الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أي جاري الأوروبي انتبه.. انك تؤذي نفسك.!

محمد عبعوب

2016 / 7 / 17
الارهاب, الحرب والسلام


بداية .. جاري الأوروبي نشاطرك الأحزان على ضحايا عملية الدهس البربرية المقيتة التي شهدتها مدينة نيس الفرنسية ليل الخميس و في كل ضحايا عمليات العنف التي يدفع المدنيون العزل هذه الأيام في أوروبا أرواحهم ثمنا لها، كما ندين كل أعمال العنف والقتل العمياء التي لا تفرق بين الجاني والبريء، وأنبهك إلى أن مئات الضحايا من جيرانك على الضفة الجنوبية والشرقية للمتوسط يسقطون يوميا صرعى بسبب سياسات حكوماتكم وأحزابكم الخاطئة في حقنا..
**** **** ****
"نعم .. جاري الأوروبي، انتبه إنك تؤذيني وتدميني وتنتهك حرمتي وتقتل أبنائي وتنهب مواردي منذ أزيد من ثلاثة قرون، ولا زلت تواصل ذلك حتى اليوم وإن بطرق غير مباشرة.. وأنا جارك على الضفة الجنوبية لهذا البحر الذي نقيم على ضفافه منذ عشرات القرون وسنبقى، أمام إصرارك على نهج هذا السلوك غير الإنساني وغير الأخلاقي والمنافي لقيم الجوار، لم أجد وسيلة لتنبيهك الى أخطائك الكارثية هذه؛ سوى إتباع أسلوب المعاملة بالمثل وأن أسقيك من الكأس الذي تسقينه منذ عقود"..
هذا الخطاب هو ما أعتقد أن المندرجين في أعمال العنف الدامية التي تجتاح أوروبا هذه الأيام وآخرها عملية الدهس المروعة التي شهدتها مدينة نيس الفرنسية، وأيضا من يفكرون بعقلانية في بواعث هذه الموجة القاتلة، يرددونه في ضمائرهم ، ويتمنون لحظة من صحوة الضمير لدى جارهم الأوربي تمكنه من الوقوف على جذور هذه الموجة الكريهة وتلمس بواعثها والتعامل معها بعقل وعدالة للوصول الى علاج فعال يستأصلها من وعي مؤيديها ومن يفكرون في اقترافها يوما ما..
نعم عليك جاري الأوروبي أن تقف للحظة وتحاسب نفسك وتراجع حساباتك وتاريخك ، وأن تعترف بأخطائك القديمة والجديدة والمتواصلة في حق جارك على حوض المتوسط الذي وضعته هذه المظالم أمام خيارين لا ثالث لهما؛ إما الفناء على يد جاره الأوروبي المنفلت والموتور بجنون القوة والتفوق والسعي المحموم للسيطرة على الارض، أو العمل على جر هذا الجار للفناء والموت معه في نفس الأتون وهو ما حصل ويحصل في أكثر من مدينة أوروبية مؤخرا..
عقب كل عمل عنيف "إرهابي" يزهق أرواح بريئة في مدينة أوروبية ينفذه شخص من أصول عربية او من دولة يدين شعبها بالإسلام، ترتفع عقيرة ساسة أوروبا وقادة أحزابها ومسئولي أجهزتها الأمنية بإطلاق تلك السيمفونية المملة عن الإرهاب وتوجيه التهم الى جماعات وتنظيمات دينية وحتى دول معينة وتحميلها المسؤولية فيما جرى، وكأن مرتكبي هذه الجرائم مجبولين على سفك الدماء ولا توجد أية أسباب أخرى عدى ثقافة العنف التي يتشربونها من تنظيماتهم الأصولية المتطرفة، تدفعهم لارتكابها! ..
لم نستمع يوما ما لرئيس أوروبي او قائد حزب او جهاز أمني يتحدث وبصراحة وحياد عن جذور هذه الموجة وأسباب ارتفاع وتيرتها ودور السياسات الأوربية في إذكائها، والدعوة لوضع العلاجات الناجعة لاستئصال أسبابها ..
لم يتساءل ساسة أوروبا عن أسباب فشلهم في استيعاب ذلك المهاجر الذي ولد بين ظهرانيهم، وعجزهم عن بناء تفكيره بناء صحيحا، يحميه من السقوط في براثن فكر الكراهية والعداء لشعب وأرض آوته وترعرع على أديمها وآوت قبله والده الذي وصلها طريدا او جائعا ..
لم يقرر هذا الجار الأوروبي الموتور بعقدة التفوق والتعالي ، حتى الساعة مراجعة نفسه وتاريخه وسياساته الراهنة تجاه جاره الذي عانى ولا زال يعاني جراء سياسات أوروبية أنانية وعدوانية تدمي أسرته وتنتهك حرمته وتحرق بيته ومزرعته وتقتل أقاربه وتنهب مواردهم تحت شعارات مثيرة (تحقيق الديمقراطية والعدالة) و ما إن يسعى هذا الإنسان لتحقيقها والاستجابة لندائها، حتى تتسابق أجهزة مخابرات حكومات أوروبا لوأد أي برعم يظهر لها على الضفة الجنوبية للمتوسط لتبقيها رهينة للتخلف والفوضى كما هي اليوم..
لم يفكر هذا الجار في دور حكوماته المحوري في إنتاج ظاهرة الإرهاب وتنصيب جماعات إرهابية مسلحة على رأس حكومات عديد الدول العربية والإسلامية، بعد تقويض أنظمة حكمها الدكتاتورية التي خرجت عن الخطوط التي رسمتها لهم مؤسسات الضغط والهيمنة الأوروبية، وهي تدخلات تعد المسئول الأول عن إنتاج ظاهرة الإرهاب التي تكتوي أوروبا اليوم بنارها..
هذا الجار الأوروبي كلما وصلت الى بيته شظايا قنابله التي يمطر بها مدن وقرى جاره العربي تحت غطاء قرار أممي مستخرج تحت ضغوط سياسية بحجة "حماية المدنيين" أو "محاربة الإرهاب"، يسارع بإطلاق تلك السمفونية السمجة عن الإرهاب ويبدأ بفرض قيود وإجراءات قانونية تقيد حركة السكان ويطلق العنان لآلته الإعلامية الرهيبة لإبعاد الإنسان الأوربي عن التفكير بالأسباب الحقيقية والجذور العميقة لهذه الظاهرة وكشف أبعادها و وضع الحلول الجادة لها ، والعمل على إبقاء الناس أسرى لرؤية محددة تخدم سياسات معينة لا تحقق أي استقرار وتفاهم حقيقي يخدم مصالح هؤلاء الجيران الذين يدفعون من دمائهم ثمنا باهظا على مذبح نزوات ساسة وقادة أوروبيين لا يرون في السلام والوفاق مع جيرانهم أية مصلحة لهم، ويؤمنون بعقيدة العدوان والكراهية كسياسة ناجعة في التعامل مع الآخر..
لقد حان الوقت، بل فات منه الكثير أيها الجيران الأوروبيون لتقفوا للحظة وتحاسبوا أنفسكم، وتراجعوا حساباتكم وتقدروا أن مصالحكم مع جيرانكم على ضفة المتوسط الجنوبية أهم من أية مصالح مع الآخرين الذين تفصلكم عنهم محيطات شاسعة، لقد حان الوقت لتراجعوا طرق تدخلكم في بيوتنا وتمويلكم لحروب تدمينا وتدمر أرضنا وتقتل أطفالنا، حان الوقت أيها السادة لتقتنعوا بأن حسن الجوار والاعتراف بالآخر وتفهم أسباب اختلافه عنكم هي السياسة الأنجع لإحلال سلام حقيقي ودائم على ضفاف هذا الحوض الذي لوثته الدماء والجثث بفعل سياساتكم القائمة على القوة والعنف واستنزاف الموارد، وعدم تقدير قوة الجار وما يمكن ان يقوم به جراء هذه المظالم..
حان الوقت ايها الجيران الأعزاء لرفع أيديكم عن الكيان الإرهابي "إسرائيل" الذي زرعتموه في بيتنا لتكفّروا عن خطيئتكم وجرائمكم في حق الأقليات اليهودية التي كانت تعيش بسلام وتعاون في كل بلدان أوروبا ، وقمتم بحرق من استطعتم منهم في المحارق، ودفع الناجين منهم وإغداق المال والسلاح عليهم للاستيلاء على ارض غيرهم وإقامة جيتو لهم باسم "إسرائيل" وتشريد الشعب الفلسطيني وقتل مئات الآلاف من أبنائه والاستيلاء على بيوتهم وإقامة ذلك الكيان الإرهابي الذي يحظى حتى الساعة بحمايتكم ودعمكم غير المحدود.
أيها السادة الجيران، نعم نحن متخلفون عنكم، وفقراء، ولا نحظى بالديمقراطية ونعيش تحت وطأة أنظمة حكم دكتاتورية وملكية ثيوقراطية وإقطاعية تجاوزها الزمن، لكننا رغم ذلك نحن بشر لدينا أحاسيس وهوية ومشاعر وكرامة لم ولن تنجح كل تدخلاتكم المقيتة والخاطئة في حياتنا في النيل منها، وكذلك لم ولن تنجح سياسات حكامنا في طمسها وتزييفها أو إرغامنا على التخلي عنها.. دعونا أيها السادة نعيش كجيران متعاونين نحترم خصوصيات بعضنا ونتعاون على قهر التخلف والفقر وكل العوامل المنتجة لظاهرة الإرهاب والعدوان التي قد تظهر لدى أي طرف بيننا ونفتح صفحات جديدة خالية من كل النوايا السيئة عنوانها التعاون واحترام قيم الجوار ونبذ العدوان والكراهية، ونعمل من أجل تحويل هذا الحوض الجميل الذي نجتمع على ضفافه اليوم، وكان لقرون جسرا لتبادل العدوان والغزو، تحويله الى جسر للسلام والتعاون وبناء حضارة إنسانية خالية من العنف والأنانية تحقق السعادة والرفاه لنا جميعا وتبعد شبح الموت والفقر والتخلف عنا..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - هل تقصد ...
ملحد ( 2016 / 7 / 17 - 14:43 )
هل تقصد ان الغرب كان مخطأ في التدخل ليخلصكم من القذافي?

انتظر توضيح على الاقل!


2 - الغرب تدخل لحماية مصالحه
محمد عبعوب ( 2016 / 7 / 17 - 21:06 )
الغرب لم يتدخل ليخلصنا من القذافي يل تدخل لحماية مصالحه فقط .. تدخل عندما تأكد من أن دور القذافي قد انتهى وانه يجب التدخل حتى لا تخرج لعبة ادارة ليبيا عن سيطرته.. الامر ينطبق على كل الدول العربية التي شهدت ما يعرف بالربيع العربي.. ولك ان تحلل ما يجري في العراق وسوريا واليمن والصومال و والسودان ومصر وتونس..


3 - نظرية المؤامرة
ملحد ( 2016 / 7 / 18 - 12:13 )
واضح انك من المؤمنين بما يسمى بنظرية المؤامرة
وهكذا وبجرة قلم نحمل الغرب كل مشاكلنا واخفاقاتنا وتخلفنا...... وكانه لا مشكلة فينا!!.......نعيب الاخر والعيب فينا.....
لنفرض ان كلامك صحيح وان الغرب تدخل في ليبيا للحفاظ على مصالحه
فقط......لماذا لا يستغل الشعب الليبي هذه الفرصة للنهوض اذا?!


4 - نظرية المؤامرة!!
محمد عبعوب ( 2016 / 7 / 18 - 21:05 )
اذا كان تفسير الواقع وكشف ما وراء الاحداث في فهمك نظرية مؤامرة ، فأنا مؤمن جدا بها.. كما أنني لم اقل أننا لم يكن لنا دور فيما يجري فمن أين أتيت بهذا القول، أنم غنك لم تقرأ المقال واكتفيت بالمقدمة، إن دورنا فيما يجري في بلادنا محوري، و بدوننا ما كان هذا الغرب ليتدخل ويحول ليبيا الى حرائق كلما خبت أجج لهيبها.. أما عن فشلنا في ادارة هذا التدخل بما يمكننا من النهوض فتلك مصيبتنا الناتجة عن عقود الفساد والتدمير للانسان التي انتهجها النظام السابق وها نحن اليوم نحصد ما زرعه فينا، ورغم كل ذلك فلا نلوم اليوم إلا أنفسنا لأننا لم نستطع حتى الحفاظ على الوضع الذي تركنا عليه ذلك النظام واصبحنا لعبة في يد قوى اجنبية لا مصلحة لها في نهوضنا والادهى والامر إن بعض هذه القوى لا تزيد عن كونها قبائل يسوسها شيوخ لا يفكون الحرف..

اخر الافلام

.. حماس: تلقينا رد إسرائيل على موقفنا حول وقف إطلاق النار وسندر


.. كارثة غزة بالأرقام.. ورفع الأنقاض سيستغرق 14 عاما | #سوشال_س




.. قوات النيتو تنفذ مناورات عسكرية متعددة الجنسيات في سلوفاكيا


.. طلاب جامعة كاليفورنيا الأمريكية يقيمون مخيم اعتصام داخل حرم




.. رئيس سابق للموساد: حماس متمسكة بمطالبها ومواقفها ?نها تحررت