الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عالم عصر الذرة ... عالم مجنون

زاهر نصرت

2016 / 1 / 25
العولمة وتطورات العالم المعاصر


يبدو العالم من حولنا كأنه ومضات وتصورات غامضة مليئة بالاحداث العنيفة والمزعجة والمثيرة ، نود ان لم يكن لهذا العالم حضور ووجود مؤثر في وعينا ونود لو يتركنا كلياً ويكف عن تدخلاته في شؤوننا وفي حياتنا اليومية الخاصة التي كنا نشعر فيها بالاطمئنان والامان . لقد اصبح هذا العالم بصورة او اخرى جزءً منا او اننا جزءً منه واصبح واقعاً يومياً وان وجوده يهيمن على وعي وتفكير وسلوك كل فرد مهما كان بعيداً عن الاحداث ومهما تعمد تجاهلها .

ان وعي الانسان بعالمية العالم بدأ يتبلور مع بروز العالم المعاصر في القرن العشرين الماضي ، فمنذ اشراقة هذا القرن تسارع التاريخ بشكل ملحوظ وتسارعت التحولات باضطراد وتقلصت المسافات واختفى بُعد الزمان والمكان وازداد تجانس الثقافات والحضارات وحدث تقارب هائل بين الشعوب والمجتمعات وبزغت في نهاية القرن بشرية واحدة ذات مصالح وهموم كونية مشتركة . وازداد احساس الانسان في هذا العصر بأنه جزء من عالم أعم وأشمل من عالمه الخاص وشعر اكثر بارتباطه بالاخرين بروابط انسانية وتاريخية وبأنه يحمل ذاكرة وتجارب حياتية ووجودية مشتركة وكذلك بالنسبة الى مشاكله فهي مشاكل عالمية فالحياة والبيئة والحضارة والموارد والديون والطاقة هي جميعها قضايا عالمية وانسانية مشتركة تبحث عن حلول عالمية مشتركة .

لقد تدرج الانسان عبر التطور التاريخي وبلغ الان طور الوعي بأولوية المصالح الانسانية المشتركة فقد بلغنا اليوم عصر عالمية التفكير وعالمية الحضارة وعالمية الحرب والسلم وعالمية العلم والمعرفة وعالمية الازمات والانجازات وعالمية الحقوق والطموحات ، وتواجه البشرية اليوم مصيراً مشتركاً ومصلحة مشتركة واصبح البقاء والفناء قضايا عالمية مشتركة فأما ان تغرق البشرية سويةً في بحر صراعاتها وتناقضاتها المزمنة وأما ان تجد مخرجاً موحداً لتفادي حدوث كارثة بالجنس البشري والحضارة الانسانية .

ان عالمنا اليوم اصبح قرية اتصالية مترابطة سياسياً واقتصادياً وثقافياً بحيث لم يعد هناك جزء بمنأى عن التفاعل والتأثر بالاجزاء الاخرى واي خلل او تطور في أي جزء من العالم سينتشر في جميع انحاءه السياسية والاقتصادية والاعلامية والثقافية ويؤثر فيها تأثيراً مباشراً ، والسرعة اصبحت صفة مميزة لهذا العصر دون غيره من العصور والازمنة السابقة التي اتصفت بالرتابة والبطئ انه عالم يتسارع فيه التغيير ويلهث فيه الانسان وراء الجديد والمتجدد بوتيرة عالية وغير معقولة وما يميز هذا العصر عن كل العصور الحضارية الانسانية هو وجود الذرة واستخدامها الذي اتسع في الحياة المعاصرة اتساعاً مذهلاً .

لقد اصبحت الذرة الان اكثر تحكماً واكثر تغلغلاً في الحياة الانسانية ، تنوعت استخداماتها بحيث اصبحت قادرة من ناحية على شفاء الانسان من الكثير من الامراض المزمنة والمستعصية ومن ناحية اخرى تحولت الذرة الى سلاح خطير قادر على التسبب في فناء الحياة الارضية بكل اشكالها وصورها مادياً وطبيعياً ... ان العالم المعاصر قد وضع مصيره وربط مستقبله كاملاً بالذرة واصبح بقاء وفناء الجنس البشري مرهونين باستعمالها ولقد تضاعفت القدرات التدميرية للعالم المعاصر على اثر الزيادة المذهلة في عدد الرؤوس النووية التي تمتلكها الدول الكبرى حيث بلغت مستويات كبيرة لم يعد معها خيال الانسان قادراً على استيعاب وتصور مدى الدمار الذي يمكن ان يلحق بالعالم لو تم استخدام جزء يسير من القدرات التدميرية الحقيقية المتواجدة لدى الدول النووية ... انه عالم مجنون .



زاهر نصرت








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إيران تتحدث عن قواعد اشتباك جديدة مع إسرائيل.. فهل توقف الأم


.. على رأسها أمريكا.. 18 دولة تدعو للإفراج الفوري عن جميع المحت




.. مستوطنون يقتحمون موقعا أثريا ببلدة سبسطية في مدينة نابلس


.. مراسل الجزيرة: معارك ضارية بين فصائل المقاومة وقوات الاحتلال




.. بعد استقالة -غريط- بسبب تصدير الأسلحة لإسرائيل.. باتيل: نواص