الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فرز محور الشر ، بين نوايا الأمريكية الحسنة والنوايا السيئة.

مروان صباح

2016 / 11 / 14
مواضيع وابحاث سياسية


قد تكون إدارة بوش الابن ، أكثر الإدارات التى اشتهرت بتلفيق الحقائق وأيضاً تدليس التقارير الاستخبارية ، وذلك ينسجم مع تاريخ طويل في ترويع المواطن الأمريكي والغربي على حد سواء ، وهذا الفعل يأتي عامد متعمد ، يهدف دائماً إلى نيل موافقته كدافع ضريبة وهو المعروف بحرصه ، على معرفة ، أين أنفقت حكومته المنتخبة أمواله المجباة ، وبقدر اشتهار إدارة بوش خوضها الحروب والتى عُرفت أيضاً ، بأنها لا تكتفي في إزاحة النُظم ، بل ، تدمير الدولة على بكرة أبيها ، يشهد التاريخ الأمريكي سلسلة حروب متواصلة ، هدفت إلى تعزيز هيمنتها الخارجية ودعم اقتصادها الداخلي ، ولم يكن ، الصراع القائم في سوريا بين واشنطن وموسكو ، اختراع جديد ، بل ، شهدت مناطق كفيتنام وأخرى ، صراعات أشد ، كلفت الولايات المتحدة الأمريكية آلاف القتلة من قواتها المسلحة ، وقد تكون فيتنام وحدها ، مِثال قابع في الذاكرة القومية الأمريكية .

مغايراً للصراعات القائمة في المشرق العربي أو تلك التى يعلو صيتها تارةً وأخرى ينخفض طورها ، داخل حدود الإتحاد السوفيتي سابقاً ، هناك صراع أخر بين واشنطن والصين ، يكاد لا يُسمع صدى نيرانه ، انحصر على الدوام بين الخافت والمتواري ، تمثل بكوريا الشمالية ، كرأس حربة ، حيث دأبت الولايات المتحدة منذ تقسيم كوريا إلى جنوب وشمال ، إحداث اختراق يشبه ذاك الذي حصل لألمانيا ، أثناء وقبل سقوط جدار برلين ، وكان الرئيس بوش في خطبته الشهيرة 2002 م ، وعلى لسانه وليس سواه ، أعلن بأن كوريا الشمالية عضواً في محور الشر ، مع العراق وإيران ، وبالرغم من حرص النظام الشماليّ ، دخول منطقة هي محرمة على الدول الصغيرة ، دول ليست في حسبة الانتماء للنادي النووي ، السلاح غير تقليدي ، تمكن النظام الشمالي تطوير قنابل بلونونيوم ، بالفعل ، هددت استراتيجياً ، كيان سيول ووضعها في مرمى ضربة القاضية ، رأت الولايات المتحدة الأمريكية ، أن هذا الخطر ، لا بد مِنْ معالجته ، على الفور وبالسرعة القسوة ، مع تكثيف خلق ضغوط متوالية على الصين ، لأنها ، كانت تعالج خطر محدق وأهم ، قد ترتب على أولوياتها ، هو العراق ، الذي كان وجهه مدافعه نحو تل أبيب ، وبات مشروع بديل لمشروع المصري عبد الناصر ، وهنا ، يشير التحرك الأمريكي ، عن نواياه ، ورغبته في إعادة التعامل مع الصين وكوريا الشمالية بذات الطريقة التى تعاملت واشنطن مع الإتحاد السوفيتي وألمانيا الشرقية ، اتّبعتَ محاولات متعاقبة ، بهدف تفكيك النظام من الداخل وترافق ذلك بضغوط اقتصادية ، وعندما فشلت لجأت إلى الاستقطاب المتاح ، طبعاً ابتعدت عن المواجهة المباشرة ، الذي سمح لاحقاً لكوريا الشمالية وخلال ست سنوات فقط ، أن تمتلك قنابل أهم من بلونونيوم وأكثر عدداً ، طبعاً بغطاء صيني ، وباشرت في تجاربها الصاروخية ، بعيدة المدى ، دون الالتفات إلى تهديدات واشنطن أو تلك القيود التى صنعتها إدارة بوش الابن .

ظلت كوبا ، وأيضاً ، كُلّ من الصين وكوريا الشمالية عصيين على سياسات واشنطن التفكيكية ، واكتفت الولايات المتحدة بالحصار أو الاستقطاب ، على عكس ، أوروبا الشرقية والمشرق العربي ، ففي العام الذي كان الغرب يتأهب لغزو العراق ، طردت كوريا الشمالية مفتشي الأمم المتحدة عام 2002 م وأعلنت عن انسحابها من معاهدة انتشار الأسلحة النووية وأعادت تشغيل جميع مصانعها ، وتجاهلت تلك المنح والمساعدات الغذائية التى كانت مقرر لها ، لكن ، الملفت في كل هذا ، سياسة المد والجزر ، اعتمدتها الولايات المتحدة مع كوريا الشمالية ، تماماً ، كما هو الحال في الآونة الأخيرة مع كوبا ، مفاوضات ، انتهت إلى اتفاق يفضي لبيونغ يانغ تشغيل مفاعل الماء الخفيف وتعهدت أيضاً واشنطن بعدم شن أي هجوم ، تلك المباحثات تكشف للمرء ، أن المفاوضات الأمريكية الإيرانية وما أفضى عنها من اتفاق ، لم يكون الأول من نوعه ، صحيح ، كان برعاية روسيا ، كما رعت الأخيرة تفكيك الكيمياوي للنظام السوري ، كانت الصين واليابان السباقتين ، رعاية اتفاق الإطار بين كوريا الشمالية والولايات المتحدة الأمريكية .

الأرجح ، وهو الثابت لا المتحرك في السياسة الخارجية الأمريكية ، مؤسس لفكرة محور الشر ، مجلس الأمن القومي الأمريكي ، وإذا المرء وضع العراق جانباً ، واقتطعه من محور الشر ، سيجد أن الدبلوماسية الأمريكية تدفقت نواياها الحسنة ، لأي مباحثات ، على الأخص ، مع كل من كوريا الشمالية وإيران ، وأيضاً كوبا ، لكن ، عندما جاء دور العراق انعدمت النوايا الحسنة للإدارة الأمريكية وتبدلت بالسيئة ، بل ، بالجنونية ، وأصيب العالم بصمت نادر ، رغم أن العراق ، العضو الوحيد في محور الشر ، كان ، لا يملك سلاح غير تقليدي أو مفاعل نووي عامل ، وهذا بالطبع ، سؤال من المفترض أن يطرح على أعضاء محور الشر ومن يرعاهم أو على الأقل ، للإيرانيين ، شركاء الجغرافيا الإقليمية وشركاء الديانة الإسلامية وخصوم في السياسة الدينية والقومية ، ما هو الثمن الذي جنبها مصير العراق ، وكيف تحولت من عضو أصيل متقدم في محور الشر وداعم أساسي للإرهاب العالمي إلى عضو مبتدئ في نادي النووي وعضو فاعل متقدم في محاربة الإرهاب الإسلامي فقط .
والسلام








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هجوم روسي عنيف على خاركيف.. فهل تصمد الدفاعات الأوكرانية؟ |


.. نزوح ودمار كبير جراء القصف الإسرائيلي على حي الزيتون وسط مدي




.. أبرز ما تناولته وسائل الإعلام الإسرائيلية في الساعات الأخيرة


.. الشرطة تعتقل طالبا مقعدا في المظاهرات الداعمة لفلسطين في جام




.. تساؤلات في إسرائيل حول قدرة نتنياهو الدبلوماسية بإقناع العال