الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإرهاب في خدمة التوجهات السياسية الفرنسية داخليا وخارجيا الجزء الاول

بومنجل خالد

2016 / 9 / 25
مواضيع وابحاث سياسية


الإرهاب في خدمة التوجهات السياسية الفرنسية داخليا وخارجيا:
تعتبر الدول أهم الفواعل الموجودة على مستوى النظام الدولي، لذلك فهي تتفاعل مع بعضها البعض في أنماط عدة، فتارة يكون التفاعل تعاونا، و تارة أخرى يكون التفاعل صراعا(1) ، وبغض النظر عن نمط التفاعل فان الدولة دائما تسعى إلى تحقيق أقصى الأهداف بأقل التكاليف(2) ، وعلى هذا فالدولة يجب أن تستغل كل ما هو متاح لتحقيق أهدافها، والظاهرة الإرهابية كأحد الظواهر على مستوى النظام الدولي من بين ما هو متاح للدول من اجل تحقيق أهدافها، لذلك نجد العديد من الدول تحاول تكييف الظاهرة الإرهابية وفق ما يتسق مع مصالحها. و هذا ما ينطبق على فرنسا أيضا باعتبارها احد الوحدات السياسية فانه لا بد لها من توظيف ظاهرة الإرهاب من اجل تحقيق عديد الأهداف والمصالح. وبغض النظر عن الثمن الذي تدفعه فرنسا من جراء الهجمات الإرهابية فهذا لا يعني أنها بصدد الخسارة فقط دون الاستفادة من هذه الهجمات في تحقيق طموحاتها.
و عليه سنحاول توضيح الارتباط القائم بين الظاهرة الإرهابية وفرنسا من خلال طرح الإشكال التالي:
كيف يمكن لفرنسا الاستفادة من ظاهرة الإرهاب الدولي من اجل تحقيق أهدافها ؟
استفادة الحكومة الفرنسية من الإرهاب في خدمة توجهاتها السياسة الداخلية:
تعتبر عملية نيس من بين اخطر العمليات الإرهابية التي ضربت فرنسا مؤخرا ، لكن توقيتها كان مثاليا جدا لخدمة توجهات الحكومة الفرنسية على المستوى الداخلي، وهذا ما سنوضحه من خلال النقاط التالية:
أولا: تعاني الحكومة الفرنسية مؤخرا من غضب شعبي عارم نتيجة سياساتها الاجتماعية من أهمها قانون دوام العمل، وقانون زيادة سن التقاعد إلى 62 عاما، ورغم أن تمرير القوانين كان عبر الآليات القانونية إلا أن الشعب الفرنسي يرفضها بدليل خروجه إلى الشوارع تعبيرا عن رفضه لقانون الدوام حيث حمل المتظاهرون عديد اللافتات المعبرة عن الرفض المطلق للدوام، ولم تجد الحكومة الفرنسية حرجا في قمعهم بالقوة رغم التعتيم الإعلامي عن هذا القمع(3).
ولان الحكومة تستفيد من تجارب الماضي، فقد عملت جاهدة على عدم تكرار خطئها في تمرير قانون الدوام، خاصة وأنها على بعد خطوة من تمرير قانون آخر لن يحظى بالترحاب في الأوساط الشعبية الفرنسية، وهو قانون زيادة سن التقاعد، فكانت الهجمة الإرهابية مثالية لبث الذعر في نفوس المواطنين وجعلهم يتراجعون عن الخروج إلى الشوارع والتجمهر، كون الهجوم وقع أثناء تجمهر للاحتفال بعيد الثورة الفرنسية هذا من جهة، ومن جهة أخرى إعطاء مبرر لمنع التجمعات الشعبية وقمعها بدعوى تحقيق الأمن على المستوى الداخلي، حيث كانت الحكومة تعتمد على فوز المنتخب في اورو 2016 من اجل الهاء الشعب عن قانون زيادة سن التقاعد، إلا أن فوز البرتغال بالاورو جعل من طموحات الحكومة تتلاشى تماما، ولعل ما يؤكد هذا هو دعم السياسين للمنتخب والتنقل إلى الملعب من اجل مؤازرة اللاعبين(4).
ثانيا: دائما ما تنسب العمليات الإرهابية إلى أشخاص ذوي ديانة إسلامية، ومن أصول شمال أفريقيا، وهذا مناسب تماما للحكومة الفرنسية، حيث يساعدها هذا على إيجاد مصوغات من اجل مراجعة قوانين منح الإقامة الدائمة للمهاجرين من شمال أفريقيا، خاصة الجزائرين كونهم يحظون بإجراءات خاصة مقارنة بالوافدين من بلدان أخرى نظير العلاقات التاريخية بين الجزائر وفرنسا، ثم إن عدد أصحاب الجنسيات المغاربية وأصحاب الديانة الإسلامية في تزايد مستمر مما يشكل خطرا على الهوية الفرنسية المسيحية، و الإرهاب باعتباره تهديدا لأمن الدولة سيكون كافيا من اجل رفض طلبات الإقامة من جهة، ومن جهة أخرى ترحيل العديد من المهاجرين إلى مواطنهم الأصلية، ويمكن الاستدلال على ذلك من خلال النظر في المكونات الاجتماعية لفرنسا، فالبرغم من تواجد العديد من المهاجرين من جنسيات مختلفة وأكثرها جنسيات افريقية يعاني معظم من ينتسب اليها من الفقر، والظلم الاجتماعي ما يشكل قاعدة للعنف ضد الآخر، إلا أن تهمة الإرهاب دائما ما تطال المسلمين فقط دون غيرهم ما يعني أنهم مستهدفون، وهذه السياسة في حد ذاتها تخلق مشاعر البغض والكراهية بين المسلمين المقيمين في فرنسا والفرنسيين ما يؤدي لاحقا مع مرور الوقت إلى التمييز العنصري والقيام بأعمال العنف من الطرفين على المدى البعيد طبعا. ولعل فئة المسلمين وان كانت تستقر بفرنسا فهي دائما ما تعبر على كرهها لفرنسا وليس أدل على ذلك سوى احتفال هؤلاء بفوز البرتغال على حساب فرنسا ومن جانبهم الفرنسيون لا يفوتون أي فرصة للزيادة من الكراهية اتجاه المسلمين المقيمين في فرنسا. ثم إن عدد المهاجرين المسلمين بفرنسا يجعلهم مرشحين بفضل الآليات الديمقراطية من صياغة توجهات الحكومة مستقبلا كون أصواتهم مهمة جدا بالمقارنة مع عددهم الكبير ولإدراك هذه الأهمية ليس علينا إلا أن نلاحظ مسار ساركوزي الانتخابي لنقف على هذه الأهمية.
ثالثا: يبرز لنا من خلال ما تم عرضه فيما سبق بان فرنسا فشلت في سياستها التربوية والتعليمة إلى حد ما، فبغض النظر عن أصول منفذي الهجمات الإرهابية إلا أن هؤلاء مواطنون فرنسيون تلقوا تعليمهم في المدارس الفرنسية والتي غالبا ما تمجد العنف بالأخص ضد الآخرين والضعفاء بدعوى نشر الحضارة خاصة قانون تمجيد الاستعمار الذي يعتبر الآخرين اقل قيمة وشانا من الفرنسيين وبالتالي لا ضرر في ممارسة العنف ضدهم من اجل تحضيرهم وهذه الرؤية إنما هي رؤية عنصرية تقزم الآخرين وتعلي شان الفرنسيين وبالتالي عنف متبادل وان كان يظهر العنف أولا من قبل الجهة التي تعاني الاضطهاد فالعنف الفرنسي عنف فكري ولفظي ( عنف معنوي) بينما عنف الآخر عنف مادي.
لا بد على الحكومة الفرنسية أن تغير من مناهجها التعليمية وذلك من اجل بناء سلم اجتماعي يسمح للاخرين بالتعايش و الاندماج في المجتمع الفرنسي و إلا فان عواقب السياسة الحالية ستكون اكبر على المدى البعيد.
1- ابراهيم بولمكاحل، تطور اتجاهات المدرسة الواقعية في تحليل العلاقات الدولية والسياسة الخارجية، 28/04/2014، http://www.academia.edu/4737995 / .
2- ستيفن وولت ،"العلاقات الدولية: عالم واحد، نظريات متعددة"،ترجمة: زقاغ عادل و زيدان زياني، نقلا عن موقع: http://www.geocities.com/adelzeggagh/IR
3- ليونيد بيرشيديسكي، فرنسا وقانون ساعات العمل، موقع: http://www.alittihad.ae/details.php?id=78080&y=2015&article=full
4- نقلا عن موقع: http://www.akhbarlibya.net/sports/120857.html








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. استعدادات إسرائيلية ومؤشرات على تصعيد محتمل مع حزب الله | #غ


.. سائق بن غفير يتجاوز إشارة حمراء ما تسبب بحادث أدى إلى إصابة




.. قراءة عسكرية.. المنطقة الوسطى من قطاع غزة تتعرض لأحزمة نارية


.. السيارات الكهربائية تفجر حربا جديدة بين الصين والغرب




.. طلاب أميركيون للعربية: نحن هنا لدعم فلسطين وغزة