الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


امرأة متزوجة 1964(جان لوك غودار):الخطيئة والمعنى والآلية والتشكيل البشري

بلال سمير الصدّر

2016 / 9 / 3
الادب والفن


امرأة متزوجة 1964(جان لوك غودار):الخطيئة والمعنى والآلية والتشكيل البشري
تظهر عبارة على الشاشة:أجزاء من هذا الفيلم حققت عام 1964 بالأبيض والأسود
حوار يدور بين رجل وامرأة في وضع (زوجي تام) بينما الجسد يظهر منه المقصود ويتعمد غودار الغواية والتورية...الحوار بطيء بينهما على نمط (انتظار الرد)...جمل قصيرة ولكن هناك جسد...جسد المرأة يتحدث بقوة بالأضافة الى الحوار بين الرجل والمرأة.
التعرية مقصودة،فالجسد ناطق مع اللقطة...الجسد هو احد العناصر العامة والهامة-في نفس الوقت-لتحليل العلاقة بين الرجل والمرأة،وحتى لو بدا الفيلم في بداياته بأنه عن المرأة وليس عن الرجل،بحيث بدا الرجل كعامل مساعد فقط او فيمة تحقيقية لاستكمال الفيلم،ولكن غودار لايعيد تشكيل المفاهيم (بما يخص المؤسسة الزوجية) بالقدر الذي يتساءل هو عنها.
شارلوت متورطة مع روبرت الممثل المسرحي بعلاقة حب خارج نطاق الزوجية وهو الذي يعلق صورة للمؤلف المسرحي الفرنسي الكبير(البير كامو)،وهنا يدور بينهما حوار فيه اقتباس ادبي-كما يبدو- من موليير من ضمنه:المسرح يساعد على منع الخطيئة من خلال الحب.
شخصيات غودار على الغالب تكون متعلقة بالأدب،فصورة الرواية والاسماء الأدبية اللامعة ظهرت في كل افلام غودار حتى الآن،وعلينا أن لا ننسى ان في الفليم السابق(عصبة من الدخلاء) أن اول شيء سرقه اللص غير المحترف آرثر هو كتاب.
لكن شخصيات غودار على الغالب ينقصها ذلك العمق الأدبي للتعبير عن حبها للأدب...شخصيات غودار متأثرة بالأدب ولكنها ليست شخصيات أدبية.
شارلوت دائما ما تظهر في عراء متواري خاصة في خضم المشهد الطويل الأول للفيلم،وهذا بالتأكيد مختلف عن عراء بريجيت باردو في ازدراء،فالجسد يظهر بهذه الطريقة لأنه عامل أساسي في التكوين بين الرجل والمرأة،فالجسد هو مؤشر ومقياس الرغبة بالآخر،وحين تظهر عبارة على الشاشة وكأنها عنوان كتاب:
الرغبات الداخلية التي لانمتلك الجرأة على البوح بها...
فهذا مؤشر ايضا على ان غودار يتساءل عن مفاهيم اجتماعية تخص الحياة الزوجية وتساؤله اقرب الى اعادة التشكيل من القبول أو حتى التساؤل نفسه...
شارلوت هي امرأة عابقة بالهواجس...فهي تسأل نفسها:من أكون انا...كنت مرة لست هنا منذ عام
الفيلم هو ايضا عن الهواجس التي من الممكن القول بأنه لاداعي لها والتي في نفس الوقت هي أجمل ما في الفيلم
الهواجس تعود بنا الى شارلوت على خلفية سوداء تظهر الكلمات التالية:
خطيئة...اشاعات...حجة أو ذريعة...فضيحة
هل الخطيئة هنا اشكالية؟!...هل الخيطئة المتعارف عليها اجتماعيا محرفة..؟
غودار مع نفس النموذج...مع التكرار البشري لنفس الفعل..يسأل:ما هي الخطيئة هنا بالضبط؟
الخطيئة كما يبدو تحاط بالخاص اكثر من العام،ولكنها بالتدريج سوف تحاط أو ستندمج مع العام،لأنها خطيئة تخص المؤسسة الزوجية كاملة ان لم تكن هي الأكثر تكرارا فيها،على ان الحالة برمتها-وحتى طريقة غودار في طرحها-تبدو أكثر خصوصية من معطيات مجتمع كامل.
وقوع شارلوت في الخطيئة-تجربة خاصة-يجعلها بحد ذاتها تعيد تحليل المعنى(الخطيئة) ومن ثم الهرب الدائم والخوف،يجعلها تحلل هذه المعاني اكثر خاصة اذا كانت الخطيئة مبرر لها سابقا -داخليا-فشارلوت محبوسة على هم داخلي متفرد،واذا افترضنا ان هذه الخطيئة تخضع للتكرار،بل لابد ان تخضع هذه الخطيئة للتكرار لأنها تجلب البهجة ومايجلب البهجة سوف يخضع للتكرار،وهذا امر يطرحه غودار في آخر الفيلم ولا لاضير ان تحدثنا عنه مبكرا،لأنه يؤخذ حيزا قويا في هذا الموضوع،لأن شارلوت نفسها بدت متشككة في النهاية بعلاقتها بروبرت...هل هي حب أم هي مجرد جلب للبهجة،وبالتالي ستخضع المفهوم برمته للمعنى:معنى الحب ومعنى البهجة.
الفردية الاجتماعية العامة،هل من الممكن برمتها عند الخطيئة ان تخضع الخطيئة للمكون الايروسي؟!
بالتأكيد لا...ووفقا لرؤيتنا لايمكن ان تعطي الخطيئة معنا لها سوى الخطيئة الا في حالات خاصة جدا جدا.
ولكن هل شارلوت متأكدة من معنى الزواج...هي في هروب مستمر وفي هروبها سؤال (لاواعي) عن معنى الخطيئة وعن معنى الزواج،فالهرب المادي والتخفي قد يكون لتجنب خوف خارجي ويصح ايضا ان يكون هربا من خوف داخلي،كما ان الهروب يعبر ايضا عن عدم القدرة الحقيقية للوصول الى قرار...شارلوت تروي الماضي على شكل جمل قصيرة تعبر عن المشاعر...هذا يقودنا الى مبحث آخر يبدو مقحما على الفيلم ألا وهو الذاكرة.
بيير زوج شارلوت-طيار شراعي-يعرف عن ماضي من نوع معين بين روبرت وشارلوت،وهو فيما مضى قد عين مخبرا لملاحقتها استمر لمدة ثلاثة شهور...وهنا يبدا غودار باعطاء الوعي الاجتماعي للخطيئة مباحث،فيظهر عنوانة على الشاشة:الذاكرة
الذاكرة شيء ضروري بالنسبة لبيير،وهو يروي قصة طريفة عن روسيليني تخص الذاكرة،وبالذات ذكرى المذبحة،يقول بيير:
انه شيء مذهل عندما نفكر بأن أو شيء علمتنا اياه الآلة هو الذاكرة لتسجيل الماضي،بينما بالنسبة لشارلوت الماضي لايساوي مشاكله...الحاضر هو الشيء المهم.
وكأن غودار يحاكي رينيه من مواضيع الذاكرة وحتى ليل وضباب
يقول بيير:انه شيء عجيب،عندما كنت في المانيا كان هناك اشخاص قتلوا آلاف الناس ولكنهم لايتذكرون شيئا،ربما لأنه نوع من دفاع ميكانيكي آلي(Mechanism)،ويتابع بيير:
ولكن بالنسبة لبعض الآخرين،أحدهم كان يمتلك انطباعا بأنه قد نسي كل شيء...
موضوع الذاكرة-كما كتبنا عن الهواجس السابقة-يبدو مهما جدا لشارلوت،على ان الأخيرة في المبحث الثاني(الحاضر) تفضل الحاضر على الماضي وتعتبره اكثر متعة،وغودار سيحيل الأمور الى اشياء أخرى اكثر فلسفية واكثر تعقيدا،وبالتالي أكثر جمالا،وعلى نمط المناظرات يجب ان تتدخل العقلانية(المبحث الثالث) على لسان صديق لبيير في الستين من عمره،الذي بدوره يطالب بالبحث عن شيء يقبع خلف الفكرة مع اسقاطات فلسفية معترف بها...
ومن ثم المبحث الرابع(الطفولة) هل هي المقصد الفلسفي؟
يبدأ غودار بالانفتاح الاجتماعي على الموضوع اكثر،لكي يخوض في امور روتينية زوجية ولكن لازال على طريقته الفلسفية الخاصة...
من كيفية تجرد المرأة من ملابسها لزوجها،مع استخدام موسيقى ذات طابع جنسي وصولا لمقطوعات لفرانك بورسيل...
حيز الفيلم الفعلي هو الاكتشاف،اكتشاف مسار العلاقة بين الرجل والمرأة...واكتشاف المرأة بحد ذاتها...وايضا اكتنشاف السينما
فغودار حتى الآن لازال مشوشا لايصل وهو المخرج الاشكالي المبدع الى تعريف دقيق للسينما.
غودار لايكتفي فقط باكتشاف مسار العلاقة واعطاء اسبابا لها خارج نطاق الحكم الاجتماعي،فهو يبحث ايضا عن تعريف دقيق لمصطلخات لغوية على شاكلة (اختلاس-Peek) او حتى متساوي الأضلاعEquilateral
وعلى خلفية موسيقى(la Java)-وهي المبحث الخامس بالمناسبة وهي رقصة طورت في القرن العشرين في فرنسا-عن الممارسات الجنسية الطبيعة التقليدية،ونلاحظ أنه في الثلث الأخير من الفيلم ينقلب الفردي الى اجتماعي واضح،وهذه ليست احالة ولامقياس،بل ان الهم والهاجس يخص الطرفين هذه المرة،ويضعنا غودار في موقف اكثر تعقيدا فهي حامل الآن منذ 3 شهور؟
هذا شيء لن يضع غودار له حلا مع نهاية فيلمه...فهي حامل ولكن ممن؟
الطفولة ليست مقصد فلسفي ضمن هذا التحليل ابدا،بل هي المأزق الفلسفي،بل هي الواقع المحسوس ضمن كل هذا التحليل الكلامي...
الجسد له دور كبير في التشريح والتحليل،ومن الممكن أن يكون هو الضابط لذلك علينا الغرق اكثر في مفهوم الجسد..
امرأة متزوجة هو فيلم عن المرأة وليس عن العلاقة الزوجية،بل من الممكن النظر للعلاقة الزوجية مجرد مسار يحكم تصرفات المرأة وتحليل التصرفات ضمن هذا المسار وما يخلقه من ظروف وبالتالي من الممكن ان يكون اسم فيلم غودار هذا:امرأة متزوجة أو المرأة المتزوجة...بتعريف أو بدون تعريف فكلاهما واحد
او قد يكون الموضوع برمته مبحث آخر مشابه لموضوع فيلم سابق يمقته غودار بشدة يدعى ازدرء
بلال سمير الصدّر
6/11/2015








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تفاعلكم | أغاني وحوار مع الفنانة كنزة مرسلي


.. مرضي الخَمعلي: سباقات الهجن تدعم السياحة الثقافية سواء بشكل




.. ما حقيقة اعتماد اللغة العربية في السنغال كلغة رسمية؟ ترندينغ


.. عدت سنة على رحيله.. -مصطفى درويش- الفنان ابن البلد الجدع




.. فدوى مواهب: المخرجة المصرية المعتزلة تثير الجدل بدرس عن الشي