الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الطب في مصر القديمة

زاهر نصرت

2016 / 1 / 13
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


تُعد الممارسة الطبية القديمة ونظرياتها هي الأسس والجذور التي أعتمدت عليها المعرفة الطبية في حوض البحر الابيض المتوسط للعهود التاريخية التي أعقبتها أذ هي التي امدت بمفرداتها المعرفية والعلمية الحضارات الاغريقية والكنعانية ، وبذلك يشكل الطب المصري القديم والطب العراقي القديم رافدين تاريخيين اعتمد عليهما علم الطب فيما بعد .

كانت النظرية الطبية المصرية تستند الى مفهوم عقائدي : هو ان كل انسان يولد صحيح البدن وان هناك موازنة تديم الصحة بين الانسان ككائن دنيوي وبين العالم الاخر ، عالم الارواح ، وما المرض الا خلل في تلك الموازنة وان دور المعالج هو اعادة الكفتين الى التعادل . كما كان الاعتقاد السائد ان لكل مرض مسببا ً قد يكون ظاهريا ً مرئيا ً يمكن علاجه بالادوية والعقاقير والاساليب الطبية الموضوعية الاخرى او يكون خفيا ً غير مرئي ينسب الى تدخل الشيطان في حياة البشر اما لغضب الالهة او من عمل الاعداء او حقد الموتى ، وهنا يأتي دور الكاهن والساحر او الطبيب ( الكاهن الذي يستخدم الاساليب الكفيلة بطرد الشيطان وتأثيره كالطقوس والدعوات والسحر ) ويتبين للمتتبع مما تقدم ان ذلك المفهوم للصحة والمرض لحوض النيل لا يختلف بشيء عن نظيره في حوض الرافدين في المرحلة التاريخية نفسها التي تمتد الى ما قبل الالف الاول قبل الميلاد ، وانطلاقا ً من ذلك المفهوم فقد كان الطب المصري القديم خليطا ً من المعالجات التجريبية والاجراءات الجراحية والطقوس الدينية والسحرية .

أهتم الطب المصري القديم بملاحظة ومراقبة المريض وتسجيل ما يطرأ عليه من تبدلات مرضية فقد دونت الاعراض ووصفت لها العلاجات المؤثرة وكانت حصيلة ذلك ممارسة ومزاولة تجريبية متعددة الجوانب تدعمها معلومات تشريحية ومجموعة كبيرة من المفردات الصيدلانية .

كانت العلاجات الجراحية محصورة بين معالجة الجروح وأصلاح الكسور مع جراحة محدودة لحالات الدمامل والبتور والاورام السطحية ولم يتم العثور على الآت جراحية عدا ما أستعمل للجروح كالملاقط وأدوات الخياطة وكي الجروح . كان التضميد يعتمد على تغطية الجروح بالعسل والزيت او الصمغ الذي يمنح وقاية كافية لحين اندمالها والتآمها .

هناك ما يشير الى ان الطب المصري القديم كان لديه ادراك للألتهاب الجرثومي وذلك بأستعماله أملاح النحاس على شكل مرهم للعين الملتهبة ، وأرى ان الطب المصري كان مهتما ً ببعض فروع الطب أكثر من غيرها كالجراحة وطب العيون والامراض النسائية والتوليد والاسنان . وكانت أفنية المعابد تستعمل على شكل مشافٍ للمرضى والاعتقاد السائد ان تدريب الاطباء كان يزاول في معاهد خاصة تسمى (( دار الحياة )) حيث يوجد الاطباء الكبار ومصادر المعلومات ، وقد أكتسبت بعض المعابد شهرة طبية مثل معبد ممفيس ودير البحري .

احتوى الطب المصري القديم على معلومات تشريحية كثيرة نتيجة مشاهدات جثث الضحايا الا ان المعلومات الوظيفية وعلاقة الاعضاء فيما بينها ووظائفها كانت غامضة لديهم . رفد التحنيط عند المصريين المعلومات التشريحية بالكثير نتيجة ملاحظة الاعضاء عند تفريغ جوف الجثث ، ومن الاعضاء التي ركز عليها " القلب " فقد كان المعتقد ان الاوعية الدموية تخرج منه الى أجزاء الجسم كافة لتحمل الهواء والدم والبول والمني والدموع والفضلات الصلبة وتشبيه ذلك بنهر النيل ونظام القنوات التي تتفرع منه ، وكما وجب المحافظة على هذه القنوات وتنظيفها دائما ً فالاوعية الدموية بحاجة الى مثل هذه العناية ايضا ً فالفضلات والمواد المنحلة في الاوعية هي التي تسبب المرض لذا يجب تطهيرها وتنظيفها بشكل دوري بوساطة المطهرات والمزيلات كوقاية من المرض والحفاظ على صحة دائمة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السيسي ينصح بتعلم البرمجة لكسب 100 ألف دولار شهريا!


.. تونس.. رسائل اتحاد الشغل إلى السلطة في عيد العمّال




.. ردّ تونس الرسمي على عقوبات الوكالة العالمية لمكافحة المنشطات


.. لماذا استعانت ليبيا بأوروبا لتأمين حدودها مع تونس؟




.. لماذا عاقبت الوكالة العالمية لمكافحة المنشطات تونس؟