الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أورلاندو فلوريدا تذكرنا بالخفيّ من وجهنا

مزوار محمد سعيد

2016 / 6 / 13
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


لقد سقط ضحايا في أورلاندو، والقصة معروفة، هناك من أطلق عليهم النـار، أكثر من طلقة مع سبق الاصرار والترصد والتخطيط، تحت شعار "الله أكبر"، وبهدف ترويع الآمنين بحجة أنهم "يؤتون الفاحشة"، وأيّة فاحشة أكبر من قتل أبرياء بحجة دينية من أجل أغراض دنيئة!
لن أعود لما قاله "راعي البقر" ترامب فيما يخص المنفذ المكبِّر والراغب في الجنة بتأشيرة الدماء "دماء الكفّار"، ولا لما قاله الرئيس أوباما في كونه "فعل إرهابي"، لكنني أعود إلى الفعل في حدّ ذاته، القتل تحت شعار القداسة. المستهدفون هم مثليون جنسيا، وهذه حجة أقوى بالنسبة للمنفذ، حيث نصّب نفسه على الناس الـه يحاسب ويعاقب موقّعا على كل هذا بالدم؟
على الأرض الأميركية هذا الكلام يبدوا غريبـا جدّا، فالحادثة تتلخص في كونها "جريمة" تتكفل بها الأجهزة الأمنية ثم القضائية، وإن ما حملت تداعيات ما، فإنّ الأمر لن يتعدى انتظار التحقيق، مع الشجب والادانة من مشاهير ورجال السياسة والإعلام. التوقيت يبعث على الريبة فعلا! عند المعتقدين بنظرية المآمرة، فهي تأتي بعد أيام قليلة جدا من وفاة الملاكم المسلم "محمد علي" رحمه الله، بعد نقل الكامرات لجنازته بطريقة سلمية تعطي صورة أخرى عن الدين الاسلامي، دين التراحم والمحبة والسلام.
كما أن الحادثة المؤسفة هذه ستجد صدى كبير لدى دعاة الإسلامو-فوبيـا، حيث تعدّ فرصة لايقاظ الغرب البعيد "الفار-واست"، بأنّ الإسلام هو دين السيف والدمار، دين العنصرية والتهميش، كون أنّ المنفذ هو مسلم، وقد بايع منظمة ضمن اللائحة السوداء الأميركية، والمستهدفون هم "أقلية" تناضل من أجل حقوقها في المجتمعات كلها. من المؤسف للغاية أن يسقط هذا الكم الهائل من الضحايا، فهم مثلنا بشر أيضا، والبشرية دماؤها غالية وتعتبر من المحرمات في كل الشرائع ازهاقها دون دليل أو إدانة. كما أن القتل قد تمّ بتفسير أحادي لشريعة السماء، بواسطة رسالة مزعجة لكل مسلم هو الآن محرج أمام العالم كله، مؤكدة هذه الحادثة بالذات بأن ما يروج عن "المسلمين" كونهم برابرة-همج دمويين، هو يقترب من الصحة أكثر مما يقترب من الغلط، لكن من زاوية أخرى، فإنّ المسلمين هم بالملايير "بلايين"، فكيف نصدر أحكاما بصفة عامة كهذه؟
كما تروي الرواية الدينية فإن أوّل حادثة قتل كانت بين قابيل وهابيل، ومنذ تلك الحقبة والقتل منبوذ لكنه موجود، والأبشع على الاطلاق تلك التي تقوم به "آيسس" كامتداد للفكر التيمي-الوهابي، لأنّ هذا المنعطف الحاسم بين تحالف المال مع الغطاء المتديّن "المتوحش"، هو ما أوصل العالم الإسلامي إلى قفص الاتهام وجعله قريب من الادانة قولا وفعلا. كل الامبراطوريات استعملت القتل بما فيها امبراطورية روما، فارس، التاتار، المسلمين، وحتى أميركا ذاتها مع الهنود الحمر، لكن هذا لم يعط مشروعية أبدا لنشر الرعب بين البشر. وعليه فإنّ اتخاذ القرار بالغاء كينونة ما، على هذه الطريقة المتوحشة-الزيوسية، هي بالذات أمر يجب العقاب عليه بشكل صريح. من ناحية أخرى لا تجب العقوبة على "الدين الاسلامي"، وإنما على من نفذ هذا الاعتداء، حيث لا يجوز أن نعاقب كل الأثينيين لأن بعضهم سمم سقراط، أو كلّ الأوربيين لأن بعضهم أحرق غاليليو، وإنما العقاب يكون للمجرم الذي سمح لنفسه بالحلول مكان الاله ومعاقبة الناس وفق ما رآه مناسبا لذلك، بطريقة الدون كوليوني. مقولة أحد المسلمين القائلة " متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا"، والتي صارت أوّل بند من ميثاق حقوق الانسان، هي الراية التي يجب أن ترشد فلوريدا "الحزينة" إلى التفريق بين الدين والتديّن، وبين المسلم والاسلاميّ بشكل دقيق.
متى نفهم بأن السوري مثل الأميركي، الفرنسي مثل الجزائري، الفلسطيني مثل السوداني، الخليجي مثل الصيني، السعودي مثل اليمني..... الإنغليزي مثل الأفريقي، وغيرهم كثير؛ كلهم وبدون استثناء لأي واحد منهم، هم: بشر؟.

([email protected])








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حماس: تلقينا رد إسرائيل على موقفنا حول وقف إطلاق النار وسندر


.. كارثة غزة بالأرقام.. ورفع الأنقاض سيستغرق 14 عاما | #سوشال_س




.. قوات النيتو تنفذ مناورات عسكرية متعددة الجنسيات في سلوفاكيا


.. طلاب جامعة كاليفورنيا الأمريكية يقيمون مخيم اعتصام داخل حرم




.. رئيس سابق للموساد: حماس متمسكة بمطالبها ومواقفها ?نها تحررت