الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مسار الحركة الشيوعية العربية:محاولة للمراجعة

محمد سيد رصاص

2016 / 5 / 18
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية



ارتبط نشوء الحركة الشيوعية العربية بثورة أوكتوبر البلشفية الروسية عام1917وكاد تفكك الإتحاد السوفياتي عام1991أن يجعل الشيوعيين العرب في حالة موت سريري:يعطي هذا صورة عن تبعية حركة للمركز السوفياتي وهو مالم يكن مقتصراً على السياسة والتنظيم بل وشمل الفكر والثقافة.مع هذا لم تكن هذه الحركة معتمدة على أوكسجين خارجي فقط بل كان وصولها إلى قوة سياسية كبرى في العراق وسورية والسودان،فيماكان لها دور ثقافي كبير في مصر ولبنان،يدل على انغراز في التربة المحلية العربية .
في مراحل كان العامل السوفياتي مساعداً على نمو وقوة الأحزاب الشيوعية:المساهمة السوفياتية الرئيسية في الإنتصار على النازية ساعدت في نشوء واحداث مد شيوعي عربي في عراق1945-1948،وفي سورية1945-1947،دور موسكو في مساعدة عبدالناصر في حرب1956كان عاملاً رئيسياً في نشوء مد شيوعي جديد في سورية1957-1958وفي عراق1957-1963وفي مصر1957-1958.في مراحل أخرى كان الموقف السوفياتي دافعاً لإحداث كوارث عند الشيوعيين العرب:موقف موسكو في تأييد قرار تقسيم فلسطين وفي تأييد قيام دولة اسرائيل دفع الشيوعيون العرب ثمنه غالياً في دمشق وبغداد بعامي1947-1948،دفع موسكو للشيوعيين العراقيين للصدام مع العروبيين إثر ثورة14تموز1958كان سبباً في اعتقالات رأس سنة 1959 للشيوعيين السوريين والمصريين من قبل عبد الناصر وفي مجازر متبادلة بين الشيوعيين والعروبيين بالعراق بدأت بالموصل في آذار1959وبلغت ذروتها رداً على مافعله الشيوعيين هناك بمجزرة ارتكبها البعثيون ضدهم إثر انقلاب8شباط1963،ضغط موسكو على الشيوعيين المصريين لحل حزبهم عام1964بعد زيارة خروتشوف للقاهرة وعلى الشيوعيين العراقيين للتقارب مع حكم عبد السلام عارف عبر (خط آب1964)ثم دفع وضغط الكرملين على الشيوعيين السوريين والعراقيين للركوب في مركبي النظامين البعثيين في دمشق1972وبغداد1973،فيماقاد هذا الضغط السوفياتي على الشيوعيين السودانيين للتعاون مع النميري إلى انشقاق الحزب الشيوعي السوداني عام1970وإلى الدفع بعبد الخالق محجوب الرافض لضغط موسكو إلى انقلاب19-22تموز1971الفاشل .
في مراحل ثانية كان العامل الذاتي سبباً في النمو والإنغراز في التربة المحلية:هذا يلاحظ في الحزب الشيوعي السوداني بين النشوء في 16آب1946وضربة النميري في 22تموز1971وحتى في مرحلة مابعد اعدام محجوب والشفيع الشيخ استطاع الشيوعيون السودانيون اثبات أنهم رقم صعب في المعادلة السياسية السودانية طوال أربعة عقود لاحقة وهذا لم ينتج عن مهارات ذاتية فقط بل عن تجذر الحزب عميقاً في التربة المحلية .في العراق يلاحظ هذا في فترة قيادة(فهد)للحزب بين عامي1941و1947وفي فترة قيادة (سلام عادل)1955 -1963عندما تحول في الفترة الأولى الشيوعيون العراقيون إلى قوة كبرى في وسطي العمال والطلاب وسيطروا على فئة المثقفين وفي يوم1أيار1959أنزلوا مليون شخص إلى شوارع بغداد في بلد لم يتجاوز مجموع سكانه يومها عشرة ملايين.كان هناك نمو ذاتي في الحزب الشيوعي السوري في فترة النضال ضد ديكتاتورية الشيشكلي(1951-1954)وبعد سقوطه وبداية الفترة البرلمانية حيث عكست الأصوات الكبيرة التي أخذها خالد بكداش بدمشق في انتخابات 1954ذلك وكذلك الأصوات التي أخذها أحمد محفل في حلب عندما كاد أن ينجح أمام مرشح حزب الشعب،وكان النمو الكبير للحزب عام1957مؤدياً إلى تحول الحزب إلى القوة السياسية الكبرى في دمشق،وهو مادفع عروبيين كثيرين للإرتماء في أحضان عبد الناصر خوفاً من ترجمة المد الشيوعي في الانتخابات البرلمانية المرتقبة عام1958.في فترة1967-1970شهد الحزب الشيوعي السوري مداً في العضوية والامتداد بحكم صدمة هزيمة5حزيران1967،وكانت أزمة الحزب بعامي1971-1972ثم انشقاقه عاملاً أساسياً في توقف ذلك المد،الذي كان رد فعل على فشل عبد الناصر والبعث أمام اسرائيل ،وهو ماشهدنا آثار له إثر هزيمة حزيران بسورية في تحول عروبيين كثر في (حركة القوميين العرب)و(حركة الاشتراكيين العرب)و(البعث)نحو الماركسية وهو ماتولدت عنه ظاهرة (الحلقات الماركسية) بين عامي1971-1973،وكان هذا التحول قد شمل (حركة القوميين العرب)بالكثير من قياداتها بالوطن العربي من جورج حبش إلى نايف حواتمة ومحسن ابراهيم وعبدالفتاح اسماعيل.لم يستطع الشيوعيون العرب تحويل هذه الهجرة إلى الماركسية عند العروبيين إلى نمو ذاتي في التنظيمات الشيوعية وهو ماقاد إلى نشوء تنظيمات ماركسية موازية للشيوعيين مثل (منظمة العمل الشيوعي في لبنان)و(رابطة العمل الشيوعي في سورية).لم يكن هنا العامل الذاتي عند الشيوعيين قادراً على استيعاب هذه الهجرة ،لذلك أدى هذا إلى بناء بيوت موازية ولكن في نفس الاتجاه الماركسي،وهو مايدل على تخلخل البناء الشيوعي الذاتي،فيمارأينا(الاخوان المسلمون) بعد خروجهم من السجن عام1971يستوعبون في مصر1973-1975 شباب (الاتجاه الاسلامي الجديد) في الجامعات ويستوعبون (اتجاه سيد قطب) الذي تنافر معهم في السجن ممادفع حسن الهضيبي للرد على سيد قطب في كتاب:"دعاة لاقضاة"عام1969.
كان هذا التخلخل بادياً في السبعينيات عند الشيوعيين العرب بشكل عام مع بداية موجة المد الاسلامي ولوأن هناك أحزاب نمت بالسبعينيات مثل الحزب الشيوعي اللبناني في ظرف تنامي اليسار اللبناني أمام اليمين الكتائبي- الشمعوني وفي ظل الوجود الفلسطيني المسلح بلبنان.في الثمانينيات كان هناك حالة جزر عند جميع الشيوعيين العرب،وقد كاد التفكك السوفياتي أن يقود إلى الموت التنظيمي- السياسي،وهو ماتفادته العديد من الأحزاب الشيوعية العربية،فيماهناك أحزاب شيوعية في تونس وفلسطين تخلت عن الماركسية وعن اسمها الشيوعي ولبست لبوساً أيديولوجياً- سياسياً- تنظيمياً آخر،وهو ماكان أيضاً حال الكثير من الشيوعيين العرب الأفراد الذين تحولوا إلى (الليبرالية الجديدة).
خلال ربع قرن من بدء التفكك السوفياتي لم تجر حتى الآن مراجعة جدية عند الشيوعيين العرب للتجربة من أجل استخلاص خلاصات فكرية- سياسية- تنظيمية جديدة:هناك ملامح منذ 3يوليو2013مع سقوط حكم (جماعة الاخوان المسلمين)في القاهرة،وهي التي تبدأ بها الموجات الفكرية – السياسية العربية:الليبرالية عام1919مع سعد زغلول،العروبية مع 23يوليو1952،المد الاسلامي المصري في النصف الأول من السبعينيات،على انتهاء موجة المد الاسلامي وبداية الجزر في حركة هذا التيار الفكري- السياسي- التنظيمي .هذا يمكن تلمسه من البصرة إلى الرباط ومن حلب إلى عدن.هناك ملامح على بدء موجة يسارية عند العرب يمكن أن تكون العدة الفكرية- السياسية- التنظيمية الحالية للأحزاب والحركات والتنظيمات الشيوعية والماركسية العربية غير مناسبة أوقادرة على استيعاب هذا المد اليساري الجديد إذا لم تقم بنفضة ذاتية كبرى في بيوتها الداخلية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - مسار الشيوعية العربية
محمود سلطان ( 2016 / 5 / 19 - 09:57 )
السيد رصاص نجح في ترسم مسار الحركة الشيوعية العربية
لكن يتقص هذا النجاح أمران
الأمر الأول وهو وحدة الثورة الشيوعية الدائمة في العالم وصار أن موسكو ببلاشفتها كانت مركز الثورة
الشيوعيون في كافة الأطراف حتى في انكلنرا وألمانيا هم أطراف للثورة في موسكو يستمدون شرعيتهم من شرعية الثورة في موسكو

أما الأمر الثاني فهو عبثية الدعوة لوحدة اليسار فاليسار يفتقد كل مشروع اجتماعي تنموي حيث اليساريون يختارون البنية السياسية وينسون تماماً البنية الاقتصادية علماً بأن البنية السياسية إنما هي الإبنة الشرعية للبنية الاقتصادية

اخر الافلام

.. ليس معاداة للسامية أن نحاسبك على أفعالك.. السيناتور الأميركي


.. أون سيت - تغطية خاصة لمهرجان أسوان الدولي في دورته الثامنة |




.. غزة اليوم (26 إبريل 2024): أصوات القصف لا تفارق آذان أطفال غ


.. تعمير - مع رانيا الشامي | الجمعة 26 إبريل 2024 | الحلقة الكا




.. ما المطلوب لانتزاع قانون أسرة ديموقراطي في المغرب؟