الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الديمقراطية وتطور المجتمع

فلاح أمين الرهيمي

2016 / 3 / 7
مواضيع وابحاث سياسية


الديمقراطية وتطور المجتمع
لا تقتصر المكونات الأساسية للديمقراطية على حرية الرأي والتعبير عنه وحرية الضمير والانتماء والتنظيم السياسي والثقافي والاجتماعي وإنما تعني أيضاً التنمية البشرية التي تستند على الحاجة إلى تأكيد دور المعرفة وممارسة الحريات وتفعيل دور المرأة في المجتمع من أجل إثبات تفعيل أن الديمقراطية هي حرية جميع المواطنين الذين يسكنون الوطن الذي يخضع لحكم وسلطة الدولة في اكتساب وممارسة المعرفة والحقوق والحرية ونشرها وتوظيفها بفعالية. أن هذه المستلزمات هي التي تمكن الشعوب من تغيير نفسها نحو التطور والتقدم والمستقبل الأفضل. وحرمان الشعب من هذه المستلزمات تعتبر من أهم العوائق للتنمية البشرية والاقتصادية الذي يتمثل في الأنظمة الاقتصادية الاستهلاكية التي تقوم على استنفاذ المواد الطبيعية بدلاً من أن تعتني بالجانب الإبداعي والإنتاجي للإنسان ومثال ذلك العراق الذي خمدت فيه العوامل الإنتاجية المبدعة وبرزت البورجوازية الطفيلية الصفوة في المجتمع التي شجعت الاستهلاك للشعب باعتبارها الطبقة الوكيلة والواسطة بين ما تنتجه المصانع في الدول الأجنبية والسوق المحلية وبذلك أصبح الاعتماد على الشراء والاستيراد بدلاً من قيام المشاريع الإنتاجية والاعتماد على التكنولوجيا مما جعل العراق أن يصبح دولة ريعية يعتمد فقط على عائدات النفط لتسديد مشتريات ما يستهلكه الشعب العراقي من سلع ومواد غذائية، ومن أجل تغيير ذلك الواقع يتطلب تعزيز وترسيخ الديمقراطية وإبراز شخصية الرجل المناسب في المكان المناسب في السلطة وتطبيق مبدأ التنمية البشرية بعكس النمط السائد حالياً حيث تتمركز القيم والسلطة في التملك المادي والسعي وراء الوصول والتمتع بحظوة مصدري النفوذ التقليديين وهما المال والسلطة. إن تجاهل الواقع المؤلم في نقاط الضعف والعيوب التي يعاني منها الشعب بدلاً من تشخيصهما وتحديدهما والتغلب عليهما بحسم وإرادة وتصميم وفي حالة إهمالهما من شأنه أن يؤدي في النهاية إلى التعرض والوقوع في أخطار كارثية مدمرة.
كما أن الديمقراطية الصحيحة وترسيخها تعني تنظيم المؤسسات والمقاييس الرئيسية الضرورية لتأكيد الحقوق الإنسانية لأن الديمقراطية مقولة أكثر شمولية من الحرية بالمعنى السياسي، لأن الميدان السياسي محدد للنشاط الإنساني يمكن توسيعه أو تضييقه لأنه شكل للدولة التي تقرر حسب مصلحتها توزيع السلطة فيها ولكن الديمقراطية الصحيحة يجب أن تكون حصراً للشعب وليس فرضها صورياً بالقوة والمصلحة الأنانية وقد حدد المفكر (اتوباور) العوامل الاجتماعية 1) عدد أعضاء مجلس النواب 2) مستوى التنظيم 3) الموقع في الإنتاج والتوزيع 4) النشاط الاجتماعي 5) التربية والتعليم. ويعتبر أهم أسباب مقومات الديمقراطية الصحيحة انبعاث المجتمع المدني الذي هو الفصل بين الدولة والمجتمع وكذلك دمقرطة أجهزة الدولة وسلطاتها كي تضمن عدم تحول التعددية الضرورية للديمقراطية إلى تفكيك مكونات المجتمع وإنما يجب على الديمقراطية أن تصبح أداة لتمتين العلاقات الاجتماعية ومن أجل أن لا يكون مكان للدكتاتورية والتسلط وفوضى واقعية اللادولة ومتاهاتها، كل ذلك تشترطه دمقرطة هياكل الدولة وبنيان المجتمع المدني في آن واحد ويجب أن يكون ذلك ضمن ميثاق عهد وطني يقر بالديمقراطية ويدافع عن الحريات الديمقراطية ويقاوم غياب المؤسسات الدستورية والتمذهب الطائفي والاثني للدولة ويشترط مشاركة الفرد الإيجابية في حياة الجماعة السياسية، كما يشترط ذلك اعتماد مبدأ الحوار والمصالحة والتطور السليم لنبذ الخلافات وحلها بالتفاهم والمصداقية، كما يعتبر عماد الديمقراطية ومصداقية السلطات أسلوب الانتخابات وطريقتها وانفتاحها الذي يؤدي إلى ترسيخ الاستقرار السياسي والاجتماعي، فالأسلوب والتحول الديمقراطي ليس سوق منافسة سياسية وأمراً بعيد المنال عن الحياة للإنسان، لأن الديمقراطية وممارستها تعتبر عملية نقدية الطابع متواصلة وقائمة مع الإنسان ووجوده في مجتمع متآخي إنساني من خلال الحوار واحترام الرأي الآخر وإن التاريخ بمضمونه وخلاصته يصنع ويتكون من الأعمال اليومية المتواضعة التي تقوم على الاحترام والتفاهم والعلاقة الإنسانية المتبادلة، إن أهم أساس في بنيان المجتمع المدني هو احترام القانون والسلطة القضائية أي الدولة وإدارتها وسلطة القانون، ولذلك فإن المعايير القانونية تعتبر صمام الأمان في المجتمع للحرية والتعددية السياسية والفكرية والحزبية والتداول السلمي للسلطة عبر صناديق الاقتراع وآليات النظام السياسي الشرعية ولضمان الدستور. ولا يكفي الإقرار بالديمقراطية في المواثيق والبرامج والتحالفات السياسية والصحافة وحريتها وإنما يجب تجسيد ذلك من خلال الممارسة اليومية وعلاقات القوى السياسية بعضها ببعض وتطور مختلف أشكال العمل المشترك الذي يلتقي فيه منتسبوا هذه المنظمات والأحزاب السياسية، ومن الأسس الأخرى الحل الديمقراطي للقضايا والمشاكل المعقدة القومية والاثنية وتحديث الوعي الاجتماعي بالوعي العقلي العلمي الذي يقوم على الحق والعدالة الإنسانية واحترام الرأي الآخر القادرة على مجابهة التحديات والمطبات التي تعرقل وتخلق الحساسية والخوف وتنعكس على الوطن والشعب ومسيرتهما نحو الاستقرار والاطمئنان والمستقبل الأفضل وتقدمه وتطوره، ومضاعفة الوسائل العصرية التي تسهم في تحريك القناعات والقيم والمثل والمشاعر الإنسانية لدى كافة أبناء الشعب نحو التطور الديمقراطي والربط السليم الناجح بين الديمقراطية السياسية والتنمية الاجتماعية والاقتصادية.

فلاح أمين الرهيمي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -عفوا أوروبا-.. سيارة الأحلام أصبحت صينية!! • فرانس 24


.. فيديو صادم التقط في شوارع نيويورك.. شاهد تعرض نساء للكم والص




.. رمى المقص من يده وركض خارجًا.. حلاق ينقذ طفلة صغيرة من الدهس


.. انقلاب سيارة وزير الأمن القومي إيتمار #بن_غفير في حادث مروري




.. مولدوفا: عين بوتين علينا بعد أوكرانيا. فهل تفتح روسيا جبهة أ