الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العصر مفردة الزمن في دلالات النص الديني

عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)

2016 / 7 / 23
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


العصر مفردة الزمن في دلالات النص الديني


من الأشياء الملفتة للنظر في النصوص الدينية تلك الأقسام التي يوردها النص عن لسان الله ويريد بها لفت نظر الإنسان للدلائل العميقة بمضمونية القسم، فليس كل قسم يعني أن الله يقصد به التوكيد أو إدخال الاطمئنان التام في قلب المؤمن كي يثق بكلام الله وهو الثقة المطلقة عنده بلا قسم ولا يمين، المهم أن بعض هذه المفردات المقسوم بها تعود لمفاهيم زمنية أو تتعلق بالزمن أو الحكمة منه، الشيء الغريب أن بعض مفسري الكهنوت يفرغون المعنى بأراء أعتباطية تروج لمفاهيم ذاتية الغرض منها تأصيل فكرة خاصة أو صرف المقاصد عن مفاهيم مطلوبة.
{والعصر} هذا المفهوم الزمني الذي يرد في النص الديني بصيغة القسم أجده أكثر أنفتاحا على عقل الإنسان من مجرد قسم عادي، إنها أشارة حقيقية مقرونة بهدف وتوكيد وألفات نظر لقضية كثيرا ما رافقت الغالب من النصوص الدينية وهي التعويل على الحركية في معنها السيروري (الزمن)، الله وبالتأكيد كما ورد هنا منصوصا يدرك أن الزمن هو القدر الحاكم على الوجود وهو معيار الحركة فيه، ويربط بين المعيار المادي والنتيجة المستهدفة بعبارات أخرى وردت أيضا كثيرا في النصوص وهي مقياس حساب النتائج الفوز والخسارة الفلاح والفشل وأخيرا معيار القبول والرفض {إن الإنسان لفي خسر }.
إذن هناك معادلة خفية بالنص تقول أن الزمن طريق للربح كما هو طريق للخسارة ولكن بتوسط عامل أخر عامل يتعلق بالإنسان وبما ينتج وليس له علاقة بغيره، الزمن يمر ويعبر النقاط التي يسير عليها الإنسان وكل نقطة تسجل عليه خسارة لأنه يفقدها دوما بلا تعويض، هذه الخسارات المتراكمة سببها أن الحركة عند الإنسان لا تساوي حركة الزمن، لذا فكل فرق بين الأثنين هو خسارة حقيقية، هذا كقانون عام ونعرف أن لكل قانون عام هناك قانون خاص في الضد منه ولكنه يعط نفس المعنى ولكن بالمقابلة الضدية يسمى عند البعض بالأستثناء {إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات}، إذن العمل هو نقيض للخسارة بمعنى أنه يستوعب الزمن وحركته وينتج فيسبب لنا الفلاح أو الفوز.
ليس كل عمل هو تجاوز لأزمة الخسارة وليس كل فعل إنساني قادر على مجاراة الزمن واللحاق به من دون أن نفرط بالفوز، هنا يشترط النص محددين مهمين أو لنقل معيارين مهمين الأول الإيمان بقضية العصر(الزمن بمعناه الراهنية) وهذا الإيمان ضروري للتفريق بين مراحل الزمن وخاصة الذي يوازي حركة ووجود الإنسان، وثانيا أن يكون هذا العمل صالح بمعنى أنه يستهدف الإصلاح وأن لا يكون فاسدا منذ البداية، العمل الصالح هو العمل القادر على نقل الإنسان من دائرة القوة الإيجابية إلى دائرة الفعل الإيجابي المصلح والإصلاحي والقابل للأستثمار.
ترابط العمل مع تحديد النوعية والهدف منه يجب أن تكون أولويتنا القصوى حتى لا نخسر أكثر مما خسرنا وأن نضيع الفرص المتتالية للحد الذي لا يمكن لأحد أن يجسر المسافة بين الوجود والزمن، هذا إذا سر الصيغة القسمية التي وردت في النص الديني وهي محورها أحترام الزمن بدل الأنتظار أو تقبل الخسارة على أنها قدرنا الوجوبي، طبعا الفرق كبير جدا بين مقصدية النص ودلالاته العقلية وبين ما يفهم الكهنوت الذي يعيش ظاهرية النص وأفق دلالاته المحدودة بالبناء اللفظي له.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصطفى البرغوثي: الهجوم البري الإسرائيلي -المرتقب- على رفح -ق


.. وفد مصري إلى إسرائيل.. تطورات في ملفي الحرب والرهائن في غزة




.. العراق.. تحرش تحت قبة البرلمان؟ • فرانس 24 / FRANCE 24


.. إصابة 11 عسكريا في معارك قطاع غزة خلال الـ24 ساعة الماضية




.. ا?لهان عمر تزور مخيم الاحتجاج الداعم لغزة في كولومبيا