الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفافيفل 1965(جان لوك غودار):عن الحضارة التي تفتقد للجوهر

بلال سمير الصدّر

2016 / 9 / 20
الادب والفن


الفافيفل 1965(جان لوك غودار):عن الحضارة التي تفتقد للجوهر
الفافيفل مدينة خيالية لم يحقق غودار عالمها ليجعل منها المدينة المسقبلية الموعودة ذات الطموح الانساني الكبير،بل هي وكأنها عبارة عن تنبأ لمسار الحضارة المادية الآن والتي تخضع للمادة الاستهلاكية،والكلمة الأخيرة هي كلمة يمقتها غودار بشدة،ومهما كانت ماهية هذه المدينة بطيعتها الاسطورية والخيال العلمي المستخدم في تكوينها،ليست الا عبارة عن انتقاد حضاري لما يحدث في العالم برمته،من النزعة الديكتاتورية وحتى النزعة المادية الرأسمالية.
هذا يدفعنا مباشرة الى القول ان معالجة غودار لموضوع الخيال العلمي وسطحية القصة وقلة معطياتها يشفع لها غرض قصة غودار الضمني الواضح جدا للقصة في انتقاد الحياة والعالم المعاصر.
بطل القصة(Lemmy Caution) الممثل(Eddie Constantine)،محقق قادم من العالم الخارجي-اي عالم خارج حدود مدينة الفافيفل الخيالية،والعالم الخارجي كلمة تشير في الفيلم الى العالم الطبيعي،اي الى العالم الذي نعيش فيه-للتحقيق في اختفاء محقق سابق آخر يدعى (هنري ديكسون) بالاضافة الى اختفاء الدكتور فون براون متخذا اسم جونسون.
هذا العالم الذي يخوض فيه غودار عالم سينمائي يخضع لمعطيات سينما الجريمة الأمريكية وفنتازي ايضا،فمحقق مثل (ديكي تراسي) كان متواجدا ذات مرة في هذا العالم كما أن اسطورة(Orpheus and Eyrydice) مسقطة احيانا على الأحداث-ولكن سوء التوظيف لهذه الاسطورة جعلتنا نتغاضى عن الشرح-كما ان المعطيات الخيالية هي العامل الأساسي في تكوين هذا العالم،حيث ومنذ البداية يخضع غودار القصة برمتها الى راوي قد يكون (الفا60) وهو الكمبيوتر الذي يدير هذه المدينة برمتها بكل تفاصيلها ومعطياتها ومكوناتها،فهي تخضع لزمن خاص(الزمن الأوقيانوسي)،والأهم من ذلك ان المنطقية والعقلانية الشديدة التي تحكم عمل هذه المدينة تجعل من الاتصال الشفهي امر غاية في التعقيد،فاذا كانت المدينة تسير وفقا للآليات محسوبة،فاللغة من الممكن الاستغناء عنها سوى كمؤشر للتعبير عن شيء اساسي.
اذا كانت اللغة تستخدم للتعبير عن الماضي أو عن المستقبل،فهذا العالم العقلاني لايخضع سوى الى الحاضر،فالانسان لايستطيع الحياة في الماضي،وربما سوف يعيش في المستقبل ولكن المرء فقط يستطيع معرفة الحاضر،لأن الناس هناك ليسو عبيدا للأحتمالات وحتى الاحتمالات هنا محسوبة بدقة والحاضر كما قلنا هو تشكيل الحياة برمتها...
اذا التكوين هو عالم مقفر مغلق بشكل كامل فيه الناس محبوسة ضمن المعادلات والمنطق الخاضع طبعا للتركيب الحسابي ومن ثم،انهدام وانغلاق العلاقات الانسانية ضمن هذا الحيز،وهذا بحد ذاته يعتبر انتقاد مبطن للعالم الحديث.
يسأل جونسون ناتاشا-ابنة الدكتور المفقود-:لماذا يبدو الآخريين حزينين جدا؟
ترد عليه ناتاشا:لأنهم يفتقدون الكهرباء...!
الناس هنا مفتقدون للجوهر،فكلمة أو جملة(عالم مادي،سواء كانت تشير الى كلمة رأسمالية أو كلمة شيوعية،سواء كانت قوة الديكتاتورية أو قوة المال،فهي ببساطة طموح طبيعي لأي مؤسسة.
هذا العالم بتشكيلاته الخاصة فيه ممارسات غير منطقية على شاكلة كلمات مثل الفن أو الأدب أو الرسم هي تعتبر تهمة تسمى ب(اللامنطقية) وحكمها الأعدام على طريقة هذا العالم...
أحد المحكومين بالأعدام يخطب:الحقيقة أن جوهر الأنسان هو الحب والأخلاص...
إذا في الفافيفل عالم متكامل قائم على النظريات الحسابية المنطقية،وهناك عقل كهربائي خلق نفسه يتدخل في النشوء والتكوين...في الموت والحياة...في السلالة التي يجب ان تبقى،وحتى النساء عبارة عن عنصر آلي في هذا العالم توظف احيانا ضمن الحاجات الطبيعية للرجل ليس الا،أي ان الانسان مقسم الى اصناف وليس الى طبقات.
الاشارة هنا واضحة...الى العالم المادي...الى الحضارة الغربية المادية...الى المجتمع الاستهلاكي الذي يمقته غودار بشدة،وبالتالي فالكناية واضحة جدا.
الفيلم فقد التنوع القصصي بحيث ظل ينسج على هذا المنوال خدمة للمضمون الانساني،كما ان الفيلم يعتمد على الرواية وعلى السرد بشكل كبير وهذا شيء غير تقليدي بالنسبة لفيلم خيال علمي وهذا هدفه المضمون السابق ذكره.
الفيلم متوسط المستوى الفني وبالتأكيد ليس بأفضل افلام جان لوك غودار ولا أسوأها،فلا زالت مسيرة غودار غزيرة مفتوحة على افلام افضل من هذا بكثير على ان هناك من هو أسوا منه ايضا.
بلال سمير الصدّر
15/11/2015








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أقرب أصدقاء صلاح السعدني.. شجرة خوخ تطرح على قبر الفنان أبو


.. حورية فرغلي: اخترت تقديم -رابونزل بالمصري- عشان ما تعملتش قب




.. بل: برامج تعليم اللغة الإنكليزية موجودة بدول شمال أفريقيا


.. أغنية خاصة من ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محمد علي وبناتها لـ




.. اللعبة قلبت بسلطنة بين الأم وبناتها.. شوية طَرَب???? مع ثلاث