الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حلب تتحرر .. وتتوحد .. وتجدد

بدر الدين شنن

2016 / 10 / 4
مواضيع وابحاث سياسية


منذ أسابيع بدأ الجيش السوري معركة تحرير ، القسم الذي تحتله الجماعات الإرهابية المسلحة ، منذ أربع سنوات بحلب ، ومارست فيه أسوا وأفظع أشكال الاحتلال ، تدميراً ، ووحشية ، وتخلفاً ، وهو يتقدم بخطى راسخة في جبهات متعددة ، في جنوب .. وجنوب غرب ، وشمال .. وشمال شرق المدينة ، وانتقل في الأيام الأخيرة للتعاطي مع وسط المدينة .

وتأتي أهمية معركة تحرير حلب ، أنها تزامنت مع توجه " اتفاقية لافروف ـ كيري " حول سوريا نحو الفشل . ومع توجه التحالف الأميركي الدولي ، هجومه على موقع الجيش السوري في " جبل ثردة " ، في محيط مطار دير الزور ، الذي أدى إلى استشهاد نحو مئة وإصابة أكثر من هذا العدد من الجنود السوريين . وتوجهه إلى ضرب البنى التحتية السورية ، وكان تدمير الجسور على نهر الفرات ، هو البداية الخطيرة في هذا لاتجاه .
كما أن بدء معركة حلب ، تزامن مع تصاعد عدوانية " أردوغان " التوسعية في الشمال السوري . وتأكيد إسرائيل على تحالفها مع " جبهة النصرة والجيش الحر . وتواصل آل سعود دعمهم المتواصل للجماعات المسلحة بلا حدود ، وإصرارهم على إسقاط الدولة السورية .

ما استدعى عودة " السوخوي" إلى سوريا ، للتصدي للاحتمالات العدوانية المتوقعة ، واستدعى حسم الأوضاع بحلب ، دون تأخير لأسباب وعوامل عدة ، أهمها آنياً ، أن حلب باتت تشكل أهم المحاور الساخنة في الحرب السورية . فهي على مسافة كيلو مترات قليلة من منطقة " جيش درع الفرات " الذي تدعمه تركيا ، وعلى بعد مسافة مماثلة من مناطق سيطرة " داعش " ، ومناطق سيطرة القوى الكردية . وهي مناطق باتت في مركز اهتمام القوى الدولية الغربية المغنية بسوريا .

فضلاً عن كون حلب تشكل أهمية تاريخية ، واقتصادية ، ومعنوية كبيرة ، لدى السوريين عموماً . إن معركة تحرير حلب من سيطرة الإرهاب الدولي الدموية التدميرية ، تعتبر أهم معارك الحرب التحريرية السورية . وحسمها ، وتحقيق الا نتصار
الوطني فيها ، تعتبر أحد أهم انتصارات الجيش السوري في هذه الحرب .

وقد اتضح لاحقاً ، أنه منذ أن وضع الجسد السوري ، على طاولة اللئام الإقليميين والدوليين ، قبيل انفجار موسم " الربيع العربي " وارتفعت الأيدي القذرة بالسواطير لتمزيقه وتقسيمه ، كان لحلب وضع مميز لدى الجميع .
كان لعاب " أردوغان " السلطاني يسيل من شدقيه ، وهو يرفع الساطور الإقليمي العثماني بيد ، والساطور المذهبي الرجعي بيده الأخرى ، مسوغاً الاستحواذ على حلب .
وكان ساطور مملكة آل سعود المذهبي الوهابي المموه بالسني ، يسوغ اقتطاع حلب ، لتكون قلعة لدولتهم المذهبية المتطرفة ، بين دويلات مذهبية مكروهة من الوهابية وسننها وفرائضها . النوعية الخاصة بها .
وكان ساطور إسرائيل يسوغ نشر الفوضى التدميرية بحلب وسوريا كلها ، لتسهيل اقتطاع الجولان بكامله وضمه لإسرائيل .
وكان ساطور ملك الأردن ، حامل بطاقة النسب إلى آل البيت ، يسوغ ضم دمشق إلى مملكته الهاشمية ، وعينه على حلب المدينة الأهم في المملكة الهاشمية الأولى في بلاد الشام .
وكان ساطور أميركا هو الأكبر ، الذي يضع كل الدويلات ، التي ستصنعها سواطير الآخرين تحت سيطرته . لكنه أدرك منذ البداية ، أنه إن لم يتمكن من احتلال واقتطاع حلب ، فليس هناك جدوى من مفاعيل السواطير الأخرى .

ما شكل احتلال حلب مفتاح تحقيق أجندات تمزيق الجسد السوري . وبالمقابل ، إن تحرير حلب هو مفتاح عملية ارتداد السواطير على رقاب حامليها اللئام . ولذا كان هؤلاء يبذلون جهودهم ، مجتمعين وفرادى ، للوصول إلى " قلعة حلب " .وقد لعب الدور الأبرز في هذا الحراك العدواني ، كل من " أردوغان " ومملكة آل سعود .
ذلك أن " أردوغان " يمتلك إ مكانيات قتالية عدوانية مستندة إلى دعم " حلف الناتو " ، مرتبطة بنسيج عقليته العرقية " التركمانية " وإمكانيات مذهبية في الداخل التركي ومحيطه ، لاسيما في الداخل السوري ، فضلاً عن إمكانيات استخدامه الأراضي التركية المجاورة لسوريا ، لتجميع وتدريب وتسليح ، وعبور مئات آلاف الإرهابيين المجمعين من عشرات الدول إلى الداخل السوري .
أما مملكة آل سعود ، فجيشهم الرئيس ، في هذا الموسم ، هو الدولار المسروق من شعوب الجزيرة العربية ، الذي وظفوه للإنفاق على حروب الإرهاب الدولي ، لاسيما في سوريا والعراق ، مالاً ، ورجالاً ، وسلاحاً ، وإعلاماً ، وعملاء خونة .
ومن الطبيعي أن الدور الأعظم هو لأميركا و" لحلف الناتو " ودول شتى تدور في الفلك الأميركي وخاضعة للهيمنة الأميركية ، ومنها الدول الإقليمية المشاركة مباشرة في المشروع العدواني الإرهابي ، وأن يكون لها ميزة نوعية في رسم خرائط المتغيرات في سوريا والإقليم . وفي هذه الأوقات ، رسم خريطة حلب . وبكل وقاحة شرعوا في الترويج لمشروع تقسيم حلب .. شرقية يسيطر عليها عملاؤهم .. وغربية تترك لمصيرها المضطرب لاحقاً ، وذلك قياسا على ما حدث لمدينة برلين إبان الحرب الباردة .

لكن كل هذه السواطير ، وجحافل حاملي رايات التخلف والتوحش ، وعقلية الجاهلية المغلقة ، المبررة ، للنهب ، والتدمير ، والسبي ، والقتل ، لم تنجح في الإطباق الظلامي ، الإمبريالي الأسود على كامل الجسد السوري ، ولم تتمكن من السيطرة ، طوال أربع سنوات من العدوان والقصف الإجرامي من السيطرة على مدينة حلب كلها .

لقد دفعت حلب ثمناً باهظاً ، من عمرانها ، ودماء وكرامة أبنائها ، لأنها أبت أن تخضع لعبودية الإرهاب الدولي .
إن التدمير الهائل الذي أوقعه الإرهابيون ، بتحويلها إلى ميادين قال همجية تدميرية ، هو أكثر من مريع ، وأكثر من مهول ، إن من ناحية الخسارة المادية ، أو من ناحية شكل وحجوم الانهيارات الكارثية الواسعة .

لقد حاولوا اقتحام القلعة التاريخية في وسط المدينة أكثر من مرة ، مباشرة ، أو بنسفها بتفجير الأنفاق تحتها ، لاستخدامها حصناً لقواتهم ، وتعريضها للتدمير ، أو سحقها كرمز معنوي ، لإحباط المقاومة في المدينة .
ونهبوا ودمروا السوق التجاري الغني العريق المسمى " المدينة " وحولوه إلى مقبرة للتجارة ، والتطور الحضاري والإنساني .
ودمروا شوارع وأحياء بكاملها . ولما يئسوا من السيطرة على بقية المدينة جعلوا من المناطق التي لم تخضع لهم جبهات مفتوحة لتلقي الصواريخ والقذائف المدمرة ، ما أدى إلى استشهاد آلاف المواطنين العزل ومنهم كثير من الأطفال ، وإلى إصابة عشرات الآلاف ، بينهم الكثير من العجزة والمشوهين .
وكان ما ألحقوه من دمار مهين للمسجد الأموي ، وتدمير مئذنته التاريخية ، وتدمير المشافي ، والمدارس ، والبنى الصناعية ، والخدمية ، هو أكثر أشكال التدمير مأساوية ، وكارثية ، وفظاعة .
وقد كان الثمن الإنساني ، هو التعبير الوحشي للإرهاب . لقد سقط في الحرب على حلب آلاف الشهداء ، وأكثر من مئة ألف مصاب . وعانى ومازال أكثر مليونين منهم من النزوح والتهجير ، وأخضع مئات الآلاف في المناطق التي يسيطر عليها الإرهابيون إلى نمط من السلطة المتعصبة المتخلفة التي ليس لها مثيل في تاريخ الشعوب .

ومع ارتفاع منسوب آلام حلب ، بتطاول " أردوغان " على ريفها الشمالي ، واحتلال جرابلس ، والتهديد باحتلال ، الباب ، ومنبج ، وبدء عمليات الكرد الانفصاليين بفدرلة الشمال السوري ، وفي قلبه شمال حلب برمته ، وبعد أن دخل التحالف مرحلة التصعيد العسكري ، وقام بالعدوان علة الموقع السوري في " جبل ثرة " وتدمير البنى التحتية بادئاً بتدمير الجسور على نهر الفرات ، وبعد أن أعلنت أميركا وقف التعاون مع روسيا حول سوريا لأن مطالبها بحماية الجماعات الإرهابية الموالية لها ، وفي مقدمها جبهة النصرة ، بوقف معركة تحرير حلب لم يتحقق ، ، باتت معركة حلب هي معركة كرامة وسيادة سورية كلها ، وبخاصة للتصدي للعدوانية التركية الأميركية ، والفدرلة التقسيمية المتصاعدة .

إن الإرادة الشعبية بحلب وفي الوطن السوري .. وسيرورة الحركة الميدانية للجيش السوري .. تؤكد .. أن حلب .. ستتحرر .. وتتوحد .. وتتجدد .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصر تعلن طرح وحدات سكنية في -رفح الجديدة-| #مراسلو_سكاي


.. طلاب جامعة نورث إيسترن الأمريكية يبدأون اعتصاما مفتوحا تضامن




.. وقفة لتأبين الصحفيين الفلسطينيين الذين قتلتهم إسرائيل


.. رجل في إسبانيا تنمو رموشه بطريقة غريبة




.. البنتاغون يؤكد بناء رصيف بحري جنوب قطاع غزة وحماس تتعهد بمقا