الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ترامب ... حلم الرجل الابيض

سلمان محمد شناوة

2016 / 11 / 22
مواضيع وابحاث سياسية


ترامب ... حلم الرجل الابيض ...

الرجل الأبيض في الغرب يشعر بمزية خاصة عن غيره من الاعراق سواء ذكر ذلك بلسانه أو لم يذكره ولكنه يمارسه بالفعل في حياته العملية وما تزايد الانتماء لمجموعات اليمين المتطرف المنتشرة الآن في الغرب إلا دليل بسيط على ذلك الأمر...المشكلة ليست فقط في المواطنين العاديين ولكن تتعداها للسياسيين فهناك ظاهرة تتنامى بقوة وهي وجود زعماء سياسيين ينتمون لهذه الأفكار وفي داخل الولايات المتحدة نفسها التي تقدم نفسها للعالم على أنها "واحة الحريات والتنوع العرقي"!

لذلك ظهر دونالد ترامب كرجل عنصري بامتياز وتصدر قائمة المرشحين للرئاسة عن الحزب الجمهوري وها هو يتنافس بقوة على الوصول للبيت الأبيض , وترامب بخطابه العنصري التمييزي ، قد تزامن مع وجود مظالم حقيقية اقتصادية واجتماعية لدى فئات وشرائح واسعة من الطبقة العاملة، خصوصاً الموجودة خارج المدن الكبيرة. وهي المظالم التي خلفها النموذج الرأسمالي الأميركي.

في يوم ما كان هناك حلم رجل اسود ...
كان هناك حلم لرجل اسود الزعيم مارتن لوثر كنج ..صاحب مقولة " انا لدي حلم " حلم كان من نتيجته تنصيب شحص من العرق الاسود رئيسا للولايات المتحدة الامريكية , و كان ذلك يوم العشرين من يناير عام 2009 يومًا تاريخيًا وفارقًا في حياة جميع المواطنين الأمريكيين من أصل أفريقي ، والمهاجرين والأقليات والمسلمين كذلك ، كان هذا هو اليوم الذي نُصِّب فيه صاحب الأصول الأفريقية باراك أوباما رئيسًا للولايات المتحدة الأمريكية، ليصبح بذلك رئيسها الرابع والأربعين، والأول من أصل أفريقي .

فبرغم أن الرئيس الأمريكي ليندون جونسون وقَّع قانون الحقوق المدنية في أواخر ستينات القرن الماضي، معتبرًا أن التمييزَ على أساس العرق أو اللون أو الدين أو الجنس، أو الأصل القومي، أمر مخالف للقانون، إلا أن هذا الإلغاء الرسمي والقانوني للتمييز العنصري لم يكن حافزًا كافيًا للمتعصبين ضد السود , للتوقف عن كافة أشكال اضطهاد السود منذ ذلك التاريخ، ولذلك وبطلوع شمس العشرين من يناير، ظنّ الأمريكيون أصحاب الأصول الأفريقية أن هذا التنصيب هو إعلان رسمي ونهائي لإنهاء قضية التمييز العنصري ضد السود في الولايات المتحدة ...

بل كان انتصار لامريكا الحرة التي فتحت ابوابها للمهجرين من كل اصقاع الدنيا , وخاصة المسلمين , كان تنصيب باراك اوباما , قمة المشهد والتي يبشر بامريكا حرة تحتضن كل القوميات والأقليات , تحت قانون واحد وحرية ومساواة ...
ولكن هذا كان قمة جبل الجليد فقط والظاهر للعيان ...

إما قاع الجبل واصله فكان ينصهر بالدعوة للعودة إلى أمريكا البيضاء , والتي كونت الولايات المتحدة الأمريكية, أمريكا التي لم تحتمل إن يشاركها الهندي الأحمر الأرض , فقامت بأسوء حرب إبادة للهنود الحمر , بحيث لم يعد في أمريكا كلها سوى محميات صغيرة هنا وهناك ....

فهل كان تنصيب باراك اوباما , نهاية مرحلة الحريات والعودة بشكر قصري , إلى أمريكا البيضاء المزعجة والمرعبة , والخشية كل الخشية إن تكون هذه بداية تجتاح كل الدول الأوربية , فلقد كان هناك الم من فوز ترامب لدى رجال السياسة الأوربية العقلانيون , وبنفس الوقت كانت هناك بهجة بفوز ترامب عند اليمين المتطرف , وهذا ما ظهر ببهجة الفوز لدى مارين لوبان ( اليمين المتطرف الفرنسي ) حيث قالت ( انه خبر سار بالنسبة لبلادنا ) , وكذلك في إسرائيل والتي استقبلت فوز ترامب ببهجة وفرحة كبيرة , وعلق رئيس الوزراء المجري , فيكتور اوروبان بحماسة " ياله من نبأ ممتاز , الديمقراطية لازالت حية " .

فوز ترامب كذلك جزء من فوز الجمهوريين في انتخابات الكونجرس , حيث فاز الجمهوريين بأغلبية مقاعد مجلسي البرلمان والشيوخ , حيث يكون في مقدورهم إن أرادوا إلغاء إصلاحات الرئيس اوباما وخصوصا إصلاحات النظام الصحي ( اوباما كير ) .

نشر باحث السياسة الأميركي الراحل، صمويل هنتنغتون، في العام 2005، كتابه قبل الأخير “من نحن.. تحديات الهوية الوطنية لأميركا”، مشيراً فيه إلى تآكل الكتلة البيضاء التي كانت تمثل المكوّن الأساسي للمجتمع الأميركي منذ الاستقلال عن بريطانيا أواخر القرن الثامن عشر وحتى نهاية القرن العشرين. وقد حذر هنتنغتون من أن الصراع المقبل في أميركا سوف يكون بين هذه الكتلة البيضاء التي تحولت إلى أقلية، بفعل حركة المهاجرين وسياسات التعدّد الثقافي والهوياتي في أميركا، وبقية المكونات الإثنية والعرقية التي تشكل المجتمع الأميركي .

تبدو الآن نبوءة هنتنغتون كما لو كانت صحيحةً، خصوصاً بعد نتائج الانتخابات الأميركية التي أوصلت، أخيراً، المرشح عن الحزب الجمهوري، دونالد ترامب، إلى البيت الأبيض، محمولاً على خطابٍ غارق في العنصرية والتعبئة العرقية والإثنية، بطريقةٍ تتناقض مع النموذج الأميركي الذي كان يقوم علي التعدّد الثقافي والإثني والديني، وشكّل ملمحاً أساسياً للديمقراطية الأميركية التي أخبرنا بها المؤرخ الفرنسي، أليكس دي توكفيل، في كتابه “الديمقراطية في أميركا”. قطعاً، ليس القصد هنا أن التصويت في الانتخابات تم على أساس “عرقي” أو “إثني”، فالمرشحة المنافسة هيلاري كلينتون تنتمي أيضا للأقلية البيضاء. ولكن القصد هو استنفار ترامب مسألة العرق بشكل غير مباشر، عبر إبداء الكراهية والعداء تجاه أقلياتٍ عرقيةٍ ودينيةٍ أخرى كاللاتينو والمسلمين .

وبينما يرى بعضهم أن ترامب استثمر في حالة الغضب الموجودة لدى الطبقة العاملة البيضاء، نتيجة سخطهم وغضبهم من السياسات الاقتصادية النيوليبرالية التي تدعم الفئات والشرائح الغنية في المجتمع على حسابهم، والتي كانت هيلاري كلينتون تجسيداً لها، فإن مؤشرات الانتخابات تشير إلى أن حوالي 58% ممن صوّتوا لترامب ينتمون إلى الكتلة البيضاء، سواء من الرجال أو النساء أو طلاب الجامعات. وبينما تمثل الطبقة العاملة جزءاً رئيسياً من هذه النسبة، وكذلك الشرائح الأقل تعليماً، إلا أن هناك من ينتمون إلى الشريحة العليا، ويتمتعون بدرجاتٍ علمية جامعية، وما بعد جامعية، قد صوّتوا للمرشح الجمهوري .

يقول أحد هؤلاء، وهو من أصول بريطانية وعمره 62 عاماً، وحاصل على الدكتوراه في القانون، إنه صوّت لترامب “لأن ترامب يمثل جرس إنذار لتوعية الناس بخطورة نخبة واشنطن وفشلها في حل المشكلات”، وإنه، وهو شخص أبيض، “يعاني من التمييز في البحث عن عمل، بعد أن تقاعد بسبب عمره”. الأكثر غرابةً أن هذا الرجل الذي تحدث لصحيفة الغارديان، من دون أن يذكر اسمه، يقول إنه “حتى لو ترامب سيئ مثل هتلر، إلا أنه سوف يعيد الاعتبار للأقلية البيضاء التي جرى تهميشها وتجاهلها طوال العقود الماضية”. لا يختلف ما قاله هذا الرجل عما يشعر به ملايين الأميركيين الذين صوّتوا لترامب، خصوصاً في المناطق الريفية في أميركا، ولا سيما في ولايات الوسط الغربي والشرقي التي تصوّت دائماً للجمهوريين .

بيد أنه من المهم الإشارة إلى أن ظهور ترامب، بخطابه العنصري التمييزي، قد تزامن مع وجود مظالم حقيقية اقتصادية واجتماعية لدى فئات وشرائح واسعة من الطبقة العاملة، خصوصاً الموجودة خارج المدن الكبيرة. وهي المظالم التي خلفها النموذج الرأسمالي الأميركي، الذي يعمل لصالح أصحاب الشركات والأعمال الكبيرة، ولا يكترث لأصحاب المهن والحرف والصناعات الوسيطة. لذا، لا غرابة أن تعد أميركا من أكثر بلدان العالم التي لا تتمتع بالمساواة والعدالة في توزيع الدخل. وقد نجح ترامب، بخطابه المناهض شكلاً لهذا النموذج، في توظيف مظالم هذه الفئات، من أجل استثارة غضبها ضد غريمته، هيلاري كلينتون، المحسوبة بشكل كبير على شبكات الثروة والأعمال في واشنطن ونيويورك. لذا، فإن التصويت الأكبر لترامب جاء من المقاطعات الصغيرة والقرى الريفية، والتي كان يصوّت بعضها للديمقراطيين عادة، وذلك كما الحال في بنسلفانيا وميتشيغان وويسكنسون وأوهايو.
وفي وقت كان الحزب الديمقراطي يعبّر، تاريخياً، عن هذه الطبقة العاملة، إلا أن الانتخابات كشفت، أخيراً، تراجع هذه المسألة بشكل كبير. فكثير من كبار الأعضاء في الحزب أصبحوا أكثر ارتباطاً بعالم رجال المال والأعمال في “وول ستريت”، وكذلك برجال الإعلام والسياسة في نيويورك وواشنطن. ما أثر على صورة الحزب، وساهم في تراجع شعبيته بشكل كبير. وتجسّد ذلك في خسارته الرئاسة والكونغرس بغرفتيه (النواب والشيوخ). ومن المفارقات أن ترامب الذي يعد من أكبر رجال الأعمال في أميركا، وهو ذو علاقات وثيقة بعالم المال والأعمال، فضلاً عن فضائحه المالية، أصبح كما لو كان هو المعبّر عن مظالم الطبقة العاملة في أميركا.

بكلمات أخرى، يمكن تفسير نجاح ترامب، من بين عوامل أخرى، بأمرين: استنفار شعور القومية البيضاء، والشعبوية الاقتصادية. وقد كشفت تظاهرات بعض مؤيدي ترامب بعد فوزه عن الأمرين. كما أنهما ساهما في جعل ترامب المرشح الجمهوري المفضل من بين كل المرشحين الجمهوريين الذين نافسوه في مرحلة الانتخابات التمهيدية على مستوى الحزب. وقد وصل الأمر إلى الحديث عن هوية جديدة اسمها “الترامبية”، نجح ترامب في خلقها، في هجومه المستمر علي الأقليات والأعراق والإثنيات الأخرى. وهي مزيج من الشعور بالسمو العرقي، والغرور الشخصي، ورفض ثوابت المجتمع الأميركي، لصالح رؤية ضيقة ومنعزلة عن العالم .

تعيينات ترامب للفريق الذي سوف يعمل معه في البيت الأبيض تبين بوضوح توجهات السياسة في البيت الأبيض في السنوات الأربع القادمة ..

فلقد قرر الرئيس الأمريكي المنتخب أن يعهد بوزارة العدل إلى السيناتور جيف سيشنز "69 عاما" المؤيد لسياسة الحزم الشديد في ما يتعلق بالهجرة غير الشرعية التي شكلت أحد المواضيع الرئيسية خلال حملة ترامب الذي وعد بترحيل 11 مليون مهاجر غير شرعي، وتسبب سيشنز قبل عقود بجدل بسبب تصريحاته العنصرية , وعارض سيشنز خلال رئاستي كل من جورج بوش وباراك أوباما مشاريع عدة لتسوية أوضاع المهاجرين غير الشرعيين .

أما منصب مستشار الأمن القومي الذي يعتبر مهما جدا وتشغله حاليا سوزان رايس، فسيتم إسناده إلى الجنرال المتقاعد مايكل فلين "58 عاما" الذي كان ترأس جهاز الاستخبارات العسكرية (وكالة استخبارات الدفاع) بين عامي 2012 و2014 وأثار جدلا بسبب تصريحات مناهضة للإسلام , وهو الذي صرح في تغريده له " يقول إن"الخوف من المسلمين منطقي", ووصف الإسلام بأنه" إيديولوجية تقوم على أساس دين" وفقا لما أوردته "ذي نيويورك مجازين". ..

فوز ترامب كان عاصف بمثابة زلزال , أثار قلق دول العالم , شخصية غريبة لا يمكن التكهن بتصرفاتها القادمة , اجتاح مواقع الواصل الاجتماعي كإعصار , الكل يترقب والكل متوقف ينظر ما هي خطوات هذا الثور الأمريكي الأبيض , ينتظرون ماذا بعد 20 من يناير حفل تنصيب هذا الأهوج , يقولون لا خبره له بالسياسة أو العلاقات الدولية , ويقولون أنهم يحتاجون أسلوب جديد للتعامل معه , هو أهوج لدرجة انه يخيل لك انه سوف يربض على صدر العالم طيلة السنوات الأربع القادمة ...


















التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مراسلة الجزيرة ترصد مخرجات اجتماع مجلس الحرب الإسرائيلي


.. غالانت: إسرائيل تتعامل مع عدد من البدائل كي يتمكن سكان الشما




.. صوتوا ضده واتهموه بالتجسس.. مشرعون أميركيون يحتفظون بحسابات


.. حصانة الرؤساء السابقين أمام المحكمة العليا الأميركية وترقب ك




.. انهيار أشرعة الطاحونة الحمراء في باريس من فوق أشهر صالة عروض