المتعة بينهما إلى مصيره المحتوم.









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. موجة الحر في مصر.. ما الأضرار الاقتصادية؟ • فرانس 24


.. الرئيس الفرنسي يحث الاتحاد الأوروبي على تعزيز آليات الدفاع و




.. تقرير أميركي: طموحات تركيا السياسية والاقتصادية في العراق ست


.. إنتاج الكهرباء في الفضاء وإرسالها إلى الأرض.. هل هو الحل لأز




.. خبير اقتصادي: الفترة الحالية والمستقبلية لن يكون هناك مراعي