الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من يحارب من؟

فوزي بن يونس بن حديد

2016 / 9 / 27
كتابات ساخرة



من يحارب من؟، حروب معقدة تجري اليوم في ساحاتنا العربية، صارت بلادنا العربية وكرا للإرهاب الذي يعامل الناس بوحشية ويقضي على آخر ما تبقى من النخوة العربية والحمية الإسلامية، من ليبيا الجريحة التي لم تقم لها قائمة منذ 5 سنوات، إلى اليمن التي تعقّدت فيها الحرب ولبست ألوانا من العذاب، إلى العراق الذي دُمّر بالكامل ولم يفق إلا على الدمار الشامل الذي أصابه دون أن يمتلك أسلحته، إلى سوريا الدولة التي لم تعد موجودة على الخارطة العالمية، كل ذلك بسبب الطغيان والاستبداد، أم بسبب تدمير البلدان الذي حكاه الغربان، منذ أن خططوا للقضاء على المقاومة في عقر دارها، ومسح كل غيرة على بلاد الإسلام، فباسم الوحشية والتقتيل والتدمير نخرب بيوتنا بأيدينا وبإعلامنا الذي يجنح وراء كل عملية قتل فريدة من نوعها.
وحُقّ لي أن أتساءل ألف مرة من يحارب من؟ فالدول الكبرى تختبر أسلحتها في دول عربية وتدمّر كل شيء بأمر أربابها وساستها الذين عجبتهم حسبما يبدو اللعبة في الحلبة، وباتت المصارعة بين الأشدّاء على أشدّها والغلبة لمن يتنفّس طويلا ويعيش على أشلاء الجثث المتناثرة، ودول المحور كما يقال وهي الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا تتفقان وتختلفان على من يحاربون، هل يحاربون جبهة النصرة أو تنظيم داعش أو سوريا الديمقراطية أو أحرار الشام أو نظام بشار الأسد أو المافيا التي دخلت من الباب الواسع، وماذا عن إيران وحزب الله ونظام بشار الأسد، وماذا عن تركيا التي ركعت للأوامر الروسية والأمريكية لتتلقى تأشيرة العبور نحو محاربة الأكراد والداعشيين في جرابلس.
لقد حدثت انتفاضة في تسليح الدول التي تدّعي أنها قوية وأنها قادرة على تحويل الموجة لصالحها والحال أنها تدمّر نفسها من حيث لا تعلم، والحرب قائمة لا تتوقف، والسلاح دائم لا ينفد والشعوب المقهورة هي التي تدفع الثمن، لا شيء واضح على الأرض، من يسبّ بشار يمدحُ أردوغان، ومن يذمّ أردوغان يمدح بشار، وتبقى حلبة الصراع مفتوحة لمن أراد أن يدخل في حمام الحرب التي اتسعت لتشمل جميع البلدان التي تعيش على وقع الرصاص كل يوم، والدم السائل كما لو أننا نعيش عصر المغول والتتار، ما الذي يحدث في هذه البلدان؟ وهل توحّش الفكر الإنساني وصار لا يعرف إلا لغة القوة والبطش والتنكيل بالإنسان، لأنه ربما صار ورقة خاسرة في جميع البلدان.
ما يحدث ليس أمرا عاديا، وما يجري ليس فصلا من فصول مسرحية ننتظر نهايتها المأساوية، ولكن الذي يحدث حقيقة مرعبة، وفوضى خلّاقة كما قالت كونداليزا رايس، فوضى تستأصل كل ما هو خير وتزرع كل ما هو شر، بل تستبدل الخير شرّا والشرّ خيرا، غيّرت مفاهيم الديمقراطية، ومسخت الأقوال البشرية، ودنّست المبادئ الإنسانية، وقضت على كل جميل في البلدان التي عاشت ازدهارا في حضاراتها على مدى عقود في التاريخ، لماذا تعيش منطقتنا هذا الازدراء وهذا الاحتقار من فئة لا تعرف بما تهرف.
لماذا الحرب في أساسها؟ وهل لغة الحرب هي السائدة في مجتمعاتنا؟ ومن جنّد الشباب وراءها؟ ومن غرس في نفوس أبنائنا العقيدة الفاسدة؟ ومن أراد تشويه الحقائق في بلادنا؟ ومن رضي التقسيم في ربوعنا؟ ومن يركض وراء تحقيق بطولات هنا وهناك؟ وماذا تريد داعش منا وهي تلبس لبوس الإسلام في صراعها؟ لماذا لا يفهم العالم ما يجري في بلادنا؟ إنها نار تحرق كل شيء أمامها ولو جنّدوا كل رجال الإطفاء في العالم ما أطفأوها، ما الذي يجنيه المرء من ورائها إلا الخزي والدمار، ألا يتدخل العقلاء والحكماء من بني هذه الأمة قبل فوات الأوان؟ ألا يتعقّل الساسة ويجلسون إلى طاولة الحوار؟ ألا يكفّ الإعلام عن الإزعاج وتأجيج الصراعات؟ من يحارب من؟
حيرة واستغراب تنتاب من تبقّى من عقلاء العالم وحكمائه، بل دموعُ حيارى وثكالى ويتامى تنهمر كما لو أن عاصفة هوجاء مرت عليهم طوال هذه السنوات، لا نبغي مثل هذه الديمقراطيات التي تجلب العار وتخلط الأنساب وتشوّه الأجنة وتقضي على كل مروءة، العالم عاجز عن التغيير ومقبل على التدمير، والأرض ضاقت بما رحبت، ولم تعد تصبر على الأذى ستتكلم يوما، وستتحدث، وحديثها لن يكون سهلا، رغم إنذاراتها المتكررة، وأسئلتها المتعددة، ستنفجر يوما بالبكاء على التدمير والسخرية من الإنسان الذي يبدو أنه لم يفقه التعمير، رغم أن الله سخّر له كل شيء، ومنحه الفرصة الأكيدة وأن الملائكة الكرام تنبّأوا بميل الإنسان نحو الصراع والعنف والتدمير عندما قالوا لرب العالمين: "أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ"، كانوا على علم بفساد الإنسان وجنوحه للعدوان إذا لم يتقيد بمنهج الرحمان.
أليس حريّا بالعالم أن يتحاور ويتناقش، هناك فئة تبتغي الدمار والخراب، ومتعطّشة للدماء، تستأجر الناس لتأجيج الصراعات سواء كانت مبنيّة على جرف هار أم على جرف عار، هناك مخططات ودراسات معمّقة في هذا المجال، هناك خطط مدروسة من كبار مصّاصي الدماء في العالم يروّجون هذه الأفكار ويموّلونها بالمال والعباد، وهاهم اليوم يجنون ما خططوا منذ عقود من الزمان، وما كان هذا ليحصل فجأة، لأنه استمر سنوات وسنوات ولا ينقطع، وربما تظهر وثائق ويكيليكس جديدة أو بنما أو غيرها تكشف سموما خفية دسّتها دول غربية، ليست هناك بوادر شفاء من هذا المرض العضال الذي استشرى وانتشر بسرعة الضوء في جميع البلدان، ترى من المستفيد من كل هذا؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كل يوم - الفنانة دينا فؤاد لخالد أبو بكر: كان نفسي أقدم دور


.. كل يوم - الفنانة دينا فؤاد لخالد أبو بكر: -الحشاشين- من أعظم




.. كل يوم - الفنانة دينا فؤاد لخالد أبو بكر: خالد النبوي نجم اس


.. كل يوم - -هنيدي وحلمي ومحمد سعد-..الفنانة دينا فؤاد نفسها تم




.. كل يوم - الفنانة دينا فؤاد لخالد أبو بكر: -نجمة العمل الأولى