الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تركيا : يفشل الحذاء العسكري حيث ترتفع درجة تمدّن النّاس أو عندما تتصارع رجعيتان يمكن للشعب أن يقول الكلمة الفصل .

محمد نجيب وهيبي
(Ouhibi Med Najib)

2016 / 7 / 17
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


تركيا : يفشل الحذاء العسكري حيث ترتفع درجة تمدّن النّاس أو عندما تتصارع رجعيتان يمكن للشعب أن يقول الكلمة الفصل .

فشلت محاولة الانقلابة العسكري في تركيا مساء الجمعة 15 جويلية 2016 نقيض نظيرتها المصرية لأسباب موضوعية وذاتية نُلخّصها في التالي :
- عكس الواقع المصري القريب ( حيث سلطة مرسي وهي نتاج تحوّلٍ ثوري لا تزال هشّة ومعارضتها داخل الجهاز وفي الشارع لا تزال مُستنفرة ) تمتاز مؤسسات الدولة التركية بالثبات والوحدة البيروقراطية المتكاملة بوصفها جهازا قائما على تقاليد غير بسيطة في إدارة شؤون الحكم والتناقضات السياسية.
- لئن اتت مُحاولة الانقلاب في تركيا من قبل ضبّاطٍ ووحدات عسكرية متوسّطة النُّفوذ والتأثير سواءا داخل الجهاز العسكري أو في الواقع السياسي ( لم تكن مسنودة من حراك جماهيري وسياسي واسع ) فقد كانت في مصر عكس ذلك حيث إستغلّت قيادة الجيش في أعلى مستوياتها (مشير وجنرالات وقيادات أركان) حالة الغضب الشعبي وترهّل بقية مؤسسات الدولة وركبت موجة حركة تمرّد لتثب بِشكل أسهل على السّلطة وتتسلّم مقاديرها .
- يحتكم الواقع السياسي التركي على منظومة حزبية ونقابية ناشطة ومتمكّنة من ادارة وتنظيم الجماهير وفق برامج وخيارات مدنية تلتقي في عمومها حول رفض تمكين الحذاء العسكري من الدّوس على ارادة الجماهير الشعبية في نضالها و تعبيراتها السلمية ، وهو ما يغيب أو يكاد في الواقع المصري بُعيد الانقلاب الثوري في الساحة السياسية بعد جانفي 2011 .
- تتحرّك المجاميع الثورية التركية وتعمل وفق حِسٍّ عالٍ بضرورة تطوير النضال السلمي الجماهيري الواسع ، ضدّ مؤسَّسات القمع والارهاب الايديولوجي لجهاز الدولة بشقيه "المدني-المعسكر" و"العسكري المتمدّن" ، بينما تتخبّط مثيلاتها المصرية بين "العسكري في جلباب وطني " و "المدني الذي عسكر الشارع إيديولوجيا ".
ورغم إتفاق المثالين التركي والمصري في أنّ اللحظة الحاسمة كانت صراعا بين رجعيتين تنخرطان كُليّا في إسناد النّظام الاستبدادي-الاستغلالي العالمي ومؤسساته المُثيرة للحروب والاستعمار والنعرات القومية إحداهما بلبوس قومي-عسكري والاخرى بقناعٍ قومي-دين ، فقد إستغلّ العسكري المصري إرتباك القوى الاقليمية و الدولية تُجاه طبيعة التغييرات التي تشهدها المنطقة وحالة السّلام والفراغ القتالي التي تُميُّز الجيش المصري في محيطه مُضاف لها إنحسار تأثير المثال المصري في الذهنية العامة لشعوب المنطقة والعالم لحداثة تجربته "الديمقراطية-المدنية" ، بينما جُوبِه العسكري التركي بواقع داخلي إقليمي ودولي لا يُمكِنُ الاّ أن يُغلِّب كفّة جُنديّهِ السياسي على جنديِّهِ الميداني في هذا الظرف وفي هذه الحالة بالذات وفقط . حيث تحتدم المواجهات القومية العسكرية من جديد بين الجيش التركي وحركة المقاومة الكُردية ، وتستقرّ بعدُ الاوضاع العسكرية على الحدود التركية-السورية ، بالاضافة الى الهزات المالية ، السياسية والعسكرية ..الخ التي أصابت مؤسّسات النظام العالمي من الاتحاد الاوروبي الى منظمة أوبك مرورا بحلف شمال الاطلسي وتزامنها مع توسُّعِ موجات العنف والارهاب الديني والقومي و الاثني في كل العالم ومنطقة الشرق الاوسط خصوصا ، أمّا الاهمُّ والاكثر خطورة من زاوية نظر الموظّفين القائمين على حماية منظومة الإستغلال والحيف الاجتماعي والحضاري الرأسمالي في شكله المُعولم (وهم خدم البرجوازية القادة الحقيقين لحالات السّلم والحرب والارهاب القومية ، رسمية وغير رسمية على حدٍّ سواء ) فهو تنامي الحسّ العالمي بالاغتراب الاجتماعي ، بضرورة التوزيع العادل للثروة ، بأهمية التضامن الشعبي العالمي لرفض مؤسّسات النّظام القائم ، هذا الوعي الذي يتعاضم يوما بعد يوم لكسر الحصار القومي الايديولوجي الموهوم أمام الوحدة العالمية للمصالح الجوهرية للطبقتين الاجتماعيتين المتناقضتين تاريخيا ، والتي تُترجِمها من ناحية الرأسمال المُسيطر مؤسسات الردع النظامية ( أيا كانت، عسكرية إيديولوجية دينية ... الخ محلية أو عالمية ) ويُعبِّرُ عنها في الجانب الآخر ، في مُعسكر المُظطهدين و المُغتربين عن واقعهم الذي يَخلِقونه من عرقهم ودمائهم مهما كان لونه ودينهم وقبيلتهم ، بتنامي موجات الرفض ، الانفصال و المواجهة مع مؤسّسات النّظام ( تونس ، مصر ، العراق اليونان ، فرنسا ، إسبانيا ، أمريكا ، بريطانيا ...الخ ) بنفس درجة إرتفاع الوعي بضرورة التضامن الاممي لمواجهتها .
ومهما يَكن من أمر الرفض المبدئي للانخراط في مُساندة أي إنقلاب رجعي عسكري وإن كان المُنقلب عليه لا ينقُصُه رِجعية من زاوية إنتصار هذا أو ذاك للوجهة العامّة للتاريخ الطّالبة لتحقيق المصالح الجوهرية للخالقين الحقيقين للثروة الاجتماعية بل وكل العلاقات الاجتماعية (اي العمال بالفكر والساعد والفلاحين والاجراء ) و المُتغربين عنها قصدا بفعل مؤسسات القمع "الديمقراطية" و "الديكتاتورية " سواء بسواءا طالما مصدرها ديكتاتورية الاقلية المالكة للمال والعباد .فإنّ على قوى اليسار الديمقراطي بشكل عام و منظّمات الاشتراكية الديمقراطية بشكل خاصّ أن تكفّ عن ملاحقة الاوهام البرجوازية محليا ودوليا ، أن لا تنساق خلف حملات الابتزاز السياسي الدولاتية والمخابراتية ، شرقا وغربا من موسكو الى واشنطن مروررا بطهران ودمشق وأنقرة والسعودية ... الخ ، علينا استخلاص الدُّروس كما هي ، كما تبدو عارية أمامنا من كل زيف قومجي أو ثورجي مثل الذي يمثّله السيدان الموظفان المتفانيان في خدمة رأسالمال سيرجي لافروف وجيمي كارتر حيث ربطا المصلحة في اسطنبول بأخرى في دمشق ولا عزاء للشعوب في الجانبين ، أمّا السّادة من أمثال السيسي وأردوغان وحتى سلمان السعودي وخامني الايراني ... الخ فليسوا أكثر من من موظفين صغار في نظام الفساد ومنظومة العمالة ، إنّ النّظام ينهار ، مؤسّساته تلفظها الشُّعوب واحدة تلو أخرى ، بسلطتها المالية والايديولوجية بشرطتها وجيشها ومثقّفيها ، إنّ نظامهم يتصدّعُ في الوقت الذي يتعاظم فيه غضب الجماهير ووعيهم ، علينا اليوم حيث شهدنا أحداث إنقلابات (ناجحة و فاشلة لا يهم ) في المباشر وعبر وسائل إتصالية "ثورية" أشاعت المعلومة ومشركةِ المعرفة و التأثّر والتأثير المتبادل أن نتوحّد أكثر من وقت كان من أجل دق إسفين ، مسمار ، وتد في كل زاويا نعش النّظام العالمي الحالي ، أن نستغلّ كُلّ لحظة ضُعف ، كلّ إنقسام من أجل توسيع الهوّة بين مؤسّساته وأركانه ، هذا هو الدرس الاهم الذي أحالنا عليه مشروع الانقلاب العسكري التركي وقبله إنفصال بريطانيا عن أوروبا ومواجهات ذوي البشرة السوداء مع الشرطة في أمريكا ومظاهرات عمال فرنسا ضد تعديل قانون العمل ... الخ وقبلهم الازمة المالية وإرتباك مؤسسات القرار الدولي أمام التغييرات في تونس ومصر وليبيا ... الخ .
إنّ سُلطتهم قابلة للكسر والتغيير ، حيث لم تعد تستجيب كما في السّابق لشروط الحكم والتوجيه والاستبداد بهما ، إنّ وعي الجماهير بالظّلم وبشرط الوحدة لكسر شوكته يتعاظم يوما إثر يوم ، ولهذا علينا أن لا نقف كثيرا عند نتائج البريكسيت أو مآلات الانقلاب العسكري في تركيا أو إفرازات الحوار الوطني في تونس ... الخ فهي لن تُغيّر من واقع الاستيلاب والاستغلال شيئا فسواء فاز هذا الطرف أو ذاك ستظل الجماهير محكومة بواقعها المزري ، علينا فقط أن نتمسّك بتوحيد الجهود ودفع أجنحة النّظام الى مزيد من التناقض ، مزيدا من الصّدام فهي الفرصة الوحيدة حيث يُمكن للجماهير قول كلمتها ، فأركان النظام تتهاوى واحدة تلو أخرى ولّوا وجهتكم شطر أوروبا وفرنسا فهناك يبدوا أنّه يُمكننا قبر طالما تُبشّرُ بجنازته أحداث عظام إحداها وليس آخرها محاولة الانقلاب في تركيا . من هذه الزاوية يكون سلوك الجبهة الشعبية في تونس سليما لمّا قاطعت المشاركةىلي مهزلة تحمل جزء من أزمة النظام ، ومن هذه الزاوية أيضا على عمال بريطانيا عدم الانخراط في خطط إنقاذ حكومة تريزا ، بل عليهم الدفع أكثر فأكثر نحو تأزيم سُلطة الحكم ، وكذا الامر بالنسبة للعمال الفرنسيين الذين يجبُ أن لا يرتبك بين اليمين بغطرسته الشوفينية ويمين اليسار بخياراته السلطوية الرجعية عليهم التمسك أكثر بحركة الاحتجاج والدفع الى أقصى حدٍّ ممكن بأزمة الحكم والصراع بين أجنحة النظام المختلفة .

"يا عمال العالم وشعوبه المظطهدة إتحدوا "








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ليس معاداة للسامية أن نحاسبك على أفعالك.. السيناتور الأميركي


.. أون سيت - تغطية خاصة لمهرجان أسوان الدولي في دورته الثامنة |




.. غزة اليوم (26 إبريل 2024): أصوات القصف لا تفارق آذان أطفال غ


.. تعمير - مع رانيا الشامي | الجمعة 26 إبريل 2024 | الحلقة الكا




.. ما المطلوب لانتزاع قانون أسرة ديموقراطي في المغرب؟