الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


داعش؛ فرانكشتاين أمريكي بامتياز

عبدالقادربشيربيرداود

2016 / 8 / 1
مواضيع وابحاث سياسية


تعددت العناوين، واختلفت الأساليب، ولكن بقي داعش بمضامينه الفكرية، وقسوته ووحشيته في التعامل اللا إنساني مع الناس فرانكشتاين أمريكي بامتياز؛ شئنا أم أبينا، اختلفنا أم اتفقنا، في بعض مفاصله السياسية أو العسكرية على أرض الواقع، وجاءنا الجواب الفصل في ذلك من (كيري)؛ وزير خارجية أمريكا، في اجتماع التحالف الدولي ضد داعش في واشنطن، الأسبوع الفائت، وبصريح العبارة في قوله: "واثقون الآن في قدرتنا على هزيمة داعش، وأن قوة الدفع في القتال الدائر في العراق وفي سوريا تحولت ضد داعش، وأصبح داعش اليوم أضعف من ذي قبل"، وتبادل بعد ذلك الموقع مع وزير دفاعهم (كارتر)، ليضيف الأخير سيناريو آخر ضمن حملة هزيمة داعش متسائلاً: "ما هي الإجراءات الاستباقية لتقويض داعش في أماكن تواجده؟". والسبب؛ بدأ داعش يتخبط في أفعاله، ويزيد على القائمة المكتوب تنفيذها؛ لتحقيق أحلامهم وهيمنتهم على مقاليد الأمور، وكان ذلك في نظرهم أشبه بحكم إبليس في الجنة.
لقد انفجرت الفضيحة، فكيف بأمريكا وحلفائها تطويق انتشار الرائحة الكريهة (داعش)؟ وكيف باختلاق أكاذيب بمستوى تحديات العصر؛ للتلاعب بمشاعر الناس في الشرق والغرب على حد سواء؟ عندما تحول فرانكشتاين أمريكا (داعش) إلى ظاهرة عالمية، وآفة خطيرة في ظل التحديات والتطورات التي تشهدها المنطقة، وفي ظل تفاقم الأزمة الإنسانية بسبب استفحاله، وخططه لإثارة الفتن وإثراء الطائفية التدميرية بين أبناء المجتمع الواحد (العراق نموذجاً).
نعم هذه هي القصة؛ شرذمة من المرتزقة قدموا من خارج الحدود، يحملون راية (الله اكبر) عدوَاً وبهتاناً على الإسلام الحنيف، الذي لم ولن يحرض الناس على القتل والسحل، واستباحة دماء الناس، مهما كان دينهم أو قوميتهم. مرتزقة يقاتلون بجانب من يدفع أكثر سلحتهم أمريكا؛ لذلك قاتلوا وتوسعوا كالجرذان في الصحارى، ولكن عند الوقت المعلوم، عجزت أمريكا عن إجبارهم لإعادة السلاح. وإلا من على وجه الأرض سلحهم؟ من الذي انشأ المناخ السياسي والإعلامي اللازم لتسهيل مهمتهم الإرهابية؛ بكل صفحاتها؟ من الذي ضغط لإيصال السلاح إلى هذه البقعة الساخنة من العالم (الشرق الأوسط وشمال أفريقيا) الغنية بالنفط؟ المكان الذي صار بؤرة توسعهم ونفوذهم فيما بعد، والدليل أن أولى خطواتهم الشيطانية، هي الاستيلاء على حقول النفط في أكثر من مكان؛ في العراق، في سوريا وفي ليبيا. أنظروا إلى أماكن تواجدهم وانتشارهم، وقيامهم فيما بعد باستخراج وبيع النفط، وهذا النفط يشترى من قبل شخص أو جهة ما. هل تعتقدون أن أمريكا وبكل تكنولوجياتها الاستخبارية لا تعرف من الذي يشتريه؟ أليس حلفائها؟ وبمباركة دولية وتارة حكومية، بحسب الرقعة الجغرافية التي تتم فيها تلك التجارة المشبوهة، وبممرات آمنة، وفي وضح النهار!
أين العقوبات على الأطراف التي اشترت هذا النفط؟ ألا تعتقدون أن أمريكا ليس لديها القدرة على التأثير على حلفائها! ولكنها في الواقع لا ترغب بالتأثير عليهم، فهذه السياسة المبطنة غير مهنية على الإطلاق، ولا ترتكز على الحقائق في العالم الحقيقي.
إذاً فما دام صانع فرانكشتاين العصر يتنفس الصعداء، ويكبر أينما حل؛ يظل داعش ومن بعد داعش - بأي مسمى كان - يعيث في الأرض الفساد، ويواصل الليل بالنهار لتوسيع فكرة الفوضى الخلاّقة، وزرع نظرية المؤامرة في عقول الشعوب الآمنة في العالم، ولن يتوقف زلزال الإرهاب المدوي، وأمريكا وحلفائها في الغرب تأوي إرهابيين مطلوبين للعدالة؛ بحجة الالتزام بمبادئ حقوق الإنسان، ومحاربة داعش - صنيعتهم - بإطار قانوني كي لا يفقدوا احترامهم لديمقراطيتهم المزعومة؛ ما خلق بالتالي ارتخاءً أمنياً، ليكون العالم ميداناً مفتوحاً بوجه داعش؛ يصول ويجول، وينفذ هجماته الإرهابية فيه، من دون رادع يذكر. ما جعل وضع العالم في غاية التعقيد، الناس يتبادلون التهم، ويهاجمون بعضهم بعضاً، ويسفهون دين بعضهم البعض، ويدخلون في نزاعات خطرة؛ فهذا (فرانسوا اولاند) الرئيس الفرنسي؛ يعلن الحرب على المسلمين، ويعتبرهم مجرمين بسبب دينهم، وتلك ميركل المستشارة الألمانية تستعد لمواجهة مخططات المتطرفين والمتشددين عقدياً واجتماعياً في إشارة ضمنية تقصد بها المسلمين. إن هذا المنحى الخطير سيدفع بأوربا إلى أيدي المتطرفين اليمينيين؛ ما يزيد التوتر الطائفي في أوربا لا محال، وهذا الحال هو فخ قاتل لأوربا الديمقراطية، وعليه يتحمل الغرب المسؤولية السياسية تجاه ما جرى في سوريا والعراق وليبيا، وغيرها من بلدان الشرق الأوسط، وهذا ما أكده تقرير (تشيلكوت) مؤخراً.
من هذا المنطلق أتسال: هل ما جرى هو (سياسة المكان) إن صح تعبيري؛ أي أن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا هي المكان الملائم؛ ليكون بؤرة إرهاب وتأزم وتطرف في العالم؟!
إنها ظروف دقيقة غير مسبوقة في حياة الناس، ما يحضنا على أن نتكاتف بقوة؛ للقضاء على الإرهاب المتمثل بداعش بحسب تعريف اليوم، وتفكيك إيديولوجيته الخطيرة، وتجفيف مصادر تمويله، بتنسيق دولي ممن يرفضون فكرة الإرهاب، والفوز بقلوب وعقول المهمشين سياسياً واجتماعياً، مهما كانت جنسيتهم أو خلفيتهم الإثنية أو لونهم أو دينهم. وتوعية الشعوب بخطورة الأفكار الإرهابية الهدامة على المجتمعات، أكثر من الحروب والسلاح، وجعل مبعث القلق الاستراتيجي الأكبر هو إعادة الاستقرار والبناء في المناطق التي هزتها عواصف الفوضى الخلاقة، وإلا ستجر القضية المزيد من الماء إلى طاحونة داعش، ومن هم على شاكلته، لإنعاشه من جديد.
هل بمقدورنا ذلك، إذا اتحد حكماء الشرق مع عقلاء الغرب؟ أم تبقى المسألة فوق كل الاعتبارات الواردة، وتتعدى ذلك بكثير، ليكون السيناريو عملية جراحية سياسية - عسكرية أمريكية بامتياز... وللحديث بقية.--








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. في ظل التحول الرقمي العالمي.. أي مستقبل للكتب الإلكترونية في


.. صناعة الأزياء.. ما تأثير -الموضة السريعة- على البيئة؟




.. تظاهرات طلابية واسعة تجتاح الولايات المتحدة على مستوى كبرى ا


.. تصاعد ملحوظ في وتيرة العمليات العسكرية بين حزب الله وإسرائيل




.. اقتحام قوات الاحتلال الإسرائيلي مدينة الخليل لتأمين اقتحامات