الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فقه الاضطهاد

شريف مانجستو

2016 / 5 / 28
مواضيع وابحاث سياسية


إن الكارثة الكُبرى التى حدثت فى إحدى قُرى محافظة المنيا بصعيد جمهورية مصر العربية ، تؤكد بجلاء أن المجتمع المصرى مازال يرزح تحت نير الفكر الطائفى الفج .فالرجعية هى القائدة لهكذا مُجتمع وهى التى تدفع القطاع الأكبر من الجماهير فى هذا البلد أن يتعامل مع الآخر بمُنتهى الكراهية والتربص . فالبشاعة حاضرة بشدة ، والسُلطة الحاكمة مازالت تنظُر لتلك الصراعات بطريقة غير إيجابى ، بل أحياناً يظُن البعض أنها تأتى على هوى السُلطة ، لأن الصراعت الدينية تطمس حقيقة الصراع الحقيقى بين المُستغِل و المُستغَل . فالصراع الدائر ليس دينياً أو عرقياً أو جندرياً ، بل هو صراع على حقوق اقتصادية وحقوق اجتماعية مسلوبة ومنهوبة من قِبل البعض . فما حدث فى تلك القرية يُعتبر إهانة لكُل معانى الوطنية و الانتماء . فعندما يتم تعرية إمرأة مسيحية للنيل من كرامتها والاستهزاء من دينها واحتقاره ، بل والأمر جعلنى فى غاية الحُزن والغضب ، لأن هكذا تصرف لاقى استحسان من العديد من أهل هذه القرية الظالمُ أهلها ( إلا من رحمه الله ) . وهذا بالتأكيد يعكس مدى التخلف الفكرى الذى أصاب فئة من الناس ، بسبب الفهم السقيم عن الدين . فهؤلاء المجرمون الحمقى كانوا ولا يزالوا ضحايا للاضطهاد الاجتماعى والاقتصادى ، فياليتهم انتفضوا لدرء الاستغلال والاستبداد والإفقار المُمنهج من قِبل الحكومات المُتعاقبة على هذا الوطن الجريح. إن هؤلاء الخونة الطائفيون دائماً ما يكونون ضحية للسلفية الفكرية وللعودة لأمجاد الماضى . فهؤلاء الطائفيون يُذكروننى بالفرعون المصرى ( ابساماتيك ) الذى حكم مصر فيما بين 666 -712 ق .م ، وهو مؤسس الأسرة السادسة والعشرين ، وكان مُخلص النية للقضية الوطنية بشدة وكان مؤمن بالقدرة المصرية الجماهيرية على صدّ أى عُدوان يأتى من الشرق والغرب ، ولكنه اختار الطريق الخاطىء ، فاختار بناء المقابر بدلاً من بناء العقول ، وتصوّر أنه بمثابة بناء مقبرة مثل خوفو ، ستعود الأمجاد المصرية إلى عهد خوفو ، وكان دائماً يدعوا إلى العودة إلى القدماء ( السلف ) . وكانت النتجية أنه انهزم من كُل الطامعين وأصبح ضحية لخرافات فكرية وضلالات لا طائل منها ، وجاء من بعده خليفته ( نيخاو) الذى قام ببناء السُفن ولم يبنى القبور ، لقد تطلع إلى المُستقبل ولم يتوقف عند الماضى التليد . إذن فالمجرمون الذين ارتكبوا تلك الجريمة الشنيعة وقاموا بحرق البيوت وتعرية إحدى النساء ، دائماً ينظرون إلى أمجاد الماضى ، أمجاد الإسلام الذى انتصر على الشِرك والصليبيين و انتصر على التتار فى أعتى المواقع الحربية ، هؤلاء القتلة تصوروا أنهم يقهرون هُولاكو أو ريتشارد قلب الأسد ، هؤلاء ضحايا مقابر تحوى التُراث الفقهى الذى يحمل بين جنباته الثمين والرخيص فى آنِِ واحد . هؤلاء عليهم أن يعرفوا الحق فى الحياة والحق فى الاختلاف والحق فى العقيدة ، لا أن يعودوا إلى الماضى ولا أن يكونوا ضحية لفقهاء الاضطهاد الجاثمين على قلوب القوم بمُنتهى البؤس . فالحرب على التخلف والرجعية و فقه المقابر أصعب بكثير من حرب جيوش وميليشيات تقتل و تقصف .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -عفوا أوروبا-.. سيارة الأحلام أصبحت صينية!! • فرانس 24


.. فيديو صادم التقط في شوارع نيويورك.. شاهد تعرض نساء للكم والص




.. رمى المقص من يده وركض خارجًا.. حلاق ينقذ طفلة صغيرة من الدهس


.. انقلاب سيارة وزير الأمن القومي إيتمار #بن_غفير في حادث مروري




.. مولدوفا: عين بوتين علينا بعد أوكرانيا. فهل تفتح روسيا جبهة أ