الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بين الولايات الثائرة وفانتازيا جمع التكسير

علاء داوود

2016 / 11 / 15
الصحافة والاعلام


قد يُعَد الإنتظار الأطول في عصر الفصول المُتقلبة، أن يقِف الإنسان في بقاع الولايات الأمريكية على اتساعها ليقول لا، ويُعلن انتفاضته ورغبته في الخلاص من قيده، وتمرده على استبداد الطغاة الأربعة والأربعين - أم أربعة وأربعين – وقوفاً في وجه التالي والذي لم يُمسِك بمقابض السِياط بعد، فتشتعل الساحات رفضاً وعِصياناً لسُخرية الأقدار، في حين أن الأجهزة الأمنية في كافة الولايات الأمريكية أعلنت أعلى حالات التأهب والإستعداد للخطر القادم، والذي قد تطفو فيه على السطح ولايات تفوق الخمسين، وتتجسد بالقوميات المختلفة التي يقودها الغضب والمطالبة بالحرية وكرامة الإنسان، عِوضاً عن ممارسة التنكيل والقتل والعقوبات الميدانية بِحق المنتفضين حسب اللون والعِرق والهُوية والمذهب والطائفة واللغة أفاد شاهد عيان مُتمكّن، مما دعا المُغنية الأمريكية ليدي غاغا الى إطلاق أغانيها الداعمة للثورة من منفاها الإختياري بمدينة فانكوفر الكندية، إذاً ها قد بدأ "الربيع الأمريكي" بالإزهار .. يقول مراقبون.

هذه الضوضاء التي لا يُراد لها الظهور الى العلن عبر مقصلة الحسم الإعلامي لإنهائها، لا يُمكن إلا أن تجِد لها نصيراً يحوي ويضُم أنصارها، فيكون إشهار النُصرة من جنبات الكعبة المُشرفة، حيث تم الإعلان عن "مؤتمر أصدقاء أمريكا" في مملكة الدشاديش السعودية، لجمع التبرعات والمساندة المالية واللوجستية، وسيبدأ إخلاء مكة من مظاهر مناسكها الدينية المُعتادة عبر ترحيل المُعتمرين لبُلدانهم، وذلك لإتاحة المجال للوافدين الأمريكيين المُضطهدين من شتات الأرض، إذ ليس خافياً على أحد أن عُلو فنادق الحرم المكي الشريف لا يُضاهيها عُلو، وبرج ساعتها سيُعلِن سقوط الطغيان الأمريكي خلال المئة ساعة القادمة، هذا ما جاء على لسان لاري كينج المُذيع في قناة سي إن إن عبر برنامجه "اتجاه أمريكا المُعاكس".

أما عن القوة العسكرية في الجيش الأمريكي، فقد رشح تشكيل أولى وحدات "الجيش الأمريكي الحُر"، بعد انشقاق ألوية عدة، وهذا الجيش حديث النشأة يتلقى الدعم والتسليح من مملكة الدشاديش مبدئياً، فأسلحة المملكة المُكدسة ليست بالغريبة إطلاقاً - من دِهنُه قليلُه - على الجنود، عدا عن البدء بالتصويت على دستور "مجلس التعاون الأمريكي" في الوطن والشتات، وهذا ما دعا الإدارة الأمريكية الى تصعيد عملياتها الإنتقامية ضد الثوار في ساحات ميزوري وشارلوت وسياتل والعديد من المدن كنيويورك في ولاية نيويورك وشيكاغو في ولاية إلينوي، كما دعت الى استنهاض جميع وسائل الإعلام المؤيدة لسياستها الوحشية للنيل من الثوار في معركتهم العادلة ضد الظلم والطغيان، تحت عنوان التحدي "للتضليل الإعلامي" الذي يمارسه الثوار، في حين دعا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس السوري بشار الأسد الأمريكيين الى ضبط النفس وعدم الإنجرار الى بحر الفتنة الدامية، التي إن وقعت لن تترك أرضاً إلا وتحرقها، كما ودعت الأمم المُتحدة على لسان أمينها العام بان كي مون الى التريث في إصدار القرارات واللجوء الى العقل والحكمة، أما رئيس كوريا الشمالية كيم جونغ أون فاكتفى بمتابعة المشهد الأمريكي على أنغام كوكب الشرق في مقطوعتها الموسيقية "أكتر من مرة عاتبتك، واديتلك وقت تفكر".

وعلى صعيد التعاطي مع الثورة الأمريكية، فقد نالت الثقة والتأييد من العديد من الدول ككيان أمريكي شرعي، واتُهِمت بعض الدول بالوقوف في وجه الثورة في إسناد واضح وجلي للطغيان الأمريكي، وفي الحديث عن دول الجوار التي اتهمتهم الإدارة الأمريكية بالوقوف وراء الإضطرابات في الأراضي الأمريكية، نال دولة المكسيك الحصة الأكبر من الإتهامات من خلال اتهامها بإنشاء مخيمات للاجئين الأمريكيين على أراضيها القريبة من الحدود الأمريكية، والذي أطل مؤخراً من خلف حِجاب أراضيها مفتي الديار الأمريكية الوزير السابق كولن باول، داعياً الى الإلتحاق بصفوف الثورة والشهادة في سبيلها، وطبعاً لم يُغفل عن وصف الحياة الآخرة للشهداء الأمريكيين، وما فيها من مُغريات "كأن يعيشوا مع بعضهم البعض بغض النظر عن اللون والعِرق"، في حين لم يستطع العلامة الإسلامي يوسف القرضاوي التزام الصمت، فتقدم بطلب من الجمهورية الصينية - الشيوعية - "أن تقِف وقفة لله" في دعم الثوار المُستضعفين في ولايات أمريكا، كما أسند الداعية محمد العريفي الثوار ببعض الرؤى الإيمانية الخاصة، وأهمها كانت مشاهدته "صحوناً طائرة" تُقاتل الى جانب الثوار في مواجهتهم للنظام الظالم.

وفي جنبات الأمم المتحدة تحتدم المعركة على الصعيد السياسي، حيث كاد التصويت على القرار التي تقدمت به دولة فيتنام الشمالية بالعمل تحت البند السابع والتدخل العسكري في الأراضي الأمريكية ينجح، لولا اصطدامه بالفيتو القطري الذي أطاح بالمساعي الفيتنامية لإنهاء الأزمة الأمريكية عسكرياً، إلا أن العقوبات على النظام الأمريكي ما زالت قائمة اقتصادياً من خلال ضغوطات "حلف وارسو" العائد من خلف خطوط التفكك، وتلك الضغوطات التي أضعفت النظام وأدت الى هبوط كفته مقابل كفة الثوار، فماذا بقي للنظام الأمريكي من حُلول غير "رصاصة الإنتحار السياسي" ؟! .. تساءل محللون.

وبالحديث عن "الإئتلاف الأمريكي المُعارض"، فقد تطرق الناطق باسمه خطيباً عبر وسائل الإعلام أنه سيكون على النظام الأمريكي القبول بالشروط الأممية خلال مؤتمر الدوحة الأول، والذي سيشارك فيه الإئتلاف وحلفاء الثورة كما أسماهم، داعياً الى استبعاد دولة الكويت من حضور المؤتمر، معرباً عن استنكاره للتواجد الكويتي على مشارف "ريف واشنطن الغربي"، حيث أن لتواجده الدور الهام في دعم النظام الأمريكي في مساعيه للإطاحة بالثورة، وشدد الناطق باسم الإئتلاف على الأخذ بعين الإعتبار تواجد قوات "الحرس الثوري التركي" الداعم للنظام على الأرض وفي ساحات المعارك، وأشار أيضاً الى وجوب الدعم العاجل "لتنسيقية ميزوري" تلك الولاية الواقعة على خط النار بين ولايتي إلينوي وكنساس المواليتان في المُعظم للنظام.

بقي أن نُشير الى أن العديد من الدول قررت "النأي بالنفس" حيال الأحداث المتسارعة في الولايات الأمريكية، وأهمها جمهورية الصين الشعبية والتي جاء في تصريحات وزير خارجيتها دِفاعه عن حق الشعب الأمريكي في اتخاذ قراراته المُستقلة، وأن ما يحدث في أمريكا هو "شأن أمريكي داخلي"، وأي من الحلول المُفترضة يجب أن يكون "أمريكي أمريكي"، وكذلك أعربت كل من كوبا وفنزويلا عن أملها في أن يُحقق الشعب الأمريكي شعباً وقيادة التوصل الى إنهاء سِلمي للأزمة الراهنة في البلاد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سرّ الأحذية البرونزية على قناة مالمو المائية | #مراسلو_سكاي


.. أزمة أوكرانيا.. صاروخ أتاكمس | #التاسعة




.. مراسل الجزيرة يرصد التطورات الميدانية في قطاع غزة


.. الجيش الإسرائيلي يكثف هجماته على مخيمات وسط غزة ويستهدف مبنى




.. اعتداء عنيف من الشرطة الأمريكية على طالب متضامن مع غزة بجامع