الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حمى المناهج وفوبيا الأديان

رولا حسينات
(Rula Hessinat)

2016 / 11 / 26
مواضيع وابحاث سياسية




سرق بروميثيوس شعلة المعرفة من عند زيوس كبير الآلهة ليعطيها للبشر. كان بروميثيوس إلهاً كذلك، لكنه ارتأى أن المعرفة لا يصح أن تبقى لدى الآلهة فقط، و لم يكن أبداً مؤيداً لزيوس في عزلته عن البشر و احتقاره لهم. و بالرغم من تحذيرات زيوس له بأن المعرفة المقدسة لا تصلح للبشر ، فقد خدعه بروميثيوس و أعطى للبشر - الساكنين في الكهف المظلم آنذاك - ما قد يفتح لهم مجال الإلوهية. فوهبهم حرفة النجارة، و علوم الفلك لمعرفة الأزمان و النجوم، ثم أعطاهم الكتابة. و أخيراً سرق شعلة النار المقدسة من عند زيوس و وهبها للبشر
حين أضاءت النار المقدسة الكهف المظلم، تفجّر الإبداع لدى البشر و بدا أنهم قد يصيرون هم أيضاً آلهةً أو ما شابه. عندها، حمى غضب زيوس كبير الآلهة على بروميثيوس و على البشر؛ فقرر أن يعاقب الجميع عوقب بروميثيوس الإله الطيب بأن عُلِّق على جبل القوقاز عارياً، بينما النسر الإلهي يأكل كبده. و حتى يدوم عقابه للأبد، فقد أمر زيوس بأن يُخلق له كبدٌ جديد كلما فنى واحد هكذا تحمّل بروميثيوس ثمن محبته للبشر.
المعرفة المقدسة التي ادعى كل من الفريقين وزارة التربية والتعليم الأردنية من جهة والمعلمين ونقابة المعلمين من جهة أخرى مليكتها والدفاع عنها والتي وقع الطالب فيها حائرا بين تابع ورافض والتي لم تحمل مفهوم الحوار والعقلانية وقبول الآخر..التي تعتبر صفة للمشرع الأردني، إلا أن الحكمة الوزارية قدرت ماهية الأزمة فقررت أن تمتص العنف الذي تزامن مع بداية العام الدراسي.. بإعادة دراسة المناهج الجديدة والأخذ بالآراء المنطقية المثبتة.. وبين هذا وذاك طفت على السطح ظاهرة خطيرة وهي سلوك الجمهرة ..الذي اقتفى أثر أراء جدلية على مواقع التواصل الاجتماعي وعممها صما بكما عميا..والكثيرون ممن جرفته حمى المناهج اقتبس نصوصا من المناهج التونسية وغيرها من البلدان العربية.. ليضعنا أمام أسئلة خطيرة: هل تمكنت مواقع التواصل الاجتماعي من اختراق حاجز الأمن الاجتماعي واختزال حقوق البراءة الفكرية على القارئ ؟ وهذا بدوره يقودنا إلى سؤال آخر: هل عجز القارئ عن التحقق من المواد المروج لها وحمل جزافا رسالة المأجورين ؟؟ ومن وراء هذا الهيجان العام؟؟ هل هي مافيا الكتب المدرسية على سبيل المثال؟ أم نقابة المعلمين التي تحاول أن توجد تيارا معارضا من أجل المعارضة فقط مستغلة الثقل الذي تحوزه من عضوية معلمي المملكة؟؟ أم أنها تصب في مصلحة الإخوان المسلمين الذين ظنوا بإشعالهم فتيل الحمى للمناهج الجديدة يستعيدون البساط الذي سحب من تحتهم بعد ظهور الانشقاقات الداخلية بانخفاض أسهم حزب الله واختلاف الأجندة للفصائل المقاتلة في سوريا والتي تحمل مفهوم الإسلام؟؟ أم أن هناك أيد خفية تعمل من خلف ستار، وهي صاحبة القرار توجه المرحلة حسب غوغائيتهم دون حكمة ومنطق؟ ..إن كل من هذه المحاور بحد ذاته يحمل منطقية معينة لا يمكن تجاوزها أو الحد منها إلا بمواجهتها.. والمواجهة الفعلية لا تكون إلا من جنس العمل.. بمنطق تفتعل أحداث شغب نواجهها بحملة شاسعة للاعتقالات سواء على مواقع التواصل الاجتماعي أو على أرض الواقع.. ما تم الاعتراض عليه التعديل في منهاج التربية الإسلامية الذي لم يعدل وإن كان التضمين حفظ سور قصيرة ومعانيها وسطرا فقيرا شارحا لها لا يحمل بالتأكيد لا تعديلا إنما واقعا علميا فقيرا موجودا منذ أزمنة بعيدا عن منطق التطرف..لكن ما ظهر علانية هشاشة الحلقة التعليمية والحصص المدرسية التي لا تحمل هما للمنهاج بقدر ما تحمل هما لضعف النظام التحفيزي للمعلمين الذين خلطوا بين التصعيد لحقوقهم في المستوى الأول لنظرية ماسلو وبين استغلال السخط العام المروج له من تغير للمناهج..لكنهم لن يستطيعوا إنكارهم لوجود أكثر من 100000 طالب من المراحل الابتدائية الأولى لا يستطيعون القراءة أو الكتابة وأن ما يعادلهم قد رسب في امتحان الثانوية العامة هذه الأرقام المفجعة تقودنا إلى مستقبل مظلم ممن يعول على ما يمكن أن يجنيه الأردن برقعته الجغرافية الصغيرة من استثمارهم محليا وعالميا. إن ما يراهن عليه تجار الحرب في منحنا صفة الوطن الخدعة والمواطن الغير مثقف لن يستطيعوا تمريره ببساطة لأن المواطن يحمل فوق كاهله كما هائلا من قسوة الظروف الاقتصادية من أن أجل أن يوفر لأبنائه حياة كريمة وتعليما لائقا.. إن الذين يحاولون جر المواطن الأردني إلى مستنقع الفشل والهزيمة قد أغفلوا أن من شرب من مياه الوطن واغتسل من ترابه يعرف تماما أن وطنه لا يملك مواردا تؤمن له حياة كريمة غير التعليم كجواز سفر حول العالم ..وأنه سيقف طويلا عند هذه الأرقام التي تسعى للنيل من البيت الأردني ووحدة الصف ..إن التطرف الذي يحاول الكثيرون مزجه بالمنهاج هو ضرب من الجنون.. المتطرف لا يحتاج لمنهاج يعلمه حفظ سورة الإخلاص ومعنى الأحد والصمد وسطرا أو سطرين عن صفات الله عز وجل ليحمل بندقية بل تعني هدفا واحدا لديه وهو الخلاص من سجن المدرسة ومفهوم العبودية...إن ما يعلم التطرف هو التسرب إلى الشارع الذي يحمل معه المخدرات والهيروين والسلاح وتجارة الجنس تعاطي الكحول و المقاهي المنتشرة والانترنت المجاني والمواقع الإباحية والسياحة الجنسية والألعاب الالكترونية وكلاش وفايس سيتي لعبة الجنون بالسلاح وعشقه وسهولة التجنيد والالتحاق بالمتطرفين ورغبة العبور الى الفرصة في أن يكون بطلا حقيقا لا بطلا وهميا بلعبة فيديو ليمارس شذوذه المتطرف بعيدا عن حدود القمع ومنطق الهزيمة..كما عنى الشارع على مدى عقود فقرا مدقعا وسحقا للطبقة الوسطى وعزوفا عن الزواج وتزايدا في حالات الطلاق والهجرة من الوطن والبطالة وانخفاض معدل الأجور و المستوى المعيشي.. كما رزخ تحت وطأة تحمل معاناة اللاجئين العراقيين والسوريين وكما سيعاني فيما بعد من الجهل.. إن التطرف المقصود هو ممارسة العنف في اجتثاث الأراء وصد أبواب الحكماء من المسئولين مع تزايد المستغيثين بالرمضاء .. وهو التطرف الملعون الذي يعلم أبناءنا مفهوم التعصب باتخاذ القرار.آن لحمى المناهج أن تبرد لعقمها ..وما احتواه كتاب اللغة العربية على مسرحية أهل الكهف يا سادة لا يعني استبدالا شنيعا لسورة الكهف لأنه كتاب نصوص لغوية وليس تعليما دينيا وإن كانت مسرحية توفيق الحكيم الذي أبرز منتهيات العالم في الثلاثينيات من هذا القرن في يقظة فكر قد فتح بابا نوعيا من التعليم ينبض بالإبداع البلاغي من أوسع أبوابه وريادة لنظرية العصف الذهني وقد جعل فيها التاريخ والجغرافيا والسياسة والدين بين يدي القارئ كتابا منظورا..لكننا لم نخرج من ثوب التلقين بعد إلى ثوب الباحثين.. بل في دائرة الصفر بقاؤنا..إن المخاوف المتزايدة من كشف الفشل التعليمي يتزايد مع زيادة الدوام المدرسي ومع الحصص المدرسية ويتزايد الانفعال مع امتحانات المستوى للمعلمين الذين نسوا أن بين أيديهم عجينة رقيقة يشكلونها دينيا وتربويا وعلميا..إن مجرد الرفض دون تقديم بدائل علاجية لا يبتعد كثيرا عن مفهوم التطرف ..إن ما يمكن في هذه المرحلة.. تدريب المعلمين في معاهد متخصصة يقوم عليها القطاع الخاص تقوم على تدريب المعلمين نفسيا وعلميا ليحملوا الرسالة التعليمية المقدسة..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. دعوات دولية لحماس لإطلاق سراح الرهائن والحركة تشترط وقف الحر


.. بيان مشترك يدعو إلى الإفراج الفوري عن المحتجزين في قطاع غزة.




.. غزيون يبحثون عن الأمان والراحة على شاطئ دير البلح وسط الحرب


.. صحيفة إسرائيلية: اقتراح وقف إطلاق النار يستجيب لمطالب حماس ب




.. البنتاغون: بدأنا بناء رصيف بحري في غزة لتوفير المساعدات