الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل نحن جزء من المجتمع الأنساني ؟

صادق محمد عبدالكريم الدبش

2016 / 6 / 26
مواضيع وابحاث سياسية



أثار فضولي !... ما قرأته للمعري [أبو العلاء المعري (363 هـ - 449 هـ) (973 -1057م) هو أحمد بن عبد الله بن سليمان القضاعي التنوخي المعري، شاعر وفيلسوف ولغوي وأديب عربي من العصر العباسي، ولد وتوفي في معرة النعمان في الشمال السوري وإليها يُنسب .] الموسوعة الحرة .
هو المتشائم من ويلات الدنيا والقدر.
صاحب الفكر الحر الذي جلب له الكفر والإلحاد تارة, وإتهامه بالإسماعيلية أو القرامطة , أو لاجئا لإخوان الصفا تارة أخرى.
وما قيل عنه : يقول قوم انه فخر بني الانسان، ويقول قوم انه كلب وحمار، ويسلكه أناس في زمرة الشيطان ويحسبه أناس وليا مستجاب الصلاة، ويخيل الى فريق أنه ساحر والى فريق أنه طرفه من الطرف وأسطورة من الاساطير، فذاك هو الأفق الواسع، وتلك هي العظمة الباقية ، ومن شهده في زمانه فلا حاجة به أن ينتظر ألف عام، ليعلم انه باق الى الف عام) .. عن [ رجعة ابي العلاء ] لعباس محمود العقاد ./ شبكة هجر الثقافة / .
وما أنتجه من ألف ونيف من الأعوام ..
وقد جلب أنتباهي شئ مهم !.. وجدير بالأهتمام !.. نمط تفكير هذا الأديب والفيلسوف والمفكر ، الذي كان بصيرا !.. ولكنه يمتلك من الوعي وبعد النظر ، والحذاقة والفطنة لكل ما يحيط به ، من خلال ما أستقاه من معارف وتجارب وعبر ، التي أهلته بأن يعي حقيقة مجتمعه ونمط تفكيرهم وحياتهم وثقافتهم ووعيهم ، وأستنتج من خلال ذلك رؤيته التي أعتقد من وجهة نظري ، بأنها كانت تنم عن تمييز في تلمس حقيقة المجتمع الذي كان يعيش فيه ، و في المجالات المختلفة .
ونلحظ ذلك من خلال أنتاجه الأدبي ومن خلال أشعاره التي تدل على هويته الفكرية والمعرفية ، وسنأخذ بعض من هذه المقاطع من قصائده الشعرية على سبيل المثال لا الحصر :
وستتلمس عزيزي القارئ ومن خلال قصائده التي نظمها ، بأنه كان موهوبا وواعيا ودقيقا في وصفه لمجتمعه وما يمر به ، وما يعانيه من أمراض وعلل .
فقد صدق اعمى المعرة !.. حين أدرك حقيقة ما وصل اليه أبناء جلدته .. فأعرض عنهم !.. بل نكرهم وأعتزلهم وما يفترون وما يمكرون ، بحيث أُطْلِق عليه ( لُقب بـرهين المحبسين أي محبس العمى ومحبس البيت وذلك لأنه قد اعتزل الناس بعد عودته من بغداد حتى وفاته ) .
حين يقول :
ولما رأيت الجهل في الناس فاشيا
تجاهلت حتى قيل إني جاهل
فوا عجبا كم يدعي الفضل ناقص
ووا أسفا كم يظهر النقص فاضل .
أو حين يقول :
“لا إمام سوى العقل” .
وكذلك يقول :
“وقد فتشتُ عن أصحاب دين * لهم نُسْك وليس لهم رياء..
فألفيتُ البهائم لا عقول * تقيم لها الدليل ولا ضياء..
وإخوان الفطانة في اختيال * كأنهمُ لقوم أنبياء..
فأما هؤلاء فأهل مكر * وأما الأولون فأغبياء..
فإن كان التُّقَى بَلَها وعِيّا * فأعيار المذلة أتقياء..” .
وله ايضا:
“يرتجي الناسُ أن يقـومَ إمــامٌ ناطقٌ في الكتيبة الخرســاء
كذب الظنُّ لا إمام سوى العقل مشيرا في صبحه والمســاء
فإذا ما أطعـتــه جلب الرحمة عند المسير والإرســـاء
إنما هذه المذاهب أسبـــاب لجذب الدنيا إلى الرؤسـاء” .
ويخاطب الله فيقول :
“أنهيتَ عن قتل النفوس تعمدا وبعثت أنت لقبضها ملكين؟
وزعمت أن لنا معادا ثانيا ما كان أغناها عن الحالين
إن كان لا يحظى برزقك عاقــل وترزق مجنونا وترزق أحمقا
فلا ذنب يارب السماء على امرئ رأى من ما يشتهي فتزندقا” .
ويقول أيضا :
ولا تطيعن قوما ما ديانتهم إلا احتيال على أخذ الإتاوات
وإنما حمل التوراة قارئهـا كسب الفوائد لا حب التلاوات
إن الشرائع ألقت بيننا إحنا وأودعتنا أفانين العـــداوات” .
كما قال أيضا :
“أمّا اليَقين فلا يَقـــين وإنّمَا -- أقصَى اجتهادي أن أظُنَ وأحدِسَا” .
ياترى ... هل نحن نفقه ما أراده هذا الأديب والمفكر الفيلسوف ؟
وهل سنستمر في الأنحدار والتشضي .. والأنكفاء والأنحياز لثقافة الظلام والتظليل والتجهيل بدعوى الأنحياز لسيرة ونهج وفلسفة أسلافنا ، وما كانوا يأكلون ويشربون ؟.. وكيف يفكرون ؟.. وأين يسكنون وماذا يركبون في ترحالهم وتنقلهم !
ونقبل بأن يحكمنا الأموات وهم في قبورهم راقدين رقودهم الأبدي !
ويتوجب علينا نسلم بهذه الثقافة !.. ونعتبرها هي الحقيقة !!.. وأن لا نقفز عليها أونلغيها أو نسفهها !.. ونتصدى لكل من يقف بوجهها !، بدعوى الشرع والدين !.. ليضعوا أمام تقدمنا واللحاق بالحضارة الأنسانية !.. الحواجز والموانع والمتاريس !.. وبفبركات وأحابيل وكذب ورياء وتظليل !
وعلى مجتمعاتنا التسليم ، وأعتبار كل ذلك هي حقائق ومسلمات ، واجب الألتزام الحرفي بتعاليمها ، وبما كان يسلكه ويعمله ويفكروا به هؤلاء ( أسلافنا ؟! ) وهي بمثابت دساتير وقوانين ومناهج مطلقة !.. يجب التقييد بها وعدم مخالفتها !
ونلغي العقل الذي يؤكد عليه المعري ، والذي أعتبره أماما !!
ألا يتوجب علينا أن ننبذ كل ما يخالف ذلك ؟ .. وأن نواكب ما طرئ من تطور هائل في مضامير الحياة الأنسانية ، وفي المجالات كافة ، وبالأخص المعارف الأنسانية والعلوم التطبيقية ، وأن الحضارة الأنسانية هي ملك البشرية جمعاء ، ونحن جزء من هذا العالم المترامي ، وعلينا أن نعيش سويتا ونساهم في صنع هذه المعارف وتطويرها وتطورها ، وأن لا نبقى متلقيين !.. ومتخلفين في صناعة الحياة ومقومات أستمرارها ورقيها وتقدمها .
وهل هناك خيار أمام شعوبنا المقهورة غير ذلك ؟!
ألا يحق لنا أن تخرج من هذا القمقم الذي وَضَعَنا فيه أدعياء السلف ..والمتقولبين في قوالب الأعراف ( والمتفقهين ؟!!) في الشريعة والدين ؟!!
أما أن الأوان لنحطم تلك القيود التي وضعت بالضد من مصالح مجتمعاتنا ؟!.. والتي يراد لها أن تبقى أسيرة لهذه الثقافة المييتة منذ قرون، والمُبَلِدَة والمُدمرة لحاضر ومستقبل هذه المجتمعات !
ولنصنع لنا ثقافة مختلفة تماما !.. ثقافة تنقلنا من تخلفنا وضياعنا !... الى منطق العقل والتبصر والوعي ، للأنطلاق واللحاق بقاطرة الحياة والحضارة والمعرفة ، التي تخلفنا عنها لفترات طويلة ، ولنتسابق مع الزمن لنلحق بركب الحضارة الأنسانية ، ولنكون جزء فاعلا منها .
لا يوجد شئ في هذا الكون جامد ومقولب !.. وغير قابل للتجديد والتجدد !
كل شئ يجب أن يواكب حركة الحياة ، التي هي من صنع الناس وحدهم ، ولا شئ خارج هذه الحقيقة مطلقا !
الدين .. اللغة .. الثقافة .. الفنون .. الأداب ... العلوم .. الأعراف .. التقاليد .. الفولكلور .. طبيعة الأنسان .. شكله .. رغباته .. أدراكه .. وعييه .. نوازعه .. خِلْقَتُهُ .. أَخْلاقَهُ .. نمط وطبيعة حياته وشكلها وما يستجد من متغيرات وأفاق .
هي في تغيير وتبدل مستمريين ، وهي في تجدد مستمر لتواكب مصالح الناس وأهدافهم !
حريي بنا كمجتمع له ماض عريق ، وحضارة ثررة !.. وضاربة في بطون التأريخ !
على الناس أن تعمل بتطوير كل ما من شئنه أن يساعدهم على رفع مداركهم ووعيهم ، ويسخروا كل شئ لصالحهم ولتطوير أنماط حياتهم ، ومن أجلهم ولسعادتهم ، ولضمان سعادة ومستقبل أجيالهم القادمة ، وأن يكون كل نشاط يصب في خدمة البشرية وتطورها ورفعتها وسلامتها وأمنها ورخائها .
ولتكون هذه الحياة أكثر أشراقا وبهجة ، وأكثر يسرا وسلاسة ، وأقل تعقيدا ، وبما يساعدنا على أن نتعايش فيما بيننا كبشر !
وجِدْنا على هذه الأرض متعاييشين ، وسنبقى عليها سوية ، ونقبل ببعضنا .. بكل تلاويننا وفلسفاتنا وأدياننا ، وِثقافاتنا ولغاتنا ، وأوطاننا وأثنياتنا !
جهدنا .. ونشاطنا .. وأبداعنا .. نجاحاتنا .. وأكتشافاتنا !.. جميع ذلك مسخر للأنسان ولخدمته وتطوره ، ومن أجل أنسنة الحياة ومن عليها من شجر وحجر وضرع وبشر !.. كله يصب في نهر الحياة الواحد ، ونبني حضارتنا الأنسانية بتعاون الجميع ، وبجهد الجميع وبمشاركة الجميع .
نحن مجتمعين !.. الوريثين الحقيقيين لهذه الحضارة من بداية الخليقة، وحين وجدت الحياة على كوكبنا !.. والى مالانهاية !.. في هذا العالم الفسيح .
صادق محمد عبد الكريم الدبش
26/6/2016 م








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. البنتاغون يعلن البدء ببناء ميناء مؤقت في غزة لإستقبال المساع


.. أم تعثر على جثة نجلها في مقبرة جماعية بمجمع ناصر | إذاعة بي




.. جو بايدن.. غضب في بابوا غينيا الجديدة بعد تصريحات الرئيس الأ


.. ما تأثير حراك طلاب الجامعات الأمريكية المناهض لحرب غزة؟ | بي




.. ريادة الأعمال مغامرة محسوبة | #جلستنا