الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


يا بو الشويرة الحمرا – تي رشرش

دينا سليم حنحن

2016 / 4 / 23
الادب والفن



دينا سليم – فلسطين / أستراليا
سوف أسرّ لكم بسرّ وهو عندما وقعت في براثن الفن الهابط، ولولا الشويرة الحمرا ما استطعت التخلص من الكابوس الذي أصابني.
حتى الآن لم أفهم ما هي الـ (شويرة) لكني أخمّن أن تكون عباءة أو الحطّة العربية، ورمز العباءة معروف ضمنا خاصة عند المرأة، هي الحماية والأمان، إن كانت قد وقعت في حضن والدها طلبا للحماية، أو أخاها أو حتى عند أحد رجال العشيرة، سابقا، وليس في زمننا هذا، وإن كانت الحطة، فهي رمز المروءة والشجاعة والرجولة، غابرا، وليس الآن لأن جميع القيم قد تبدّلت.
لقد حصل وأضعت طريقي في شمال القارة الأسترالية، حيث دخلت منطقة غاية في الجمال، مساحات شاسعة من غابات الصنوبر المصفوف بشكل يغري البصر ويعمي البصيرة، توقف المؤشر الالكتروني عن العمل وسكت الموبايل، علمت أنني في منطقة نائية خالية لم تصلها التغطية بعد، كان الوقت مساء والليل لم يمهلني حتى أجد طريقي الذي امتد عشرات الكيلومترات دون أن تدركني أي سيارة سوى حافلة شحن ضخمة بسائقها الضخم، تلك التي حمّلت جذوع الأشجار الضخمة والتي أضافت إلى قلبي الرعب والرهبة والخوف.
غنت فيروز (بحبك بالصيف بحبك بالشتي) أي حب وأي كلام فارغ سوف يسعفني وأنا في هذا الموقف المرعب؟ أدرت قرصا آخر، وإذ بأم كلثوم تقول (إنت عمري)، أي عمر وأين هو الذي تتغنى به ست الكل وقد بدأت أخشى على عمري حقا في هذا المكان الرائع الذي تحول إلى بؤرة مجهولة مرعبة، فما كان مني سوى أن أدرت قرصا آخر وإذ بــ (الشويرة الحمراء) تغلفني فجأة بموجة من الصرع فبدأت أغني (تي رشرش) بصوت عال، وكأني بهذه الشويرة بدأت أطرد هاجس الخوف الذي احتل قلبي، حينها فتحت النافذة فتسربت رائحة الصنوبر إلى أنفي وأحسست بفرح غامر، لقد أخرجت الرعب الذي تملكني بواسطة أغنية تافهة طغت على جمال المكان، وحتى أنني رقصت خلف المقود حتى استفقت من غيبوبة الصدمة وذلك بعد أن عاد الإرسال إلى المؤشر الالكتروني، وعادت الحياة إلى موبايلي، حينها عدت إلى الحياة من غيبوبتي.
لقد أصبت بصدمة، حالة يشخصها علماء النفس، لحظات من الذعر المؤقت يبحث فيه الفرد عن أي شيء يذكره بالأمان حتى يتحرر من الحالة التي تلبسته دون معرفة الأسباب.

لقد انغمرت شعوبنا العربية بصدمات متتالية غلفها الذعر وتمكن منها الخوف، نتيجة الانهزامات المتكررة وذلك منذ صدمة 1967، لن ننكر حالة الجنود المصريين الذين تعبأؤوا بصوت أم كلثوم مثل عباءة لكي يخففوا عن أنفسهم الذعر الذي تسرب إلى قلوبهم؟ والذي أضاف إلى الطين بلة ألأغاني الوطنية التي أكدت للناس الانتصار الكاذب، حتى ابتلينا جميعا بخرافة اسمها الانتصار الخيالي، وبدأنا نبحث بإصرار عن الإنتصارات ولو بالحلم لكي نخفف من روع الصدمة على أنفسنا.
هذا ما فسرته لنفسي، وذلك عندما أحسست بشعور عدم الطمأنينة والخوف الذي جرفني إلي (تي رشرش) وقد أضناني البحث عن معناها، مثلها مثل جميع الأغاني الهابطة التي اتسع بها الإعلام السخيف الذي شجع بانتشارها، وبانتشار الجهل الذي عمّ على أمة لا تقرأ ولا تتثقف إلا من مشاهدة المسلسلات التلفزيونية الهابطة والبرامج الترفيهية الرخيصة... بعد هذه الحكاية بدأت أحلل التدهور الثقافي والفني الذي حصل لنا كشعوب تحمل تاريخا من الخيبات والانهزامات، السبب الذي دعانا نرقص على وقع أول ضربة إيقاع، يدعونا إلى التقهقر عند (بوس الواوا) وتي رشرش وغيرها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تيرشرش
ماجدة منصور ( 2016 / 4 / 25 - 09:51 )
و لتيرشرش...سرها الباتع يا أستاذة0
وبوس الواوا لها مفعول العجب مع رجالنا الأشاوس0
ضحكت رغما عن ألمي0
احترامي لشخصك الكريم..و يكفي تيرشرش فخرا أنها أنست الأستاذة دينا صدمتها و خوفها من المكان الذي وجدت نفسها فيه0

اخر الافلام

.. كل يوم - الفنانة دينا فؤاد لخالد أبو بكر: كان نفسي أقدم دور


.. كل يوم - الفنانة دينا فؤاد لخالد أبو بكر: -الحشاشين- من أعظم




.. كل يوم - الفنانة دينا فؤاد لخالد أبو بكر: خالد النبوي نجم اس


.. كل يوم - -هنيدي وحلمي ومحمد سعد-..الفنانة دينا فؤاد نفسها تم




.. كل يوم - الفنانة دينا فؤاد لخالد أبو بكر: -نجمة العمل الأولى