الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الواقع التركي ما بين سيناريوهات انقلاب العسكر وحراك الشعب

عبدالقادربشيربيرداود

2016 / 7 / 23
مواضيع وابحاث سياسية


برغم ما قيل عن أسباب انقلاب العسكر والمسببات، على أنها أردوغانية التدبير، لتصفية حسابات عالقة مع كفئه من السياسيين، داخل وخارج تركيا؛ ما يعطي انطباعاً أن ثمة لعبة يلعبها مع الغرب ضد المنطقة، وما يجب أن نفكر به، ما حدث بينه وبين إسرائيل، والتدريب العسكري التركي المشترك على أرض تركيا خلال الأسابيع الماضية، كيف لا، وهو أول من رقص على الربيع العربي، وأبدى حلماً بالسيطرة على الدول العربية بعد الربيع، مثله مثل الغرب وروسيا وإسرائيل، فليس كل ما يلمع ذهباً. أو انه سيناريو تأديبي من قبل أمريكا، لتثبيت الخطوط الحمر التي يجب الانتباه إليها عند رسم أية سياسة، أو القيام بأية لعبة، أو تحول في الشرق الأوسط الجديد وشمال أفريقيا، مع أعداء أو أصدقاء أمريكا، في هذه البقعة المشتعلة من العالم. أو انه انتقام روسي لما آلت إليه الأحداث، بعد دخول روسيا الحرب ضد الإرهاب في المنطقة، وبالتحديد وقوفها مع الأسد وسياساته الرعناء تجاه شعبه. ولكن يبقى المشهد التركي مثار التحليل والتعقيب والعبر، ومثار تساؤلات استفهامية عديدة، بين مؤيد من قبل شريحة معينة من الشعب ضد نظام أردوغان وسياساته في المنطقة، وضد العدالة والتنمية ومناصريها في عموم تركيا، وبين رافض لعملية الانقلاب العسكري المباغت التي لم تكن وفق المعايير الاحترافية، ففشل في استقطاب دعم عسكري أوسع، كما لم يحظ بالدعم السياسي أو بدعم الشعب، لأن تركيا شهدت في السابق ما يكفي من الانقلابات، لذلك لم تكن راغبة في تكرار تلك الصعوبات، وأن نظامها السياسي قطع شوطاً كبيراً نحو تثبيت أركانه، وقد ينظر إلى محاولة الانقلاب العسكري كمشكلة في بُنية النظام وسلامة الدولة.
لسيناريو الانقلاب احتمالات؛ أولها أن ينجح الانقلابيون، وترجع تركيا إلى زمن حكم العسكر الكامل، بحسب النموذج المصري. أو تقع مواجهات وفوضى تدخل هذه الدولة الكبيرة إقليمياً على خط الزلازل، وتنضم إلى العراق وسوريا وغيرهما من الدول، فتتسع المخاطر على كل دول المنطقة. والاحتمال الآخر هو فشل الانقلاب، وهو ما صار للأسباب التي ذكرتها في البداية، وأن التكهن بتغيير هذا الموقع الحساس للدولة التركية، وإدخالها في أتون اضطرابات الفوضى، التي لن تسمح بها القوى الدولية في المنطقة، لأن تركيا تتمتع بثقل التوازن الإقليمي. فعلى السياسي؛ أن يُدرك قواعد الحركة على المسرح السياسي الدولي.
تتوالى سيل الاحتمالات لتصل إلى خروج جزء من الجيش كعملية تمثيلية، لها سيناريو دقيق تم تنفيذه؛ ما جعل الخطوط العريضة المدروسة في لعبة الانقلاب تحقق مجموعة من الأهداف؛ منها إيقاف غرور أردوغان، وإظهار ضعف شعبيته في المجتمع التركي حتى يفهم حلفاؤه وأعداؤه؛ أين يقف أردوغان من السياسة العالمية، مع إظهار ضعف القدرات العسكرية للجيوش العربية والتركية، في القيام بأية محاولة ضد نظام الحكم التابع للمارد الأمريكي، وهي رسالة لكل من يريد التمرد على سياسات الإدارة الأمريكية، وبعث الخوف في نفوس من تجرؤوا على ذلك، لأن أردوغان سقط سياسياً وأمنياً وشعبياً، فلو لا أمريكا وقوات المارينز والطيران الأمريكي؛ لكان أردوغان اليوم لاجئاً في إحدى الدول، هذا إذا قبلت لجوءه أية دولة.
هل أدركتم فضل وجود قاعدة أمريكية - مثل قاعدة (آنجرليك) في تركيا - في أي بلد آخر؟
من جهة أخرى وبحسب رأيي المتواضع، فإن الانقلاب ليس طبخة سريعة على طريقة تحضير الشاي الأخضر، بل هو خطة مدبرة، ولكن كانت أمامها خطة أدق وأعمق وأشمل، وتحت الطلب. فخلال ساعتين تم إحباط كل شيء، وبطرق عنيفة وغريبة وباختفاء رئيس البلاد، في حين كان هو الآمر والناهي.
هناك من يرى أن أردوغان رائد التجربة الإسلامية الحديثة، ويمنح تصرفاته كامل الشرعية، كما فعل الشيخ (القرضاوي) والدكتور (علي القره داغي) وغيرهما من علماء الأمة، ومنهم من يرى أن أردوغان لديه جيش قوي، وأزمات مع الجيران، فيكون من الطبيعي أن يتعرض لمثل هذه الهزات الأمنية، وبهذا لحجم الكبير. كل هذه التصورات والتحليلات أظهرت أبعاداً خفية في المزاج الشعبي العام؛ ليظهر أن الجماهير غير الديمقراطية، والتي تعيش على ثقافتها وأفكارها ومشاعرها الغيبية، من السهل التلاعب بحاضرها ومستقبلها، كما حدث ويحدث في الدول العربية والإسلامية، والتي تحتضن الإرهاب بشتى صوره، وأخص بالذكر بلدي العراق. وهذا أكبر دليل على أن الشعوب في الوطن العربي؛ تواصل المسير على نفس الطريق المغلق، فالتاريخ سيحكم عليه بالانقراض، كما الحال في نموذج (العرب السُنة) لأنهم يصنعون الثورة من أجل أن يؤسسوا دولة، ولكنهم لا يعرفون أن الأهم هو أن يكونوا شعباً يملك دولة، وليس شعباً تملكه الدولة.
اختلفت الرؤى بعض الشيء في النموذج التركي، وأثبت الواقع - ولو لبرهة من الزمن - أن الشعب التركي لا يريد الفوضى، ويفهم أهمية وضرورة الهوية الوطنية، ولا يغامر بغيرها، فعلى أساس هذه القاعدة - باعتقادي - فشل الانقلاب واندحر، ولكن هل يتعظ أردوغان من فشل الانقلاب - لو قلناه مجازاً - ويراجع نفسه وحكومته وحزبه الحاكم تجاه القضية العادلة لشعوب تركيا، ومنها قضية الشعب الكردي؟! وكيف سيعيد أردوغان الديمقراطية التركية إلى طريقها الصائب، بعد أن ترنحت تحت أقدامه، ويقود شعبه نحو الأفضل؟ وهل سيراعي حدود الجيرة، على أساس عدم التدخل في الشأن الداخلي لأي بلد، مهما كان وضعه الإقليمي أو ثقافته أو دينه؟
الأيام ستجيب على ما ستؤول إليه الأحداث مستقبلاً في تركيا، وكيف ستؤثر على رؤية أردوغان للعالم من حوله... وللحديث بقية.
-------------------








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ألعاب باريس 2024: اليونان تسلم الشعلة الأولمبية للمنظمين الف


.. جهود مصرية للتوصل لاتفاق بشأن الهدنة في غزة | #غرفة_الأخبار




.. نتنياهو غاضب.. ثورة ضد إسرائيل تجتاح الجامعات الاميركية | #ا


.. إسرائيل تجهّز قواتها لاجتياح لبنان.. هل حصلت على ضوء أخضر أم




.. مسيرات روسيا تحرق الدبابات الأميركية في أوكرانيا.. وبوتين يس