الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تقرير مدير الامن العام العقيد عبد المجيد جليل عن الشيخ عبد العزيز البدري في عام 1961

قاسم الجميلي

2016 / 2 / 8
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


تقرير مدير الامن العام العقيد عبد المجيد جليل عن الشيخ عبد العزيز البدري في عام 1961
قاسم الجميلي

ولد الشيخ عبد العزيز عبد اللطيف البدري رحمه الله، الذي هو اصلا من سامراء، في مدينة بغداد عام 1929. تلقى البدري دروسه الدينية على يد طائفة من علماء بغداد الافذاذ لغاية ان نال اجازته العلمية وتعيينه اماما باحدى مساجد بغداد في عام 1949.
كان البدري واعظا دينيا مفوها وخطيبا جريئا لاتأخذه في الحق لومة لائم. واستنادا لقناعاته الدينية عارض النفوذ الشيوعي في العراق وقاد مظاهرات منددة بسياسات الزعيم عبد الكريم قاسم (1963-1958) الداخلية، كما اصدر فتوى كفر فيها الشيوعيين ودعى الى محاربتهم. ازاء ذلك، فرضت عليه حكومة الزعيم الاقامة الجبرية في منزله لمدة عام (من 2 كانون الاول 1959 ولغاية 2 كانون الاول 1960). ومع اني اقرأ في سيرته ان حكومة الزعيم قد سجنته كذلك في المدة من 8 تموز ولغاية 4 كانون الاول 1961، الا ان الوثيقة التي تُعرض هنا والمؤرخة في 8 آب 1961، تؤكد ان البدري كان في تلك المدة مطلق السراح ويلقي خطاباته النارية ضد نظام الزعيم عبد الكريم قاسم. على اي حال، فأن فترة العقوبات المخففة بحقه قد انتهت مع تسلم البعث السلطة في العراق عام 1968. فعلى مايبدو ان الشهيد البدري قد اخطأ هذه المرة في تقدير ردة فعل قادة العراق الجدد ازاء اية معارضة لهم. فلم يعد للقادة البعثيين بعد تجاربهم المريرة مع الشيوعيين والناصريين نوافذ مفتوحة للتساهل والتسامح مع معارضيهم كحال أسلافهم عبد الكريم قاسم والاخوين عارف رحمهم الله. فحالما ظهرت من الشيخ البدري بوادر معارضة لحكمهم حتى اودعوه معتقل قصر النهاية سيء الصيت، حيث تولى مدير الامن العام ناظم كزار وجلاوزته تعذيبه وتقطيع اجزاء من جسده، فلفظ رحمه الله انفاسه الاخيرة في حزيران 1969، وهو لم يزل في سن الاربعين. وبعد مرور 17 يوما على وفاته حمل اشخاص مكلفين جثمانه ليلقوه امام داره، فيما اخبروا اهله انه مات بالسكتة القلبية! وان عليهم دفنه دون الكشف عليه. وقد حمل المشيعون نعش الشيخ البدري الى جامع الامام ابي حنيفه النعمان بالاعظمية للصلاة عليه، وهناك كشف اخيه عن جثمانه امام جموع المصلين، الذين شاهدوا آثار التعذيب على سائر بدنه، ومن بين ذلك نتف لحيته وقطع لسانه.
وفي الوثيقة ادناه، انقل لكم تقريرا خاصا رفعه العقيد عبد المجيد جليل مدير الامن العام في حكومة الزعيم عبد الكريم قاسم، الى الجهات العليا لاتخاذ الاجراءت المناسبة بحق الشيخ عبد العزيز البدري لتنديده بالحكومة وتحريض الآخرين على الوقوف ضدها. وتعكس هذه الوثيقة بجلاء قوة ايمان الشيخ البدري وعزيمته وصدق عقيدته وتصديه لما وصفه بالانحرافات السياسية والاجتماعية في العراق آنذاك.
[نص الوثيقة]
"الجمهورية العراقية/ وزارة الداخلية/ مديرية الامن العامة
تقرير خاص
العدد/ 7782
التأريخ 6/8/1961
في الساعة 15/12 ظهر يوم الجمعة 4/8/1961 القى الشيخ عبد العزيز البدري خطبة الجمعة في جامع الحاج امين الكائن في سوق حمادة بجانب الكرخ. [وقد] تطرق [في] خطبته عن احتفالات 14 تموز المباركة التي اقيمت من قبل وزارة الداخلية والشرطة العامة ومديرية السكك الحديدية. وذكر بأن هذه الاحتفالات لها من الخلاعة ماتقشعر لها نفوس المؤمنين. وقال لذا وجب على العلماء انكار المنكر والدعوة الى المعروف والقضاء على هذا الحادث والفساد في البر والبحر. ثم تطرق الى قوله [المقصود هنا على مايبدو قول الشيخ البدري وليس قول من الله] (ليعلم الظالمين والفاسقين عذاب الله). ثم قال لقد حاولت مواجهة المسؤولين عن هذا ونحن في بلد مسلم والذي ساء المسلمين منه، فلم اتمكن من من مواجهتهم لان دونهم الحجاب خلاف ماكان عليه ايام حكم الاسلام الذي كانت فيه مواجهة الخليفة يسيرة. ثم استطرد وقال لقد شاركت وزارة الارشاد في ذلك وحضر من المسؤولين والوزراء وكان قاضي بغداد الاول من من [ممن] حضر وشوهد في التلفزيون وان ذلك يأسف له كل مسلم. وكان الواجب على قاضي المسلمين ان ينهاهم او على الاقل ان يخرج من الاحتفال. ثم استطرد وقال هل نسيت وزارة الارشاد انها في بلد اسلامي وهذا خالف مانص عليه الدستور. فنحن نسأل لماذا لم تُحفظ الاداب (فهل هذا من التحرر والمدنية). وهنا نسأل (من اين اُعطيت اموال الاحتفالات واجور الراقصات هل من موظف او من الخزينة؟). ان حكام المسلمين كانوا حريصين على اموال الامة. فياايها المسؤولين (رفقا بالقوارير رفقا بالمراهقين من الفتيات والفتيان). ونحن لانعلم ما اذا ستقام حفلة خامسة وسادسة بعد هذه الاحتفالات. اننا نريد مصلحتهم وارشادهم الى الحق وكما يقولون في حرية النقد. ثم ضرب مثلا بالآية الكريمة (ان الله تعالى قال اذا اردنا ان نهلك قرية امرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميرا) وان الله تعالى يحاسب على الافعال.
نعرض لسيادتكم باننا نعتقد بان مثل هذه الخطب مقصودة يراد بها الاسائة [الاساءة] الى سمعة الحكومة والمسؤولين بطريق غير مباشر خاصة وان هذه الخطب والكلمات تصدر من بيت الله وفي وقت الصلاة الذي يجب عدم التعرض فيه الى السياسة وغيرها. نرجو التفضل بالاطلاع والامر باتخاذ الاجراءات ضد الخطيب الشيخ عبد العزيز البدري.
(توقيع)
العقيد عبد المجيد جليل
مدير الامن العام








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حماس.. تناقض في خطاب الجناحين السياسي والعسكري ينعكس سلبا عل


.. حزب الله.. إسرائيل لم تقض على نصف قادتنا




.. وفد أمريكي يجري مباحثات في نيامي بشأن سحب القوات الأمريكية م


.. شاهد: شبلان من نمور سومطرة في حديقة حيوان برلين يخضعان لأول




.. إيران تتحدث عن قواعد اشتباك جديدة مع إسرائيل.. فهل توقف الأم