الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مؤتمر التخلّف بعد قرون من التعرّف

مزوار محمد سعيد

2016 / 6 / 3
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


يتعرّض الجسد الإنساني (العقلي + الشعوري + الجسمي) إلى حركة طويلة الأمد من الاكتشاف والكشف، تبدأ هذه العملية منذ الولادة، ففيها يحمل الإنسان ذاته المرهقة، ويحاول السير على طريق الحياة، وكأنه لا يعلّم خطورة ما هو فيه، وما هو بصدد الإحاطة به.
ككل إنسان يولد الفرد، على الفطرة أو وسط محيط يبرمجه لا يهم، ما يهمني هو أنّ ولادته هي حاصلة، تحمله على الوجود ضمن مساحة روحية ومادية معيّنة، فيكون عليه أن يستقبل تلك المؤثرات من حوله بالشكل المناسب، ووفق العقلية التي تناسب أساتذته من أب وأمّ وإخوة وشارع ومدرّسين؛ لكنه لا يستسلم، لأنه وببلوغه سنا معينة، يراد له أن يكون شخصا لا يشبهه، فيدفعون به إلى صالات الحلاقة، ومحلات الألبسة، يجلسونه على زرابي المساجد أو مقاعد الكنائس والمعابد، ثم يبردون طباعه بالأمر والنهي، ليلتوي ضمن مسلك ما، قد يكون أي شيء إلا هو.
لا يرتق الفرد الإنساني إلى مستويات أعلى مما هو فيه، سوى إن ما تعرّف على الجهد الذي يبذله من أجل أن يكون هو، دون مجاملات وبلا أوهام، فيرتقي بالشكل الذي يسمح له بإعادة كل أطراف صورته الشاملة، إعادة صياغتها وتركيبها من جديد، ليمتحن قدراته وكفاءته ويسترسل في إعطاء الدروس لذاته، لكن عبر الكثير من التكاليف.
لا يستهان بأي جهد مهما طال أمد وتمفصلات القضايا التي من شأنها الإلتفاف حول حياة الفرد الإنسانـي، لا يمكن لأيّ من هؤلاء أن يستغلوا مرادفات الحياة حتى يغتنوا من أوهام الحياة، لأنّ الطرف الذي يرفع من نداءاته، هو ذاته الطرف الذي يسعى إلى الاعداد لذاته، ولو بعد حين؛ لكن الجهد مطلوب، والعمل المرهق مرغوب، إذ أنّ حرية الروح لا تكون بلا ثمن، هذا ما قدّمته الحياة لغير الحياة.
ليس هناك من تعاليم ترفع النفس إلى مكانتها التي فقدتها تحت مطرقة الواقع المحلحل بصور التراتيل وتقديس الغبار، ليس هناك مجال للمبيت والهناء تحت شجرة الانتحار، هناك سبيلان، الاستسلام وهو طريق الجبناء، والمقاومة حتى بلوغ لازمة العيش المريح وهو سبيل قلة من بني الإنسان.
ليست هناك مغالاة عندما أطرح اللا-مبالاة كعنوان في خانة ما أنـا فيه، قد لا يفهمني إلا القلة، ومن يدّعي الفهم هو ذاك المتعجرف الجاهل بثوب العلماء، من لا يفهم هو ليس بمجرم، لكن من يدّعي أنه فهيم أو فاهم، فهو أكثر من مجرم، بل على محكمة الفكر أن تدينه بقيود أبدية ولعنة أزلية.
لقد زاغت البراءة عن موقعها، وراحت متدنيات الواجبات تملأ الحياة ضجيجا، كل هذا من أجل التمسك بالوهم، وهذا الأخير قد برع في تلقين الزمن معادلات الجلالة، ومرافعات الإقدام، حتى تبلغ في أحيان كثيرة، مراصد النجوم وتشريفات جنود المعارك: إنها لغتي التي لا أريد لأحد أن يفهمها؟
لا يتعدى الأمر أن يكون المرء صابرا ضعيفا لا قوى له، طاقته تضيع في مسالك الرياح القطبية الباردة، لا رجاء من الناس بألغاز الجميع، ولا تعاليم يسلكونها بترديد ما يهلل له الكلّ، هذا لا يعني بأنّ البشرية هي سيّدة ذاتها، وإنما يذكّر بأن هناك السادة وغيرهم، علـى سلّم تم نصبه منذ البدء.
تلك القضية المشهورة بأن رمز الإنسانية يعلوا فوق كل ضمير، تلك المعلومة التي تعجّل بصفاء الله وإراحة الضمير، هي مشجب الأكاذيب الأولى، هي ملعقة المصارف التي تأكل دماء صغار الأقوام، وحتى الأقوام الصغيرة بلا هوادة تُرجى؛ هي القاعدة الدائمة في تصرفات الأفراد بحياتهم أمام غيرهم.
([email protected])








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. دعوات دولية لحماس لإطلاق سراح الرهائن والحركة تشترط وقف الحر


.. بيان مشترك يدعو إلى الإفراج الفوري عن المحتجزين في قطاع غزة.




.. غزيون يبحثون عن الأمان والراحة على شاطئ دير البلح وسط الحرب


.. صحيفة إسرائيلية: اقتراح وقف إطلاق النار يستجيب لمطالب حماس ب




.. البنتاغون: بدأنا بناء رصيف بحري في غزة لتوفير المساعدات