الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحارث نصير الوثنيين المظلومين وزيد الناقص الخليفة الأموي الثائر

علاء اللامي

2016 / 10 / 12
الادب والفن




4-هو أبو حاتم الحارث بن سريج الدارمي التميمي. بدأ حياته مرجئيا ( مذهب سلفي متشدد يقدم الإيمان على العمل، ويقول بعدم الخوض في خلافات الصحابة بعد مقتل عثمان وإرجاء البت فيها إلى يوم القيامة ليتولاه الله). ولكنه انقلب على هذا المذهب عمليا فلم يرجئ الحكم على بني أمية الى يوم القيامة بل خرج - ثار - على دولتهم.
كان خروجه سنة 116 هجرية بإقليم خراسان في عهد الخليفة الأموي المرواني هشام بن عبد الملك وحينها كانت خراسسان مطرحا لوجود سكاني عربي كبير، لقبيلة تميم موقع متقدم فيه.
انضم إلى وثبة الحارث عدد من كبار مثقفي وفقهاء عصره، منهم مثلا جهم بن صفوان مؤسس الجهمية المعتزلية، ومقاتل بن سليمان المفسر والمحدث و عالم الكلام ذو الثقافة الواسعة والمعادي للدولة الظالمة أيا كانت، وتلقى الحارث دعما معنويا من شيعة الكوفة والبصرة على لسان شاعرهم الكميت الأسدي الذي اعترف له بالعجز عن المشاركة العسكرية (بسبب ما هم فيه من ضيق وحصار).
تحالف الحارث مع الفلاحين الفقراء الوثنيين الذين عانوا من بطش الولاة الأمويين، وخاصة أسد بن عبد الله ونصر بن يسار و الكرماني. ومن ملوك أو زعماء الوثنيين الذين تحالفوا معه خاقان ملك تركستان و كورصول الذي قاتل الى جانب الحارث فعليا.
ومن الأمثلة على ظلم الولاة والقادة الأمويين ما فعله الكرماني بعد استسلام مدينة توشكان له، بعد أن امتنع أهلها عن القتال حقنا لدمائهم كما وعدهم، ولكنه حين دخل المدنية أخذ خمسين رجلا منهم وشق بطونهم وألقى بهم في نهر بلخ، و قطع أرجل ثلاثمائة آخرين، ونهب ممتلكاتهم وباعها في مزاد علني. وحين انشق الكرماني على بني أمية وحاول الالتحاق بثورة الحارث ضدهم رفضت قيادة الحركة التحالف معه ففتح ضدهم جبهة جديدة سنرى نتائجها بعد قليل.
بلغ جيش الحارث ستين ألف مقاتل وحرر مناطق واسعة من آسيا الوسطى وانتزع أربع مدن كبرى من الأمويين هي بلخ والجوزجان والطالقان و مروالروذ. ولكنه فشل في معركة السيطرة على عاصمة خراسان مرو فانسحب بقواته الى معاقله في أعماق آسيا، و هناك، أدار مناطق حلفائه الترك الوثنيين حيث أعاد لهم أموالهم وممتلكاتهم التي صودرت و حرر عوائلهم التي استرقت. وفي ذلك الإبان جاءه خبر وفاة الخليفة الأموي الثائر يزيد الناقص فعرف الحارث أن الثورة القدرية ( نسبة إلى القدريين وهم على عكس اسمهم لا يؤمنون بالقدر والحتم بل بالاختيار والحرية الإنسانية مقابل الجبريين الذين يؤمنون بأن الإنسان مجبر ومسير لا مخير وهو المذهب الذي تبنته الدولة الأموية بشكل شبه رسمي لتبرير وجودها: نحن قدركم فارضوا بنا أو نقتلكم!) وخلافتها زمن يزيد الناقص التي دامت ستة أشهر تقريبا قد انتهت وعاد الأمويون بفرعهم المرواني بعد سقوط الفرع السفياني القصير الى الحكم واستعد الحارث للقتال فقد كان الكرماني الذي رفضت الحركة التحالف معه كما أسلفنا، قد زحف نحو معاقل الثوار بجيشه الجرار النظامي جيد التسليح والتدريب وبعد معركة ضارية قتل الحارث ونائبه بشر بن جرموز الضبي وتشتت جيشه بعد ذلك.
يعتقد المعلم العلوي أن سياسة التحالفات الجبهوية عند الحارث ( تقوم على التمسك بالمبادئ – الإنسانية - والتساهل في العقائد – الدينية – التي لم تقف حائلا دون أي طرف يمنعه من دعم الحارث أو الانضمام إليه أو يمنع الحارث من قبوله. لقد ائتلفت حوله فرق وفئات كان مقدرا لها أن تحترب لما بينها من خلافات أديولوجية شديدة . وهذا دليل على أن العقائد تتراجع عند احتدام الصراع الاجتماعي تاركة للحس الإنساني والوعي الطبقي أن يقوم بدوره في تكييف العلاقات السياسية والاجتماعية / المصدر نفسه ص 116 ).
وهذا هو ديدن تاريخ الثوارت قديما، أما حديثا فقد شهدنا "مسلمين إسلاميين" تحالفوا مع الغزاة الأجانب ضد شعوبهم ففرضوا عليها أنظمة حكم طائفية متخلفة كما هي الحال في حكم المنطقة الغبراء في بغداد اليوم!

5-يزيد الناقص الخليفة الأموي الثائر على ظلم أسرته ودولته :
هو أبو خالد يزيد بن الوليد بن عبد الملك، الخليفة الأموي المرواني الثاني عشر. استطاع القدرية " المعتزلة الأوائل" التأثير عليه وكسبه الى مذهبهم. وسمي بالناقص لأنه أنقص عطاء العسكريين قليلا.
ثار على ابن عمه الخليفة الوليد بن يزيد بن عبد الملك، الشاب النزق الماجن والطاغية المقيم آنذاك في الأردن، فأرسل له جيشا حاصره وقتله. وبويع بالخلافة في دمشق بدعم من القدرية.
خطاب يزيد في يوم استخلافه مهم جدا وهو يتضمن برنامجه وهو " برنامج القدريين" ولأنه طويل سألخصه بالنقاط التالية :
-يبدأ يزيد خطابه بالعبارة الشهيرة التي بدأ بها الحسين بن علي"ع" خطابه قبل توجهه إلى العراق في حضرة أخيه محمد بن الحنفية، والتي تقول ( إني والله ما خرجت أشرا ولا بطرا... ) ويضيف يزيد ( ولا حرصا على الدنيا ولا رغبة في الملك وما بي إطراء نفسي، إني لظلوم لنفسي إن لم يرحمني ربي. ولكني خرجت غضبا لله ورسوله ودينه، داعيا إلى الله وكتابه وسنة نبيه لما هدمت معالم الهدى وأطفئ نور أهل التقوى وظهر الجبار العنيد المستحل لكل حرمة والراكب لكل بدعة مع انه والله ما كان يصدق بالكتاب ولا يؤمن بيوم الحساب). نلاحظ انه اكتفى بقوله (داعيا إلى الله وكتابه وسنة نبيه ) وتجاوز صيغة ( وسنة خلفائه ) و صيغة يزيد قريبة من تلك التي اعتمدها الإمام الثائر زيد بن علي السجاد.
-تعهد يزيد بن الوليد بأنه لن يبني لنفسه أو لآل بيته قصورا، ولا يتخذ لهم مزارع ويكري لها أنهارا.
-تعهد بأنه لن ينقل أموال الخراج وغيره من أي بلد إلى العاصمة دمشق كما كان يفعل أسلافه بل ينفقه على المحتاجين اليه من اهل البلد نفسه فإذا زاد منه شيء صرف على البلد القريب منها حتى الوصول إلى دمشق.
-تعهد بأنه (لا يجمر المسلمين في الثغور) أي لا يطيل مدة تجنيد الجنود والمقاتلين في جبهات الفتوحات وكانت هذه مشكلة كبيرة عانى منها المجتمع العرب الإسلامي آنذاك.
-لا يجور ويظلم أهل الجزية في الجباية والضرائب.
-ميز بين الأعطيات (رواتب نقدية) والأرزاق( تعينات من الأطعمة والتموينات ) كما كانت الحال في مؤسسة "دار الرزق " التي كانت تقدم الطعام مجانا للمحتاجين في عهد الراشدين.
-تعهد بألا يتخذ له حاجبا يمنع الناس من الوصول إليه والتظلم عنده شخصيا.
تعهد بعدم احتكار السلطة والحكم ودعا الرعية إلى أن يخلعوه من الحكم إذا انحرف عن برنامجه هذا إلا إذا تاب واعترف بأخطائه.
- إعلانه استعداده للتنازل عن الحكم ومبايعة من هو أفضل منه ممن يرتضيه المسلمون بديلا له (فإن أردتم بيعتي على الذي بذلت – أعلنت وتعهدت - لكم، فأنا لكم، وإن مِلْت، فلا بيعة لي عليكم، وإن رأيتم أقوى مني عليها، فأردتم بيعته، فأنا أول من يبايع، ويدخل في طاعته...) وهذه ضربة جذرية لمبدأ الحكم الوراثي الأموي ومن بعده العباسي فالفاطمي ...الخ.
-عمليا كان أول إجراء له هو إعادة اهل جزيرة قبرص الذين هجرهم أبوه، الخليفة الماجن، الوليد بن عبد الملك ونفاهم الى بلاد الشام، واعتبر ذلك ظلما وعدوانا.
مات يزيد بن الوليد ميتة غامضة يرجح أغلب المؤرخين انه اغتيل بالسم من قبل أسرته الأموية والتي كان يتزعمها داهية متحمس هو مروان الحمار الذي سيكون آخر خليفة لبني أمية قبل أن يسقطهم العباسيون المتحالفون مع خرسان.
وبعد وفاة يزيد زحف مروان نحو دمشق واستولى عليها من ابراهيم شقيق يزيد الناقص وهو قدري أيضا كأخيه ولكنه كان ضعيفا لم يقو على مجابهة مروان .

المصادر : شخصيات غير قلقة في الإسلام/ ص 118 وما بعدها / هادي العلوي/ دار الكنوز الأدبية – بيروت . ومصادر تراثية أخرى.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بل: برامج تعليم اللغة الإنكليزية موجودة بدول شمال أفريقيا


.. أغنية خاصة من ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محمد علي وبناتها لـ




.. اللعبة قلبت بسلطنة بين الأم وبناتها.. شوية طَرَب???? مع ثلاث


.. لعبة مليانة ضحك وبهجة وغنا مع ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محم




.. الفنانة فاطمة محمد علي ممثلة موهوبة بدرجة امتياز.. تعالوا نع