الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


افكار حوارية في الثورة والتحالفات السياسية

جاسم ألصفار
كاتب ومحلل سياسي

(Jassim Al-saffar)

2016 / 3 / 6
مواضيع وابحاث سياسية



كتبت على صفحتي في موقع التواصل الاجتماعي (ألفيسبوك) مقالة قصيرة نصها " من يغلب العقل على الحماسة الفارغة، عند قراءته لتاريخ الثورات، منذ الثورة الفرنسية مرورا بالثورة البلشفية في روسيا وصولا الى الثورات الملونة في اوربا وثورات الربيع العربي في شرقنا الاوسط، يتخلى عن فكرة الثورة كأسلوب للتغيير.
ومن يقرأ ماركس بعناية، يفهم ان التغيير صوب الرقي والتقدم لا يأتي الا عن طريق التحالفات مع القوى الطليعية والتنويرية في المجتمع لا مع قوى ملتبسة في موقفها من نظام الحكم في حاضره ومستقبله". وعقبت لائما أن "محنتنا اليوم مع يساريون لا يتعلمون من تجارب التاريخ ولا من التراث الفكري الطليعي للبشرية.... يتحمسون للهدم ولا يفقهون في البناء."
كانت تلك المقالة القصيرة جدا، عبارة عن رأي شخصي كتب على عجالة عن فكرة الثورة، بمعنى استخدام القوة للإطاحة بالدولة، مذكرا بتجارب شعوب العالم التي يجب ان تجعلنا حذرين في التعامل مع هذا الاسلوب الهدمي للتخلص من المنظومة السياسية والحقوقية التي تقوم عليها الدولة.
وان كانت القوى الاجتماعية والسياسية الطليعية هي التي لجأت الى هذا الاسلوب في التاريخ غير البعيد، دون ان تصل الى اهدافها في اهم تجربتين، كومونة باريس في فرنسا والثورة البلشفية في روسيا، فان أعتى النظم الرأسمالية العالمية تجبرا اليوم هي التي اصبحت تدير لعبة الثورات وتتحكم في مسارها، عن بعد وعن قرب.
وما ثورات الكونغو وغينيا في افريقيا او الانقلاب العسكري الذي قاده بينوشيت في جيلي او ثوار الكونترا في نيكاراغوا في امريكا اللاتينية والقاعدة في افغانستان والثوار الوهابيون في الشيشان والثورات الملونة في دول الاتحاد السوفيتي السابق، اضافة الى التمرد المسلح في كوسوفو اليوغسلافية والثوار من اجل "اسلام وهابي" في سوريا، ليسوا سوى اسلحة للهدم وتغيير الخارطة الجيوسياسية للعالم بتدبير وتخطيط وصناعة امريكية خالصة.
التجارب المغامرة الفاشلة التي تعتمد حماسة جمهور شبه امي، لبناء مجتمعات العدالة الاجتماعية وتخليص الشعوب من انظمة الفساد لم تعد تجدي، لا بل انها اصبحت عائق كبير امام اي خيار جاد للتغيير وسبب رئيس من اسباب حالة الاحباط واليأس التي يعاني منها الشعب العراقي. وليس من بديل عن العمل البناء المتواصل والصبور من اجل ترسيخ افكار التغيير في العقول وزراعة الامل في النفوس حتى وان تطلب ذلك مسيرة طويلة امتدادها اجيال عديدة.
انتقد المفكر العظيم كارل ماركس في النصف الثاني من القرن التاسع عشر كومونة باريس بشدة عند نشوئها كما انتقد بقوة طريقة ادارة الكومونيون للثورة والدولة، ولكنه عندما حوصرت باريس من قبل القوات النظامية وخير ثوار الكومونة بين الموت والاستسلام، كتب ماركس رسائل نارية موجهة الى الكومونيين المحاصرين يطالبهم فيها بالمقاومة لان الاستسلام في هذه الحالة، بحسب ماركس، سيؤخر الثورة الاشتراكية في فرنسا وكل اوربا لعشرات السنين. وقد كان انهيار الكومونة درسا قاسيا للاشتراكيين الاوائل، جعلهم حذرين وحتى قاسين في نقدهم للاشتراكيين الديمقراطيين الروس المتحمسين للثورة الاشتراكية في اكثر البلدان تخلفا في اوربا، متجاوزين للظروف الموضوعية لنضج عوامل التغيير الاشتراكي.
كان هذا هو المحور الاول في مقالتي اعلاه، أما المحور الثاني والذي لاقى عدم تفهم من قبل اصدقاء ينتمون للتيار الصدري واخرين من التيار المدني، فكان بخصوص التحالفات التي بشر لها قادة مدنيون انطلاقا من تلاقي المصالح في تنظيم وتعظيم شأن التظاهرات الاحتجاجية، مع فريق من السلطة القائمة على نظام المحاصصة الاثنية والطائفية والحزبية ضد فريق اخر من نفس النظام.
يجب الاشارة، بدايةَ، الى ان الواجب الوطني يفرض على كل الوطنيين العراقيين تأييد الحشد الشعبي بكل فصائله، في معارك التحرير التي يخوضها الحشد من اجل تنظيف اراضي العراق من ادران عصابة دموية وهمجية، أطلقت على نفسها اسم (الدولة الاسلامية). وسرايا السلام التي تنتمي للتيار الصدري هي فصيل اساسي من فصائل الحشد الشعبي، يستحق الاشادة بدوره في خوض وانجاز معارك التحرير. الا ان هذا لا يفسر او يبرر تطير البعض من قيادة التيار المدني، في شقه اليساري، برفع درجة التأييد وتوسيعه بحيث يشمل مهام بناء الدولة والتغيير السياسي في العراق.
فالتيار الصدري لا يملك حتى الساعة برنامج اصلاح واضح المعالم للسلطة، ولم يتخذ موقفا حاسما من المفسدين المعروفين من كوادره ووزرائه. وهو لم يضع اي مضامين تعبر عن رؤيا متكاملة لشعارات اطلقها مؤخرا كالدولة المدنية وحكومة التكنوقراط ولم يتطرق هذا التيار الى موقفه من بنود الدستور التي تكرس نظام المحاصصة الاثنية والطائفية والحزبية. فما هي اذا الارضية التي يقوم عليها التحالف المدني اليساري مع الاخوة في التيار الصدري؟
وقبل ان يأتي الجواب، لابد من التنبيه الى ان التنسيق في ادارة التظاهرات مع الاخوة في التيار الصدري، أمر لا غبار عليه عند مشاركة التيار الصدري في تظاهرات ينظمها التيار المدني دون ان يأخذ ذلك مديات اوسع واعلى لحين ظهور مؤشرات لتجذر الموقف من نظام المحاصصة من قبل الاخوة في التيار الصدري وتبني هذا التيار لمبدأ نظام الحكم القائم على المواطنة دون تمييز في الدين او القومية او الطائفة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عقوبات أميركية جديدة على إيران تستهدف قطاع الطائرات المسيرة


.. ماكرون يدعو لبناء قدرات دفاعية أوروبية في المجالين العسكري و




.. البيت الأبيض: نرعب في رؤية تحقيق بشأن المقابر الجماعية في قط


.. متظاهرون يقتحمون معهد التكنلوجيا في نيويورك تضامنا مع جامعة




.. إصابة 11 جنديا إسرائيليا في معارك قطاع غزة خلال الـ24 ساعة ا