الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحقة السادسة /نوافذ دائرة الطباشير

ذياب فهد الطائي

2016 / 6 / 6
الادب والفن


نوافذ دائرة الطباشير
رواية
السادسة
ذياب فهد الطائي

كانت القرية كلها تشهد الجرافة التي تم جلبها وسائقها من الشركة الهندية التي تعمل في بناء السد على النهر، وترقب باهتمام العمامةالصفراء الي راحت ذؤابتها تخفق خلف السائق وهو يندفع لإزالة ماتبقى من الضريح , ثم يستدير لتسوية ألأرض .

قالت المرأة ذات العين الزجاجية : لقد انتهت القرية ، نحن ألآن بدون حام .

قالت امرأة إمام الجامع: ستعود الثعالب ثانية لسرقة الدجاج , لن اشتري بعد ألآن اية دجاجات وسأشتري البيض من السوق وسنأكل الدجاج المجمد .

قال الرجل : ولكنه لم يذبح وفقا للشرع !

قال شيخ الجامع : يمكن حل هذا ألإشكال , سأراجع كتبي وغدا بمشيئة الله سأعثر على الحل وان يك من المقبول مبدئيا ألاعتماد على القاعدة الفقهية ،
( الضرورات تبيح المحظورات ).
قال الرجل : ولكن لاتتحقق هنا (الضرورة )

قال الشيخ : هذا في الظاهر ، وعلى العموم اتركوا الأمر لذوي الأختصاص !

برغم ان النقاش استمر الى وقت متأخر وقد شارك فية( ألصبي المحافظ) الجديد وفرقة ألأعراس الشعبية والمتسول الوحيد في القرية وصانع ألأقفال العجوز وكل فتيات المدرسة الثانوية إلا ان خادم الضريح (المحافظ ) السابق، قرر ان يقفل الباب ويعتكف في غرفة صغيره على السطح كانت تستخدم لما يزيد عن الحاجة من اثاث وسلع منزلية ، وطلب من زوجته ان تقدم له وجبة واحدة في اليوم وشدد ان عليها ألا تسأله ماذا يأكل ، ولكنها فوجئت في اليوم الثالث إنه قد انتحر , نعم بهذه البساطة ، نقلت الخبر الى جارتها وطلبت ان يحضر زوجها للمساعدة في نقله ليدفن فأكرام الميت دفنه .
ولكن الجاره التي تملك أجمل انف في القرية فهو دقيق , مستقيم ، ينتهي بأرنبة غاية في دقة الصنعة ، وهو ينتصب فوق شفتين ممتلئتين، تقول امها انه من كرستال وردي فاتن .

قالت : كان ممددا على سجادة قديمة ولم يكن تحت رأسه وسادة فيما كانت بركة صغيرة من الدم الى جانبه ، كانت لحيته الطويلة حليقة وكان الشعر مظفورا بعناية وملفوفا بجريدة الحكومة وعلى الواجهة كانت صورة(الكلي المعرفة ) وهو يضحك ، لم يكن يبتسمن كان ضاحكا ، وكأن شيطانا يقف بين شفتيه فقد كانت اطياف مسحورة غاية في الخبث تتراقص هناك .
كانت الغرفة الصغيرة ، المتربة والتي لاشباك فيها يسمح بتسلل الضوء ، تنز الما وكانت تعابير وجهه المتقلصة تكشف حجم المعاناة التي كان يعيشها وقد كشفت لها امرأته عن فظاعة الكوابيس التي كان يعانيها والتي كانت تحرمه من النوم فيظل يقرأ القرآن فيما تتدحرج دموعه كجمرات ذات توهج أحمر يشع بالندم .

كانت القرية تبدو واجمة وكأن شيئا ما فقدته فجأة ، شيئ عزيز , ولهذا فأن حيرة غامضة كانت تسيطر على الجميع وشوهدت القطط تتجول مزهوة ثم تدخل حمام القرية وتقوم بطرد الفتيات اللواتي كن يتنظفن بناء على اوامر (الكلي المعرفة ) ، الذي كان يصر على ان تغتسل النساء مرة واحدة في اليوم اما الفتيات فمرتين لأن النساء المتزوجات قد انخفظت رغبتهن باقتراف الخطأ بعد الزواج ، ربما الى أقل من النصف أما الفتيات فأنهن يملئن رؤوسهن بالخطايا ليلا وعند غفوة القيلولة ، ولهذا فأن عليهن الإغتسال مرتين يوميا للتطهر من أشباح الخطايا التي تدور في رؤوسهن , ولكن القطط التي تحظى عادة برعايته وتشعر اليوم بالنصر بعد رفع قبر الولي وجدت انه لابد لها من ألإحتفال ولهذا طردت الفتيات من الحمام ، وقالت قطة شامية كانت تضحك باستمرار انه مسموح ان تعشش الخطايا في رؤوسكن المليئة بتلوث معد وان تتمدد الى الجوانب المعتمة ،لأن دهاليزها لم تسمح لشمس آب بالدخول من كوة الربيع .

لم يظهر القمر ليلتها وظلت القطط تموء فيما راحت القطة الشامية تضحك حد انها أصيبت بهستريا شديدة ، فيما أغلقت القرية أبوابها ولم تسمح للأطفال بالذهاب الى السينما لمشاهدة الفيلم الصحي (( كيف تكافح البعوض )) ، الذي تعرضه البعثة الكوبية في المقهى وعلى شاشة من القماش ألأبيض الصقيل وتوزع اثناءه مشروب قصب السكر الحلو الممزوج بشيء من الملوحة تقول الغجرية انه من سحر قبائل مكسيكية قديمة تستخرجه من نباتات مائية تنشر رائحة التراب حين يرش بالماء عند العصر في ساحات بيوت القرية .

ظل الجميع خلف الأبواب المغلقة يمارسون عاداتهم السيئة فيما تحول الصمت ألأخرس في عيونهم التي تحمل نظرات معدنية صدئة ، الى صدى له رنين مشوش .

قالت امرأة بصوت هامس وهي تحادث جارتها من كوة في أعلى الجدار الفاصل بينهما فيما كانت واقفة على كرسي دائم الترنح يصدر صوتا ناعما تكبته حبال القنب التي ربطت بها القوائم الخشبية وتنبعث منه رائحة الخشب الرطب المخزون في مكان لاتصله الشمس باستمرار والتي تجد بعض العوائل في التخلص منه كسلعة قديمة عاشت معهم العمركله نوعا من التنكر للماضي المجيد الذي ليس من الواضح تماما أين يكمن ذاك ( المجيد) .

: لقد ظهر الولي !

: اين ؟!

: رآه زوجي مساء يمشي على النهر !

: هل انت متأكدة ؟

: لماذا ؟ اشتم رائحة الشك في كلامك !

: لأن زوجي رآه في شجرة الصفصاف الكبيرة !كما ان صورته كانت تلألأ في كل ورقة مغسولة على اغصان الشجرة ، كانت أسنانه البيضاء تلمع في خضرة ألأوراق كحبات اللؤلؤ في عمق زرقة مياه البحر

: هل رأيت البحر؟!

: لا ، ولكني سمعت الدكتورة في المستوصف الصحي تقرأ قصة عن البحر.

: ولكن أين سينام ؟

: فوق ظلال النهر

: الولي غاضب فقد عاش مئات السنين من دون ان يجرأ أحد على المس به وألآن أزالته الجرافة وعلى يد هندي كافر ، عنده الحق كله، ولكنه لن يترك ثأره انتظري وسترين ماذا سيحل بالسائق الهندي ذو الوجه البدائي المطبوع بنوع فاضح من المسكنة .

خفظت صوتها ليكون وشوشة وقالت بجدية .

: لن ينجو !

: سينجو فهو يعرف كيف يتصالح مع الولي ، يقال انهم كانوا اصحابا وكان الولي يسمح له بسرقة بيض الحمام وانه هو الذي ابلغه بما كان عمه ينوي ان يفعل به ليلة هروبه واختفاؤه كما انه هو الذي ساعده ليكون (كلي المعرفة )

: ربما .... تصبحين على خير.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بل: برامج تعليم اللغة الإنكليزية موجودة بدول شمال أفريقيا


.. أغنية خاصة من ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محمد علي وبناتها لـ




.. اللعبة قلبت بسلطنة بين الأم وبناتها.. شوية طَرَب???? مع ثلاث


.. لعبة مليانة ضحك وبهجة وغنا مع ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محم




.. الفنانة فاطمة محمد علي ممثلة موهوبة بدرجة امتياز.. تعالوا نع