الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المسلمون اليوم أكثر أمه تمارس الكذب والخداع والتدليس

انور سلطان

2016 / 11 / 16
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


كما حرف مسلموا الأمس, ممثلين في المفتين, دينهم وحولوه إلى فرق وشيع متناحره على الدنيا, واختلقوا منصب الفتوى الكهنوتي الذي يجعل للمفتي مكانه دينية هي المقام مقام النبي في أمته ووضع أحكام دينية لا نص فيها, كذلك حرف مسلموا اليوم المفاهيم التقدمية للحضارة الحديثة مثل مفهوم الديمقراطية والتسامح وشوهوا بعضها الآخر لينفروا المسلمين منها مثل مفهوم العلمانية والليبرالية.

لقد تقبل المسلمون مفهوم الديمقراطية ومفهوم التسامح على مضض. وحتى لا يرفضوا هذه المفاهيم صراحة تبنوها مع تحريف مفهومها. فالديمقراطية هي مجرد آلية للبيعة القديمة, والبيعة تقتضي الطاعة الدينية للحاكم, وربما يسمون هذا ديمقراطية إسلامية ويعتبرونها هي الشورى ويقولون لا مشاحة في الإصطلاح. ومن الممكن أن يدعوا أن الإسلام أصْل الديمقراطية وأن الغرب أخذ الديمقراطية من الإسلام, وأن بضاعتهم ردت إليهم. وفي الواقع إنهم انتصروا لبضاعتهم وافرغوا الديمقراطية من مفهومها الحقيقي مع الإدعاء الزائف أنهم أصلها وأصل كل شئ يسلمون به بعد حرب شعواء له.

تقوم الديمقراطية أساسا على مبدأ أن الشعب مصدر السلطة وأن الحاكم مجرد موظف يخضع للقانون كما يخضع له غيره من المواطنين وأنه هو وغيره من المواطنين يطيع القانون, بينما استقر الفكر الديني الإسلامي على أن السماء هي مصدر السلطة وان الحاكم له واجب الطاعة من المحكوم, وطاعة الحاكم هي من طاعة الله.

أما إذا جئنا إلى مفهوم التسامح الديني, فالمسلمون لا يعرفون التسامح الديني. ورفض الآخر وعداوته هو إجماع ديني تام في الماضي. ولما احرجوا في هذا العصر, عصر حقوق الإنسان, قفزوا قفزة كبيرة, ولم يقبلوا فقط التسامح الديني, بل قالوا إنه بدعه إسلامية, وفي ذات الوقت يصرون تماما على أن حد الردة حكم إسلامي ثابت لا يتغير. ولا يتحدثون عن أساس التسامح الديني, بل يرجعون للماضي وينتزعون صور معينه منه للتدليل على تسامح المسلمين مع غيرهم. فمثال التسامح الديني عند المسلمين هو ترك الآخرين يعيشون وعدم ابادتهم متي استسلموا لسلطانهم ويقولون لم يفعل هذا غيرهم من أهل الأديان الأخرى. وينسون تعايش العرب في الجزيرة العربية قبل الإسلام على اختلاف أديانهم فقد كان هناك اليهود والنصارى والموحدون الذين لا يتعبون أي دين والمشركون.

تقبل أو رفض الآخر هو النتيجة وليس المقدمة, هو عرض لمرض وليس المرض ذاته الذي يحتاج إلى علاج. المرض هو الأفكار العقائدية. فالعقائدي الديني (مثلا) مشكلته الأساسية أنه يرى المخالف عدو الله ومنحط انسانيا, فلا يمكن أن يتقبله أو يتسامح مع أفكاره إلا إذا اضطر إلى ذلك, لو لم تكن هناك عقائد معادية تجعل الكراهية دينا, بل وتجعل سفك دماء المخالفين دينا, لما احتجنا أساسا إلى الدعوة للتسامح وقبول الآخر. أحيانا من الصعب أن توافق على أفكار الآخر, فإن كنت غير عقائدي فإنك تتسامح معها, لإنك تعتقد أنه لا أحد يملك الحقيقة المطلقة, وإن كانت أفكار الآخر خطأ واضح أيضا تتسامح معها لأنه إنسان قابل للخطأ ويمكن أن تخطي مثله. لكن العقائدي, وربما يكون غارق في الأخطاء , يجرم من يختلف معه ولا يستامح معه إطلاقا لأنه يراه عدو للحق ومصيره بئس المصير. وهذه هي مشكلته الحقيقية. فتقبل الآخر أو التسامح معه فعلا يضرب عقيدته في الصميم من حيث أنه ينزع عنها صفة الصحة المطلقة, وطالما سقطت دعوى الصحة المطلقة لم تعد عقيدته هي هي, وإلا فدعوى التسامح كاذبه وعبارة عن تقية فكرية للتملص والهروب عندما يكون في موقف محرج.

ولإن المسلمين لا يواجهون النقد الموجه لهم مواجهة حقيقية, ويخادعون أنفسهم بتفريغ المفاهيم من معاتيها الصحيحة أو تشويهها, لا يمكن أن يتقدموا خطوة إلى الإمام. إن مواجهة الحقيقة صعبة, فمن يدعى أنه سيد العالم ولديه الحق المطلق من الصعب أن يتقبل أنه مثل الآخر وربما أدنى منه فكرا. ومن يعتقد أن تاريخه تاريخ إلهي شاركت فيه السماء من الصعب يتقبل أنه مجرد جزء من التاريخ الإنساني بايجابياته وسلبياته ولا يتماز على غيره بشئ.

المسلمون هم الآن أكبر أمه تمارس الكذب والخداع والتدليس, تشوه المفاهيم الجملية أو تتبناها وتفسدها وتحرف مضمونها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كاهن الأبرشية الكاثوليكية الوحيد في قطاع غزة يدعو إلى وقف إط


.. الجماعة الإسلامية في لبنان: استشهاد اثنين من قادة الجناح الع




.. شاهد: الأقلية المسلمة تنتقد ازدواج معايير الشرطة الأسترالية


.. منظمات إسلامية ترفض -ازدواجية الشرطة الأسترالية-




.. صابرين الروح.. وفاة الرضيعة التي خطفت أنظار العالم بإخراجها