الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ذهانية الصورة في رسم كينونة المرأة

عدوية السوالمة

2016 / 3 / 7
ملف 8 آذار / مارس يوم المرأة العالمي 2016 - المرأة والتطرف الديني في العالم العربي


ذهانية الصورة في رسم كينونة المرأة
عدوية السوالمة
المفككون لصورة المرأة عبر التاريخ يمكنهم أن يحزروا مدى عدم اتزان فكرة تأثيم المرأة في أي فكر أو ممارسة , كانت قد طبقت حتى قبل ظهور الاديان وما كان الدين الا عاملا نشطا لمنح فكرة الاستعباد بعدا قدسيا لايجوز نقاشه .
لقد تطور الاستعباد مع تطور المجتمعات البشرية بتأثير طبيعة العمل المرتبط بداية بالاداء العضلي والقوة الجسدية التي يفتقرها الهيكل الانثوي . من الصيد الى الزراعة الى المصنع , بأدوات استجابت بنية الرجل لمتطلباتها في حين خضعت النساء لمتطلبات الحمل والرعاية وما يتطلبه ذلك من ملازمة الاسرة وعدم الابتعاد .طبعا الأمر لاينفي وجود تطور مجتمعي مخالف لدى بعض التجمعات البشرية التي اعتلت فيها المرأة السلم الاجتماعي على غرار قبائل الماركيز .الا أن الطرح اختلف لدى البقية البشرية الاكثر سوادا. فقد طرح تقسيم الادوار نفسه غالبا وبداية بفعل منطق تسهيل الحياة لكلا الطرفين . الا أن الرغبة الملحة في الاستحواذ لم تنكر نفسها لدى الرجل بفعل المنعكس العدواني الخلقي معبرا عن ذلك بالتهميش والعنف الممارس لضمان الولاء بدون اية حقوق . وهكذا أعلن الرجل نفسه سيدا في مجتمعات اعتمدت في انتاجها على القوة العضلية وعلى كثرة العدد المرتبط بعدد الولادات وبصغر عمر الآلة المنتجة (المرأة ) وبتعددها ايضا.
يمكننا أن نفهم موضوع تقسيم الادوار في ضوء الاختلافات الفيزيولوجية وفي ضوء طبيعة العمل المقررة بالقدرات الجسدية . الا أن فكرة التأثيم لم يبتكرها الرجل الا لضمان سيطرة أبدية يضمن بها نزع اي فكرة ثورية قد تطيح بمكتسباته وتطورت لتصبح فكر ذهاني متعدد الاشكال يرفض الاقرار بذهانيته ويطالب بحمايته الدينية والعرفية حتى اصبحت الفكرة رغم اتصافها بالمرضية وبأرفع المستويات قارة في ذهن المرأة أيضا وتسير بوحيها .
ان كانت مبررات الصورة المرضية مرتبطة بنوعية العمل فما مبرراتها في الوقت الحاضر ؟.
رغم الصورة المتحررة وتسجيل نجاحات وكسب حقوق خاصة للمرأة الغربية الا أن الآلة الاعلامية مازالت تطحن بشراسة صورة المرأة وتؤطرها في صورة كائن الجنس المخصص لاشباع رغبات الرجال .
حقيقة هناك دفع حثيث لتحقيق نصر أكيد في توجيه النساء نحو الاستماتة لتحصيل أعلى الدرجات على سلم الاثارة , وهو ما استثمره أطباء التجميل للترويج لبضاعة زائفة تتشابه في مقتنياتها النساء. هناك اصرار ذكوري على رسم صورة يجب ان تتماهى بها النساء ليحافظ على احساسها بالدونية من خلال تبني نموذج مثير يؤمن نجوميته ويحقق له نجاحات ساحقة تسير على خطاه الراغبات بالحلم دون عناء .أو نموذج يذكر بدورها المحتوم في التنظيف والمطبخ من خلال تخصصها باعلانات مواد التنظيف والشراء والطبخ .أو تمجيد صورة المرأة الخارقة المحققة لنجاحات عملية /منزلية في آن معا . وهو أمر نادر الحدوث بطبيعة الحال ويلقي بثقله على كاهل المرأة للقيام بازدواجية الدور وهو أمر مضني بكل الاحوال.
اللهاث وراء الصورة الاعلامية النموذج وضع المرأة امام تحديات جديدة يمكنها أن تطيح بمجهودات التطمين للخروج عن الصورة النمطية وهو ما يعني تهميش فكرة التحرر والالتفاف على الوعي الفكري الذي يناقش مشروعية الاستعباد .
الصورة الاعلامية للمرأة في وقتنا الراهن ما هي الا حرب معلنة على النساء لانتزاع فكرة التمرد التي خلقها تقسيم العمل ذاته .
عمليا , مع تطور ادوات العمل زالت الحاجة الى الجهد العضلي , وبرزت الحاجة الى الجهد الذهني وهو ما يجعلنا في حالة مراجعة لجدول الحقوق والواجبات .في هذا الاطار حتى موضوع المساواة يصبح مجحف بحق النساء نظرا ايضا لتقسيم الادوار بحسب موضوع العمل , ليبدأ التساؤل هل المساواة عادلة حين تكون : طبيعة العمل ذاتها لكلا الطرفين – نفس الالتزامات المالية. .اضافة الى : الاعتناء بالمنزل –بالاولاد –بالعائلة .
من المؤكد ان استشعار خطر فقد المكانة هذه المرة سيكون من نصيب الرجل الذي بدأ يراجع مدى صحة فكرته الذهانية حول المرأة .
فبفعل التطور الفكري والانساني المتسارع وجدت الانسانية نفسها امام تعارض شديد في طروحاتها. من جهة, فهي بحاجة لطاقاتها البشرية كاملة والتي تشكل فئة النساء فيها أكثر من النصف ومن جهة أخرى هناك مواجهة الحرص الازلي على عدم امتلاك هذا الاكثر من النصف الكفاءة اللازمة للقيام بما هو مطلوب منه .
الصراع أفرز اتجاهين الاول يعرب عن رغبة حقيقية في التمكين والثاني رغبة في التمكين مع احكام السيطرة وربط المتمكنات به .بكل الاحوال مع هذه التغيرات السريعة النصر سيكون لصالح ظرف التطور البشري الحاصل الذي سيعلن حاجته الحقيقية للتحرر الفكري لكل من يسهم في الحفاظ على تقدمه وهي الفرصة الحقيقية للنساء لاثبات قدرة . وعدم الانجرار وراء الفريق الثاني الذي يرفض التسليم بحقه بتنصيب نفسه ذكرا مهيمنا في القطيع بشتى الوسائل والايديولوجيات المؤيدة لفكره الاستحواذي المبطن بالعنف الدمس .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سرّ الأحذية البرونزية على قناة مالمو المائية | #مراسلو_سكاي


.. أزمة أوكرانيا.. صاروخ أتاكمس | #التاسعة




.. مراسل الجزيرة يرصد التطورات الميدانية في قطاع غزة


.. الجيش الإسرائيلي يكثف هجماته على مخيمات وسط غزة ويستهدف مبنى




.. اعتداء عنيف من الشرطة الأمريكية على طالب متضامن مع غزة بجامع