الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاول من ايار جدلية الكفاح الفلسطيني من اجل الحقوق الوطنية والاجتماعية

محمد جوابره

2016 / 5 / 2
ملف 1 ايار - ماي يوم العمال العالمي 2016 - التطور والتغييرات في بنية الطبقة العاملة وأساليب النضال في ظل النظام الرأسمالي والعولمة


يمثل الأول من أيار عيد العمال العالمي محطة كفاحية لعمال العالم , يعبرون فيها عن حقهم في العيش على نحو متساو وعادل يتناسب مع عطائهم ودورهم في بناء الحضارات وتسيير عجلة التطور التاريخي للمجتمع البشري عموما نحو التقدم . وهو في نفس الوقت يوم يجدد فيه عمال العالم ان الحق يؤخذ ولا يعطى , فهم ملزمون دوما بالإبقاء على جذوة نضالهم متقدة وفاعلة في مواجهة كل محاولات راس المال العالمي النيل من الحقوق والمكتسبات اللي حققها عمال العالم بنضالهم و تضحياتهم .
وفي فلسطين يكتسب عيد العمال العالمي ملامح خاصة حيث يختلط فيه الوطني بالطبقي ... فنحن شعب لا زلنا في خضم عملية صراعية مفتوحة مع محتل ذو طبيعة استعمارية استيطانية عنصرية , يقف فيها الشعب بكل شموخ صامدا مقاوما كل محاولات النيل من ارادته وحرمانه من حقه في العودة والحرية وحق تقرير المصير . ويمثل هذا الصراع أولوية ومفتاح لحل كافة القضايا اللتي يعانيها من ظلم و قهر سياسي واجتماعي .
وفي سياق الحديث عن معطيات الواقع المعاش لا بد لنا من الإشارة الى جملة من المعطيات اللتي من شأنها ان تؤشر الى ما هو ضروري من فعل للمواجهة ....
1- ان الاحتلال ماض في مشروعه الهادف الى تصفية القضية الفلسطينية عبر فرض وقائع من شأنها ان تنهي قضية الشعب الفلسطيني كقضية وطنية ويحولها الى قضية ذات طبيعة معيشية تنحصر في حدود تحسين شروط الحياة في ظل الاحتلال واستمراره , مدعوما بذلك من قوى طالما احتضنت المشروع الصهيوني على المستوى العالمي والعربي , ووفر له المنهج التفاوضي الفلسطيني الغطاء للاستمرار .
2- يعيش النظام السياسي الفلسطيني حالة تكاد ان تكون غير مسبوقه من التيه وتغييب العقل والعمل الجماعي الجامع لمكونات الشعب من قوى و مؤسسات واحتدام الصراع بين منهجين في معالجة كافة القضايا اللتي يواجهها الشعب الفلسطيني وقضيته الوطنية , فكل منهج أن كان مشروع المفاوضات او المقاومة له مفرداته واليات عمله على كافه الصعد السياسية والاجتماعية . ويعزز هذا الوضع استمرار الانقسام و تغييب دور المؤسسات الجامعه للشعب و في مقدمتها منظمة التحرير الفلسطينية , ومن اجل ذلك لا بد من مدخل يعيد صياغة العمل الوطني عبر تفعيل الاطار القيادي المؤقت اللذي يمكنه ان جمع كافه القوى في اطار جامع يستطيع ان يناقش ويعالج بشكل جماعي كافة قضايانا الوطنية على وجه الخصوص إعادة تفعيل العمل في منظمة التحرير الفلسطينية كمؤسسة جامعة وقائدة للنضال الشعب الفلسطيني .
3- في نفس الوقت اللذي يقف فيه الشعب الفلسطيني شامخا في مواجهة الاحتلال وسياساته وإجراءاته عبر كافه الوسائل المتاحة فان الهموم والانشغالات الاقتصادية والاجتماعية أصبحت تمثل واحدة من اهم قضايا النضال لما لها من تأثيرات على صمود الشعب واستمرار نضاله . فان جملة الالتزامات اللتي فرضها اتفاق أوسلو وتوابعه من اتفاقيات سياسية واقتصادية وأمنية وضعت الشعب امام مفاعيل تنخر في عظم المجتمع وتضعه امام مواجهات شاملة ضد كل مظاهر الافقار والانتقاص من كرامة الانسان وتحميله مسؤوليات استمرار مشروع أوسلو ومنهجه التفاوضي ولو كان على حساب النيل من عزيمته وإرادته في محاولة لإخضاعه وتمرير مشاريع لا تمت الى نضاله بأي صلة .
ان اغراق المواطن في جمله من الهموم المعيشية في ظل سياسات اقتصادية عاجزة تماما من معالجة أي من معطيات الواقع وإشكالاته عير ارتهانها بتوصيات البنك الدولي التي تتمركز حول اطلاق يد القطاع الخاص لمزيد من الهيمنة والتفرد في العملية الاقتصادية دون أي ضوابط مع الأخذ بعين الاعتبار طبيعة هذا القطاع الذي نما وتطور في خضم مفاعيل أوسلو وتوابعه وهو في اغلبيتة راس مال كمبرادوري وخدماتي مرتبط بشكل كبير في اطار الارتهان يما يتيحه الاحتلال من مساحات للربح . ليس هذا وحسب بل ان السياسيات الاقتصادية المتبعة حولت الهم الأساسي لصانعي القرار في حدود البحث عن موارد تبقى السلطة على قيد الحياة وتوفي بالتزاماتها المالية من خلال استرضاء المزيد من الدول الداعمة ماليا لنيل المزيد من المساعدات من ناحية والبحث عن موارد بديلة من خلال توسيع دائرة الجباية عبر فرض المزيد والمزيد من الرسوم على كل خدمة تقدمها للمواطن بعيدا عن تقدير امكانيات المواطن وقدراته على الاحتمال .
امام هذا الواقع ومعطياته و التي يأتي في مقدمتها استمرار ارتفاع معدلات البطالة التي تزيد عن 30% في أوساط القوى العاملة والتي تأخذ منحى تصاعدي حيث يلتحق سنويا الى صفوفها ما لا يقل عن 50 الف شخص وارتفاع معدلات الفقر حيث يعيش اكثر من نصف سكان الفلسطينيين في الضفة وغزة تحت خط الفقر في ظل شبه انعدام لأي افاق لحلول ممكنة وفق السياسات الاقتصادية المتبعة , وكأننا نعيش في حالة اشبه بالقطة التي تأكل أبناؤها بسبب جوعها ولا تجد بديلا يرضي امعائها الخاوية . وهذا ما يبرز عند كل محطة نضالية يرفع فيها المقهورين اجتماعيا ووطنيا صوتهم دفاعا عن كرامتهم وحقهم من توزيع عادل للموارد تمكن من العيش بكرامة تليق بشعب ناضل وما زال لأكثر من مئة عام .
هذا ما حصل مع المعلمين الذين انتفضوا من اجل كرامتهم التي تم المساس بها , وهذا ما يحصل لكل صوت يرفض تمرير قانون الضمان الاجتماعي بضيعته الراهنة , فكل من يرفع صوته جاهل وحاقد ومدعوم من قوى تسعى للتخريب وكأن أصحاب القرار هم وحدهم من يمتلكون المعرفة والحقيقة وتحديد أولويات ومصالح الشعب وما عداهم مجرد ارقام وعبيد ليس لهم إلا الانصياع وتقديم ايات الشكر والعرفان كما تحدث الشهيد المبدع غسان كنفاني :"يسرقون رغيفك ثم يعطوك منه كسره ثم يامروك ان تشكرهم على كرمهم .. يا لوقاحتهم "
في نفس الاطار يأتي الانقضاض على الحريات العامة والعمل على تقييدها بعد ان عجزت اليات احتوائها بصيغة العمل القائمة في العديد من المؤسسات النقابية التي فرضت انماطا قائمة على التوافق في قيادة وإدارة هذه المؤسسات بعيدا عن جمهور العاملين الذين يمثلون جوهرها وأداتها وهدفها في ان واحد .
لقد ضاق العاملين ذرعا بقيادات تربعت على اتحادات عمالية لما يزيد عن ثلاثين عاما قيادات تدعي تمثيل عمال يتقاضون رواتب لا تكاد تسد رمق جوعهم وهم يتمتعون بكل اشكال الثراء ويحتلون مواقع وظيفية بدرجه مدير عام او وكيل وزارة او ما يقاربها من حيث الراتب والامتيازات . تلك القيادات التي وقعت على مسودة قانون لضمان الاجتماعي لا ضامن له ولم يحقق لا العدالة ولا الانصاف للعاملين على اختلاف قطاعاتهم في العمل الرسمي او الغير الرسمي وفق الأسس والمعايير التي اعتمدها في نسب المساهمات واليات احتساب الراتب التقاعدي وغيرها من الملاحظات التي تم تسجيلها على القانون الذي تم اقراره وفق اليات يشوبها الغموض في ظل غياب المؤسسة التشريعية الفلسطينية والحد من المشاركة التفاعلية الواسعة للرأي العام .
ومن المثير جدا صمت الاتحادات العمالية التي مثلت العمال في الفريق الوطني( الاتحاد العام لعمال فلسطين الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين) والاكتفاء بإعلان مواقف خجولة من القانون بعد ان وافقت على مسودته وتهربت من العمل في اطار الحملة الوطنية للضمان الاجتماعي التي اخذت على عاتقها مسؤولية النضال من اجل ضمان اجتماعي منصف وعادل.
وفي سياق اخر فان المعركة التي يخوضها الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين ضد قرار وقف اعتماده المالي بسبب الطعن في مؤتمره العام المنعقد في شهر نيسان الماضي ومطالبته بتصويب أوضاعه وفق انظمته الداخلية . هذا القرار الذي وضع العمل النقابي الفلسطيني في ازمة حقيقية صنعتها اليات العمل والتفرد والهيمنة والتحايل على اتفاق الوحدة الموقع بين الاتحادين ( الاتحاد العام لعمال فلسطين والاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين والكتل النقابية) برعاية سياسية في شهر أيار من العام 2015 ساهم الى حد كبير في اتاحة وإفساح المجال امام العديد من أصحاب القرار السياسي للتدخل بشكل صارخ في شؤون العمل النقابي .
فقد اعلن كل من حيدر إبراهيم امين عام اتحاد عمال فلسطين وشاهر سعد امين عام اتحاد نقابات عمال فلسطين بعد أيام معدودة من توقيع اتفاق الوحدة الى الإعلان عن وحدة الاتحاديين دون التقيد بالآليات الواردة في الاتفاق والتي تقضي بتشكيل لجنة متابعة تضم ممثلين اثنين عن كل اتحاد وممثل واحد عن كل كتلة نقابية وظيفتها اعداد الوثائق الدستورية الخاصة بوحدة الحركة النقابية وصولا الى مؤتمر نقابي موحد . ولكن ما تم وحسب ما ورد على لسان حيدر إبراهيم امين عام اتحاد عمال فلسطين بتاريخ 3-6-2015 في لقاء مع رجب معتوق امين عام الاتحاد الولي لنقابات العمال العرب على هامش اعمال مؤتمر العمل الدولي بجينيف ونشر في وكالة انباء العمال العرب حيث ورد فيه "وأكد السيد إبراهيم والسيد الفقها ان النوايا صادقة هذه المرة للوصول الى الهدف المنشود وهو وحدة عمال فلسطين ويظهر ذلك من خلال إيقاف الحملات الإعلامية والاتهامات المتبادلة التي كانت قائمة بين الطرفين الى وقت قريب وقالا ان القيادة الفلسطينية عازمة على حث كل الأطراف الى احترام هذا الاتفاق والعمل على تنفيذه بدقة والوصول به الى نتيجة نهائية وهي خلق منظمة نقابية عمالية فلسطينية موحدة وقوية تستطيع ان تعبر عن طموحات وآمال كل عمال فلسطين في الداخل والمهجر " .
وورد أيضا " يتعهد الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين بتحويل ما قيمته 30% من قيمة الاشتراكات المستقطعة من عمال فلسطين العاملين داخل الخط الأخضر التي يقوم الهستدروت الإسرائيلي بتحويلها له لصالح الاتحاد العام لعمال فلسطين " وبعد مرور عام على هذا الاتفاق والذي رفض راعوه تسليم نسخة عنه حتى الان يحق لنا ان نتساءل ماذا كان الهدف الحقيقي وراء هذا الاتفاق ولماذا لم تدعى لجنة المتابعة الى أي اجتماع حتى الان وأين من رعى هذا الاتفاق من السياسيين .
لعل الحديث والكتابة تطول وتطول عن واقع العمل النقابي ومنظمات العمل النقابي ولكن اكتفي بهذا القدر منه لأقول ان صيغ العمل في هذه المنظمات القائمة وفق توافقات ذات طبيعة سياسية لن تعد قادرة على النهوض بأوضاعها وتطوير أدائها بل تحولت الى وسيلة للحفاظ على المواقع والتمثيل .... ونحن بحاجة الى اليات عمل جديد يمكنها ان تساهم في اخراج العمل النقابي من ازماته وتحوله الى عمل مرتبط بجمهور العاملين وقادر على التعبير عن قضاياهم والدفاع عنهم في وجه تغول راس المال والانحياز الواضح من قبل الجهات الرسمية لصالح الأثرياء أصحاب رؤوس الأموال .
في الأول من أيار عيد العمال العالمي يجدر القول بان هذا اليوم ليس يوما احتفاليا وحسب بل هو يوم من اجل تجديد الدماء في عروق المناضلين للكفاح من اجل حياة حرة كريمة يتساوى فيها بني البشر دون أي شكل من اشكال التمييز او القهر الوطني و الطبقي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إدارة بايدن وملف حجب تطبيق -تيك توك-.. تناقضات وتضارب في الق


.. إدارة جامعة كولومبيا الأمريكية تهمل الطلاب المعتصمين فيها قب




.. حماس.. تناقض في خطاب الجناحين السياسي والعسكري ينعكس سلبا عل


.. حزب الله.. إسرائيل لم تقض على نصف قادتنا




.. وفد أمريكي يجري مباحثات في نيامي بشأن سحب القوات الأمريكية م