الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الماركسية الغربية -2

عبد الحسين سلمان
باحث

(Abdul Hussein Salman Ati)

2016 / 6 / 28
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


الماركسية الغربية-2

تأليف: دوغلاس كلنر...
ترجمة: الراحل كامل شياع
مراجعة : عبد الحسين سلمان

صعود الماركسية الغربية
وظّفت الحركات السياسية الماركسية السائدة التي تمتد من الإشتراكية الديمقراطية الألمانية حتى الحزب البلشفي في روسيا، الماركسية كنظرية جازمة (dogmatic ), وعلمية (scientific) للمجتمع والتاريخ.

طيف واسع من المثقفين الأوربيين قد إنجذبوا للماركسية بعد الثورة الروسية وطوروا نماذج نقدية من النظرية الماركسية , “الماركسية النقدية” (critical Marxism).
ليثيروا تضاداً داخل الماركسية بين النزعة “العلمية” و “الأورثودوكسية” (orthodox).

وعند العودة إلى ماركس وأنجلز فأن القاعدة الإقتصادية للمجتمع تتجسد في قوى الإنتاج وعلاقات الإنتاج، وتنشأ منها الثقافة والأيديولوجيا لضمان هيمنة الجماعات الإجتماعية الحاكمة.

هذا النموذج الواسع الإنتشار لـ ” القاعدة والبناء الفوقي” يعتبر الإقتصاد قاعدة أو أساس المجتمع، ويرى في الثقافة، والأشكال القانونية والسياسية، وسواها من أشكال الحياة الأخرى ” بنى فوقية” تنمو من القاعدة الإقتصادية وتخدم إعادة إنتاجها.

لقد أدرك العلم الماركسي (Marxist science ), أولوية القاعدة والعلاقة مع البنى الفوقية، فوفّر بذلك أساس قيام علم خاص بالمجتمع والتاريخ.

ركّز ماركس وأنجلز جهودهما الفكرية والسياسية على تحليل النمط الرأسمالي للإنتاج، التطورات الإقتصادية والصراعات السياسية الجارية آنذاك، وتقلبات السوق العالمي والمجتمعات الحديثة التي صارت تصنّف نظرياً في وقتنا الراهن تحت مصطلحي العولمة والحداثة.

أما الجيل الثاني من الماركسيين الكلاسيكيين الذي يشمل الإشتراكيين الديمقراطيين الألمان والثوريين (الراديكاليين) والماركسيين الروس، فقد ركّز، بدقة أكبر، على الإقتصاد والسياسة.

وقد تحولت الماركسية إلى عقيدة رسمية لعدد كبير من الحركات العمالية الأوربية، وإلتزمت بمقتضيات النضال السياسي منذ تاريخ وفاة ماركس 1883 حتى القرن العشرين.

وفي حين جرى توحيد الماركسية، في مطلع القرن العشرين، مع العقائد الإقتصادية والسياسية والتاريخية، حصل في عشرينات القرن العشرين تحول في الإهتمام نحو الظواهر الثقافية والنظرية الإجتماعية.

جورج لوكاش
الناقد الثقافي الهنغاري الأصل جورج لوكاش ألف كتباً مهمة مثل “الروح والشكل” (1900) و” نظرية الرواية” (1910) وذلك قبل أن يعتنق الماركسية ويشارك لبعض الوقت في الثورة الهنغارية 1918.
في السنوات الأولى من عشرينات القرن العشرين ركز لوكاش كماركسي متطرف (ultra-Marxist ) ، بشكل خاص، على تطوير أبعاد فلسفية، إجتماعية وسياسية للماركسية وذلك قبل أن يعود للتحليلات الثقافية في وقت لاحق من ذلك العقد.
ذهب بعد ذلك إلى روسيا، وإنسحب داخلياً (internally), من الستالينية، في وقت كان يعمل فيه على سلسلة نصوص أدبية، لم تأخذ حقها من التقييم رغم ما لها من أهمية في مجال الدراسات الثقافية.
الدراسات الأدبية المبكرة للوكاش قد إغتنت في العشرينات عند إنعطافه نحو الماركسية حيث صار يستعمل مفاهيم مثل نمط الإنتاج، الطبقات والصراع الطبقي، وتحليل ماركس لرأس المال الذي وفر الأساس الإقتصادي لدراساته الإجتماعية- الثقافية.
نتيجة لهذا تم النظر إلى التاريخ من خلال توسّط أو تدخل الإقتصاد والمجتمع والأشكال الثقافية، وهذه فهمت في علاقتها بالتطور الإجتماعي- التاريخي داخل نمط الإنتاج، بينما تقوم الأشكال الثقافية، إذا ما أحسن تفسيرها، بتسليط الضوء على ظروفها التاريخية.
في كتاب لوكاش الأكثر أهمية ” التاريخ والصراع الطبقي” (1923) جادل لوكاش بأن النظرة الماركسية للكلية (totality), وتركيزها على أولوية البضاعة والإنتاج الإقتصادي وفرت أفضل الأدوات المنهجية للتحليل النقدي للمجتمع الرأسمالي المعاصر، وأكتشفت القوى التي ستقوم بتغييره إلا وهي طبقة البروليتاريا الثورية.

وقد أكد لوكاش على أن تبني نظرة الطبقة العاملة تمكّن المرء من أن يرى كيف أن المجتمع الرأسمالي ينتج التشيؤ (reification), الذي يعني تحويل البشر إلى أشياء على جميع مستويات الحياة الإجتماعية: في عملية العمل والإنتاج الثقافي وحتى العلاقات الحميمة تم إختراقها بالضرورات الإقتصادية وصارت موضوعاً للقوانين الإقتصادية.
البروليتاريا، كما يعتقد لوكاش، تحتل موقع فريداً من نوعه لإدراك التشيؤ الإجتماعي ولتنظيم القوى من أجل تجاوزه، وبذلك تصبح البروليتاريا، بتعبير هيغلي مغال فيه، ذات التاريخ وموضوعه (subject-object) في آن واحد.
وبإعتناق موقف شيوعي تقليدي أدعى لوكاش أن ثورة الطبقة العاملة، والإشتراكية هما الحلان لمشاكل المجتمع البرجوازي، وأصبح منتمياً بعمق للحركة الشيوعية.

كارل كورش
في ألمانيا، وبعد ثورة 1918 المجهضة، طوّر الناشط السياسي والمنظر كارل كورش نسخة هيغيلية ونقدية للماركسية فحواها :
أن الماركسية نظرية نقدية جدلية توفر أدوات نقد المجتمع البرجوازي، وتهيء القوة القادرة على التغيير.
بالنسبة لكورش، فإن وحدة النظرية والممارسة هي معيار أصالة الماركسية التي عدّها النظرية الثورية لحركة الطبقة العاملة، وطور مفهوم ” الإشتراكية العملية” (practical socialism).
في عمله المتأخر المعنون” كارل ماركس” ( 1938) أكد كورش بأن مبدأ الخصوصية التاريخية (historical specificity), هو معيار أساسي للنظرية الماركسية التي إعتقد أنها قد وفرت نقداً تاريخياً محدداً للمجتمع الرأسمالي وطرحت بدائل عنه.

آرنست بلوخ
آرنست بلوخ، وهو منظر ألماني آخر، عبّر هو الآخر عن ردِّ فعل إيجابي على الثورة الروسية والحركات الثورية الأوربية في عشرينات القرن العشرين، لكنه طوّر نسخة خلاصية وطوباوية للماركسية.
كتاب بلوخ الضخم ذو الأجزاء الثلاثة المعنون ” مبدأ الأمل” (1986) طرح تحليلاً منهجياً لما تنطوي عليه الحكايات والأساطير، الثقافة الشعبية، الأدب، المسرح، وكل أشكال الفن، المدن الخيالية السياسة والإجتماعية، الفلسفة والدين- التي تنبذ غالباً بالجملة بوصفها أيديولوجيا من قبل نقاد الأيديولوجيا الماركسيين- من لحظات تحررية تتجلى في تصورات ورؤى مختلفة لحياة أفضل تضع، بدورها، موضع التساؤل تنظيم وبنية الحياة في ظل الرأسمالية (أو إشتراكية الدولة).
في عمله الموسوعي آنف الذكر، طوّر بلوخ في آن واحد تحليلاً شاملاً لطرق وجود الأمل والرؤى النازعة نحو عالم أفضل في كل التعبيرات الممكنة:
من أحلام اليقظة إلى الأديان الكبرى، وطرح دراسات ثقافية تعقبت عبر التاريخ الرؤى التوقعية والحدسية لما سيتم لاحقا تصنيفه وتنظيمه ونشره تحت إسم المذهب الإشتراكي من قبل كارل ماركس .
وهكذا فقد وضع بلوخ منهج تأويل نقدي للأشكال التي يدل فيها التاريخ الثقافي والتطورات الإجتماعية – الإقتصادية على الإشتراكية كونها تجسيداً لأعمق أحلام وآمال الإنسانية.
وعمل كهذا يشجعنا اليوم على البحث عن المضمون التقدمي والتحرري للمصنوعات الثقافية (بدلاً من تركيز النظر عليها بوصفها منتجات أيديولوجية ومثيرة للتعمية.... mystificatory.) .

يتبع.........

المقال بالنص الانكليزي

https://pages.gseis.ucla.edu/faculty/kellner/essays/westernmarxismfinal.pdf








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الاخ جاسم الزيرجاوي الف تحية
جاسم محمد كاظم ( 2016 / 6 / 28 - 20:22 )
عندما ركز ماركس وانجلز قوى الانتاج وعلاقات الانتاج وماينتج منهما من ثقافة وايدلوجيا فان هذة الايدلوجيا توظف لخدمة السلطة الحاكمة التي تزيد من قوة نفوذها ...ومن الممكن ان تتغير هذة الايدلوجيا بعد تغير علاقات الانتاج وصعود سلطة اخرى .. هذة ليست ايدلوجيا بالقدر ان تكون هذة نظرية او قاعدة مبرهنة او تكون ثابت علمي اسمى تحية

اخر الافلام

.. احتجاجات جامعة إيموري.. كاميرا CNN تُظهر استخدام الشرطة الأم


.. كلمة الأمين العام الرفيق جمال براجع في افتتاح المهرجان التضا




.. الشرطة تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة إيمرسون بأ


.. شبكات | بالفيديو.. هروب بن غفير من المتظاهرين الإسرائيليين ب




.. Triangle of Love - To Your Left: Palestine | مثلث الحب: حكام