الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الصدر و دعاة اليوم(10)

عزيز الخزرجي

2016 / 6 / 6
مواضيع وابحاث سياسية


ألصّدرُ و دُعاةَ آليوم(10)
من أخطر ألقضايا آلتي تُواجه أمّة من الأممّ و تُسبب حتى مسخها و دمارها؛ إبتلائها بقادة و مراجع أنانيّون يُسيّسون الشعارات و العقائد و القوانين بـ(آلمقلوب) بحيث تُلائم أهوائهم و تُحقّق أهدافهم و تُضخّم أموالهم و أرصدتهم لضمان آلعيش المُرفّه ألمُخدَّر ألآمن البعيد عن المشاكل و آلجّهاد و التضحية و عن كلّ ما يسبب تعكير صفو حياتهم و ملذاتهم و مستقبل أبنائهم و مؤسساتهم و خدمهم و حشمهم, بعيداً عن مشاكل و مآسي المجتمع و أنين الفقراء و مظلومية المستضعفين!

و لو كانّ هؤلاء يفهمون معنى آية واحدة من القرآن الكريم بشكل صحيح و كامل, كآية (فاستقم كما أمرت ومن تاب معك ولا تطغوا إنه بما تعملون بصير)(1)؛ لما تأخّروا عن إعلان التوبة النصوحة و ردّ حقوق الناس و بآلتالي تحمّل المسؤوليات الكبرى التي جعلها الله بأعناقهم لهداية المجتمع نحو بر الأمان و آلسّعاده, لأن تحقيق العدالة يحتاج إلى الشجاعة و السّهر و تحمل الصّعاب و التضحيات و الغربة و السّجن و الجوع و ربّما القتل لخلاص النّاس من المحن و آلهيمنة الإستكبارية و النكبات السّياسيّة و الأقتصاديّة التي تُشكّل أساس تقويم الحياة و محور ثبات التوحيد و آلأستقامة في حياة المجتمع!

و لأنّ الشّعب العراقيّ كانَ يستبطن الكُفر رغم الظواهر الأيمانية الكثيرة .. بسبب مخلّفات الحروب و الحصار و الفقر و التربية و التعليم الفاشل؛ فقد إزداد كفراً و نفاقاً بدل الهداية و الرّشاد لأقامة حدود الله ضمن نظام إسلامي, لكنهُ حين رآى السّياسيون يفسدون و يسرقون و يكذبون و ينهبون الرّواتب المليونية علناً و بلا رحمة, إزداد الطين بلّة و شرّعوا لأنفسهم ما من شأنه يسوّخ أعمالهم و يدمر البلاد لتعم الفوضى و الخراب في كلّ العراق للأسف, بحيث أعلن الشعب إنفصاله عنهم من خلال المظاهرات .. ثمّ إعلان الثورة ضدّهم.

و لصغر و محدودية وعي و تفكير و ثقافة "دعاة اليوم" و مراجعهم ألّذين لم يعتمدوا في إرساء حكومتهم على الله و القدرات الأقتصادية التي سخرها لهم أولاً, ثمّ على قدرات آلشّعب الذي تظاهر في النّهاية ضدهم و كفر بهم بعد ما نفذ صبره بسبب سرقة حقوقه من قبلهم.. بجانب سفاهة آرائهم و مواقفهم في المجتمع لفقدانهم العقيدة و آلولاية الصّالحة؛ لذلك كلّه فأنّ نهايتهم و الأئتلافات السّياسية خصوصا في (التحالف الوطني) باتتْ حتميّة و قريبة .. بعد ما دمّروا الأقتصاد و بخّروا ما يقرب من ترليون دولار و عطلوا الحياة و الخدمات لإعتمادهم على آلقروض الدّوليّة و العالميّة الملياريّة الثقيلة بعد توقيع إتفاقية SBA التي توجب عليهم دفع تلك الديون خلال العامّين أو الثلاثة القادمة, و الحال أنّ الوضع الأقتصاديّ و آلأمني في العراق كان منهاراً من الأساس, لذلك لا أمل في إمكانية دفع تلك القروض التي تؤكد عجزهم و بآلتالي إستبدالهم و ربما محاكمتهم, بعد ما وصلت الأمور إلى نهايتها و دقتْ ساعة الخطر لأستبدال الحكومة بأخرى شبيه بأنظمة (المنطقة الكبرى) (الكراند إيريه) التي رسم خارطتها السيد هنري كيسنجر!

ففي مقال هامّ كتبتهُ قبل أكثر من ثمانية أعوام و الذي صعب على "دعاة اليوم" كما أقرانهم في التحالفات فهمه و هضمه بعنوان؛ (الأسوء الذي سيواجه العراق بعد الأرهاب), قلتُ فيه بوضوح: [إنّ صفحة آلأرهاب العسكريّ – القاعدي – ثم الداعشي لاحقاً أمده قصير لكنّه مكلف و ستنتهي في غضون سنوات, لكن الأرهاب الحقيقيّ الأقسى و الأقوى الذي سيبقى ليحدّد مصير الحكومة و العراق من ورائه؛ هي (القروض) النقدية و (التمويلية) المشتركة, لذلك على المسؤوليين الوقاية من وقوع .. بل تكرار ما فعله وزير المالية السّابق السيد (باقر جبر صولاغ) بسبب جهله بأبعاد الموضوع لأنه كان يرى رأس أنفه فقط] و ما كان يقرره كانت بآلحقيقة توصيات مستشاره المالي الذي إعتبر التوقيع على الأتفاقية الدولية نصر كبير للأسف, لكن الأكثر حزناً و الذي نأسف له حقاً, هو أن رئيس الوزراء كما رئيس الجمهورية بجانب آلأئتلاف الوطني قد باركوا و هلهلوا لتلك القروض و آلصفقات و إعتبروها إنجازاً وطنياً كبيرأً و عملاقاً سجلت بإسم إئتلافهم!

و قد أكدت في مناسبات كثيرة؛ بأن تلك (القروض) ستشكل عبئاً ثقيلاً و ستكون بمثابة حبل المشنقة التي ستلتف ليس فقط على أعناق الحاكمين الذين أثبتوا عدم كفائتهم و قشرية ثقافتهم .. بل أصبح اليوم سببأً في إقصائهم ثمّ هروبهم لملاجئهم في دول الغرب و الشرق؛ و همي الوحيد هو من ذلك آلحبل الذي قد يلتف حتى على عنق الشعب المسكين الذي ذهب ضحية جهلهم و فسادهم و كأنّ آلأئتلافات أقسموا على تدمير الشعب لنصرة القوى الأستكباريّة التي إستطاعت إستغفالهم كما إستغفلت صدام من قبل ..

لقد كان كل ذلك الخراب من قبلهم للحصول على بضع ملايين من الدّولارات كأجرٍ للسياسيين الذين حصلوا عليها من خلال الرّواتب المليونية و العقود و المخصصات التي تقاسمها الكتل و الأئتلافات الحاكمة بآلتساوي تقريبأً!

و الذي (زاد الطين بلّة) و أسرع في إلتفاف حبل الموت على أعناق الجّميع هي مفاجأة هبوط أسعار النفط .. المورد الرئيسي الأول للعراق؛ ممّا دفعت الحكومة إلى زيادة صفقات الديون الكبيرة و عقد إتفاقيات متعددة و متوالية مع رفع إنتاج النفط(2) بلا حساب أو دراسات علميّة و بفوائد كبيرة يكون دفعها بآلآجل و لأزمان متوسطة و قصيرة الأمد لتمشية الأمور و دفع الرّواتب الآنية, و عدم الأكتراث بآلمستقبل المجهول الذي لا يضمنه سوى المشاريع المحلية و البنى التحتية, و التي طالما نبّهنا عليها مراراً و تكراراً!

و آلعامل الذي غرَّرَ الحكومة العراقية لتبذير أموال الشعب بلا تأمل و تدبّر, هو إرتفاع أسعار النفط الجنوني و المفاجئ بداية عام 2010 و لغاية 2014 ممّا سبّب إنشراحاً كبيرأً في قلوب الحاكمين, أدّى إلى تبذير جميع العائدات النفطيّة الكبيرة بلا حساب أو كتاب أو برنامج علميّ, حيث إرتفعت العائدات السنوية من 138 مليار دولار في 2009 إلى 168 ملياراً في 2011, بجانب توقعات خاطئة غير محسوبة وقتها بإستمرار إرتفاع الأسعار ليصل إلى 218 ملياراً بنهاية 2013م و إعتقادهم بتصاعد الأسعار كلما تقدم الزمن, بينما حقيقة الأمر لم تكن سوى مصيدة من قبل (المنظمة الأقتصاديّة العالميّة) التي تدير العالم و (المنطقة الكبيرة) لأيقاع العراق بآلدرجة الأولى في مأزق كبير, كان و سيكون المتضرر الأكبر في هذا الوسط هو الشعب العراقي الذي إعتمد هؤلاء الحكام .. الذين إعتمدوا بدورهم على النفط بآلدرجة الأولى!

هذا الشعب المسكين الذي كان و ما يزال يواجه الأرهاب العسكري و آلفساد السياسي – الأقتصادي الممتد من زمن النظام السابق بل و ما قبله, حيث دفع لوحده ضريبة ذلك الفساد و التصرفات الصبيانية - الجاهلية الغير مدروسة للحاكمين الذين عبثوا بحقوق الناس, من خلال النظام العلماني و القانون الوضعي و نهج وعقيدة و فكر و ثقافة "دعاة اليوم" و الأئتلافات الأخرى التي لم تتسلط على رؤوس الناس إلاّ لسرقة أموالهم في كل الأحوال و تدمير العراق!

و يا ليت تلك (القروض) كانت تُستخدم للبناء و آلمشاريع ألأنتاجيّة ذات الأبعاد الستراتيجية البنيوية في الصّناعة و الزّراعة و الأنتاج العلميّ أو حتى في المجال آلخدمي على الأقل؛ و للأسف معظمها سُرقت أو ذهبت كرواتب للحكام و المسؤوليين و الوزراء و النواب الذين لا يتجاوز عددهم 5 آلاف, مع أكثر من خمس ملايين موظف عاطل عن العمل الحقيقي البنيوي تقريباً مع مليون و نصف عسكري منشغلين بآلقتال مع داعش, يضاف لهم جيوش من الحمايات الفضائية و الخدمات الخاصة بآلمسؤوليين و الرؤساء, بحيث أنّ بعض تلك الديون كانتْ تُقسّم على الكيانات و الأئتلافات و مراكزهم حتى قبل إستلامها من الدائنين الدوليين, كحصة الأكراد الذين باتوا يُشكّلون أخطر كيان إنفصالي برئاسة حزب السيد البارزاني ضد العملية السياسية و ضد حكومة المركز, و لم يكونوا لحدّ هذه اللحظة سوى مستهلكين طفيليين و كسكين في خاصرة الأمة, حيث لم يُقدموا للعراق و حتى للشعب الكردي نفسه شيئا يضمن مستقبلهم الهش المهزوز .. بسبب تنسيق و إصطفاف سياسييهم الحاقدين بشكل عجيب مع المخططات الأجنبية التي أنهكت كلّ العراق, معتقدين – لجهلهم - بأنّ نجاتهم و قوتهم هو في إضعاف المركز كلّ ما أمكن لغرق سفينة العراق, متناسين و جودهم فيها, معتقدين بأن نجاتهم على جبال كردستان التي ستعصمهم من الغرق!

و الذي يحزُّ في النفس أنّ الصّدر الأول بَيَّنَ قبل أكثر من نصف قرن سابقا جميع العلماء ملامح الأقتصاد الأسلامي و كذلك الأبعاد الخطيرة للنظام الرأسمالي و الأشتراكي الشّيوعي اللذان لا يعيران أهمية للقيم و النظم الأخلاقية و العدالة في توزيع الأنتاج, و كذلك بيان الخطوط العريضة للبنك اللاربوي الذي طبقه الدولة الأسلامية في إيران, بجانب الخطواط العملية لتطوير الأقتصاد و كيفية الأستفادة من منابع القدرة؛ لكن للأسف نرى في المقابل أنه لا أحد من "دعاة اليوم" الحاكمين قد إطلع و فهم و أدرك أبعاد تلك الأبحاث الهامة و التطبيقات العملية, و اصل آلمشكلة يعود إلى الغرور الكاذب الذي أصاب "دعاة اليوم" .. فأنّكَ حين تسألهم مثلاً؛ [هل قرأتم "إقتصادنا" أو "البنك اللاربوي" أو غيرها من البحوث الأساسية في النظام الأسلامي]؟
يأتيك الجواب سريعاً, نعم .. نعم قرأناها و نعرفها, و عندنا تسأله عن أهمّ فقرة أو أساس في تلك المباحث, يُتمتم هازّاً رأسه مع ملامح الرفض و التنفر ليقول كاذباً: ( نعم .. أعرف ذلك, لقد قرأتها)!

أما عن كيفية تطبيق النّظرية الّلاربويّة في إدارة الأموال العامة و المطبقة بشكل علمي و شرعي في الدولة الأسلامية و كذلك إدارة منابع القدرة؛ فأنّهم يجهلون حتى أبجدياتها للأسف الشديد, لذلك قلتُ لهم بعد ما قرأتُ أحد بياناتهم الركيكة و السّطحية التي صدرت 2013م بشأن الوضع العراقي؛
[أتعجب من أمركم .. كيف تريدون إقامة دولة عادلة بهذه البيانات .. و هذا المستوى الثقافي و الفكري المنحط الذي يدلل على الغرور و الجهل و الضياع بسبب لقمة الحرام التي ملأت بطونكم؟]!؟

و في أحد آلمرات إلتقيتُ أحد "دعاة اليوم" الذي كان يدعي و عمه بكونهم من قيادات "دعاة اليوم", و كان يمشي بخيلاء لا تطيقه الأرض و لا الجبال, متعالياً على أصدقائه و حتى أهله و أخوته و بناته الذين تركهم بدار الغربة ليتزوج من أخرى في بغداد, بعد ما حصل على منصب مرموق بآلمحاصصة طبعأً من قبل الحكومة العراقية, سألته أثناء زيارته القصيرة لكندا عام 2005م:

[لماذا كلّ هذا الفساد و الفوضى في الحكومة, رغم وضوح القضايا و تجارب التأريخ خصوصا تجربة الدولة الأسلامية التي شهدناها]؟
أجاب : الوضع معقد لكننا نسيطر على كل شيئ و المستقبل لنا.

ثم سألت ذلك "القائد":

[أ لا تعتقد بأنّ علّة العلل يعود لفقدان دعاة اليوم إلى برنامج سياسي – إقتصادي – ثقافي كبديل للنظام السابق, و كذلك خضوعهم بآلمقابل و إستكانتهم أمام الحاكم الأمريكي و مخططهم الرّهيب في الشرق الأوسط الذي خططوا له من بداية السّبعينات لتنفيذ خارطة (المنطقة الكبري) بحسب تنظيرات وزير الخارجية الأمريكي ألسّيد (هنري كيسنجر) الذي حصل على جائزة نوبل و هو أشهر من علم في العالم؟]

و لكن بعد أن إستمعت لجوابه؛ تبيّنَ .. إنّهُ ليسَ فقط لم يسمع بمخطط (المنطقة الكبرى), بلْ يجهل حتّى معرفة تأريخ و دور (هنري كيسنجر)(3)‍ في أمريكا و العالم و بآلذات في آلشّرق الأوسط و منطقة الخليج من أجل السيطرة على منابع الطاقة عن طريق خلق أنظمة موالية لأمريكا 100%, و لَكَ من هذا .. أنْ تقيس مستوى و وعي "دُعاة اليوم" لتكشف مدى جهلهم, بحيث لا يعرفون حتى أهميّة و علاقة الأقتصاد بآلسّياسة التي عرّفها الغربيون تعريفاً أحاديّاً متطرفاً بكونها (فنّ إدارة الأقتصاد)!

فعلى الرغم من أنّ الحكومة العراقية بعد 2003م ورثت بعد سقوط النظام الدكتاتوري؛ تركة ثقيلة من الدِّيون المالية و آلاقتصاديّة و آلأجتماعيّة التي كانت سببا ًلهلاكه بجانب تدمير كامل البنى التحتيّة و كان اشدها تاثيراً هي (المديونية الخارجية) الكبيرة و التي قُدّرت انذاك بين 130ـ 140 مليار دولار شكّلت ما بين 500ـ 600% من الناتج الاجمالي و حوالي 700ـ800 من موارده في ذلك الوقت و آلتي تطلبت التعامل معها بحكمة ٍللتخلص منها و عدم تكرارها لأنّ استمرار و تراكم الدّيون ستؤدي الى عدم استعادة الاقتصاد العراقي عافيته بسبب الطوق الخانق من قبل الدائنين للعراق مع الفوائد و الضرائب المتلاحقة التي لا تنتهي بسهولة .. اضافة الى عدم تشجيع تدفق رؤوس الاموال الأجنبية للأستثمار, و رغم محاولات المسؤولين العراقيين و بتشجيع الكثير من الاقتصاديين و المثقفين العراقيين؛ للتعامل السلبي مع هذه الديون؛ و بالرغم من انه كان سائدا في الشارع العراقي و اوساط بعض الاقتصاديين و المثقفين برفضها لأنها منحت للنظام السّابق لتمويل الفتنة الحربية لأشعال الحرب مع دول الجوار, و انها لم تستخدم لاغراض البناء و التنمية لتحقيق الرفاهية للشعب العراقي .. بل العكس استخدمت لتدمير البنى التحتية والاقتصاد و آلأمن في المنطقة, لكن المسؤولين بدل رفض تلك الديون .. دفعوا الكثير منها, و سمحوا لشركات الدول الدائنة بآلأستثمار المضمون لصالحهم في مجال قطاع النفط كبدائل عن الديون!

كل هذا الفساد و الخراب و الضعف, بسبب فقدان الأرادة لدى المسؤوليين و إنتشار آلفساد الأداري داخل الحكومة, و كذلك عدم إعتراف القانون الدولي بحذف الديون البذيئة بدعوى ان الحكومات المتعاقبة مسؤولة قانونا" عن تصرفات الحكومات التي سبقتها و هناك تجارب كثيرة سبقتنا في هذا المضمار, و نسى الحكام الجدد بأنّ نظام صدام كان مرفوضاً من قبل جميع دول العالم بما فيهم دول المنطقة و قبلهم جميعاً الشعب العراقي الذي لاقى الأمرين بسببهم.

و رغم وضوح تلك التجربة المريرة الثقيلة أمام الحكومة العراقية الجديدة التي أعقبت حكومة النظام الصّدامي بعد 2003م؛ إلاّ أنّ الحاكمين كرّروا نفس القضية و بشكل أكبر و أسوء ممّا فعله النظام السابق و من دون النظر لعواقبها, حيث تمّ هدر كلّ الدّيون الجديدة إمّا في مشاريع وهمية أو رواتب مليونية و الباقي في الحرب ضد داعش الأرهابي, ليصل العراق في النهاية إلى طريق مسدود بسبب الأفلاس المالي و الفكري و الثقافي و العقائدي الذي نشهده اليوم بوضوح!

و كانت اليابان أوّل دولة أقرضت العراق, ثم تعاظمت تلك الديون بعد توقيع اتفاقية SBA من قبل العراق في كانون الأول عام 2005م.

لقد إشتركت بل و سارعت جميع وزارات الحكومات المركزية من خلال معظم وزارائها بفتح باب إلأقراض و الدّيون التي باتت لا تطاق بسبب العجز الكبير في الميزانية و حالة الأفلاس, خصوصا بعد ما تعدّت ديون العراق الجديدة أكثر من مئة مليار دولار!

هذا على آلرّغم من أنّ الصّدر الأول سبق جميع فلاسفة و فقهاء المسلمين مُبَيّناً و موضحاً ملامح و أهمية و دور (آلأقتصاد الأسلاميّ) في أوّل كتابٍ منهجيّ بهذا آلشّأن عُرِفَ بـ (إقتصادنا) بجانب سلسة (منابع آلقدرة في الدّولة الأسلاميّة) و التي ليس فقط لم يُفعّلها الدّعاة و من تحالف معهم لتطبيقها على أرض الواقع, بل تبيّنَ بأنّهم لم يفهموا و ربما لم يقرؤا حتى تلك (الينابيع الفقهية الفلسفية) التي تعدُّ بمثابة الأساس لأدارة المجتمع بإتجاه العدالة السّماوية و كما فعلت الدولة الأسلامية(4).

و تعتبر المباحث التي كتبها الصّدر الأول في المجال الأقتصادي و الماليّ بمثابة الأسس المنهجيّة الرّصينة لمعالم المجتمع الأسلاميّ, حيث إضاف لها العلماء المتخصصين في الدّولة الأسلاميّة بعد نجاح الثورة مباحث تفصيليّة تمّ تطبيقها عملياً و أثبتتْ نجاحها أيضا, خصوصا في مجال التنمية و البنوك و الأستثمارات الشرعية الغير الرّبوية, و كان من الضّروري الأطلاع على ذلك النظام القائم اليوم على أرض الواقع من قبل الحكومات العراقية, لكن يبدو أنّ هَمَّ "دعاة اليوم" ليس هذا بتاتاً .. بل جاؤا للحكم بإسم الصدر و "آلدعوة" مرّة واحدة و لقضيّة واحدة تُختصر بكسب عدّة ملايين من الدّولارات لتأمين مستقبل أبنائهم و مقربيهم!

و لا أدري هل هؤلاء الجّهلاء يعتقدون بأنّ قيمة (الجّنة) التي و عدنا بها الله تعالى يُحتمل وجودها بنظرهم .. و إنها لا تعادل أكثر من ذلك آلثمن .. فتمّ بيعه بدنياً ستزول عاجلاً لنواجه رب حكيم عادل لا تفوته مثقال ذرة من الخير و الشر؟
و لا حول و لا قوة إلاّ بآلله العليّ العظيم!
عزيز الخزرجي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) سورة هود/آية 112.
(2) لجهل و عدم مصداقية الحكومات المتعاقبة على العراق سابقاً و لاحقاً, و عدم شفافية وزراء الكتل و حتى اللجان النيابية خصوصا الأقتصادية في بيان مقدار و عدد العقود و القروض المليارية و كيفيتها بدقة أمام وسائل الأعلام و الشّعب بجانب عقود الأستثمارات ألسّلبية و آثارها المستقبلية, بسبب التستر عليها من قبل رؤوساء اللجان البرلمانية و آلوزراء المتواطئين؛ لذلك لا نملك – و حتى أعضاء البرلمان أنفسهم - أحصائياتٌ دقيقة حول هذه المسألة المصيرية الخطيرة!
حتى إنّ السيد الجلبي(رحمه الله) ألرّئيس السّابق للجنة المالية في مجلس النواب قبيل وفاته, حاول عدة مرات كشف بعض أوجه الفساد و بيان البعض من تلك الأرقام و الصّفقات - و التي جاءت متأخرة بسبع سنين - بخصوص الدّيون و التحويلات المصرفية و النّهب و الفساد الذي مارسه أعضاء الأئتلافات و الأحزاب في البنوك العراقية بآلتواطؤ مع آلبنوك الأردنيّة و الأماراتيّة و الأجنبيّة؛ لكن ليس فقط لم يسمعهُ – أيّ الجلبي - أحد بل إن الأيادي العميلة الفاسدة و ما أكثرها في الحكومة و البرلمان قد إغتالته بصمتٍ و بلا ضجيج أو عيارات نارية ليستمر الفساد حتى يومنا هذا, و رغم هذا التكتم الشديد و المقصود على مسألة القروض و الأتفاقيات المالية و الحوالات المصرفية؛ لكني مع ذلك أعتقد و بحسب المؤشرات و الأرقام التي حصلت عليها؛ بأنّ مجموع الدّيون النّقدية وصلت لأكثر من 50 مليار دولار, بجانب العقود التمويلية المشتركة التي وصلت 50 مليار دولار أيضاً مع الفوائد و الضرائب المترتبة عليها, بجانب مئتي مليار دولار سرقت عن طريق الحوالات المصرفية.
بدأ مشكلة العراق تتفاقم على هذا الصعيد منذ سقوط النظام عام 2003م , حين شرعت الحكومة بأخذ القروض من دول العالم التي إشترطت ان توقع الدولة المَدينَة مع صندوق النقد الدّولي اتفاقية ( EPCA ) و اتفاقية المساندة (SBA ) ( Stand by Arrangement) و هذا التغير و للأسف الشديد إعتبره بعض الأقتصاديين العراقيين و منهم خبراء وزارة المالية مع وزيرها اول نصر يُحقّقه العراق في مفاوضاته مع نادي باريس؛ بينما في الحقيقية تُعتبر بدء العدّ التنازلي للعراق حكومة و شعباً بسبب المآسي التي خلّفتها تلك الديون بعد مضي بضع سنوات عليها!
فآلهيمنة الأمريكية على دول جنوب أمريكا و ماليزيا و أندونيسيا و مصر و غيرها لم تكن إلاّ بسبب القروض المليارية التي أسقطت حكومات و أبدلت أنظمة كان يمكن أن تختار طريقاً آخر تسلم فيها من كيد الدائنين و مخططاتهم.
و على الرغم من أنّ الحكومة العراقية بعد 2003م ورثت بعد سقوط النظام الدكتاتوري البائد؛ تركة ثقيلة من الدِّيون المالية و آلاقتصاديّة و آلأجتماعيّة بجانب تدمير كامل البنى التحتيّة و كان اشدها تاثيراً هي المديونية الخارجية الكبيرة و التي قُدّرت انذاك بين 130ـ 140 مليار دولار شكّلت ما بين 500ـ 600% من الناتج الاجمالي و حوالي 700ـ800 من موارده في ذلك الوقت و كان لا بدّ من التعامل مع هذه المديونيّة بحكمة ٍللتخلص منها و عدم تكرارها لأنّ استمرار و تراكم الدّيون ستؤدي الى عدم استعادة الاقتصاد العراقي عافيته بسبب الطوق الخانق من قبل الدائنين مع الفوائد و الضرائب المتلاحقة التي لا تنتهي بسهولة .. اضافة الى عدم تشجيع تدفق رؤوس الاموال الأجنبية للأستثمار, و رغم محاولات المسؤولين العراقيين و بتشجيع الكثير من الاقتصاديين و المثقفين العراقيين؛ للتعامل الواقعي مع هذه الديون و بالرغم من انه كان سائدا في الشارع العراقي و اوساط بعض الاقتصاديين و المثقفين بعدم التعامل مع هذه الديون و رفضها لأنها منحت للنظام السّابق لتمويل الفتنة الحربية لأشعال الحرب مع دول الجوار و انها لم تستخدم لاغراض البناء و التنمية لتحقيق الرفاهية للشعب العراقي بل العكس استخدمت لتدمير البنى التحتية والاقتصاد, لكن المسؤولين بدل ذلك دفعوا الكثير من تلك الديون, و آلسماح لشركات الدول الدائنة بآلأستثمار المضمون في مجال النفط لصالحها, بسبب ضعف المسؤوليين و آلفساد الأداري داخل الحكومة و كذلك عدم إعتراف القانون الدولي بحذف الديون البذيئة و ان الحكومات المتعاقبة مسؤولة قانونا" عن تصرفات الحكومات التي سبقتها و هناك تجارب كثيرة سبقتنا في هذا المضمار.
و رغم وضوح تلك التجربة المريرة الثقيلة أمام الحكومة العراقية الجديدة التي أعقبت حكومة النظام الصّدامي بعد 2003م؛ إلاّ أنّ الحاكمين كرّروا نفس القضية و بشكل أكبر و أسوء مما فعله النظام السابق و من دون النظر لعواقبها, حيث تمّ تدمير كلّ الدّيون الجديدة إمّا في مشاريع وهمية أو رواتب مليونية و الباقي في الحرب ضد داعش الأرهابي, ليصل العراق في النهاية إلى طريق مسدود بسبب الأفلاس المالي و الفكري و الثقافي و العقائدي مجتمعةً!
و كانت اليابان أوّل دولة أقرضت العراق, ثم تعاظمت تلك الديون بعد توقيع اتفاقية SBA من قبل العراق في كانون الأول عام 2005م.
لقد إشتركت بل و سارعت جميع وزارات الحكومات المركزية من خلال معظم وزاراتها بفتح باب الدّيون التي باتت لا تطاق بسبب العجز الكبير في الميزانية و حالة الأفلاس, خصوصا بعد ما تعدّت ديون العراق الجديدة أكثر من مئة مليار دولار!
ان اتفاقيات الاقتراض و التوقيع عليها و ابرامها من اختصاص الحكومة الاتحادية حصراً استناداً الى البند اولاً من المادة 110من الدستور، وان وزارة المالية ونيابة عن حكومة العراق ( وزير المالية ) هو المخول الوحيد لتوقيع القروض الخارجية.
ابرمت جمهورية العراق في السّنوات الاخيرة عدد من اتفاقيات القروض مع دول وجهات دولية مختلفة كانت في معظمها قروض ميسرة اعتادت تلك الدول والمؤسسات تقديمها الى الدول الاكثر فقراً في العالم الا ان هذه الجهات المقرضة رغبة منها في تعزيز علاقاتها الاقتصادية مع العراق و مساعدتها في اعادة البنى التحتية و تطوير اقتصادياتها قدمت هكذا قروض ميسرة الى العراق على الرغم من تصنيفه دولياً في خانة الدول ذات الدخل المتوسط هذه القروض هي :
اولاً :- القرض اليـــابانــي
في عام 2003 و تحديداً في مؤتمر الدول المانحة لاعادة اعمار العراق الذي عقد في مدريد تعهدت الحكومة اليابانية ضمن برنامج المساعدة التنموية (Official Development Assistance) ODA بتقديم (5 مليار دولار)امريكي للعراق بواقع (3,5)مليار دولار على شكل قرض ميسر قابل للاسترداد وبالشروط التالية :-
معدل الفائدة :-0,65
عمولة الالتزام :-0,1
مدة القرض :- 40 سنة بضمنها 10 سنوات فترة امهال
كذلك 1,5 مليار دولار كمنحة تم ايداعها في صندوق اعادة اعمار العراق.
بلغ المبلغ الاجمالي للقروض المقدمة للعراق من الحكومة اليابانية (470791)مليون ين ياباني مايعادل 4,715 مليار دولار امريكي .
تم الالتزام بمبلغ القرض من قبل الحكومة اليابانية على شكل مشاريع تضمنت عدة قطاعات اهمها (البنى التحتية ،التعليم،الكهرباء،الماء والصرف الصحي، الصحة، النفط) وبواقع 20 مشروع موزعة على جميع انحاء القطر.
ثانياً :- قروض البنك الدولي (Word Bank )
1.مؤسسة التنمية الدولية International Development Association
سبق و ان وقعت جمهورية العراق خمسة اتفاقيات مالية مع مؤسسة التنمية الدولية (IDA ) لتمويل مشاريع البنى التحتية في العراق بمبلغ قدرة ( 500 مليون دولار) و بالشروط الآتية :-
مدة القرض 35 سنة بضمنها عشر سنوات فترة أمهال .
خدمات أدارية 0,75 % سنوياً .
عمولة التزام 0,5 % سنوياً كحد أقصى .
موزع على القطاعات ( الكهرباء ، الماء ،التربية ،طرق وجسور)
البنك الدولي للانشاء والتعمير IBRD
قرض سياسة التنمية المستدامة لدعم الموازنة & Development Bank For Reconstruction
تم الحصول على قرض بقيمة 250 مليون دولار في عام 2010 (قرض سياسة التنمية المستدامة )DPL (Development policy loan) لدعم الموازنة وكانت شروطه كالاتي :-
مبلغ القرض 250 مليون دولار
معدل الفائدة الايبور + هامش ثابت بنسبة 0,6% كل ستة اشهر
مدة القرض 15 سنة بضمنها 4 سنوات فترة امهال
البنك الدولي للانشاء و التعمير IBRD
قرض مشروع ممرات النقل (TCP) Transport Corridors project
مبلغ القرض 355 مليون لصالح وزارة الاعمار والاسكان
تاريخ توقيع الاتفاقية 2/3/2014
مدة القرض :- 15 سنة بضمنها (5) خمس سنوات فترة امهال
معدل الفائدة =الايبور +هامش والتي تتراوح بحدود 1،5% نصف سنوية
الهدف من القرض
سيتم تمويل تنفيذ مشاريع طرق الاتية :-
(الناصرية –الرميلة ) بطول 145كم و(رميلة – بصرة )و(رميلة –صفوان )بطول 112ك
ثالثاً :- قرض صندوق النقد الدولي IMF
ضمن اتفاقية الاستعداد الائتماني SBAمع صندوق النقد الدولي لعام 2010 تعهد صندوق النقد الدولي بتقديم مبلغ (2376) مليارSDR خلال عام 2010،2011 لدعم الموازنة وفق الشروط الاتية :-
مدة القرض 5سنوات منها 3سنوات فترة امهال
كلفة الادارة 0,5% سنويا
عمولة الالتزام 0,15 % سنويا
المبلغ الملتزم به (1056) مليون S
رابعاً :- القرض الايطالي
و يتضمن الشروط الاتية :-
مبلغ القرض 400 مليون يورو
معدل الفائدة 0,20% سنويا
مدة القرض 16 سنة بضمنها 8 سنوات فترة امهال
المبلغ الملتزم به 100 مليون يورو
المبلغ المتبقي 300 مليون يورو خصص لميناء الفاو ولصالح وزارة النقل
تعهدت ايطاليا بتقديم قرض بقيمة 400 مليون يورو على مدى ثلاث سنوات بموجب اتقاقية التعاون الموقعة بين البلدين في عام 2007وقد تم التوقيع على الشريحة الاولى من القرض بمبلغ 100 مليون يورو بتاريخ 23/10/2008 خصص لدعم القطاع الزراعي وتنشيط القطاع الخاص الزراعي في العراق وتم تخصيص المبلغ الى وزارتي الزراعة والموارد المائية لاستيراد مكائن ومعدات ،ونود الاشارة الى ان هذا القرض يمثل تسهيلات ائتمانية .لاستيراد سلع ومعدات ايطالية المنشا فقط.
و قد صرّحت اللجنة المالية في مجلس النواب العراقي بشأن إجمالــــــي ديــــــون العـــراق الخارجيـــة النقدية التي بلغت 39 مليــــــــار دولار, لحد عام 2012م, لتصل بعدها إلى أكثر من الضعف مع حلول عام 2016م, بشرط تسديد بعضها في غضون سنتين.
و قد كشف تقرير صادر عن دائرة البحوث بمجلس النواب ان ديون العراق الخارجية لغاية 31/12/2012 تم تصنيفها الى أربعة اصناف؛
ديون دول نادي باريس ،
ودول خارج نادي باريس
و الدائنون التجاريون ،
وديون مجلس التعاون الخليجي ،
يبلغ إجماليها أكثر من 39 مليار دولار، توزعت على النحو الآتي:
1- ديون دول نادي باريس وعددها 18 دولة وتبلغ اكثر من تسعة مليار و444 مليون دولار حيث خفضت ديونها بنسبة 80% عدا الولايات المتحدة الاميركية والدنمارك اللتان خفضتا ديونهما بنسبة 100% و كذلك روسيا التي خفضت ديونها بنسبة 92% ، وتم اعادة جدولة المتبقي و البالغ 20% .
2- الدول الدائنة من غير أعضاء نادي باريس وتبلغ أكثر من مليارين و712 مليون دولار وتمــــــت تسوية ديون كل من بلغاريا ، صربيا ، تونس، بموجب عرض الشراء النقدي من خلال تسديد نسبة 10.25% من اجمالي ديونها نقداً والغاء النسبة المتبقية والبالغة 89.75% ، كما ألغت كل من مالطا، قبرص، سلوفاكيا، الجزائر كامل ديونها بحق العراق .
3- الدائنون التجاريون الكبار والبالغة أكثر من 118 مليون دولار .
4- ديون دول مجلس التعاون الخليجي البالغة 27 مليارا و639 مليون دولار ، وقد ارسلت وزارة المالية مسودة اتفاقية ثنائية الى وزارة المالية لدولة الامارات العربية تقضي باطفاء ديونها بنسبة 100% بعد اعلانها ذلك ومازالت الامارات تدرس تلك المسودة.وأشار التقرير الى ان اجمالي ديون العــــــــــــراق الخارجية بلغ نهاية سنة 2012 أكثر من 39 مليارا و914 مليون دولار وبين ان العراق حصل بموجب الاتفاق الموقع مع دول نادي باريس الى الغاء نسبة 80% من اجمالي الديون الخارجية وتم اعادة هيكلة المتبقي منها و البالغة 20% وتسديدهــــــــا خلال 17 سنة الى اقساط نصف سنوية بموجب 34 قسطاً يستحق تسديدها اعتباراً من عام 2011 ويستمر لغاية 2028 ويكون التخفيض على ثلاثة مراحل ،تتضمن الأولى تخفيض بنسبة 30% عند توقيع الاتفاق وتم ذلك في 21/11/2004 و تخفيض نسبة 30% عند توقيع اتفاقية SBA وقد تم ذلك فعلا في كانون الأول عام 2005 وتخفيض نسبة 20% عند اكمال العراق جميع التزاماته الواردة في (SBA) في نهاية كانون الأول عام 2008.ولفت تقرير مجلس النواب الى ان دول مجلس التعاون الخليجي وكلا من السعودية و الكويت و قطر قدمت مطالبها لصندوق النقد الدولي و حاول العراق و من خلال وفد ارسله للتفاوض مع هذه الدول بغيــــــــة اطفاءها بنسبة 100% لكنها لم تتخذ أي قرار بشأن تسوية تلك المطالبات.
في مارس 2012، تم توقيع اتفاق بين الحكومتين الكويتية و العراقية، و خلال الزيارة التي قام بها رئيس الوزراء العراقي، نوري المالكي للكويت، بقيمة 500 مليون دولار لتسوية ديون مستحقة للكويت على العراق، وبمقتضى الاتفاق يدفع العراق 300 مليون دولار نقداً للكويت و يستثمر 200 مليون دولار أخرى في شركة طيران كويتية - عراقية مشتركة، و أن تقوم الكويت في المقابل بوقف اجراءات قانونية ضد الخطوط العراقية كانت تمنعها من تسيير رحلات الى بعض المناطق.
وقد فتح هذا الاتفاق الباب أمام الحديث عن التفكير في بدائل اقتصادية لتسوية الديون المستحقة للكويت على العراق والتي يعود بعضها لأكثر من ربع قرن، وما قدمته الكويت للعراق خلال الحرب العراقية الايرانية بين عامي 1980 و1987، بينما يعود القسم الأكبر منها لما رتبه الغزو العراقي لدولة الكويت في أغسطس 1990.
هذا الباب الذي تم فتحه، أثار جدلا كبيراً بين المؤيدين و المعارضين لهذا الطرح، القائم على تحويل هذه الديون لاستثمارات كويتية مشتركة في العراق، و كذلك الجدل حول أسباب و دوافع التفكير في هذا الاتجاه، و ما هو المطلوب من جانب الكويت لضمان نجاح ذلك، و ما هي حجج و مبررات كل من المؤيدين و المعارضين؟
خاصة و أن فكرة تحويل الديون الى استثمارات ليست فكرة جديدة بل لها سوابق تاريخية كما حدث في القارة الأوروبية بعد الحرب العالمية الثانية، حيث أعادت الدول المنتصرة (بريطانيا، فرنسا، الولايات المتحدة) اعمار الدول المنهزمة و الاستثمار في (ألمانيا)، حتى اصبحت ألمانيا اليوم أهم و أكبر اقتصاد في منطقة اليورو، و فيها استثمارات اوروبية متنوعة، بل انها اليوم تقوم بالدور الأكبر في مواجهة أزمة الديون السيادية للدول الأوروبية.
و رغم التخفيضات في ديون العراق من قبل بعض الدول في المجموعات الأربعة المذكورة, إلا أن إجمالي تلك الديون تضاعفت خلال الثلاث سنوات الأخيرة, بسبب الحرب و تعطل الأقتصاد و هبوط أسعار النفط.
فالمجموعة الأولى المكونة من دول نادي باريس الدائنة، وعددها 18 دولة، بلغت ديون العراق لهذه الدول نحو 51.6 مليار دولار، و في 2004/11/21وقعت اتفاقية بين حكومة العراق و دول نادي باريس، و تضمن محضر الاتفاق تخفيض مقدار الدين بنسبة %80 وعلى ثلاث مراحل (%30، %30، %20) وكان التخفيض الثالث في 2008/12/31، و تم تعزيز ذلك بموجب ترتيبات بين العراق وصندوق النقد الدولي، وأصبح الرصيد المتبقي بعد التخفيض الثالث 9.9 مليارات دولار.
أما المجموعة الثانية: فهي الدول الدائنة من غير أعضاء نادي باريس، وعددها 26 دولة، وبلغت مديونيتها (17.9) مليار دولار، وقد وافقت على التسوية (12) دولة بنفس شروط نادي باريس لتسوية ديونها والتي بلغت 2.9 مليار دولار، وهناك (14) دولة لم يتم تسديد ديونها لاسباب عديدة منها عدم مطابقة مديونيتها، أو لكونها مديونية تمت بعد عام 1990 ومخالفة لقرارات الامم المتحدة، أو أنها لم تقرر تقديم مطالبتها بموجب شروط نادي باريس وتقدر ديون هذه المجموعة بحوالي (15) مليار دولار، وبذلك يكون اجمالي الدين لهذه الدول (الـ26) قبل التخفيض 17.9 مليار دولار، وأصبح بعد التخفيض 2.9 مليار دولار.
و المجموعة الثالثة: دول الخليج الدائنة (المملكة العربية السعودية والكويت وقطر) و تراوحت مطالباتها بين 30 – 40 مليار دولار، و الامارات العربية المتحدة و قدرت مطالباتها بـ7 مليارات دولار وقد أسقطتها الامارات بمبادرة منها.
و المجموعة الرابعة: الديون التجارية وتبلغ أكثر من (20) مليار دولار، موزعة بين مؤسسات مالية ومجهزين والتزامات مباشرة للجهات الرسمية العراقية والشركات الأجنبية العاملة في العراق، وقد تم شراء قسم من الديون التجارية التي تقل مبالغها عن (35) مليون دولار نقداً بنسبة %10.25 وبلغ مجموع الديون المشتراة حوالي (3.9) مليارات دولار، وبلغ مبلغ الشراء 400 مليون دولار، أما الديون التجارية التي تزيد على 35 مليون دولار فقد تم شراؤها بسندات بنسبة %20 من اجمالي الدين بفائدة %5.8 سنويا ويتم تسديد الدين على (16) قسطا نصف سنوي اعتباراً من عام 2020، وكان المبلغ الذي تم شراؤه 14 مليار دولار، وتم الشراء بـ2.8 مليار دولار.
وهناك ديون تجارية رفضت العراق الالتزام بها لاسباب عديدة منها أنها غير مطابقة للسجلات أو تمت بعد عام 1990 خلافا لقرارات الامم المتحدة أو لم تقدم اصلا بسبب ضآلة نسبة الشراء.
و المجموعة الخامسة: ديون غير معالجة (معلقة): فهناك بعض الدول التي لم يتم معالجة ديونها، منها تركيا، المغرب، الاردن، ليبيا، الجزائر، الهند، الا أنه تم أخيرا تسوية الديون بين العراق والجزائر حيث تنازلت الجزائر عن ديونها البالغة نحو 400 مليون دولار.
ديون الكويت
قدرت بعض المصادر العراقية الديون النقدية المستحقة للكويت بمبلغ 15 مليار دولار ثلثها ديون نقدية سدد منها العراق مليارين ثم مليارين ونصف المليار في الثمانينات، وجزء منها عبارة عن سداد الكويت التزامات مالية عن العراق للآخرين، أو ضمان العراق تجاه الآخرين، أو ضمان القطاع الخاص الكويتي للحكومة العراقية، والجزء المتبقي من الديون الكويتية على العراق عبارة عن قيمة النفط الذي أنتجته وصدرته كل من الكويت والسعودية لصالح العراق ابان الحرب العراقية الايرانية.
فقد قامت الدولتان منذ بداية الثمانينات بتصدير نحو 50 ألف برميل نفط يومياً من المنطقة «المحايدة» بين البلدين في ذلك الوقت و«المقسومة» حالياً و هي «الخفجي»، ثم زادت كمية تصديرها النفطي لصالح العراق في نهاية الثمانينيات الى 240 ألف برميل في اليوم، ويتراوح اجماليها بين 4 الى 5 مليارات دولار وفقاً للأسعار آنذاك.
هذا في الوقت الذي صدرت فيه تصريحات عن وزير المالية العراقي، مارس 2012، جبر الزبيدي، ذكر فيها ان «الديون المترتبة بذمة العراق تجاه كل من السعودية والكويت، بلغت 21 مليار دولار بواقع 15 مليار دينار للمملكة العربية السعودية، و6 مليارات دولار لدولة الكويت». و في المقابل قدَّر بنك «أوف أمريكا ميريل لنش» ديون العراق للكويت بنحو 22 مليار دولار، هذا بجانب التعويضات المقررة للكويت والخاصة بتداعيات الغزو العراقي للكويت، بينما تبلغ ديون العراق للسعودية وفقاً لتقديرات البنك نحو 30 مليار دولار.
لكن الديون تزايدت على العراق بعد 2012م خصوصا بعد هبوط أسعار النفط التي هبطت بشكل مفاجئ لم يسبق له مثيل من 120 دولار للبرميل الواحد إلى أقل من 30 دولار بحسب مخطط مدروس لأجهاض الحكومات الغير المناسبة. فأضطرت الحكومة و حتى وزاراتها أن تستدين و تعقد الصفقات مع الدول و البنوك الأجنبية بشكل خاص و بلا علم الحكومة أحياناً, مما عرض الأمن الأقتصادي الذي سينجر على الأمن القومي للخطر و التدخل المباشر من قبل أصحاب الحق الذين داينوا العراق و بآلتالي لم تستطع الحكومة من الأيفاء بوعودها.
(3)Henry Alfred Kissinger -;- Born May 27, 1923) is an American diplomat and political scientist. He served as National Security Advisor and later concurrently as United States Secretary of State in the administrations of presidents Richard Nixon and Gerald Ford. For his actions negotiating the ceasefire in Vietnam (though never realized), Kissinger received the 1973 Nobel Peace Prize under controversial circumstances.
(4) تعتبر المباحث التي كتبها الصّدر الأول في المجال الأقتصادي و المالي بمثابة الأسس المنهجيّة الرّصينة لمعالم المجتمع الأسلامي المعاصر, و قد إضاف لها العلماء المختصّين في الدّولة الأسلاميّة مباحث تفصيليّة تمّ تطبيقها في البنوك و مشاريع البنى التحتية, و أثبتتْ نجاحاً عظيمأً, تمكنت من خلالها الدولة الأسلامية من قطع مسيرة الـ 300 عام التي قطعها الغرب بـزمن قياسي لا يتجاوز الثلاثة عقود في مختلف المجالات, خصوصا في مجال التنمية و البنوك و الأستثمارات الشرعية الغير الرّبوية بجانب التطور العلمي و التكنولوجي, و كان من الواجب على "دعاة اليوم" الأطلاع على ذلك النظام القائم اليوم عملياً على أرض الواقع, لكن يبدو أن هَمَّهم ليس هذا بتاتاً و مسألة الأقتصاد و البناء أمر لا يعنيهم بسبب إبتعادهم عن ذلك النهج .. و كأنهم جاؤا للحكم مرّة واحدة و لقضيّة واحدة تختصر بكسب عدة ملايين من الدّولارات لتأمين مستقبل أبنائهم و مقرّبيهم, و لا أدري هل هؤلاء الجهلة يعتقدون بأنّ قيمة الجنة لا تعادل أكثر من ذلك فباعوها و إشتروا بدلها الحياة الدنيا؟
و إ لّا بماذا يُفسّر محاولات إبعاد اهل الفكر و العلم و الثقافة الذين كشفوا المخططات الغربية و زيف الكثير من المدّعيات, و كتبوا المقالات العديدة بشأن ذلك؟
تلك المقالات التي كانوا يحاولون الأستفادة منها و نقشها بإسمهم حتى من دون ذكر صاحبها و مبدعها للأستهلاك الأعلامي لا غير!
و يا ليتهم كانوا موفقين و امناء بذلك النقل, لأنّ مجرد معرفة شكل أو عنوان تلك الموضوعات المختلفة لا تكفي لتبديلها إلى مشروع عملي على أرض الواقع .. ما لم يكن صاحبه يعرف تفاصيل و أسرار تلك الموضوعات المصيرية و خلفياتها و نتائجها و الأحتمالات الممكنة بعد تطبيقها!!
أ ليس ذلك التعاطي المبتور و الناقص مع الفكر و الثقافة و العلم تخريباً و فساداً و سرقات علنية لجهود الآخرين بلا حياء و ضمير للظهور أمام الناس بكونهم مثقفين , و ما هم بذلك .. بل بآلحقيقة يعتبر تخريب للعلم و بخس لحق العلماء و هدر لأموال الفقراء و جهود الخيريين و بآلتالي تدمير البلد و تعريضه للهيمنة الأستكبارية, و الحديث الشريف يقول: [من لم يشكر المخلوق لا يشكر الخالق]؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حماس.. تناقض في خطاب الجناحين السياسي والعسكري ينعكس سلبا عل


.. حزب الله.. إسرائيل لم تقض على نصف قادتنا




.. وفد أمريكي يجري مباحثات في نيامي بشأن سحب القوات الأمريكية م


.. شاهد: شبلان من نمور سومطرة في حديقة حيوان برلين يخضعان لأول




.. إيران تتحدث عن قواعد اشتباك جديدة مع إسرائيل.. فهل توقف الأم