الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مقترحات إلى فدرالية اليسار الديمقراطي بالمغرب

محمد بوجنال

2016 / 2 / 16
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي




تعتبر فدرالية اليسار الديمقراطي بالمغرب كهيكل جديد بمثابة تتويج لتجربة، ذات مستوى ما،لثلاثة أحزاب يسارية . وقد جاء هذا التتويج استجابة للوضعية المغربية بدايات القرن الواحد والعشرين التي تميزت بديناميات وتغيرات أفرزتها الأوضاع الوطنية والإقليمية والدولية. ومنطقيا، التغير يقتضي،وبالوجوب،إعادة النظر في الذات للمراجعة والتقييم قصد التأسيس للبناء النظري والتنظيمي الذي يفرضه ويتطلبه التغيير ذاك أو قل أن على اليسار تثوير ذاته لإنتاج سياسة ومواقف وأجندات بديلة للأحزاب المغربية المتخبطة كما جسدت ذلك ،وتجسده، حكومة بنكيران. ومنطق الواقع المغربي يجبرنا على القول أن هناك محطات نضالية حاضرة لا زالت غامضة وضعيفة وهو الوضع الذي لا يمكنها من الاستجابة لمطالب وحيوية الشعب المغربي. ومعلوم أن الجمود وعدم تمنيع الذات، يجعلها عرضة للإستيلاب ومعاداة التغيير. وفي هكذا سلوك يكون غياب الإبداع والتفاعل البناء مع قضايا الشعب سواء منها الاقتصادية أو السياسية أو الاجتماعية أو الثقافية. إنه الوضع الذي أراح ويريح شكل الدولة السلبية المغربية؛ بل ويقوم بشكل أو بآخر بتدعيمه دون أن يعري حقيقة نواياه؛ وهذا من حقه كنظام يعمل دوما على تجذير ذاته على مختلف الميادين التي منها أحزاب اليسار التي لا يمكن إخفاء أنها مكانا يتضمن الصراع الذي منه الإيجابي ومنه السلبي حيث نجد أن هذا الأخير، في غالب الأحيان، يسير بشكل واع أو لاواع في اتجاه عرقلة الإيجابي. وعليه ، تصبح هذه الأحزاب اليسارية أمام صراع مغشوش؛ وبلغة أخرى، فالصراع في شكله الإيجابي يحتاج الأدوات الفعالة والمبدعة، في الوقت الذي نجده لا يتوفر سوى على أدوات تتميز بالضعف والمعرفة الميتافيزيقية وهو ما يلعب لصالح شكل الدولة السلبية المغربية. إذن، فالحزب اليساري كمؤسسة إيجابية لا يكون كذلك إلا إذا توفر على فعاليات إيجابية تؤمن ب"الإمكان" الذي هو الإبداع. إنها الحالة التي تخيف شكل الدولة السلبية المغربية. فما زال الحزب اليساري المغربي في حاجة إلى بذل المجهود لتجاوز هذه الوضعية المعيقة.
استحضارا لهذه العراقيل،تمكنت بعض أحزاب اليسار المغربي من الوعي بأن قوتها وتطورها رهين بتحالفها في شكل من الأشكال سمته ب"فدرالية اليسار الديمقراطي". واستحضارا لمنطق التغيير، فتجارب بهذه الشاكلة تحتاج إلى التراكم الذي يعني حضور النضج لبناء، ليس المناضل فقط، بل المناضل والسياسي اليساري المغربي؛ أما ما عدا ذلك، فيعتبر اندفاعا عاطفيا سرعان ما يختفي. فلا بد من أجندة مدروسة بشكل عقلاني، وبعيدا عن أشكال المراهقة لبناء المناضل والسياسي المغربي الذي هو أساس وضامن وحامي التغيير دون الحاجة إلى أسلوب الوصاية والإحلال مهما كانت المبررات. بهكذا أجندة عقلانية، يفرز لنا تراكم هذا الشكل من التحالف إيجابيات يحكمها منطق الارتقاء إلى حين حصول امتلاك مستوى الوعي السياسي الذي معناه التأسيس ل"الثورة".
هكذا، ففدرالية اليسار الديمقراطي، كلما تبنت أجندة واضحة لطبيعة ومعنى ومستوى التراكم، كلما تماسكت أكثر، وكلما اتجهت إلى أشكال أرقى من التحالف. إنه طريق يتطلب المثابرة وصياغة البرنامج الكفيل بالبناء ذاك وبالتالي الكفيل بإقناع الشعب ببرنامجها كفدرالية وهو البرنامج الذي يشترط فيه تقديم الأجوبة المطلوبة لمشاكل وقضايا المجتمع المغربي الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية. فبهكذا برامج، ستتمكن الفدرالية، ومن داخلها الأحزاب اليسارية من استرجاع وإعادة امتلاك ثقة الشعب في برامجها وفلسفتها. فالوعي بمشروعية هذه المطالب هو ما يمكنها كفدرالية من تجاوز الضعف والسلبيات خاصة وأن تأسيسها ما زال لم يراكم من التجارب ما يعطيها المناعة والحماية. وهذا يتطلب العقلنة الداخلية للأحزاب اليسارية المكونة لها إذ أن بناء الكل يقتضي دوما عقلنة الأجزاء وسلامة وديمقراطية علاقاتها الداخلية التي لا بد من أن تكون مؤطرة بفعل برامج تهتم بالموارد البشرية خاصة باعتبارها دينامو التأسيس والبناء والصراع والاستحضار الدائم لآفاق التطور. إنها الموارد البشرية التي كلما تم تشكيلها كلما كان ذلك تهديدا لشكل الدولة السلبية المغربية. لذا، عملت وتعمل هذه الأخيرة، على مر التاريخ، على حمايتها من كل القوى التي يمكن أن تقودها إلى التمرد والاحتجاج؛ أو بلغة أخرى، فهي مكان حيث يكون الصراع لامتلاكها ومنعها كفدرالية من الانخراط في صفوفها وبالتالي استقطابها لما فيه مصلحتها. وهكذا، نجد سيطرتها على مختلف المجالات حيث يتم تمرير ثقافة وقيم أشكال الدولة تلك. وهذا معناه أن تسطير برنامج عمل الفدرالية، وبالتالي برنامج أحزاب اليسار المكونة لها،تقتضي استحضار كل المجالات تلك وفق تخطيط معقلن في أفق الاستحواذ التدريجي على الأقل على بعض جوانب المجالات تلك. فبغياب هذه البرامج على مستويي الكل والأجزاء. فغياب هذا البرنامج على مستويي الكل والأجزاء لن يفرز لنا سوى فدرالية ضعيفة وبأحزاب يسارية ضعيفة بدورها وهو ما سيجعلها كفدرالية مهددة بالتفكك والاختفاء الذي هو،بالمقابل، وضع يقوي مواقف شكل الدولة السلبية المغربية. إنه الوضع الذي يجب عليها أن تحرص على تجنب حصوله أو قل تجنب مجمل العراقيل التي من شأنها عرقلة أنشطتها خاصة على المستوى القريب الذي يتطلب حماية وضمان شروط الاستمرارية والفعالية. إنه الوضع التنظيمي الذي لن يحصل إلا بالتخلص من العناصر المعيقة وتشجيع الديمقراطية الداخلية وهو ما يجب أن ينطبق وبالمثل داخل الأحزاب اليسارية المكونة لها؛ فمنطق اليقظة يكون ضروريا كلما تمت عرقلة الفاعلية الداخلية وإلا انتشرت السلبيات التي هي بالكاد التفكك والضعف.
هكذا، فالتأسيس لمناعتها يوجب اهتمامها واستثمارها الحكيم لتراكماتها الأولية واضعة أمام أعينها القضايا الملحة التي لا يمكن للشعب المغربي تحقيق التنمية والعدالة الاجتماعية بدونها× لذا، فهي مطالبة بتنظيم ورشات في مختلف المجالات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية التي منها تستنبط برنامجها الذي تعتمده لمعالجة حاجيات الشعب علما بأنه ورشات توجب توسيع النقاش الناضج والإيجابي. وفي هذا يتم، وبشكل تلقائي، تهميش كل العناصر التي طالما عرقلت فاعلية اليسار وعلى رأسها الولاءات والزبونية والاختراق. ولا شك أنها ورشات، مطالبة في برامجها، اعتماد أسلوب الأولويات كما حددتها شعارات الحراك وفي مقدمتها الاقتصاد. وهذا يعني تركيزها على التأسيس لبرنامج اقتصادي طموح وقابل للتطبيق على أرض الواقع؛ برنامج اقتصادي يكون مندمجا ومنتجا في القطاعين الفلاحي والصناعي خاصة. وهذا الانجاز يستدعي ضرورة ضبط البعد الوطني في علاقته بباقي الدول من خلال ما يربطه معها من علاقات واتفاقيات للتأسيس لاتفاقيات وعلاقات تحترم المصالح الوطنية تثمينا للقاعدة:"لا قيمة لتغيير لا يضمن سيادة الوطن". وفي هذا الاتجاه كذلك، لا بد للفدرالية، ومن داخلها أحزاب اليسار، من تدارس قضايا المديونية التي فاقت كل التوقعات وكذا العمليات المصاحبة لها استثمارا وتوظيفا بالشفافية اللازمة.. إنه البرنامج السياسي، الذي بضبطه البرنامج الاقتصادي، يقود حتما إلى الطرح الاجتماعي؛ فلا قيمة للاقتصادي والسياسي بدون النهوض بالاجتماعي مستحضرا قدرات الجهات والبحث عن التوازن العملي فيما بينها وكذا حماية ذلك وفق النصوص كضامنة لحسن التدبير والتوزيع والمراقبة وبالتالي تحصين البرنامج ذاك من مختلف أشكال الفساد التي خربت الاقتصاد الوطني ومعه الوضع السياسي والاجتماعي والثقافي للشعب المغربي.
إن تحديد فدرالية اليسار الديمقراطي بالمغرب، ومن داخلها مكوناتها اليسارية، هذا البرنامج العملي، هو إنجاز ليس بالسهل؛ إلا أن ذلك، عندما يمنهج، يصبح في المتناول؛ وفي هذا الإطار،لا بد من التأكيد على أهمية ما يسمى في الثقافة الشعبية ب"الشطابة" التي تعني، وبالكاد، إزالة الأوساخ ليبقى المكان نقيا وحيويا. هذا دون أن ننسى انفتاحها على غيرها من الأحزاب اليسارية ومنظمات المجتمع المدني الفاعلة؛ إنه الجهد الذي الذي لا يمكن عزله عن الشروط الموضوعية والذاتية التي يجب التعامل معها بالحكمة التي تصب في محتوى برنامجها؛ وبمعنى أكثر دقة، فالبناء والتأسيس للبرنامج اليساري القابل للتصريف لا يمكن أن يكون، ولن يحصل وفق قاعدة"اللغط وغياب المسؤولية". فهل تتوفر فدرالية اليسار الديمقراطي بالمغرب على القدرات والآليات التي تمكنها من إنجاز هذه المهام لتحضير نفسها لخوض المعارك القادمة التي هي معارك الاستقلال الوطني ومحاربة الفقر والأمية والفساد؟ أم أن ذلك ما زال في حاجة إلى المزيد من اكتساب التراكم وهو ما ليس بعيب طالما أن الهدف هو البناء الناضج ليسار مغربي ناضج؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شهداء وجرحى إثر غارة إسرائيلية استهدفت منزلا في مخيم النصيرا


.. الشرطة الأمريكية تعتقل طلبة معتصمين في جامعة ولاية أريزونا ت




.. جيك سوليفان: هناك جهودا جديدة للمضي قدما في محادثات وقف إطلا


.. سرّ الأحذية البرونزية على قناة مالمو المائية | #مراسلو_سكاي




.. أزمة أوكرانيا.. صاروخ أتاكمس | #التاسعة