الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


محاربة الفساد فريضة وضرورة وطنية

عبدالقادربشيربيرداود

2016 / 8 / 13
مواضيع وابحاث سياسية


كان استجواب وزير الدفاع فبركة سياسية؛ للنيل من رئيس البرلمان، وثلة من النواب، لأن الجلسة تحولت من برلمان يستجوب وزير إلى وزير يستجوب البرلمان، ليفجر بذلك أزمة سياسية جديدة في البلاد، تحت ذريعة الابتزاز السياسي، مارسها الوزير بحنكة ودراية؛ لإفشال استجوابه على خلفية صفقات الأسلحة والـ(همرات) العسكرية، ولئلا يكون منصب (وزير الدفاع) عرضة للمساومات الحزبية والبرلمانية، فرمى بكرة النار في ملعب البرلمان لتأخذ الجلسة أبعاداً خطيرة، وتتحول إلى مسرحية تُكال عبرها التهم، وتقذف خلالها الافتراءات؛ لتصفية حسابات شخصية أو سياسية، لتكون فضيحة تهز عرش البرلمان، كي يخلق بالتالي صراعاً محتدماً يلقي بظلاله على الشارع العراقي. ولكن من منظور بعض الساسة (السنة) كانت الجلسة أداة لتنفيذ صراع (سني - سني) داخل المكون السني في العراق، وهي طريقة مبتدعة للاحتماء بالطائفية ولتبرير وتغطية الفساد.
أياً كان الاتجاه، فالأجدر زجه في السجن كخطوة قانونية، ومن ثم محاكمته أصولياً، لا أن يمشي مشي المنتصر في شوارع العاصمة بغداد، ويحيا بتحية الباسل الخطل، وبمساندة عشيرته، والأتعس تفاعل الجمهور مع أقواله غير القانونية، مرددين الهتافات دون إدراك لأبعاد تلك اللعبة، لأن مسؤولينا أذهلوا الشياطين في امتهان الفساد، منذ أن احتلوا مناصبهم، عبر الحكومات المتعاقبة منذ 2003 حتى يومنا هذا، فمنهم من تقلد مناصب عدة، واستلم وزارات بعيدة بعضها عن البعض الآخر في الاختصاص، ما يعكس ضعف البرلمان، وعدم وجود معارضة برلمانية حقيقية جادة، وهو ما قلل من فاعلية مساءلة المسؤولين أو الفاسدين، بسبب غياب القانون، وعدم سيادته؛ ما شجع بالتالي عناصر الفساد للتهرب من المحاسبة، لأن كل فصيل سياسي يفسر القانون بحسب مصلحة كتلته لا وطنه، فيتعرى عن أخلاقه السياسية، ولم يعد الفساد في عرفهم أمراً مخجلاً، وعندما يحتدم الخصام فإن الكل يشن حرب الملفات ضد الآخر، والكل يزعق في وجه الآخر "ترى أطلع ملفاتك"، لأن للكل ملفات في الفساد إلا من رحم ربي!
يظهر من هذا المشهد التراجيدي، أن سبب الفساد في العراق هو فساد مسؤولينا وساستنا، الذين لا يمثلون في الواقع إلا مصالحهم، ولا يرون في البرلمان، وفي أي منصب حكومي آخر إلا الكسب غير المشروع، والسحت الحرام، ويتخذون المناصب مطايا للوصول إلى الغايات غير الشريفة؛ التي رسموها لأنفسهم، المتاجرون بمشاعر الشعب، الخاسرون دوما ولو ملكوا أموال قارون، المتحكمون بثروات العراق وخيراته؛ لأنهم قادة تخريب لا قادة بناء، وعندما يحمى الوطيس يدفعون بالكذب إلى الأمام، ليركض خلفه الآخرون.
لذلك لم يتوانَ وزير الدفاع في انتهاك القواعد والضوابط التي فرضها القانون، وتناسى أن مجلس النواب جهة تشريعية رقابية لا محكمة اتحادية، فكان الأجدر به أن يراجع هيئة النزاهة قبل استجوابه رسمياً من قبل البرلمان، والتبليغ بما جرى في حينه، وعد تستره على استغلال السلطة. ففي حال ثبتت ادعاءاته سيحاسب قضائياً بتهمة التستر وهو الأرجح، وإذا لم تثبت؛ فسيحاسب قضائياً بتهمة التشهير وتضليل الرأي العام، ومن الواضح أن اتهاماته تعتمد على تسجيلات صوتية، والقضاء لا يعتد بها كثيراً في إثبات حالة الفساد. فمحاربة الفساد فريضة وضرورة وطنية، وتنظيف مفاصل الدولة من السُراق واجب وطني، والتأجيل - وهو المعهود - تسويف للقضية، وسبب في عدم استرداد أموال الشعب، وفشل في تقديم المفسدين إلى القضاء، وسبب للانفلات من العقاب، وإلا فأين ذهبت ميزانيات العراق التفجيرية؟!
قال تعالى: ((ظَهَرَ الفَسَادُ فِي البَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ...)) فسياسة اجتثاث الفساد، وثقافة مكافحته في المناهج، وأدبيات السلوك العام، وفي كل التشريعات والقوانين الناظمة للحياة الاقتصادية للشعب؛ إنما هي الحماية الحقيقية للوحدة والديمقراطية وثقة الجماهير. ولكن الاتهام بالفساد يجب أن لا يكون فرصة للطعن بالآخر؛ كما فعل سيادة وزير الدفاع، لأن واقع العراق مرتبك ومعقد نتيجة التدخلات الخارجية والاقليمية
-








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حماس: تلقينا رد إسرائيل على موقفنا حول وقف إطلاق النار وسندر


.. كارثة غزة بالأرقام.. ورفع الأنقاض سيستغرق 14 عاما | #سوشال_س




.. قوات النيتو تنفذ مناورات عسكرية متعددة الجنسيات في سلوفاكيا


.. طلاب جامعة كاليفورنيا الأمريكية يقيمون مخيم اعتصام داخل حرم




.. رئيس سابق للموساد: حماس متمسكة بمطالبها ومواقفها ?نها تحررت