الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عراق ما بعد داعش هو (الجوهر) ومعركة الموصل (تفاصيل)

حسين كركوش

2016 / 10 / 22
مواضيع وابحاث سياسية


مهما قيل ويقال عن تنظيم دولة الخلافة الإسلامية (داعش) وأبي بكر البغدادي ، و استطرادا عن معركة الموصل التي بدأت ، فهي أمور ثانوية و تفصيلية وعابرة ، مقارنة بالاستراتيجيا الأميركية بعيدة المدى في العراق ، تماما مثلما كان الأمر مع تنظيم القاعدة وأبي مصعب الزرقاوي.
ومثلما تم القضاء على تنظيم القاعدة وقتل الزرقاوي وأصبحا في طي النسيان ، فأن الأمر نفسه سيحدث بالنسبة لداعش و البغدادي ، وسينسى العراقيون هذا الموضوع برمته.

والسؤال الأعظم هو : ماذا بعد داعش ؟ أو ، أي عراق تريده الولايات المتحدة أن يظهر ويتكون عندما أقدمت على غزو واحتلال احتلال العراق ؟
هذا هو أُس القضية وأصلها وجوهرها. وكل ما عدا ذلك هي تفاصيل وجزئيات في العين الأميركية.

وعندما تنتهي معركة الموصل و يتحقق الانتصار (و يقينا أن الانتصار بحكم المؤكد) فالاستقراء ، أو قل الافتراض المنطقي يقول إن العملية السياسية الجارية في العراق منذ 2003 لن تظل سائرة في طريقها المسدود ، و إن العراق سيدخل مرحلة جديدة ، فيما يخص أوضاعه السياسية الداخلية وفيما يتعلق بعلاقاته مع جيرانه ومحيطه الإقليمي وعلاقاته الدولية.

كيف سيكون العراق في مرحلة ما بعد داعش ؟
ما من جهة عراقية وإقليمية تملك الجواب القاطع ، و لهذا فالجميع يشعر وكأنه يعيش حالة انعدام للوزن ، وتسيطر عليه مخاوف عميقة.

ولعل رئيس الوزراء السابق ورئيس حزب الدعوة الإسلامية ، نوري المالكي ، هو أوضح مَن عّبر عن هذا الخوف و التشاؤم إزاء المرحلة القادمة عندما قال ، مستبقا الأحداث ، إن (مرحلة ما بعد داعش ستكون أكثر تعقيدا لأن سرّاق الثورات سيحاولون إحداث انقلاب سياسي عن طريق الصناديق الانتخابية).

نحن نعرف والمالكي يعرف والجميع يعرف أن ما من (ثورة) حدثت في العراق منذ 9 نيسان عام 2003 حتى تتم سرقتها. ما حدثَ هو احتلال أميركي أطاح بالنظام السابق. فعن أي ثورة يتحدث السيد المالكي ، وعن أي سّراق ؟
والخوف من (سرقة الثورة) و الانقلاب السياسي كان المالكي قد عبر عنهما قبل فترة قصيرة، بأسلوب آخر ، عندما تحدث عن محاولات (تستهدف المشروع الإسلامي) في العراق ، و قال المالكي إن أصحاب هذه المحاولات يرددون إن (هولاء الإسلاميين يجب ان يبتعدوا عن مواقع المسؤولية) ، وحّذر المالكي من خطورة هذه المحاولات قائلا (هل نحن ملتفتون لخطورة ما يخطط.)
المالكي حكمَ العراق لمدة ثمان سنوات ، وأكتنزَ خبرة سياسية واسعة. ولهذا فأن مخاوفه ليست مجانية ، إنما تعتمد ، كما يبدو ، على حقائق ومعطيات.

و الحق أن المالكي ليس الوحيد الذي عبر عن قلقه ، بل عن رعبه ، إزاء مرحلة ما بعد داعش. فسؤال كيف سيكون عراق ما بعد داعش يثير القلق عند كل الأطراف ، عراقيا و حتى إقليميا. وهذا القلق يطرح نفسه كمخاوف ، على طريقة تساؤلات ينشرها الإعلام ويتداولها عموم العراقيين في مجالسهم ويناقشها الساسة في منتدياتهم الخاصة وأحيانا في خطبهم العامة ، كل يطرحها تبعا لفلسفته في الحياة ولمواقفه السياسية ولنوع الحكم الذي يطالب به و لطموحاته ولأماله المستقبلية :

هل سيظل العراق على وضعه الجيوبوليتيكي الحالي ، عراقا فيدراليا موحدا ؟ هل سيتحول إلى أقاليم أو كونفدراليات أو حتى يقسم إلى دويلات ؟ هل يصار إلى توسيع الإدارة اللامركزية بتقليص أكثر لصلاحيات المركز وزيادة أكثر لصلاحيات المحافظات ؟ هل ستنفصل كردستان ، أم أن مرحلة ما بعد داعش ستوفر لها ظروفا جديدة تشجعها لتطوير علاقتها الحالية مع المركز ؟

هل تستحوذ تركيا على أراضي عراقية ؟

كيف ستكون علاقة العراق مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية ؟ هل سيظل (المحور) العراقي الإيراني يستأثر بحصة الأسد من علاقات العراق الخارجية ؟ هل ستواصل إيران استخدام قوتها العسكرية المكشوفة ( تواجد الجنرال قاسم سليماني على الأرض العراقية) للتأثير على القرار العراقي ، أم ستكتفي فقط بتعزيز قوتها (الناعمة) في المجالات الاقتصادية والمذهبية الدينية والمخابراتية ؟ و كيف ستكون علاقات العراق مع جيرانه الآخرين الإقليميين ، و مع العالمين العربي والإسلامي ؟

مَن يملك قدرة التأثير أكثر من غيره في (رسم) مرحلة ما بعد داعش في العراق ؟ الولايات المتحدة ؟ الجمهورية الإسلامية الإيرانية ؟ بعض الأطراف الدولية ؟ الدول العربية و الأطراف الإقليمية الأخرى ؟ هذه الأطراف كلها مجتمعة ؟


ثم ماذا عن المجتمع المدني العراقي ، بالمعنى العميق و الواسع للتسمية ، أي الغالبية الساحقة من العراقيين الذين لا يرتبطون بحزب معين وليس لهم علاقة مباشرة مع أي نشاط سياسي ؟ كيف يفكرون ؟ ماذا يريدون ؟ أي مستقبل لأبنائهم يطمحون لتحقيقه في المنظور البعيد ؟
هل المجتمع العراقي بعد 2003 هو نفسه الذي كان في حقبة حكم صدام قبل 2003 أم تغير ؟ بل ، هل أن المجتمع العراقي الآن في عام 2016 هو نفسه الذي كان في السنة الأولى بعد الاحتلال ؟
هل تظل الطبقة السياسية الحاكمة الآن هي نفسها التي ستقود البلاد أم أن جيلا سياسيا بأفكار وبرؤى جديدة سيظهر و سيعبر عن رأيه ( عبر صناديق الانتخابات وعبر الأصبع البنفسجي) ويقول للطبقة السياسية التي تحكم البلاد منذ 2005 : (أخرجوا ، فنحن جئناكم عبر الديمقراطية) ، كما قال المالكي محذرا أتباعه.
هل سيظل النظام السياسي في العراق مدنيا تعدديا ، يكفل دستوره الحريات العامة والخاصة ، ويمنع تشريع أي قانون (يتعارض مع مباديء الديمقراطية) ، أم يصبح نظاما إسلاميا على غرار النظام السياسي القائم في الجمهورية الإسلامية الإيرانية ؟
هل أن التحولات السياسية والمجتمعية التي حصلت بعد سقوط النظام الصدامي ، كالانتخابات الديمقراطية و النظام البرلماني ومشاركة المرأة في الحياة السياسية عن طريق الكوتا ، والفصل بين السلطات الثلاث ، و الحريات في مجالات الإعلام والتظاهر والتعبير عن الرأي ، والتعددية الحزبية وتكوين منظمات المجتمع المدني ؛ هل ان هذه التحولات لاقت رفضا أم قبولا من قبل المجتمع العراقي ؟ من رفضها وعمل ويعمل على إفشالها ، ومن قبلها وعمل ويعمل على التمسك بها ؟


ولأن الجميع يتوقع أن معركة تحرير الموصل ستكون حاسمة و وذات نتائج استراتيجية مستقبلية ، فأن أطراف كثيرة ، عراقيا وخارجيا ، بدأت منذ فترة ، و بحماس يصل حد السعار ، بترتيب أوضاعها لمواجهة استحقاقات ما بعد داعش.
وبدأنا نلاحظ منذ انطلاق الحرب ضد داعش ، أي قبل بدء معركة الموصل الحاسمة ، نشاطا مكثفا عراقيا وإيرانيا وتركيا وسعوديا/ عربيا في العراق.
وبسبب مشاركة بلدان كثيرة في التحالف الدولي ضد داعش ، وكذلك إصرار بعض من دول الجوار (تركيا بتدخلها العسكري المباشر ، وإيران بواسطة حلفائها العراقيين في الحشد الشعبي) على المشاركة في المعركة ، وكذلك التواجد العسكري الروسي داخل سوريا ، فأن الأمر يبدو وكأن (يالطا) عراقية سيتم التوقيع عليها بعد حسم معركة الموصل. وكل طرف يتخوف من أن بنود (الاتفاقية) لن تنصفه. وبسبب ذلك يريد كل طرف أن يكون مشاركا في المعركة ، لكي يكون له رأيه المسموع في بنود (الاتفاقية).


والولايات المتحدة ؟ ماذا تريد لعراق ما بعد داعش أن يكون ؟
منذ الأيام الأولى للحرب ضد داعش ظل للولايات المتحدة حضور حاسم. فالجميع يعرف دور الولايات المتحدة في إعادة تأهيل الجيش العراقي بعد هزيمته أمام داعش ، و دورها في تشكيل وقيادة الحلف الدولي ضد داعش.
وقبل ذلك ، يعرف الجميع ماذا يعني العراق (الجديد) بالنسبة للولايات المتحدة. فهي لا تعتبر العراق ضمن مصالحها المهمة ، و لا المهمة جدا وإنما ضمن مصالحها الحيوية.
الولايات المتحدة لا تريد لمعركة الموصل أن تكون محض انتصار حربي عسكري يتم فيه تحرير المدينة وينتهي الأمر ، وإنما أن تكون المعركة انتصارا حاسما بأبعاد سياسية استراتيجية ، أو (انتصار ذو معنى يعقبه سلام دائمMeaningful victory and durabale peace ) ، كما يكتب الاستراتيجيون المختصون بالشأن العراقي في الصحافة الأميركية هذه الأيام.

ومن الناحية الرسمية ، وعلى المدى البعيد ، تريد الولايات المتحدة (عراق فيدرالي موحد) ، كما يصرح كبار المسؤولين الأميركيين ، وآخرهم وكيل وزارة الخارجية ، أنتوني بلينكن الذي أكد ذلك خلال زيارته الأخيرة للعراق في أيلول 2016.
لكن صيغة (عراق فيدرالي موحد) هي (شكل) أداري. فماذا عن (محتوى) النظام السياسي الذي تريده الولايات المتحدة ؟
هذا السؤال يعيدنا إلى نقطة الانطلاق الأولى ، أي لمسألة غزو واحتلال العراق والأهداف الاستراتيجية الأميركية وراء الاحتلال ، وهو ما سنناقشه في حلقة قادمة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. روسيا تعلن استهداف خطوط توصيل الأسلحة الغربية إلى أوكرانيا |


.. أنصار الله: دفاعاتنا الجوية أسقطت طائرة مسيرة أمريكية بأجواء




.. ??تعرف على خريطة الاحتجاجات الطلابية في الجامعات الأمريكية


.. حزب الله يعلن تنفيذه 4 هجمات ضد مواقع إسرائيلية قبالة الحدود




.. وزير الدفاع الأميركي يقول إن على إيران أن تشكك بفعالية أنظمة