الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في الوسط الأدبي العراقي عن الصراحة والرأي الآخر -1-

سلام إبراهيم
روائي

(Salam Ibrahim)

2016 / 3 / 31
الادب والفن


في الوسط الأدبي العراقي

عن الصراحة والرأي الآخر -1-

في زيارة من زياراتي السنوية إلى بقعتي الدامية، وأظن في عام 2009 حاملاً روايتي الثانية "الإرسي" الصادرة لتوها في القاهرة. اختلطت بالوسط الأدبي ممن لم يغادر. كنتُ أتابع طوال سنين المنفى ، لا بل حتى وسط الثوار في ثمانينات القرن الماضي كل ما يصدر من كتب روايات وقصص، وكل ما ينشر في صحافة الدكتاتور، إذ كان أصدقائي في التنظيم المدني للحزب الشيوعي العراقي يبعثون بانتظام كلما سنحت الفرصة الصفحات الأدبية لصحف، الثورة، والجمهورية، والتآخي، والقادسية وغيرها، مرتبة حسب تاريخ الصدور. وعملت أكثر من محاضرة عن أدب السلطة والحرب للثوار في القواعد.
في زيارتي الأولى سجلت شهادتي الأدبية وموقفي ونشرت في الصباح وبالأسماء على حلقتين يومي 14- 15 شباط 2004.
طبعا الشهادة صارت حاجزا بيني وبين كتاب السلطة الذين تسيدوا الصحافة التي صدرت بالعشرات عقب الاحتلال وبدعم منه، ورجعوا ليسيطروا على دار الشؤون الثقافية ووزارة الثقافة.
وهؤلاء ليس موضع الكلام هنا.
لكن هنالك كتاب ظهروا ونشطوا في سنوات الحصار، لم يكتبوا للحرب، وأصدروا العديد من الروايات والمجاميع القصصية، ونشطوا في اتحاد الأدباء، والمحافل الأدبية. وعن هذه الشريحة أتحدث.
في الزيارة التي ذكرتها وعقب ندوة أقيمت لي في اتحاد الأدباء عن "الإرسي"، زادت من احتكاكي بالأدباء المذكورين. وكنتُ سعيدا بهم حقاً.
في ظهيرة التقيتُ بروائي في بارٍ –زاخو- القريب من الباب الشرقي، استقبلني بالأحضان وطلب مني الانفراد في طاولة منزوية عن الأصدقاء لنتحدث بتفاصيل، وفعلاً أصبحنا لوحدنا، فأبدى إعجابه بما أكتب وأخبرني أنه من المتابعين لما أنشره في الصحافة العربية من قصص ومقالات نقدية كانت تصلهم سراً وقت الحصار، وخصوصاً صحيفة "القدس العربي" التي كنت أنشر في صفحاتها الأدبية غالبا وبشكلٍ منتظم طوال تسعينات القرن الماضي. أسهب في الحديث عن روايتي، ومجامعي القصصية التي حصل عليها من صديقي الشاعر علي الشباني. كنتُ أنصت طوال الوقت لكلامه المتدفق بلباقة حسدته عليها، فقد بدا وكأنه لا يفكر قبل قول جملته مضبوطة الصوغ. حكي لي عن أيام الاحتلال الأولى ومحاولتهم تشكيل حزب سياسي يساري وإصدار جريدة والمتاعب التي عانوها، وهنا كانت التفاصيل مملة، والشخصيات التي ذكرها أعرفها عن قرب، غير جديرة بهذه المهمة. وما أن أفرغ ما بذهنه حتى التفت نحوي ليسألني:
- هل قرأت رواياتي؟!
رفعت كأسي بصحته، وتأملته طويلاً، وجه وسيم أبيض، بعينيه الواسعتين وذقنه المحلوق جيدا وبدلته الرسمية الأنيقة. كان يركز على وجهي مستندا بكفيه إلى الطاولة ومائلاً نحوي، وكنت حائراً فأنا لا أعرفه، مزاجه، تقبله لرأي الآخر، لكن حسمت أمري وكشأني في حياتي وقصصي ومقالاتي قلت له:
- أطلعت على بعضها ولدي ملاحظة!.
وركزتُ في عينيه المتلهفتين وهو يقول:
- يسعدني ذلك!. رأيك مهم!.
- أقرأ لكتاب عالميين، من دستيوفيسكي حتى ماركيز أفهم ما يكتبون، لكن لم أفهم رواية واحدة من رواياتك!.
سألني بصوت تلبدَّ:
- شنو اللي ما تفهمه؟!
- غرض سردك، تفاصيل مبهمة، شخصيات متداخلة، يستطيع القارئ قراءة أي مقطع والعودة لما قبله فلا يحس بالفرق!.
لم ينظر نحوي، نهض من مكانه ونادى على النادل. دفع حسابه، ودون أن يقول شيئاً استدار خارجاً من البار. ومن يومها قطع علاقته بيّ تماما.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الادب الروائي.....1
عامر سليم ( 2016 / 3 / 31 - 09:22 )

الروايه من اعقد واصعب فنون الادب ‘ هي ليست سرد لاحداث وشخصيات وتحليلات نفسيه بل خلق لحياة حقيقيه تتحرك بمعزل عن سلطة الكاتب ورأيه.

الكاتب خالق هذه الحياة ولكن اشخاص الروايه يخلقون مصائرهم ويعيشون حياتهم بلا قدريّة الكاتب المرسومه مسبقا ‘ والكاتب لايمثل اي شخصيه من شخصيات الروايه او ينحاز اليها أو تمثله لتكون لسان حاله في سرد المواعظ والحكم .

الروائي العظيم يمسك بخيوط شخصياته ولكن هذه الخيوط طويله بالكفايه التي تعطي كامل الحريه والحركه لابطاله حتى يخرج القارئ برؤيه نقديه وغير منحازه ايضا .

دوستويفسكي مثال رائع للروائي العظيم ففي روايته الاخوه كرامازوف تجده في ايفان وديمتري واليوشا وسمردياكوف وفي الاب العربيد وفي الراهب ميشكين وفي كل الشخصيات لقد خلقهم ولكن ليس من العدم وعليه لم يكن حاكما عليهم ولم تأخذه عاطفة التفضيل والاختيار.

ماركيز الكولومبي هو الاخر مثال اكثر وضوحا للروائي العظيم وبين هذين العملاقين اكثر من قرن من الزمان وفي هذا القرن ولد عشرات الروائيين المبدعين .
يتبع


2 - الادب الروائي.....2
عامر سليم ( 2016 / 3 / 31 - 09:25 )

ومن يقرأ لهؤلاء فانه يتشبع بالفن الروائي العميق ولايمكنه ان يتقبل بسهوله ادب روائي دون هذا المستوى كمن يخرج من قاعه كبيره مزدانه باللوحات التشكيليه العظيمه فان اول ما يتفاجئ به في الشارع هو رسوم الكرافيتي التي تلطخ الجدران والابواب ‘ الوان صارخه وكتابات مبهمه وشخبطات عجيبه قد تجد فيها جماليات كثيره هنا وهناك ولكنها بالنهايه كرافيتي على جدران وابواب وهذا بالضبط حال الاف الروائيين انهم روائيي الكرافيتي!

اخر الافلام

.. أقرب أصدقاء صلاح السعدني.. شجرة خوخ تطرح على قبر الفنان أبو


.. حورية فرغلي: اخترت تقديم -رابونزل بالمصري- عشان ما تعملتش قب




.. بل: برامج تعليم اللغة الإنكليزية موجودة بدول شمال أفريقيا


.. أغنية خاصة من ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محمد علي وبناتها لـ




.. اللعبة قلبت بسلطنة بين الأم وبناتها.. شوية طَرَب???? مع ثلاث