الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اسطورة الخلافة

مولود مدي
(Mouloud Meddi)

2016 / 11 / 22
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


لقد كثر الحديث عن الخلافة الاسلامية في اوساط الشارع العربي و الدول التي تضم اغلبية مسلمة و التي لا زالت تعاني من الانظمة الشمولية الى الان بحيث يعتقد الكثير ان العودة الى منهج الخلافة الاسلامية هو الحل الوحيد المتبقي و ان كل من يعارض هذا الطرح هو عدو لله و لا يريد تطبيق الشريعة.
لا تعلم الاغلبية الساحقة من المجتمع العربي الاسلامي ان فكرة الخلافة التي يتشدق بها الاصوليون لا توجد اصلا في المصدر الاول للاسلام ( القران ) بل تلك الخلافة التي اقامها النبي محمد (ص) كانت ضرورة دفاعية بحتة لحماية الاسلام و الذي كان في بداياته فقط و لم يضع بعد اسسه القوية كما انه لم يتجاوز شبه الجزيرة العربية بعد. كما ان الله تعالى لم يامر قط رسوله و لم يفرض عليه اقامة دولة دينية بل فرض عليه تبيلغ رسالته و بالتالي كان الهدف ايجاد امة مسلمة و ليس بناء دولة دينية.
لا تعلم الاغلبية الساحقة من المجتمع العربي الاسلامي ان المسلمين الاوائل و اتباع النبي بل حتى عرب ما قبل الاسلام لم تكن لديهم ادنى فكرة عن مفهوم نظام الحكم حيث اقتصر مفهوم الحكم لدى العرب عبارة عن سلطة فقط لا فكر فيها و لا كياسة بل تعتمد فقط على مقدرات الحاكم.
ان مفهوم الحكم لدى المسلمين لم يتبلور الا بعد القرن الخامس هجري حيث ظهرت كتابات ابن رشد و الماوردي و غيره و هذا ما يدل على ان المسلمون لم يعرفوا لا مفهوم الدولة و لا انواع انظمة الحكم و لا شيئ من هذا القبيل.
ان الذي يقرا القران الكريم يجد ان هذا الكتاب الذي اسهب في الحديث عن كيفية تنظيم العلاقات بين مكونات الوجود ( الله , الكون , الحياة , الانسان ) يكاد يكون قد تغاضى الحديث عن كل ما ينظم العلاقات بين عناصر الدولة ( الامة , السلطة السياسية , الارض ) فما هو السبب ؟
ان الاسباب واضحة فالعنصر الاول عبارة عن علاقة تحكمه ثوابت خارج ادراك الانسان و فوق تصورات و قدرات العقل البشري اما العنصر الثاني فهو عنصر نسبي غير مطلق خاضع لتغيرات التجربة الانسانية فسياسة القرن الثاني عشر مختلفة كل الاختلاف عن سياسة القرن السابع عشر و سياسة القرن الواحد و العشرين و هذا امر طبيعي لان هذا العنصر من وضع البشر يتم تغييره حسب الحاجة الانسانية و خاضع لتطورات معينة و بالتالي نخرج بنتيجة ان كل ما جاء عن تعريف السلطة هو في الغالب اجتهاد بشري لا ضلع في الدين فيه كما يريد ان يسوق لنا الاصوليون الذين يدعون ان الدين يصلح لكل شيئ ! ان دولة الخلافة الاسلامية هي ايضا تعتبر اجتهادا بشريا وجدت لضرورة ذكرناها سابقا و ليست من صنيعة النصوص الدينية.
هذا هو التراث الذي خلفه لنا فقهاء السياسة منذ اربعة عشرقرن حول مفهوم الدولة فمن حقه ان نحترمه وان ندرسه و نستخلص العبر منه و لكن ليس لدرجة عبادته و تقديسه ! او ان نحبس انفاسنا داخل اسواره خاصة اذا اصبح عبئا ثقيلا يمنعنا من التقدم نحو الامام.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما سبب الاختلاف بين الطوائف المسيحية في الاحتفال بعيد الفصح؟


.. نشطاء يهود يهتفون ضد إسرائيل خلال مظاهرة بنيويورك في أمريكا




.. قبل الاحتفال بعيد القيامة المجيد.. تعرف على تاريخ الطائفة ال


.. رئيس الطائفة الإنجيلية يوضح إيجابيات قانون بناء الكنائس في ن




.. مراسلة الجزيرة ترصد توافد الفلسطينيين المسيحيين إلى كنيسة ال