الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مسالك متري التي قادت ليبيا الى وضع الدولة الفاشلة ..

محمد عبعوب

2016 / 10 / 25
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات


كتاب "مسالك وعرة" الذي يسرد فيه المبعوث الاممي السابق في ليبيا "طارق متري" وقائع يومياته خلال مدة عمله في ليبيا بعد إطاحة النظام السابق، يكتشف القارئ بين سطوره دور فاعل لهذا المبعوث يفتقر للحياد والنزاهة في التعامل مع الصراعات التي دارت بين قادة المليشيات ومن ورائهم ممثلي تيار الإسلام السياسي بكل ألوانه في المؤتمر الوطني السابق، وبين حكومة علي زيدان المحسوبة على تيار التحالف الوطني..

تدخلات هذا المبعوث ومن ورائه قوى أجنبية فاعلة لها أجندتها في ليبيا، وضغطه على رئيس الحكومة الانتقالية في تلك الفترة للرضوخ لقادة المليشيات والدخول معهم في مفاوضات، رغم اعترافه بعدم شرعيتهم، هو الذي ضخم هذه المليشيات ومكنها من التغوّل ومصادرة صلاحيات الدولة وإطاحتها، وتحويل ليبيا الى ساحة لصراعات وحروب عبثية وضعتها في موقف الدولة الفاشلة..

من خلال تتبع خطوات متري وهو يجوب تلك المسالك الوعرة حسب وصفه لمفاوضاته و وساطاته بين قادة تلك المليشيات والعصابات المسلحة المتغولة من مختلف الانتماءات وبين الحكومة الانتقالية التي كانت تفتقر لأبسط الإمكانات الضرورية لفرض الأمن وإعادة الاستقرار للبلاد في ظل إصرار أمريكا وحلفائها على منع توريد السلاح والمعدات الأمنية للجيش والشرطة الليبيين؛ من خلال تتبع هذه الخطوات وتحليل القواعد والمنطلقات التي تؤطرها و تحدد مساراتها، لا يمكن للقارئ أن يقتنع بحيادية متري ونزاهته في التعامل مع الأزمة الليبية، ذلك انطلاقا من مبدأ الحكم على المواقف بنتائجها. فنتائج مسارات هذا المبعوث كما نعيشها اليوم وكما يمكن أن نُقيّمها انطلاقا من الظروف التي أنجزت فيها، لا تضعه في موقف المحايد في هذا الصراع بل تقدمه كطرف فاعل الى جانب أطراف أخرى محلية في تصعيد الصراع وتحويله لأزمة متفاقمة حوّلت البلاد الى أتون ملتهب تصعب السيطرة عليه .

كان حريا بهذا المبعوث الذي يقدم نفسه في هذا الكتاب كمساعد وداعم للشرعية في بناء دولة المؤسسات في ليبيا، أن يقف إلى جانب سلطة الدولة باعتبارها هي الشرعية التي تمثل ليبيا أمام المؤسسات والمنظمات الدولية، بدل القيام بدور العرّاب لمليشيات يعترف هو نفسه بأنها خارجة عن القانون ومعطلة لقيام الدولة ، او في أبسط الحالات الوقوف موقف المحايد في صراع يدرك هو نفسه كخبير أن انتصار سلطة الشرعية فيه هو المخرج الوحيد لليبيا الى بر الأمان.

متري ومن يقف وراءه من قوى دولية وإقليمية لها أجندتها التخريبية في ليبيا، بهكذا تصرف يعدون هم من ساهم بجزء مهم وفاعل في تغوّل تلك المليشيات وتضخّمها، وتمكينها من مصادرة سلطات الحكومة وصلاحياتها و تبديد كل الجهود التي بذلت للخروج بالبلاد من حالة الثورة التي أحرقت و لا زالت تحرق كل ما في طريقها، و ضيع علينا بتلميعه لزعماء هذه المليشيات وتقديمهم كطرف له رؤية سياسية ودور في بناء الدولة ، ضيع فرصة ثمينة للخروج بليبيا الى بر الأمان وتفادي الوقوع في براثن التفكك والفشل الذي نعيش وقائعه الكارثية اليوم بكل مرارة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مراسلة الجزيرة ترصد مخرجات اجتماع مجلس الحرب الإسرائيلي


.. غالانت: إسرائيل تتعامل مع عدد من البدائل كي يتمكن سكان الشما




.. صوتوا ضده واتهموه بالتجسس.. مشرعون أميركيون يحتفظون بحسابات


.. حصانة الرؤساء السابقين أمام المحكمة العليا الأميركية وترقب ك




.. انهيار أشرعة الطاحونة الحمراء في باريس من فوق أشهر صالة عروض