الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أليس فيكم رشيد مختار يكيف زمن الامتحانات مع رمضان

الكبير الداديسي
ناقد وروائي

(Lekbir Eddadissi)

2016 / 5 / 8
التربية والتعليم والبحث العلمي



كان تصريح السيد إدريس جطو رئيس المجلس الأعلى للحسابات أمام أعضاء مجلسي البرلمان صادما لرجال ونساء التعليم وهم يسمعونه يتهمهم بالغياب وسوء تدبير الزمن المدرسي ، هذا الزمن الذي ما فتئت الحكومات على تعاقبها ترفع شعار ضرورة حسن تدبيره، باعتباره أحد أهم مداخل إصلاح المنظومة التعليمية، لكنه يظل في كل محاولة إصلاح هو المهدور الأول ، والمسفوكة دماؤه على أرصفة المسار التعليمي، بما أنه سيتم تحديد الدخول المدرسي في الأسبوع الأول من شتنبر وتأتي الانتخابات لتجعل ذلك مجرد كلام ....
إن الوزارة تحاول دائما في مذكراتها على استباق الأحداث بإصدار مقرر تنظيم سير السنة الدراسية المقبلة في نهاية كل موسم دراسي، لكنها كثيرا ما تضطر لإدخال بعض التعديلات على تلك الوثيقة تحت ضغط بعض الظروف والمناسبات والأعياد المرتبطة بالسماء وبرؤية الأهلة ، والتي لا تكن في الاعتبار وقت صياغة المذكرات والمقررات.. بل كثيرا ما وضعت مواعيد بعض الامتحانات في أيام عطل أو في أوقات مستحيلة، كما هو الحال هذه السنة إذ تم تحديد تاريخ آخر أجل لفروض المراقبة المستمرة بالنسبة لمستويي الجذوع المشتركة و الأولى ثانوي تأهيلي في يوم 4 يونيو 2016 في الوقت الذي برمجت الامتحانات الجهوية الموحدة في اليوم الثالث من نفس الشهر ... فماذا لو برمج الأساتذة فروض المراقبة المستمرة وفق ما تنص عليه المذكرة المنظمة لتلك الفروض وقرر بعضهم إجراء الفروض يومي 3 أو 4 من شهر يونيو حرصا على الزمن المدرسي كما ينص على ذلك مقرر تنظيم السنة الدراسية ؟؟؟ لمن ستعطى الأسبقية آنئذ للفروض أم للامتحانات ؟؟وهل ستجرى هذه الفروض في ثانويات ستتحول بقوة القانون إلى مراكز الامتحان ؟؟
لكن الجديد هذه السنة هو إجراء امتحانات السنوات الإشهادية في شهر رمضان خاصة امتحانات الباكالوريا التي لم تصادف رمضان منذ الثمانينيات، مع استثناء الامتحانات الموحدة الجهوية للسنة الأولى ثانوي تأهيلي التي حضيت بتمييز إيجابي وتم تقديمها قبيل رمضان مع تأخير الامتحان الموحد للباكالوريا الدورة العادية على الامتحانات الجهوية ربما لأول مرة ليجد المتتبع نفسه مجبرا على التساؤل: لماذا أقدمت الوزارة على هذه الخطوة لأول مرة في تاريخها ؟ وأي فلسفة تربوية تبرر رمي تلاميذ السنة الختامية لأجواء رمضان في شهر يونيو المعروف بارتفاع درجات الحرارة، وطول النهار ، وحاجة جسم الأطفال للماء والأكل ، ناهيك عن حاجته للنوم والمغاربة عامة يسهرون في هذا الشهر الفضيل خاصة وأن عددا من التلاميذ في الشعب التقنية والعلوم رياضية لهم امتحانات تمتد لسبع ساعات في اليوم ... كل ذلك وغيره كان يفترض معه تكييف زمن الامتحان مع خصوصية هذا الشهر الفضيل ، لكن الوزارة أبت إلا أن تتصرف عكس إرادة المغاربة فأصمت آذانها، وأغمضت أعينها، كمن يتلذذ بمعاناة أبنائه :
إن الغريب هو كون الوزارة لم تكلف نفسها عناء تكيف زمن الامتحانات وشهر رمضان، فتركت التوقيت كما هو متعامل به أيام الإفطار: الفترة الصباحية من الثامنة صباحا إلى منتصف النهار ، والحصة الزوالية من الثالثة إلى السادسة، وللعاقل أن يتخيل عددا من التلاميذ في المدن الكبرى كما في القرى القاطنين بعيدا عن مراكز الامتحانات... بعد أن قضوا ليلة التزموا فيها بالحد الأدنى من الواجبات المفروضة على المسلم : (صلاة التراويح ، السحور، صلاة الفجر ...) دون الحديث عن تأثير إدمان سهر الأسر من حولهم ... مما يجعل من برمجة بداية الامتحان في الثامنة لن يمر دون ضحايا وكل المنى أن تصدر الوزارة في نهاية الامتحانات إحصاء يتضمن عدد المقصيين من الامتحان بسبب التأخر، خاصة والمذكرات تشترط على المترشحين الحضور إلى المراكز بنصف ساعة قبل الموعد، وإذا أضيف إلى ذلك صعوبة إيجاد وسائل النقل في الصباح ما دام معظم سائقي سيارات الأجرة يعملون في رمضان بالليل ، و الحافلات لا يكون عددها بالقدر الكافي، أضف إلى ذلك ما يعانيه معظم المترشحين من جوع وقلة النوم ... وهو ما يرشح أن تكون نسبة العنف هذه السنة أكثر منها في السنوات الماضية بسبب الترمضينة... ألم يكن حريا بالوزارة برمجة الحصة الأولى على الساعة التاسعة كما هو العمل به في مختلف الإدارات والأبناك والمؤسسات العامة والخاصة، ولن يكلفها ذلك شيئا، بل لن يكون فيه إلا ربح للجميع ..؟؟
ويبقى الأخطر في التوقيت الذي اعتمدته الوزارة هذه السنة هو نشر آلاف الشباب ما يزيد على ثلاث ساعات حسب الشعب خارج الثانويات ومراكز الامتحانات من الحادية عشر أو الثانية عشر إلى الثالثة زوالا في أجواء رمضانية يكابد فيها المترشحون الجوع والعطش، وأجواء صيفية تحت أشعة الشمس الحارقة محتمين ببعض الأشجار إن وجدت أما تلك المؤسسات مع غياب ما يدعوهم إلى العودة لديارهم ( غياب وجبة الغذاء) .... ألم يكن من الأجدر تقليص هذه المدة وبرمجة حصة المساء على الساعة الواحدة مثلا، حتى يتسنى للمترشحين والمراقبين ربح بعض الوقت والعودة إلى منازلهم باكرا؛ فيستغل المترشحون الوقت للراحة والمراجعة والاستعداد لليوم الموالي ، والجلوس للامتحان في ظروف تسمح بالتركيز خاصة في مواد علمية /تقنية أو أدبية التي تتطلب تركيزا في امتحان يتوقف عليه مستقبل عدد من الشباب... ويكون الوقت كاف للآباء والأمهات للتسوق وإعداد الفطور والكل يعرف متطلبات موائد الفطور المغربي في رمضان وللمرء أن يعرف كيف تقضي نساء التعليم النهار الرمضاني كاملا في الحراسة إلى السادسة مساء بعد التخلي عن التوقيت الصيفي ومنهن من تعود لقضاء وقت طويل بالليل في عملية التصحيح بمراكز التصحيح. مع العلم أن الامتحان الجهوي مبرمج يومي الجمعة 3 يونيو والسبت 4 يونيو والامتحان الوطني للباكالوريا أيام الثلاثاء الأربعاء والخميس (7/8/ 9 يونيو 2016) مما يطرح سؤالَ متى سيتم تصحيح الامتحانات الجهوية بالنسبة للأحرار والرسميين؟؟ وهو ما سيجعل رجال ونساء التعليم منشطرين بين التصحيح والمراقبة...
وإذا كانت هذه بعض معاناة رجال ونساء التعليم و الشباب من المترشحين للباكالوريا رسميين وأحرارا ، فإن المعاناة أكيد ستكون أقسى بالنسبة للأطفال والمراهقين في الابتدائي والثانوي الإعدادي وخاصة منهم الحديثي العهد بالصيام ، والذين كانوا يمنون النفس بالاحتفال مع أسرهم بتجريب الصيام الأول وهم على مشارف البلوغ ، فإذا بالوزارة تنشرهم بالمؤسسات وخارجها طلية النهار دون أدنى مراعاة لخصوصية الممتحنين ، وخصوصية الشهر الفضيل ، وقد بينت تجربة السنة الماضية مع تلاميذ الامتحانات الإشهادية بالسادس ابتدائي ,التاسعة ثانوي إعدادي سقوط عدد لا يستهان به من الضحايا نتيجة الإرهاق و هبوط نسبة السكر في الدم لدى عدد من المرضى والأصحاء ، دون الحديث عن تدني مستوى التركيز لدى الممتحنين ، فالجسم الغض لليافعين محتاج للطاقة والماء أكثر من حاجة البالغين ، لن يكون بإمكانه التركيز في الامتحانات طيلة النهار
إن الامتحانات اليوم على الأبواب ، والضغط يتزايد كلما اقترب الموعد وكان يستحسن التنبيه إلى أن برمجة الامتحانات ، والحفاظ على التوقيت العادي في شهر رمضان، قد يكون زلة كان من الممكن تجنبها ، بإجراء الامتحانات قبيل رمضان، أو التفكير في طريقة تراعي مصلحة أبناء المغاربة، أم يكن من الأحسن الاقتصار على الحصة الصباحية فقط وجعل حصة الامتحان من التاسعة إلى منتصف النهار وبدل إجراء ست أو سبع ساعات في اليوم الواحد يتم الاقتصار على مادة واحدة في اليوم بأربع أو ثلاث ساعات مادام لرمضان خصوصيته ، فأن تترك الوزارة التوقيت عاديا في هذا الشهر فيه على ما نعتقد تجن على المغاربة في رمضان ، وهو ما جعل كل من يعيش معاناة هذا التوقيت يقول : هؤلاء أبناء وبنات المغرب ورجال وأمهات الغد أليس في هذه الوزارة رجل رشيد حكيم مختار له بعد نظر ؟؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قادة الجناح السياسي في حماس يميلون للتسويات لضمان بقائهم في 


.. دعوات أميركية للجوء إلى -الحرس الوطني- للتصدي للاحتجاجات الط




.. صحة غزة: استشهاد 51 فلسطينيا وإصابة 75 خلال 24 ساعة


.. مظاهرات في العاصمة اليمنية صنعاء تضامناً مع الفلسطينيين في غ




.. 5 شهداء بينهم طفلان بقصف إسرائيلي استهدف منزلا في الحي السعو