الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لماذا حكومة تكنوقراط مستقلة ؟

فلاح أمين الرهيمي

2016 / 3 / 20
مواضيع وابحاث سياسية


لماذا حكومة تكنوقراط مستقلة ؟
إن تفسير وتحليل أي شيء في الوجود لا يكون مجدياً إلا إذا تعاملنا معه من خلال الواقع الموضوعي ومع ما يحيط به من أسباب وظروف أدت إلى ظهوره وديمومته واستمراريته، فأصبح نتيجة ذلك بسبب سلبياته التي تراكمت ولم تعالج إلى مرض مزمن حسب القاعدة (إن التأخر في إنجاز الإيجابيات تؤدي إلى إفراز السلبيات). والظاهرة العراقية التي تجتاز الآن مرحلة تشكل منعطف في تاريخ العراق الحديث ووجوده كدولة كان لها دور وعمق في التاريخ.
هنالك قواعد عامة تفرض نفسها على الواقع العراقي يجب عدم إهمالها وتجاوزها وهذه القاعدة (ليس هنالك من حيث الزمان والمكان والفردانية الشخصية والإنسانية علاقات تجمع بين المكونات الإنسانية للمجتمع العراقي، وإنما تقوم هذه العلاقات على مصالح وضوابط هي التي تحكم الروابط في العلاقة الإنسانية بين طوائف ومذاهب الشعب العراقي وتعزز وحدتها من أجل إنجاز عمل مشترك والوصول إلى هدف يخدم جميع أبناء الشعب والوطن) ولذلك يجب أن تحترم جميع الآراء والاجتهادات وأنواعها وأن لا تكون قطعيه ولا مطلقة تصب في مصلحة طائفة واحدة أو مذهب واحد وإنما تنصهر في بودقة واحدة التي تمثل الشعب العراقي من شرقه إلى غربه ومن شماله إلى جنوبه الذي يشبه الفسيفساء المتعددة الألوان والأشكال، كما يجب الاستفادة من الماضي ودروسه من خلال التعمق واستنهاض قيمه النبيلة عبر البحث والاستقصاء واستنباط الدروس والعبر من التجربة حسب القاعدة (أتعض بالماضي لتكون أكثر خبرة بالمستقبل). لأن التجربة حينما يجري تقييمها بشكل سليم ودقيق وواقعي يجب دراستها من جميع جوانبها، أي من خلال ظروف مرحلتها التاريخية ومن حيث الظروف المحلية والإقليمية والعالمية بعين ثاقبة وذهن متفتح بما يخدم ويصب في مصلحة الوطن والشعب العراقي اللذين هما أكبر من القومية وأوسع من الطائفة، كعملية متناقضة ومستمرة ومتواصلة بماضيها وحاضرها ومستقبلها من أجل الاستفادة من الدروس الثرية بشكل صحيح والتعلم من جميع دروس الإخفاقات والصعوبات، مثلما التعلم والاستفادة من النجاحات والانتصارات من أجل الوصول إلى نتيجة تدفعنا نحو التقدم والتطور إلى أمام. وحينما نستلهم من التجربة بما هو سليم وصحيح فإن ذلك يتحول إلى فكرة مرشدة للعمل الناجح.
إن أي إنسان يؤمن بتربة وطنه وإنسانيته التي هي انعكاس للإنسانية التي يرتبط بها مع أبناء شعبه في العيش الحر الكريم والأمان والاطمئنان والاستقرار (حب لأخيك كما تحب لنفسك). أن يستنتج الحقائق الموضوعية من الواقع الذي نعيشه الآن المهدد بالضياع والانكسار والتشرذم وإن وسائل الإعلام المرئية والمسموعة تنقل لنا معاناة ومآسي الشعب الليبي والسوري واليمني ويكفي يقظة الضمير ما نشاهده ونسمعه ما ابتلعه البحر الأبيض المتوسط حوالي أربعمائة ألف إنسان بين شيخ كبير وطفل صغير.
إن الحراك الجماهيري الواسع الذي تطور تكتيكه النضالي من مظاهرات سلمية إلى اعتصامات وغداً إذا لم تستجب الحكومة الموقرة إلى مطاليبهم المشروعة بمحاسبة المفسدين وإعادة الأموال المنهوبة ومحاسبة من نهبها وتشكيل حكومة تكنوقراط مستقلة غير مرتبطة بأي حزب أو كتلة من أجل إنقاذ الوطن المذبوح والشعب المستباح الذي يتحملون الآن أخطاء وجرائم الآخرين من خلال تخفيض رواتبهم مما أدى إلى انكماش نشاط السوق والاقتصاد العراقي الذي يعتمد على عائدات النفط (دولة ريعية) والذي أدى انخفاض أسعار النفط إلى ضعف الطاقة الشرائية لدى المواطن العراقي الذي يستلم راتب شهري (أربعمائة ألف دينار أو أقل) وهنالك مثل يقول (قطع الأعناق ولا قطع الأرزاق). كما أن الجائع والمحروم الذي يذهب إلى بيته ويجد أطفاله يتضورون جوعاً وبطونهم خاوية لا يبالي بالسجن أو الموت ولذلك إن الحراك الجماهيري سوف يتطور إلى اضطرابات أو احتجاجات أكثر عنفاً إذا لم تستجب الدولة إلى مطاليبهم لأن جماهير الشعب هم الذين تحملوا أوزار الفساد الإداري حينما لجأت الدولة إلى زيادة الضرائب والرسوم وغيرها بدلاً من دعمها أو إعفائها وخير دليل على ذلك أجور ورسوم المستشفيات والمدارس والكهرباء والماء وغيرها من أجل تسديد العجز في ميزانية الدولة بينما من سرق أموال الشعب يعيشون في بحبوحة السعادة والنعيم والأمان في لندن وباريس ودول أخرى.
جواباً على سؤال الموضوع (لماذا حكومة تكنوقراط مستقلة) لأن الوزير أو رئيس الوزراء المستقل إذا سرق أو أهمل أو احتال لم يجد في السلطة التشريعية أو القضائية من يحميه أو يقف إلى جانبه بعكس رئيس الوزراء أو الوزير من الكتل فإنهم يأتون من الأكثرية البرلمانية التي هي السلطة التشريعية فإذا سرق أو احتال أو تماهل فإنه يشعر بالأمان لأنه ينتمي إلى كتلة في البرلمان تحميه وتدافع عنه حسب القاعدة (أنصر أخاك ظالماً أو مظلوماً). ولذلك على الكتل السياسية أن تبتعد عن فرض وزراء تكنوقراط من كتلهم لأنهم جميعاً أصبحوا في نظر الشعب موضع شك وعدم ثقة حسب قاعدة (شبيه الشيء منجذب إليه) (ومن أمن العقاب أساء الأدب). ولذلك إن العراق يسير من سيء إلى أسوأ إذا لم تعالج مشاكله بالعقل والإنصاف والعدالة الاجتماعية حسب قاعدة (الخطأ لا يحل بالخطأ) وإن التاريخ سوف ينطق حكمه الذي لا يرحم فيذم هذا ويمدح ذاك.
فلاح أمين الرهيمي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجبهة اللبنانية تشتعل.. إسرائيل تقصف جنوب لبنان وحزب الله ي


.. بعد عداء وتنافس.. تعاون مقلق بين الحوثيين والقاعدة في اليمن




.. عائلات المحتجزين: على نتنياهو إنهاء الحرب إذا كان هذا هو الط


.. بوتين يتعهد بمواصلة العمل على عالم متعدد الأقطاب.. فما واقعي




.. ترامب قد يواجه عقوبة السجن بسبب انتهاكات قضائية | #أميركا_ال