الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رسالة الى فاطمة المحسن .. (من الذي ينتقد سنة العراق اذن ؟؟)

سلمان رشيد محمد الهلالي

2016 / 11 / 14
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


رسالة الى فاطمة المحسن ...
(من الذي ينتقد سنة العراق اذن ؟؟)
الكاتبة العراقية المعروفة الاستاذة فاطمه المحسن ولدت في مدينة الناصرية , وعملت في المؤسسات الاعلامية خلال عقد السبعينات , واعتقلت من قبل اجهزة النظام البعثي بعد انهيار مااطلق عليه الجبهة الوطنية والقومية التقدمية عام 1979 واطلق سراحها بعد حوالي عشرين يوما من المعاناة والالم النفسي , هاجرت بعدها الى خارج العراق , وهى تعيش حاليا في لبنان مع زوجها المفكر الليبرالي الكبير الاستاذ فالح عبد الجبار . كان المجال الثقافي الاهم والارحب عند فاطمة المحسن هو الادب والنقد الادبي الا انها – ولحسن الحظ – تركت هذا المجال المتخم , ونشرت في السنوات المتاخرة كتابين مهمين جدا حول تاريخانية الثقافة العراقية والارهاصات الاولى لبواكير ظهورالانتلجنسيا العراقية منذ عصر النهضة وحتى بروز المتلقيات الحداثوية في النصف الثاني من القرن العشرين , وهما (تمثلات النهضة في ثقافة العراق الحديث) عام 2010 و(تمثلات الحداثة في ثقافة العراق)عام 2015 , الا ان المؤسف له عدم اكمال مشروعها الثقافي والفكري بسبب مرضها المفاجىء , ونتمنى لها الشفاء العاجل ودوام العافية .
كتبت فاطمة المحسن مؤخرا مقالة بعنوان (فخ الطائفية الذي سقط فيه مثقفون عراقيون) تناول موضوعات عدة , اهمها دعوة المثقفين العراقيين من الشيعة الى الى المبادرة الى نقد طائفتهم مثلما بادر الفيلسوف الفرنسي الكاثوليكي (فولتير) الى نقد الكهنوت او الجماعة الكاثوليكية خلال مرحلة عصر التنوير الاوربي . وقبل البدء بالتعليق على هذه الاطروحة او الدعوة لابد ان نشير الى ان القضية الطائفية في العراق قد اصبحت مثل (سيف ديموقليس) معلقا فوق راس المثقف العراقي , لايستطيع ان يكتب او ينشر موضوعا تاريخيا او معرفيا الا وقد اخذت التفسيرات والتاويلات والاتهامات الطائفية تاخذه يمينا وشمالا , واصبح الكاتب بالتالي اما يعتمد مبدا التقية والمجاراة والمحاباة من جهة , او مبدا توزيع الحسنات والسيئات من جهة اخرى , وهى عملية – كما نعلم – سوف تخل باصول المنهج العلمي الرصين , الذي يعتمد الموضوعية والحياد والوضوح , وادراج الحقائق كما هى في طرح الاشكالات المستعصية في البنى الاجتماعية المتاخرة التي يرزح تحت ظلها المجتمع العراقي .
في الواقع ان هذه الاطروحة التي دعت لها السيدة المحسن هى دعوة موضوعية وواقعية , وسبق ان اعلن الدكتور علي الوردي الى ضرورة مبادرة اتباع الاديان والطوائف الى نقد اديانهم وطوائفهم وتصحيح المفاهيم الخاطئة والمتخلفة عندهم , لان النقد عندما ياتي من (الاخر) سيكون فيه تحسس واحراج , الا انه في الواقع الشيعي العراقي تبرز لنا ملاحظات عدة حول هذه الدعوه يمكن اجمالها في ثلاث نقاط :
الاولى : ان الاعتقاد ان الشيعة في العراق هم طائفة اسوة بالطائفة السنية او المسيحية هو اعتقاد خاطىء تبلور بادىء الامر من خلال المستشرقين والكتاب الغرب , الذين اعتبروا كل جماعة او فئة غير سنية في العالم الاسلامي هى اما من جماعات (الهرطقة) التي تعيش مرحلة الاحتضار او من الاقليات التي ليس بالضرورة التعامل معها او اعطائها دورا سياسيا متميزا , وتابعهم بذلك الكتاب العرب وحتى العراقيون , فيما ان الشيعة في العراق ليسوا طائفة الا بمقدار ان قلنا ان السنة في مصر او الشيعة في ايران هم طائفة , لانهم (مجتمع) متعدد التوجهات والميول والثقافات , وافراده المتعلمون كانوا على الدوام عابري الهوية بشكل لافت , فهم وطنيون وماركسيون وليبراليون وقوميون واسلاميون اولا,(فيما تكون الهويات البدائية الاخرى كالعشيرة والعائلة اكثر رسوخا عند العامة وغير المتعلمين) وعدم احساسهم بذاتهم كشيعة , يرجع الى كونهم اغلبية البلد وهويته الانسانية والاجتماعية والوطنية , والانعكاس الحقيقي لتاريخه الحضاري المتعدد , فطغيان الاغلبية في بلد ما لايشكل او يبلور هوية متراصة ابدا , لان (الاخر) سيكون على الدوام من بينها (فالاغالبية لايمكن ان تسلك سلوكا طائفيا , لان ذلك يتناقض مع كونها اغلبية , فمن طبيعة الاغلبية التنوع والاختلاف كاي شعب من الشعوب , والسلوك الطبيعي لها التنوع والتحزب والاتجاهات المتعدد من اليمين واليسار والمتدين والملحد والمتعدل والمتطرف ) كما يقول عبد الالة الفكيكي . فضلا عن ذلك ان الاختراق العلماني لهم كان اكثر توسعا ورسوخا , من خلال تلقيهم للمنظورات الايديولوجية النضالية – حسب تعبير اركون – وبهذا الصدد ذكر فالح بد الجبار في كتابه (العمامة والافندي) (بما ان المؤسسة الدينية السنية في الاصل غير مستقلة وتابعة للسلطات الحاكمة في العراق وكانت مندمجة بصورة كبيرة بالنظام السياسي فان الاختراق العلماني قد ظهرت نتائجه على المؤسسة الدينية الشيعية وعلى مقلديهم ) وانتهى الى نتيجة ذكرها في موضع اخر بان العراقي (علمانيته جامحة) .
الثانية : ان الدعوة الى مبادرة المثقفين الشيعة بنقد طائفتهم هى دعوة تذكرنا بالمثل العربي (كناقل التمر الى هجر) او المثل الشعبي(يعلم اليتيم البجي) , فهل يوجد هناك مثقف او حتى متعلم شيعي في العراق لم ينقد طائفته او حتى مذهبه ؟ (على اعتبار ان الطائفة هى الجماعة البشرية والمذهب هو المنهج الديني لتلك الجماعة المسماة بالطائفة), فسبق ان ذكرت في دراستي (سنة العراق من فقه الطاعة الى فقه العصيان) المنشورة في الحوار المتمدن (القسم الاول) ان الجماعة الشيعية في العراق والمذهب الديني والطقوسي الذي تتبعه قد اصبح مهلهلا مثل (قميص المسيح ) او مقطعا مثل (اوصال الحلاج) على نهر دجلة , بسبب كثرة النقد والتحليل والتفكيك والهجوم عليه طوال قرون عديدة , بدأ بالمصنفات الدينية والفقهية والفلسفية والكلامية التي كتبت بدعم وتشجيع من الخلفاء والامراء والسلطات الاقليمية الاخرى في العصور الاسلامية الاولى , والتي شكلت النظام المعرفي الفاعل للعالم الاسلامي بصورته الحالية او(اسس السيادة) حسب تعبير اركون, وانتهاء بالعصر الحديث الذي شهد دراسات لاحصر لها , كتب الكثير منها ايضا بتشجيع من الحكومات العلمانية الطائفية والقومية في العراق اومن قبل الحكومات الدينية السلفية في الخليج , لايخلو اغلبها من الدافع السياسي والمتخيل التاريخي , الا ان الامتياز فيها ان الكثير منها قد كتبت من قبل افراد ينتسبون الى الطائفة الشيعية ثقافيا او جغرافيا او نسبيا او حتى مذهبيا من جانب , ومن قبل المستشرقين والكتاب الغرب من جانب اخر , واصبحت الجماعة الشيعية في العراق تحت المجهر والنقد والتقويم والتحليل والتفكيك وحتى الهجوم والتشويه من قبل ثلاث جهات ثقافية وهى : الكتاب السنة العرب من المصريين والشاميين والخليجيين والعراقين اولا , والكتاب الشيعة بصنوفهم كافة المفكرون والمنظرون والاكاديميون والمخصيون والمرتزقة ثانيا , والمستشرقون الاجانب والكتاب الغرب باصنافهم المتعددة ايضا من المحايدون والمستقلون معرفيا اوالمنحازون للارثذوكسية الاسلامية السنية – بلغة اركون – ثالثا . ويبدو ان هذه الكتابات هى التي ساهمت في زعزعة مفهوم (الهوية) عند الجماعة الشيعية وجعلها اكثر قابلية لاستقبال المفاهيم العلمانية والمتبنيات العصرية والثورية , وبلورة الشخصية الشيعية الموتورة او المازومة او المدجنة التي تفتقد الوضوح والتاصيل والصراحة في التعامل او التكامل بين اشتراطات الهوية من جانب , ورهنات الواقع الذي هيمنت عليه التوجهات التغريبية والتحديثية والتسامي الى فضاء المنظورات الكونية من جانب اخر, وهو ماادى في المحصلة الى كبت الى تلك (الهوية ) وقمعها ضمن اللاشعور الجمعي الشيعي, انبعثت بقوة كالبركان الثائر بعد التغيير المفصلي الذي حصل بعد 2003 (فكل ماقمع وكبت عبر التاريخ لابد ن يظهر في يوم من الايام) كما اثبت ذلك فرويد في رؤيته حول (عودة المكبوت).
ومن اهم هؤلاء الكتاب والمنظرين والمفكرين الذين نشروا مؤلفاتهم الخاصة في دراسة او نقد او تحليل او تفكيك او تقويم الجماعة الشيعية في العراق ( علي الشرقي وعلي الوردي وحسن العلوي وعادل روؤف وعبد الرزاق الجبران وفالح عبد الجبار واسحق النقاش وعبد اللة النفيسي وعبد الله الغريب وولي نصر وعبد العزيز الدوري وابو الثناء الالوسي ومحمود شكري الالوسي وعبد الله سلوم السامرائي وعبد الحميد العلوجي وغسان سلامه وحنا بطاطو وعبد الرزاق الحصان وانيس زكريا النصولي واريك دافيس وعوني فرسخ وساطع الحصري وسليم مطر وفاطمة المحسن وعبد الرزاق الحسني وشاكر شاهين وناجي عباس الركابي واحمد القبانجي ورشيد الخيون وجورج قرم وفرهاد ابراهيم وعبد الخالق حسين وسليم السامرائي وعبد الجليل الطاهر وخلدون حسن النقيب وسعد الدين ابراهيم وشبلي ملاط ومحمد عابد الجابري وعقيل الناصري وعبد الاله توفيق الفكيكي وتشارلز تريب ونبيله عبد المنم داود وعبد الله الفياض واحمد الوائلي ونزيهه الايوبي وباقر شريف وكامل مصطفى الشيبي ويان ريشار والمس بيل وتوبي دوج وعباس الكليدار وهادي العلوي وعلي المؤمن وحامد البياتي وجعفر عبد الرزاق وميثم الجنابي وعبد الخالق ناصر شومان وشيركو كرمانج وعصام الخفاجي وفوزي ال سيف ووجورج برادوي و ليورا لوكينتز وعدنان عليان ومحسن الموسوي وغسان العطية وسيار الجميل وعلي جواد وتوت وجابر حبيب جابر ومحمد الجمال ومحمد زكي ابراهيم وبتر جان لويزار وجاريث ستانسفيلد وبيتر سلوغلت وسيليفيا نيق وعبد الحسين شعبان وعزيز الحاج وداي ياماو ومحمد الجويلي وعبد الكريم الازري وسليم علي الوردي وعلي طاهر الحمود وريفا سيمون وسليم الحسني وسلمان رشيد محمد الهلالي واحمد الكاتب وستار نوري العبودي وثامر عباس وسيف الخياط وكنعان مكية ومحمد فاضل الجمالي ومسعود ضاهر ومعروف الرصافي وخير الله طلفاح وفاضل الربيعي وطالب علي الشرقي وجيه كوثراني ووميض جمال عمر نظمي وعديد دويشا وفنار حداد وفيبي مار وفاضل البراك وعامر حسن فياض وصلاح عبد الرزاق وكوتلوف ووليم بولك وخالد القشطيني واياد الزاملي وموسى الموسوي وجواد علي وقاسم حسين صالح وكامل الجادرجي وصدام حسين (في مقالاته الشهيرة في جريدة الثورة) وغيرهم ) .
الثالثة : كلنا يعلم ان من اهم الاسس التي استندت عليها الحضاره الغربيه في التقدم والتطور في المسار الفكري والثقافي هو اعتماد (النقد) كمنهجيه راسخه وفاعله في تحليل البنى المعرفيه السائده في النسق الاجتماعي انذاك , والنقد هو عمليه ثقافيه هدفها كشف الاخطاء والسلبيات والاختلالات في اي مجتمع او دين او مذهب او ايديولوجية او نظام سياسي واجتماعي , من اجل تصحيحه وتهذيبه وتقويمه , ومن ثم تجاوزه الى فضاءت من العقلانيه والتنوير . وانعدام النقد سيؤدي حتما الى تراكم تلك الاخطاء والسلبيات الى مديات يصبح فيها الاصلاح والتعديل هو من الصعوبه بمكان . والنقد ليس غاية بحد ذاته , وانما هو وسيله وهدف اولي للاصلاح , فيجب ان يتبع النقد الاراده والعزيمه والغايه لتصحيح الاوضاع والمنظومات السياسيه والاجتماعيه والثقافيه والاقتصاديه . الا انه على النقيض من التشيع نجد انعدام الدراسات النقدية حول الجماعة السنية في العراق , ليس من قبل اتباع هذه الجماعة المكلفون بنقد طائفتهم او مذهبهم بحسب الاطروحة التي اطلقها علي الوردي سابقا وفاطمة المحسن حاليا , من اجل المبادره الى تقويمها واصلاحها فحسب , بل نجد ندرة او انعدام تام حتى من قبل الانتلجنسيا العراقية والعربية والغربية الاخرى ,( ولاادري هل من المعقول ان تكون هذه الجماعة منزه عن الاختلالات الموجودة عادة في المجتمعات النامية او معصومة عن السلبيات التي تتراكم عادة عبر التاريخ ) , ويرجع سبب ذلك الى عوامل عدة ذكرتها في الدراسة السابقة التي ادرجتها في (القسم الاول) , اهمها انهم يمثلون قاعدة السلطة وقوتها الضاربة التي يحرم نقدها او مسها بسوء ,على اعتبار ان نقدها هو بالضرورة نقدا للسلطة الحاكمة , ودخلت بالتالي ضمن نطاق المحرم او دائرة (التابو) , الا انني في الواقع لم اذكر اسباب اخرى حول ندرة او عدم مبادرة المثقفين السنة الى نقد طائفتهم ومذهبهم اسوة باخوانهم المثقفين الشيعة , ليس خوفا من الاتهام بالطائفية , لاني اجد نفسي ليبراليا متجاوزا هذه المفاهيم البالية والمتاخرة , ادعو الى ذكر الحقائق كما هى دون انحياز او مجاملة او تردد كما فعل استاذنا الدكتور الوردي سابقا , ولكن ربما تكمن الحيرة في ذلك الى العجز عن تفسير هذه الظاهرة التي انفرد بها المثقفون العراقيون السنة حتى عن اخوانهم في الدول والمجتمعات العربية والاسلامية السنية , واذا كانت السلطلت العراقية في الدول القومية قبل عام 2003 تعتمد الحجراو التضييق عليهم , والنفخ في تاريخهم وشخصيتهم وهويتهم , واعتبارهم يمثلون الاسلام والعروبة والنقاء العرقي والديني باجلى مظاهره , مع احتكار ظاهر لجميع المفاهيم الايجابية كالوطنية والمدنية والقومية والعلمانية , فان استمرارية هذه الظاهرة ورسوخها بعد هذا التاريخ ستشكل علامة فارقة في النظام المعرفي لهذه الجماعة , تبعث على الحيرة والتساؤل , ستؤدي بصورة او باخرى ليس الى استمرارية النسق الاستعلائي السابق وتضخم الذات والنرجسية فحسب , بل واضافة سلبيات اخرى لم تكن متواجدة اصلا قبل هذا التاريخ , ادت الى حالة من التراجع الحضاري والاخلاقي والتربوي والثقافي . (وليس هذا يعني ان الاخرين كالشيعة مثلا لايعيشون هذا التراجع الحضاري ايضا) , فالسنة في العراق خلال عقد الاربعينات والخمسينات هم غيرهم في عقد الستينات والسبعينات , لانهم كانوا افضل من ذلك بكثير , وهم في الثمانينات والتسعينات غيرهم عن الستينات والسبعينات , ووصل الحال انهم اصبحوا في الالفية الجديدة اكثر تراجعا مما كانوا عليه في القرن العشرين , والديكتاتورية البعثية وان كانت لم تقم باضطهادهم , الا انها عملت من جانب اخرعلى مسخهم الى عشائر وسلفية ورجال امن ومخابرات وعسكر , دون المتلقيات المدنية الاخرى , ومنعت عنهم التنوير والتحديث الذي تميزوا به خلال عصر النهضة والاصلاح والمتمثلة عراقيا بطبقة (الافندية) التي ترجع اصولهم المذهبية الى الاقلية السنية كما هو معروف ,(وهى الجناح الثاني للتحديث في العراق مع الجناح الاخر الذي يشكل الملائية والمعممين المرتكز الدلالي فيه ) , وربما تكون هناك ثوابت من الانماط العليا (بلغة يونغ)عند سنة العراق كالاستئثار والاستبداد والاستعلاء , تشكل رموزا اصلية مازالت متجذرة في النسق المعرفي والثقافي لهم , الا ان الحكومات المتعاقبة في العهد الملكي وهبت لهم امتيازات في (الكم) ادت الى تحولات في (الكيف) بحسب قانون هيغل في الجدل , واصبحوا في المتخيل الشيعي رمزا للتمدن والعصرنة والحداثة , دون الاهتمام بدراسة او مواكبة التحولات المفصلية التي حصلت لسنة العراق بعد انقلاب شباط 1963 وتسلم النمط الريفي – القومي – العسكري لسدة الحكم والسلطة , التي عملت -- للاسف -- على مسخ الهوية الحضارية لسنة العراق وتحولهم الى قبائل بدوية , استطاعت التجاوز حتى على قرارات مجلس قيادة الثورة (كما حصل في قضية حسين كامل الشهيرة) او متدينين سلفية بعد ان كانوا تاريخيا شوافع واحناف ومتصوفة , تبنوا اعتى التفسيرات التكفيرية في التاريخ , الا ان ذلك الصرح السني مازال راسخا في الوجدان عند الكثير من الانتلجنسيا , ليس السنية فحسب, بل حتى عند الانتلجنسيا الشيعية التي مازالت تنظر اليه بانبهار لافت للنظر , وهو مايؤدي في المحصلة النهائية الى عدم قدرة الطرفين من نقد هذه الجماعة او دراستها اوتقويمها ومن ثم تفكيك المنظومات الثقافية والايديولوجية والمذهبية التي تستند اليها .
اذن وضمن هذا السياق لنا الحق في سؤال السيدة المحسن : لماذا لم يظهر كتاب او منظرون من الطائفة السنية تبادر الى نقد طائفتهم مثلما بادر علي الشرقي وعزيز الحاج وعلي الوردي وفالح عبد الجبار وهادي العلوي وكامل مصطفى الشيبي واحمد الكاتب وسليم الحسني وموسى الموسوي وغيرهم الى نقد طائفتهم (وان كانوا قد تساموا عنها سابقا ؟؟؟ ) .
ان المقاربات الاخيرة التي اريد ان اصل اليها من هذه الدراسة هى :
1 . ان ماذكرته حول كثرة النقد الى الجماعة الشيعية في العراق والمذهب الذي تتبعه لايعني ان هذه دعوة مجانية التى ترك نقد هذه الطائفه نهائيا , وانها تعيش الحداثة والتنوير والعصرنه باجلى مظاهرها , بل ان هذه الجماعة مازالت تعيش انماط العصور الوسطى الدينية والاجتماعية والماضوية المتخلفة (وباقوى اسلحة الحاضر يجب ان نحارب الماضي) كما يقول نيتشه , وهى مازالت بامس الحاجة الى الاصلاح والتقويم والتحديث , ولكن الامر لايجب ان يقتصر عليهم فقط , والايحاء بانهم وحدهم المتخلفون في هذه البلاد بسبب الطقوس الفلكلورية والاجترارية السنوية , لانهم في الواقع ليسوا مشكلة العراق في العصر الراهن , ولم يكونوا في يوم من الايام كذلك , ولن يكونوا ابدا .
2 . ان مهمة الانتلجنسيا العراقية في العصر الراهن هو مساعدة الجماعة السنية في العراق , والمذهب الديني الذي تتبعه , على تصحيح وتطوير وتهذيب نظامهم المعرفي والثقافي والاخلاقي , من خلال حث المثقفين والمتعلمين والاكاديميين السنة على نقد وتحليل وتفكيك وتقويم طائفتهم وتهذيبها من المتعلقات السلفية والتكفيرية والاصولية التي اكتسحتها في الاونة الاخيرة (وكل عودة للاصول هى عودة مؤكدة للبربرية ) كما يقول نيتسة , والاخذ بها نحو افق التنوير والتحديث والعصرنة .










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وحدة 8200 الإسرائيلية تجند العملاء وتزرع الفتنة الطائفية في


.. رفع علم حركة -حباد- اليهودية أثناء الهجوم على المعتصمين في ج




.. 101-Al-Baqarah


.. 93- Al-Baqarah




.. 94- Al-Baqarah