الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التيارات السياسية ودورها في الاصلاح السياسي

عدي ابراهيم محمود المناوي

2016 / 3 / 5
مواضيع وابحاث سياسية


التيارات السياسية ودورها في الاصلاح السياسي
إن التيارات والأحزاب السياسية هي جماعات منظمة هدفها الوصول إلى السلطة وممارستها، وجميع الأحزاب تبحث عن وسائل تترجم من خلالها أفكارها الرئيسية وأن كل حزب لديه مشروع ويعمل على تحقيقه بأفضل السبل وأكثرها فاعلية،
حيث تقوم التيارات والاحزاب السياسية بإدارة الصراع السياسي لاسيما في المجتمعات النامية وكذلك المجتمعات الأخذة بالتحديث، كما تعنى بخلق اتجاهات جديدة تتعلق بالتكامل القومي والتنمية الاقتصادية والنظرة العقلانية للحياة، وكسب التأييد في الانتخابات، كذلك يقوم الحزب بتزويد الحكومة بالمعلومات والبيانات اللازمة لتنفيذ برامج التنمية.
ولابد من الإشارة إلى أن وظائف الأحزاب في الدول النامية تختلف عنها في الدول المتقدمة؛ فالأحزاب في دول العالم الثالث تتعدى وظائف الأحزاب السياسية، إذ انها تهدف الوصول إلى السلطة سواء بالعنف أو سلماً، عدا أنها ليست أدوات ( برلمانية ) أو ( انتخابية )، كما هو الحال في الدول المتقدمة، كونها أدوات تغيير في الغالب.
وبعيداً عن الخوض في مفهوم الاصلاح السياسي وتمييزه عن المفاهيم المقاربة أو الرديفة له، نتطرق هنا الى دور التيارات السياسية في الاصلاح السياسي .. إذ لكل حادث حديث
ان التيارات والاحزاب السياسية في النظم الحزبية التنافسية تلعب دورا كبيرا في مجال الإصلاح السياسي، ويعتمد هذا الدور إلى حد بعيد على وجود بيئة ثقافية مناسبة، ومن مقومات هذه الثقافة وجود نوع من الثقة المتبادلة بين القوى السياسية والأحزاب بعضها البعض وبينها وبين الحكومة، فلا وجود دور فعال للأحزاب السياسية في ظل جو يسوده الخوف من السلطة وعدم الإقرار بقيمة الإنسان وحرياته وحقه في التنظيم وإقامة الأحزاب، كما يحتاج الإصلاح وجود مؤسسات سياسية فعالة توفر المتطلبات الاجتماعية والاقتصادية وتوفر البيئة المناسبة للإصلاح السياسي.
ومن خلال تتبع وظائف الأحزاب السياسية يمكن التعرف على دورها في الإصلاح السياسي؛ ويكون ذلك من خلال عدة أدوار أهمها: (المشاركة السياسية، والتنشئة السياسية، والتجنيد السياسي، وتجميع المصالح ، والشرعية السياسية).


1. المشاركة السياسية
المشاركة السياسية هي حق المواطن في أن يؤدي دور معين في عملية صنع القرارات السياسية وهذا في أوسع معانيها، أما في أضيقها أن يراقب تلك القرارات بالتقويم أو الضغط عقب صدورها، من جانب الحكام. وتمثل المشاركة السياسية إحدى الأدوار الهامة التي يقوم بها الحزب السياسي، حيث يقدم للمواطن أداة وطريقة لتنظيم نفسه مع الآخرين الذين يشاركونه الرأي او الفكرة او العقيدة السياسية، وتجميع أنفسهم لممارسة التأثير على السلطة الحاكمة سواء على المستوى المحلي أو المستوى القومي، ويصبح الحزب بذلك إحدى قنوات الاتصال بين الحاكم والمحكوم وإحدى القنوات التي تمكن المواطن من المشاركة والإسهام في الحياة العامة، ومن ثم يكون إطارا للحركة وأداة للمشاركة.
ويرى (هنتنجتون) أن تزايد المشاركة السياسية والتعبئة الاجتماعية يمكن أن تؤدي إلى تحلل النظام السياسي. وانعدام الاستقرار وانتشار الفساد، ما لم تتم موازنة واستيعاب عمليات التعبئة الاجتماعية، والمشاركة السياسية بمؤسسات فعالة وقوية، وتقع الأحزاب السياسية على رأس تلك المؤسسات. وتعتبر أكثر اهمية لتنظيم اتساع المشاركة السياسية
من هذا يمكن القول على الرغم من أن الأحزاب السياسية تمثل قنوات فعالة في عملية المشاركة السياسية، وإحدى ركائز مؤسسات المجتمع المدني فإن لها دوراً فاعلا ومؤثرا في عملية الإصلاح السياسي، من خلال طرح الرؤى وتفعيل الاتجاهات الصحيحة للوصول إلى الغاية الرئيسية من عملية الإصلاح لتقويم النواحي الدستورية والسياسية والاقتصادية، التي تسعى إليها.

2. التنشئة السياسية
هي تلك العملية التي يكتسب الفرد من خلالها معلوماته وحقائقه وقيمه ومثله السياسية ويكون بواسطتها مواقفه واتجاهاته الفكرية والأيدلوجية، التي تؤثر في سلوكه وممارساته اليومية وتحدد درجة تضحيته وفاعليته السياسية في المجتمع. وهناك منظمات عديدة تشارك في عملية التنشئة السياسية هذه وأهمها الأسرة والمدرسة والحزب السياسي والمهنة ووسائل الإعلام الجماهيرية والمجتمع المحلي .
حيث تعمل الأحزاب السياسية على تشجيع العمل الجماعي بالإضافة إلى أنها تقدم لأفرادها المعلومات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية بالطرق المبسطة التي توقظ في الفرد الوعي السياسي. وتؤدي التنشئة السياسية ومن خلال وسائلها المتعددة دورا في إنضاج الوعي السياسي وتهيئة الأرضية لوجود ثقافة سياسيه مشاركة فهي بمثابة تلقين واكتساب لثقافة سياسية معينة .
وتعتبر الأحزاب من أبرز المؤسسات التي تمارس تأثيرات متباينة على التنشئة السياسية تبعا للمرحلة العمرية للإنسان، حيث تقوم الأحزاب بتلقين وغرس مجموعة من القيم والمعايير السياسية والاتجاهات العامة بين المواطنين وبشكل تدريجي من خلال عملها الحزبي والشعبي، فالأحزاب السياسية تعمل على جذب المواطنين نحو الاهتمام بالمسائل العامة بدلا من الاهتمام بالنواحي الفردية، كما تساهم بتزويد المواطنين بالمعلومات السياسية والقدرة على تشكيل الثقافة السياسية القادرة على التعامل مع المشاكل العامة التي تواجه المجتمع وهي تعمل على غرس أنماط سلوكية معينة تتعلق بالعملية السياسية، ومنها تعلم ممارسة الديمقراطية بما فيها من انتخابات ومحاورات ونقاشات وتقبل الرأي الأخر

3. التجنيد السياسي
يقصد بالتجنيد عموما اختيار أفراد لشغل ادوار في نسق اجتماعي ما، ويعرف التجنيد السياسي بأنه عملية إسناد الأدوار السياسية لا فراد جدد. ويختلف دور الاحزاب في التجنيد بحسب نوعها، فأحزاب الأشخاص تقوم بتجنيد القيادات من أبناء الطبقات العليا وملاك الأراضي الزراعية وكبار التجار وأصحاب بعض المهن المحدودة، أما أحزاب الحركات الوطنية فتعتمد في تجنيدها على أبناء الطبقات الوسطى، في حين الأحزاب الطائفية تعتمد في تجنيدها على الأساليب التقليدية من حيث حشد الرموز وقد تستعين البعض منها بالمليشيات.
وما يهمنا هنا هو الأحزاب الداعية إلى الإصلاح السياسي والتي تعتمد في تجنيد نخبها على اللبراليين من أبناء الطبقتين العليا والوسطى، وامتداد شعبيتها إلى الطلاب والمدنيين والضباط والمثقفين والمواطنين المنتمين أساسا إلى الطبقة الوسطى، حيث تشمل القوى الداعية إلى أحزاب الجماهير والكوادر، أما الأحزاب الدينية الأصولية وان كانت لها شعبية نافذة في مختلف الطبقات فإنها تجند نخبها من الطبقات الوسطى، ولا تختلف أحزاب الحكومة عن الأحزاب الأخرى باعتمادها على أبناء الطبقات الوسطى سواء كانوا ضباطا أم من ذوي المهن بالإضافة على اعتمادها على الشخصية القوية. يتبين لنا من خلال ما ورد أعلاه بأن دور الأحزاب السياسية يكون فاعلا ومؤثرا في مجال الإصلاح عندما يكون اختيارها لمرشحيه لشغل القيادات العليا في الحزب والحكومة موفقا.

4. تجميع المصالح
ويقصد بها تحويل المطالب إلى بدائل سياسية عامة وقد عبر البعض عن هذه الوظيفة بتعبيرات أخرى مثل صياغة القضايا أو تنظيم الإرادة او صنع الرأي العام، ومن خلال هذا الدور تقوم الأحزاب السياسية بعقد المؤتمرات وتلقي الشكاوى والطلبات وبلورتها والموازنة بينها خاصة عندما تكون المصالح متضاربة ومتعارضة لتحديد أفضلها وتقديمها إلى المؤسسات الحكومية التي تتولى عملية تحويلها وإنتاجها بصفة قرارات وسياسات عامة.
فدور الأحزاب السياسية يكون فاعلا ومؤثرا عندما تكون الأوضاع مستقرة حيث تقوم بتحديد الطلبات الفردية وتطفي عليها الطابع الرسمي، أما في حال غياب التنظيم، فتكون، الحكومة عاجزة عن التعامل مع هذا الكم الهائل من الطلبات المختلفة، والتي تعبر عن تعارض مصالح الجماعات والإفراد في المجتمع، ما يصيبها بالارتباك وإصدار قرارات من الحكومة تكون متحيزة للبعض على حساب الأخر.
وتجميع المصالح بالنسبة للأحزاب قد يكون من خلال اختيار الحزب قضية أو مجموعة قضايا وحسب درجة أهميتها وإلحاحها بالنسبة للمجتمع، ثم تقوم بالتعبير عنها من خلال عرض وتقديم مجموعة من الأهداف السياسية المنظمة، او من خلال التعرف على المشكلات والاهتمامات الخاصة بالمجتمع وعرضها على الحكومة والبرلمان.
إن للأحزاب السياسية دور فاعل ومهم في الحد من تعسف الأنظمة السياسية والسعي نحو التحول الديمقراطي وتحقيق الإصلاح السياسي وفي مختلف الميادين الأخرى بالإضافة إلى أن الأحزاب السياسية تقوم بدور الرقيب السياسي على سياسات الدولة وعلاقتها بمواطنيها بالإضافة إلى قيامها بدور الوسيط الذي ينظم العلاقة بين الفرد والدولة وفق نسق معين يقدم متى تطلبت المصلحة الوطنية ذلك. فالأحزاب السياسية، تتحول بهذا الشكل إلى وسائل وطنية جماهيرية لتنشيط الفعاليات السياسية الحرة داخل المجتمع، وقنوات يتم من خلالها تحريك مطالب المواطنين وعرضها على الحكومة .

5. الشرعية السياسية
الشرعية السياسية هي قدرة السلطة السياسية على اكتساب الاعتراف بها والى النظر إليها بصفته المعبرة عن مصالح الأفراد، فهي تشمل مواقف الأفراد تجاه النظام السياسي، وقوانين ومؤسسات الحكومة، فيمكن أن يكون النظام السياسي على مستوى مرتفع من الشرعية حينما يرى المواطنون بأن الحكومة لها الحق أن تفعل ما تشاء، ويمكن ان تكون السلطة السياسية على مستوى منخفض من الشرعية حينما يرون أن الحكومة خاطئة فيما تعمل.
الأحزاب السياسية كانت دائما أداة هامة وناجحة بشكل عام في توطيد أركان السلطة الشرعية فهي أدوات لكسب التأييد الشعبي وهذا غالبا ما يدفع الحكومات السلطوية إلى تنظيم حزب سياسي. ولقد صاغ (أبتر) دور الأحزاب السياسية هنا في ثلاث جوانب هي:
أ‌- نشاط الأحزاب في تعظيم وترقية شرعية النظام السياسي من خلال حشد التأييد الجماهيري.
ب‌- نشاط الأحزاب في تقديم مظلة واسعة من العلاقات المتداخلة والتي تجمع بين القطاعات الاجتماعية المختلفة.
ت‌- ما تقوم به الأحزاب من الإلحاح من أجل تقديم أهداف معينة للحكم تصوغها في إطارها الأيدلوجي.
بالتالي يمكن القول ان التيارات السياسية بكل اشكالها تحدد قوة تأثيرها في عملية الاصلاح السياسي من خلال تفعيل أو عدم تفعيل أدوارها في كل من المشاركة السياسية، والتنشئة السياسية، والتجنيد السياسي، وتجميع المصالح ، والتأثير على الشرعية السياسية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ملف الهجرة وأمن الحدود .. بين اهتمام الناخبين وفشل السياسيين


.. قائد كتيبة في لواء -ناحل- يعلن انتهاء العملية في أطرف مخيم ا




.. وسائل إعلام إسرائيلية تناقش تداعيات الرد الإيراني والهجوم ال


.. إيران وروسيا والصين.. ما حجم التقارب؟ ولماذا يزعجون الغرب؟




.. مخلفا شهداء ومفقودين.. الاحتلال يدمر منزلا غربي النصيرات على