الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فن تكوين الأعداء

أمينة النقاش

2016 / 4 / 16
مواضيع وابحاث سياسية


ضد التيار: فن تكوين الأعداء

كنا في شبابنا، نتداول فيما بيننا، كتابا كان شائعا بشكل كبير يحمل عنوان، “كيف تكسب الأصدقاء وتؤثر في الناس” الذي نشره مؤلفه الأمريكي “ديل كارنيجي” عام 1936. ولأن الكتاب ينطوي علي دروس ونصائح لطيفة في العلاقات الإنسانية، تستند إلي دراسات وأبحاث علم النفس، ولأن البشر يقضون وقتا طويلا من أعمارهم في البحث عن طرق آمنة للتواصل الإنساني مع الآخرين، فقد وزع الكتاب أكثر من 16 مليون نسخة، بعد أن تمت ترجمته إلي نحو 57 لغة بينها العربية. ومما أتذكره من نصائح في هذا الكتاب التربوي والتعليمي، قول المؤلف إن علي الإنسان أن يجعل الناس تفعل ما يريد، بإثارة رغباتهم فيه، وليس دفعهم إليه بالقوة، وأن يجعل الطرف الآخر يشعر أنه مهم. أما سبب تذكر تلك النصائح، فهي الطريقة المثيرة للدهشة والتساؤل وخيبة الأمل التي اعلنت بها الحكومة أن جزيرتي “صنافير” و”تيران” سعوديتان، فألقت بكرة من نار في صدور المصريين، وأدارت ظهرها لهم وولت مستريحة، أو هاربة.

لكن المصريين أعادوا إليها كرة اللهب، بسجال حاد اندلع في كل مكان علي الشاشات، وفي الطرقات، وحافلات النقل، وفي البيوت والمدارس والجامعات ومحلات البقالة ومكاتب العمل وعلي الأرصفة والمقاهي لم تطأ قدمي مكانا خلال الاثنين وسبعين ساعة الماضية، إلا ويسبقني إليه سؤال مرير ممن فيه، ” الجزيرتان مصريتان أم سعوديتان؟!

حين اكتشفت الحكومة خطلها وسوء إدارتها لهذه القضية، بعد أن كان قد سبق السيف العذل (أي اللوم) أصدرت بيانا، أكثر كارثية من سوء إدارتها، وبدلا من أن “يكحلها” “عماها”!

كشف البيان الذي أصدره مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء، أن هناك لجنة قومية تعمل بين الجانبين علي ترسيم الحدود البحرية منذ ست سنوات، وأنها عقدت في الفترة الأخيرة عدة اجتماعات، وأنها استندت إلي عدة وقائع ومستندات أدت في النهاية إلي اثبات تبعية الجزيرتين للسعودية، وإلي إعادتهما إليها.

كان يمكن للسجال الغاضب في الشارع المصري، أن يتوقف بل ينتفي، لو أن من بيدهم الأمر يدركون بما فيه الكفاية، أن مصر قد تغيرت، وأن المصريين الذين باتت السياسة جزءا من زادهم اليومي، لن يقبلوا بفرض شيء عليهم، لم يكلف أحد خاطره أن يشركهم في الحوار حوله، أو يسعى لإقناعهم به، لاسيما أن توقيت الكشف العبقري عن هذه القضية قد تزامن مع زيارة جلالة الملك سلمان، والتيسيرات المالية التي اتاحتها الزيارة لصالح الاقتصاد المصري، مما جعل الربط بين تلك المساعدات، وبين اعادة الجزيرتين، حاضرا بقوة بما يحمله من ثقل الإملاء والمقايضة، والمس بكرامة المصريين، ولا يقلل من ظلال هذا الثقل. ثقتهم ومحبتهم لقيادتهم، لكن ذلك لا يحول بينهم وبين شغفهم الصادق بشعر أحمد رامي “أصون كرامتي من قبل حبي”.

رحم الله “دل كارنيجي” لو كان بيننا وتابع هذا الأداء الهزلي لحكومة بلادي، لاضاف لكتبه مؤلفا بعنوان كيف تنجح من العدم في تكوين الأعداء.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الحقيقة
عادل عبد الصمد ( 2016 / 4 / 16 - 10:19 )
امتلاك الجزيرتين هو حقيقة والحقيقة غير قابلة للرأي وللحوار
في حالة الجزيرتين يمكن البحث عن الحقيقة بعيداً عن الرأي والقناعة
الحكومة تقول أن جماعة من المخنصين بحثوا عن هذه الحقيقة ستة شهور فانتهوا إلى أن الجزيرتين سعوديتان
من يشكك في بحث الجماعة المختصةعليه قبل كل رأي مخالف أن يقوم ببحث عن حقيقة مخالفة دون أن يأتي ببنت شفة قبلئذٍ

اخر الافلام

.. السياسة الفرنسية تدخل على خط الاحتجاجات الطلابية


.. روسيا تزيد تسليح قواتها ردا على الدعم الغربي لكييف | #غرفة_ا




.. طهران.. مفاوضات سرية لشراء 300 طن من اليورانيوم | #غرفة_الأخ


.. الرياض تسعى للفصل بين التطبيع والاتفاق مع واشنطن | #غرفة_الأ




.. قراءة عسكرية.. صور خاصة للجزيرة تظهر رصد حزب الله مواقع الجي