الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


!أمسك....علماني

لبنى حسن

2005 / 11 / 12
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


لقد أحدث نبأ اعتقال عبد الكريم سليمان – أو كريم كما يصر أن ينادى- صخب كبير على النت, فبعض المواقع و المنظمات استجابت وأصدرت بيانات شجب و تنديد و أطلقت حملات للدفاع و التضامن معه, كما بذلت بعض الجهات و المدونين في مصر محاولات مشكورة حيث ذهب جمع منهم لجمعية المساعدة القانونية في الإسكندرية و التي لم تكن قد علمت باعتقاله إلا إن الواقع يقول إن أسرته خاصة والدته أصبحت في حالة خوف و انهيار منذ ترحيل كريم من مبنى مباحث امن الدولة, و استمرار اعتقاله و عدم الوصول لأي معلومات عنه يرجح أن التحرك في الاتجاه الصحيح لم يبدأ بعد.

و حيث أنني بعيدة عن ارض مصر حيث اغتيل الفكر و وأدت الحرية, فقد ركزت على متابعة ردود الأفعال المختلفة و لاحظت انقسام الناس - القراء بشكل خاص- بين مؤيد لاعتقاله و معارض متحفظ خوفا من أن تلتصق به تهمة تأييد أراء كريم, حقا هالني موقف الشباب من قضية اعتقاله, فهناك لهجة غريبة تبناها البعض حيث انتقدوا دفاع المواقع و المدونين عنه معتبرين ذلك تشجيع على الاساءه و المساس بالثوابت و كأن القضية هي استفتاء على من يتفق معه أو على مدى غيرة كل فرد على دينه.

و الغريب أن الحزب "الليبرالي" الذي طالما سانده كريم بل كان عضو فاعل ووكيل له في احد الدوائر في الإسكندرية ألتزم الصمت التام و كأن شيئا لم يكن, و لأني كنت اعتقد أن الضجة الإعلامية "الانترنتية" التي أثيرت حول اعتقاله و التي وصلت إلى وكالة الأنباء الأمريكية و موقع بي بي سي قد وصلت أيضا لمسامع أعضاء الحزب الليبراليين( وخلوا بالكم معايا اوى من كلمة ليبراليين), و حيث انه مر أكثر من 15 يوما و كريم لم يعد لمنزله فقد حاولت الوصول لبعض أعضاء الحزب و لكن ليتني ما وفقت, فاحد الأعضاء علق بأنه " لا يمكن أن يدافع الحزب عن كريم لأنه متهم بالعلمانية"!!!...طيب كويس انه مش متهم بالديمقراطية كمان....و مسئول أخر عن احد لجان الحزب في الإسكندرية لم يكن قد سمع أصلا بالخبر (بالرغم انه وصل على أيميل الحزب يوم حدوثه) و لكن فور علمه منى بادرني مقاطعا "كريم يهاجم الإسلام...فهل ندافع عنه؟ ثم من كلامه معنا يبدوا انه لم يعد مسلما"....... إلى هنا انتهى تعليقه و بدأت صدمتي وحيرتي, فقد زحفت إلى رأسي قافلة من علامات التعجب وقفز بداخلها فوج من علامات الاستفهام, فكأن الليبرالية التي من المفترض إيمان أعضاء الحزب بها (ما هو مكتوب على الباب انه حزب ليبرالي) لا تعنى احترام الاختلاف و قبول التعددية الفكرية بل تقتصر على الدفاع عن كل ما نتفق معه في الرأي أما من يخالفنا في إلى بئس المصير و ليترك للديابه و إحنا مالنا!

ثم فلنفترض جدلا صحة الادعاء و انه لم يعد مسلم و أصبح هندوسي, بوذي أو حتى لاديني, هل من المفترض أن يغير هذا من مبادئنا؟ و أين ذهب الحديث عن التعددية والحرية وتقبل الآخر و النقد والتسامح و الحقوق والمساواة؟ وهل يحول الأمر من قضية حقوق إنسان من المفترض أن يعيش أمن دون امتهان و تعذيب؟ هل يحيدنا هذا عن الدفاع عن حرية الرأي؟

قد ألتمس بعض العذر لقيادات الحزب الذين يواجهوا حرب شرسة في فترة الانتخابات البرلمانية و لكن لا أخفى صدمتي من تجاهلهم لقضية كريم و من ردة فعل شباب الأعضاء الذين كنت أظن أن تأييدهم للحزب جاء عن إيمان بمبادئه و شعاراته و أهدافه التي ترددها قياداته فيرددوها خلفهم, و لكن اكتشفت أن الشباب يعتبر تلك المبادئ حبر على ورق, و الشعارات مجرد طقم كلام للاستهلاك المحلى أو ربما للجذب الدولي.

و قد سبق ولفت النظر لوجود أعضاء في الحزب لا يعرفوا الفرق بين الديمقراطية و الليبرالية و لا حتى بين الكرنب الزبادي و الكرنب العادي!! فالواضح أن بعض الشباب يلتف حول شعارات لا يفهم عمقها, و إن فهمها فليس على استعداد لترجمتها لواقع و كل ما يهم الشاب أن يقال انه عضو في حزب ليبرالي.......يا سلام على الليبرالية المحلية لها خصوصية جعلتها عاملة زى "فتحية" و "بهية" مجرد أسماء قد تحملها كثيرات دون إن يربط بينهن شيئا!! يعنى لا تعبر عن اتجاه محدد بل تبدوا كنوع من مواكبة الموضة أو البرستيج.

الليبرالية التي افهمها تجعلني أدافع عن حق الجميع - بما فيهم الملحدين- في التمتع بالأمن و السلامة و الحرية و احترام الآدمية و حق المواطنة, و قبل أن يستشيط المتشددون غيظا أو يشهر السلفيين السيوف في وجهي أو يتوعدوني بعلقة ساخنة كتلك التي تعرض لها كريم قبل أيام من اعتقاله لأن رأيه لم يعجبهم, فاني اذكرهم بالتاريخ و بابن الراوندي (مواليد 210 هجريا) احد أشهر الملحدين في عصر الدولة الإسلامية و الذي لم يتعرض لمحاولة اغتيال أو سجن أو حتى بلطجة, فماذا حدث الآن؟

ثم هل حقا أن الطالب الجامعي ذا 21 ربيعا واسع التأثير لدرجة أن مقالاته تثير الفتنة كما أتهمه البعض؟ و هل مثلا أدت لسرطنة الشعب و طحنه, فأستوجب التصدي له ؟ و هل آراءه - و إن كنت لا اتفق مع بعضها- مدمرة و خطر على الأمن القومي و سمعة مصر ووحدة و استقرار و سلامة ارض الوطن, للحد الذي يستدعى استعادة أمجاد زوار الفجر؟

و هل التفكير حتى لو أوصلنا لما يخالف المجتمع أصبح يعد جريمة يعاقب عليها القانون؟ و هل مواجهة الفكر حتى لو كان "فاسدا" و مخالفا للدين مهمة المباحث ؟ ثم هل نزل الورع و التقوى و الأيمان فجاءة على وزارة الداخلية ذات المعتقلات سيئة السمعة, و حامية التحرشات بالمعارضين و منتهكي أعراض المعارضات؟ و غير كل ذلك هل اعتقاله أو إيذاءه سيثنيه عن أفكارة أم يزيده تشبثا بها؟

مهما كتب كريم أو غيرة ستظل مجرد كلمات أو أفكار قد تقبلها أو ترفضها أو حتى تلعنها و لكنك في النهاية لا تدفع ثمنها كما تدفع ثمن أفعال كثيرين نهبوا و زوروا و افسدوا و تركوا يبرتعوا دون اعتقالات أو مطاردات أمنية أو بالأحرى عشوائية.

و كريم لم لا يعرفه على المستوى الإنساني شخص هادى و خجول يكاد يتحدث همسا, يتحاشى التجمعات بل يشعرك انه يخشى الناس لأنه اعتاد هجومهم, و لا أقول اختلافهم أو نقاشهم لان ثقافة الحوار في غياب عن مجتمعنا حيث رفعت من الخدمة من عقود مضت, لقد كان يكتفي بقلمه صديقا و لم يكن مهتما بالسياسة بل كان تركيزه منصب على حقوق الإنسان و خاصة المراة, فجاء انضمامه لحزب الغد و حركة كفاية و مشاركته في المظاهرات المطالبة بالتغيير من منطلق إنساني بحت, فهو الفتى الذي كلما بحثت عنه أما تجده في مكتبة الإسكندرية أو احد قصور الثقافة أو داخل أروقة الحزب "الليبرالي" فهل نستنتج من هذا أن وجوده حرا طليقا يهدد البشرية؟









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. استعدادات إسرائيلية ومؤشرات على تصعيد محتمل مع حزب الله | #غ


.. سائق بن غفير يتجاوز إشارة حمراء ما تسبب بحادث أدى إلى إصابة




.. قراءة عسكرية.. المنطقة الوسطى من قطاع غزة تتعرض لأحزمة نارية


.. السيارات الكهربائية تفجر حربا جديدة بين الصين والغرب




.. طلاب أميركيون للعربية: نحن هنا لدعم فلسطين وغزة