الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عقود المشاريع والتجهيزات الحكومية بحاجة إلى إدارة تُخالِف المألوف

أحمد إبريهي علي

2016 / 10 / 6
مواضيع وابحاث سياسية


عقود المشاريع والتجهيزات الحكومية بحاجة إلى إدارة تُخالِف المألوف
الدكتور أحمد إبريهي علي
صحافة العراق تضج بأخبار الفساد، ويطالب مجلس النواب هذا الوزير او ذاك بالكشف عن ملفات فيها شبهات، او يعلن مسؤول تَولّى المنصب اخيرا عن مراجعة عقود سابقة لا تبدو سليمة أو الحقت ضررا بالصالح العام، وتقريبا اغلب لجان المجلس النيابي تشتغل بالنزاهة واحزاب الحكومة والمعارضة.
والعراق بأمس الحاجة إلى إنصراف ولو عدد قليل من اعضاء المجلس النيابي وبعض السياسيين إلى الأهتمام بتطوير إدارة المشاريع العامة والتجهيزات الحكومية على اسس مغايرة. ماذا يحدث لو اضيفت مفردات مثل السعر العادل، الكلفة القياسية اوالمعيارية ، المواصفات السليمة للمواد التي تشتريها الدولة ، التصاميم المتقنة للمشاريع، الرقابة الهندسية على التنفيذ، الفحص النهائي، إجراءآت الأستلام ... إلى لغة الناشطين في مكافحة الفساد. وهل ستحصل كارثة لو ذهبوا ابعد من ذلك وعقدوا سلسلة اجتماعات، لا يعلن عنها في الفضائيات، لتقييم الترتيبات القائمة لأدارة المشاريع التي بلغت الكلفة الكلية لها والمدرجة في موازنة عام 2016، واغلبها مستمرة من سنوات سابقة، 208 ترليون دينار للمشاريع التي تبلغ كلفة الواحد منها 10 مليون دولار فأكثر في العراق عدا كردستان.
فهل ان الشُعَب والأقسام والمديريات العامة التي تتولى بلورة المشاريع واعداد وثائقها والأشراف على مواصفاتها وتصاميمها، و تقدير التكاليف والتسعير، وتلقّي العروض وتحليلها وإحالتها إلى مقاولين وشركات، ومتابعة تنفيذها، هل ان هذه الترتيبات الأدارية لازالت مقنعة في نظركم، والعيب فقط في وجود طمّاعين وحرامية.
ولماذا لا نعمل ونتعاون لأستحداث وحدات رقابة على المشاريع متخصصة فعلا، رقابة على المشاريع وليس على اوراقها في دوائر العقود، رقابة على المشاريع في الميدان ومطابقة المواصفات والتصاميم الفعلية مع القياسية ومع المتعاقد عليها، وبذل الجهود والكفاح لحمايتها من الضغوط.
وبأمكان الحكومة والمجلس النيابي تخصيص بعض الوقت للنظر، ولو لمرة واحدة، في محاولة البحث عن سبل تقود إلى تكوين شركات مليئة ماليا وكفوءة تقنيا وتنظيميا لتنفيذ المشاريع العامة.
ولنبدأ في المشاريع المتماثلة والمتكررة مثل المدارس والطرق ومشاريع مياه الشرب وشبكات الصرف الصحي.إذ يكفي نموذجان او ثلاثة للمدارس ولا تختلف الأسعار إلاّ قليلا حسب فروقات النقل او ربما استخدام الحجر بدل الطابوق او نحوها، وتعتمد تكاليف معيارية لا تسمح بالتلاعب. ومثل ذلك للطرق بنوعين او ثلاثة ومثلهما للصرف الصحي ومشاريع الشبكات الأروائية والمبازل ... وهكذا.
وما هو الضير من حصر ادارة المشاريع بعدد قليل من الجهات، بدل من توزيعها على النواحي والأقضية والمحافظات والعديد من دوائر الوزارات، كي تناط هذه المهام إلى تشكيلات تجتمع لديها جميع اسباب الكفاءة. وبخلاف ذلك سوف تتعثر محاولات تطوير البناء التحتي والخدمات العامة ، لما يتطلبه هذا التطوير موضوعيا من السيطرة على التكاليف والنوعية ومدة التنفيذ ... وغيرها. لأن كم الموارد محدود دائما، ومن المعلوم ان المصدر الأساس للتطور الأقتصادي في العالم الزيادة المستدامة في انتاجية الموارد بمعنى الخفض المستمر للتكاليف.
ومن المفيد التذكير بتقيم المشاريع الكبرى وبرامج الأستثمار ماليا واقتصاديا وبيئيا. وعدم السماح بالتعامل مع التقييم بنية اسقاط الفرض. وتشجيع الأعتماد على التحليل المالي والأقتصادي الأصولي لمعرفة مسار التكاليف والعوائد بمنتهى الدقة وباسعار صحيحة اقتصاديا للمدخلات والمخرجات. ولا تقتصر اهمية التحليل المتقن في الكشف عن الجدوى، بل هو ايضا يمثل فحصا آخر للكلفة الرأسمالية بعوائد المشروع، ويسلط الضوء على مدى ملائمة التكنولوجيا واختيارها لأن هذه تنعكس في القيم الأقتصادية.
وايضا عقود الجهيزات الحكومية والتي تقتضي الأحاطة بسوق المواد المراد تجهيزها وإستنادا إلى تدفق منتظم للمعلومات ومن المناشئ، وتحليل منهجي للأسعار والتكاليف، ومعرفة الصفقات المماثلة. واحيانا في السلع المعقدة والتي تتصف سوقها بالأحتكار والتكتم لابد من الأستعلام الذكي لتحاشي السقوط في شرك وسطاء مخادعين.
وهنا من الضروري التذكير بان اغلب المشتريات الحكومية متماثلة ولا داعي ابدا لتشكيل المئات من لجان المشتريات لنفس السلعة، قرطاسية على سبيل المثال او حاسبات او اثاث. ولا تنقلب الدنيا لو اقدمت الحكومة على حصر هذه التجهيزات في شركة او عدد قليل من اللجان، تسهر فعلا على ضمان كفاءتها ونزاهتها. وتقوم تلك الشركة او اللجان بايصالها إلى الدوائر، وخصم الثمن من تخصيصاتها في الموازنة، أو إفراد تخصيص مستقل لها ابتداءا وتوزيعها حسب الحاجة.
ومرة اخرى، دون الفهم الدقيق للعمليات التي تزاولها دوائر الدولية من داخلها، ومراجعة القواعد التي تدار بها تلك العمليات، سوف يخسر العراق المزيد من الفرص، ولا يجني الناس من السياسة سوى الصخب والنزاع.
الخروج عن المألوف في هذه الأمور ضروري اصلا، من اجل تخليق بيئة جديدة حيث يتعمق الأحساس بأهمية السعر العادل في جميع صفقات الدولة ومبادلاتها. فهذه اموال عامة، "ملك لكل الشعب العراقي" ، ومن الواجب الأخلاقي والديني التأكد مرات ومرات لضمان اكفأ اشكال التصرف بها. د. احمد إبريهي علي










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجيش الروسي يستهدف قطارا في -دونيتسك- ينقل أسلحة غربية


.. جامعة نورث إيسترن في بوسطن الأمريكية تغلق أبوابها ونائب رئيس




.. قبالة مقر البرلمان.. الشرطة الألمانية تفض بالقوة مخيما للمتض


.. مسؤولة إسرائيلية تصف أغلب شهداء غزة بالإرهابيين




.. قادة الجناح السياسي في حماس يميلون للتسويات لضمان بقائهم في